وجهة نظر .. على فيلم ماريانا للمخرج رفيق حنا
نقد: كريم إينا
بعد العرض الأول لفيلم ماريانا على شاشة ميكا مول في أربيل في الأول من شهر حزيران الجاري 2016 والذي من تأليف وإخراج الأستاذ الأكاديمي والمحلل النفسي رفيق حنا معد ومقدّم برنامج سايكولوجي في قناة عشتار الفضائية، قد حقّق حضوراً مزدحماً ومشرّفاً من قبل الكبار والصغار وكان من الأفضل عرض الفيلم على جنس واحد إمّا الكبار أو الصغار. الفيلم أنجز قبل بضعة سنين وعرض في عدّة دول منها: (بلجيكا،النمسا،السويد) وهو باللغة السريانية وقد ترجم إلى اللغة العربية والإنكليزية. شارك في تمثيل الفيلم تقريباً (25) طفل بمختلف الأعمار وتم تدريبهم بشكل جيد وعمل البروفات لمدّة شهر رغم عدم إحترافهم في التمثيل فقد بذلوا جهوداً مضنية في هذا الفيلم ويبدو أنّ مشغل السينما يفتقر إلى الخبرة لكون حجم الشاشة لم تكن مناسبة لنظام التصوير مما جعل الصورة تظهر غير طبيعية... شبه مشوّهة.. في حين شاهدنا الإعلان لنفس الفيلم.. في التلفزيون والصفحات الإلكترونية كانت الصورة طبيعية وجميلة.. وهذا يعني مشغل السينما أثرّ سلبيا على جودة الفيلم.عرض الفيلم بشاشة سكوب ممّا جعل المتلقّي يشعر بالضيق رغم حلاوة فكرة الفيلم وقفزته النوعية قياساً لعالم العروض السينمائية الأخرى وقد ركّز على شخصيات الطفولة ولامس قلوب المشاهدين وخاصة الفرد الكلداني السرياني الآشوري الذي ما زال مهدّداً بالهجرة قسراً ويعيش في نفس البيئة الإجتماعية. تم توزيع الشخصيات على الأطفال:الكاهن،الطبيب،الضابط،الأب،الأم، الطفل، المعلم،الأعمى،الشرطي، الأصدقاء، الجيران، بمختلف تسمياتهم يعالج الفيلم قصة إجتماعية لحياة عائلة تتعرّض إلى خطر محدق من نكبات وضغوطات الحياة لربّ الأسرة الذي يزاول مهنة القمار ويستلف أموال من أصدقائه ويسرق ذهب زوجته من أجل تفريغ لعبة القمار المدمنة لديه فتنقلب الموازين عندهُ فيضطر إلى إتخاذ سلوك عدواني تجاه زوجته وبالتالي إنعكاس نتائجها على الأبناء وخاصة إبنته ماريانا التي لعبت دورها الطفلة دانيلا. حقيقة هكذا قصص نراها مطروحة في المجتمع المصري بكثرة ولم تضيف شيئاً جديداً لعالم السينما لأنّ القصة لم تؤخذ بمنظور فلسفي من أجل الوصول للغاية المنشودة في تحقيق هدف ما. لكن الذي حصل نرى لأول مرة على الأقل في العراق يستخدم المخرج المبدع رفيق حنا ممثلون صغار العمر بدور الكبار.. وبمعالجة مقنعة....التي جعلت الأطفال يوزعون شخصيات الكبار فيما بينهم...ومن خلال اللعب ..لأول مرة تميز تمثيل الأطفال..أغلبهم.. جعلونا نعيش جو الشخصية رغم عمرها الزمني الطفولي خاصة.. الطفل أندي عدنان الذي مثل دور الأب ودانيلا رفيق التي مثلت دور ماريانا وهكذا الحال دور النقيب والمحامية أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم بين 9 إلى 11 سنة .. يستطيعون أن يشدّون المشاهد لمدة ساعة..هذا يدل على القدرة الإخراجية الناجحة للفنان رفيق حنا...الذي دائما يبحث عن الجديد .. والمؤثر.
المهم في ذلك أنّه منذ البداية طرأت فكرة إتخاذ إسم للفيلم من قبل الأطفال والعمل من أجل تثبيت العيوب التي تقفُ حائلاً أمام حقوق أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري. يظهر في بداية المشهد دور الأب المولع بلعب القمار لا يتفاهم مع زوجته يحاسب إبنته ماريانا على كل صغيرة وكبيرة وبدم بارد يضرب أعز مخلوقة لديه التي هي من دمه ولحمه كذلك يأتي دور أخوها يوسف الذي كان يتهرّب من غسل ذنوبه بحمام حار. أصبحت ماريانا تكتمُ مأساتها في قلبها وهي تفكر مستندة على عمود المدرسة كيف زميلاتها فرحين؟ يلعبون ويمرحون تحسدهم لإمتلاكهم على آباء جيدين. في إحدى اللقطات عند الغداء بدأت الأم بالتحدث مع إبنتها ماريانا لفك عقدتها لكنّها أصرّت على الكتمان، وخروج الأطفال من المدرسة كان صباحاً جميلاً وهم يتسلّون بالألعاب ويغنون ما عدا ماريانا التي أتعبها الحزن ونتيجة ألمها لم تحصل على كلمة حب أو فرح من والدها وصديقتها نينا بدأت تحكي لها قصتها كيف هي وأخيها ركبا سيارة والدهم بدون علمه وتعرضا إلى حادث وتستمر الشخصيات بالسرد بنقد دور المعلم القاسي الذي يعتبره الأطفال وكأنّه رجل بوليس يعاقبهم بإستخدام العصا العمياء وفجأة خلال المشهد نرى كيفية تبديل المعلم الأول بمعلم ثاني أكثر ليونة تجاه الطلاب يتمتع بروحية طيبة يستخدم إسلوب علمي في التعليم يعرف كيف يجذب التلاميذ إليه ممّا يجعلهم يحبونه وبالتالي يحبون مادته. وقد أظهر الفيلم بعض المثالب والعيوب عند الأطفال أثناء مسيرتهم الدراسية في المدرسة عندما كذبوا على المعلم الأول بسبب الخوف من العصا. أمّاالأغاني كانت مطابقة لحدّ ما لمشاهد الفيلم ودور الموسيقى ممّاأغنى وأثرى روحية تحرك الشخصيات بإعتبار الموسيقى كغذاء روحي تخطف الألباب وفي لقطة أخرى نرى ظاهرة تلاحم الأطفال (الممثلون) مع بعضهم البعض وهم في سفرة مدرسية إلى جبال كوردستان الخلابة ممّا يعطي لنا دلالة القوة عن التجمّع والضعف عند التفرّق وإستمرّ الحال حيث لعب أحد الأطفال دور المصور كي ينقل الأحداث كما هي بحقيقتها.المهم من ذلك وصلنا إلى نهاية الحبكة بإعطاء لأب ماريانا درساً قاسياً في الحياة بعد تعرّضة إلى وعكة صحية جعلتهُ يستفيق من ذاكرته تجاه أخطائه وفي النهاية بروز صحوته من كابوسه العميق المجحف بحق زوجته وأولاده. نتمنّى للكاتب والمخرج رفيق حنا الموفقية والنجاح في عمله وأن نراهُ مبدعاً في عمل آخر يبهر العالم ويحصل على نتائج طيبة خدمة للمتلقّي في إقليم كوردستان خاصة وفي العراق عموماً والله من وراء القصد.