المحرر موضوع: هل عادت الروح الى جسد الوطن بعد كاس الخليج 25؟!  (زيارة 1355 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2495
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

هل عادت الروح الى جسد الوطن بعد كاس الخليج 25؟!

بقلم يوحنا بيداويد
ملبورن 25 ك1 2023

لا زالت البسمة على وجه كل عراقي سواء كان في الوطن او في المهجر بعد نجاح العراق في تنظيم دورة الخليج 25 وبعد فوز الفريق العراقي بالبطولة، بعد حضور متميز من بلدان الخليجية الثمانية، وبعد الثناء والاهتمام الكبيرين اللذين ابدوه الضيوف واعضاء الفرق والاعلاميين والوفود والاجانب على الدورة، لا سيما حينما حاول كل بصراو عراقي يدعو اي ضيف خليجي يصادفه في السوق الى بيته ليتناول على الاقل وجبة غذاء اكراما له.

نعم كانت  فرحة كبيرة  وهل توجد فرحة اكبر منها،على مر اربع عقود لم يشعر العراقيين بما شعروا بعد انتهاء المباراة وفوز فريقهم بالبطولة. شخصيا لم اتذكر فرحة مثلها سوى يوم 8/8/1988 حينما اعلن وقف اطلاق النار بين العراق وايران بعد ثمان سنوات دامية استشهد خلالها مئات الاف من الجانبين. وقبل ذلك ربما يوم 11 اذار 1970 حينما اعلن وقف القتال بين الثوار الاكراد والحكومة المركزية واقامة مدة اربع سنوات سلام بينما.

بنجاح هذه البطولة فرح كل العراقيين من المرحلين والمهجرين في الخيم او في كمبات او في دول الجوار المنسين او من ابناء الوطن او في المهجر.  لاول مرة منذ اربع عقود توحد العراقيون في مناسبة واحدة وعبروا حدود المذهبية والقومية والدين والمناطقية وكل تكلات بشرية تحت اي عنوان كان.

الان  ناتي الى سؤالنا المهم، هل عادت الروح الى جسد الوطن؟ اي هل عادت الروح الوطنية الى جسد العراق؟  بما نفسر هذا المسيرة الشعبية التي توجهت الى تشجيع الفريق العراقي في مباراته الاخيرة. ما سبب هذه الغبطة والفرح التي شعر بها قلوب العراقيين وتناسوا مصائبهم وفروقاتهم وصراعاتهم وحتى نسوا ان الدولار يحاصرهم من كل الجهات، والوطن لا زال مسروقا ومخترقا من جهات خارجية!!.

ما هي تفسيرات او دلالات السيكولوجية في تصرف هذا الشعب المسكين الذي انتج واعطى اكثر من اي شعب اخر للعالم المعرفة والعلم؟
للاجابة لابد ان نرجع الى تفسيرات العالم النفساني الفرنسي غوستاف لوبون صاحب المقولة :" ان روح العرق المدفونة في الشعور اللاواعي تسيطر على سلوك الجماهير"، اضافة الى ذلك الموروثات التاريخية لها دور كبير في ارجاع الذات الى ماضيها  وكانما التاريخ المجيد الذي حققه الاجداد لا زالت دمائه والشعور به في دماء الاجيال الحاضرة. كل الشعوب لها نفس تصرف هذا ما نراه في تصرف مشجعي الاندية الاوربية العالمية مثل ريال مدريد او برشلونة او ماجستر يوناتيد  او فريق الالماني او الاسباني او البرازيلي او الارجتيني. كانت الشعوب تأله القائد المنتصر مثل اسكندر المقدوني او نابليون اوهتلر بالنسبة للالمان ومحمد الفاتح للاتراك وسعد بن وقاص للعرب وغاندي للهنود... الخ. هذا الشعور بالفرح والافتخار موجود على مستوى الجامعات والشركات الكبيرة في مجال وجودة الانتاج والماركات.




يقول غوستاف لوبون: في مستهل كتابه " سيكولوجية الجماهير" : " ان مجمل الخصائص المشتركة المفروضة من قبل الوسط والمحيط والوراثة على كل افراد شعب ما تشكل روح هذا الشعب"(1).
روح الشعب هو هذا التراصف على قضية واحدة، هو ذلك الشعور المفعم بالبهجة والفرحة  بحدث يخص الجماعة، في الماضي كان العرق او القبلية او الدين او الحزب اما اليوم هو اكثر حدث يخص الوطن كله. هذا بالضبط ما حصل في سلوك الجماهير العراقية انهم نسوا التناقضات والحروب والانقسامات السياسية وتوحدوا في قضية واحدة بدون وعي، اي بدون تخطيط اي جهة، كل واح تصرف بصورة عفوية غير ملزمة او مدفعوة من اي جهة، بكلمة اخرى تنطمس الهوية الشخصية في الهوية الجماعية بصروة موقتة (2).

هذا التفسير هو منطقي وحقيقي ان الشعب العراقي بكافة مكوناته يشتاق الى الللحمة الوطنية ، ويقدس الهوية العراقية، ويفتخر بها على الرغم من محاولات الاعداء والاصدقاء على طمس هذه الهوية. منذ اكثر من ثلاثين او اربعين او خمسين سنة هم ينتظرونا لحظة ليظهروا هذا الشوق، وتنفجر بطاقة هائلة، ويتعجب الاخرون من وطنيتهم وحبهم للعراق.

في الختام نهيء كل العراقيين على الروحية التي فجرت القيود بعد عقود من الظلمة، ونهيئ كافة اللاعبين واعضاء الوفد وكادر التدريبي ، نهيء الاخوة البصراويين على كرمهم، ونشكر الاخوة العرب على موقفهم في طمس الهفوات.
....................
1—غوستاف لوبون، سيكولوجية الجماهير، ترجمة وتقديم هادي صالح، دار الساقي، الطبعة الاولى 1991، بيروت – لبنان.
2- نفس المصدر، ص 53.


غير متصل Mukhles

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 8
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاستاذ يوحنا بيداويذ المحترم
تحية طيبة من ملبورن أستراليا والف مبروك فوز العراق ببطولة خليجي ٢٥ التنظيم كان رائع جدا والحضور الجماهيري الكبير كان على مستوى راقي في التعامل مع الضيوف بحب النهرين ونخيل البصرة الشامخ وطيبة العراقيين اينما كانوا رغم الظروف آلتي عانوا منها من فقر وتهجير والالام ولكن توحدوا من اجل العراق وهذا الفوز هو  فرحة ادخلت قلوب الملايين اللذين امتزجت بها حنين الامل والرجاء لتكون اجمل تغيير في حب الوطن وترك المعانات والجراح للماضي وفتح صفحة جديدة للحب والتاخي مع كل الأطياف السياسية والفكرية ولا يخفى عليكم مدى حب العراق بزرع الخير وحب الضيف وتقديم الافضل له وهذا هو العراق الذي قدم صورة كبيرة ومشرفة لكل الاطراف
شكرًا لك اخي يوحنا سوف لن ننسى هذا الفوز الذي حققه المنتخب الوطني لكرة القدم لاجيال قادمة
مخلص يوسف
ملبورن /استراليا

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2495
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصديق الاعلامي مخلص يوسف المحترم
شكرا لمروركم وتعليقكم وكلماتكم المشجعة.
نعم تلك المرحلة عبرت ويجب طي صفحة المآسات وفتح مرحلة جدية من التفاؤل عن طريق القضاء على الفساد.
العراق مملؤ من الخيرات والثروات، وعلى مكوناته ترك الطائفية والمذهبية والتمسك بالوطنية كمخرج نهائي والقضاء على الوارق والاختلاق والتعنصر والتمييز والتعصب الاعمى الذي دفع الجميع ثمنه.
الفرحة التي توحد الشعب يجب ان تكون فرصة لتندمل الجروح وطي صفحات الحقد والانتقام.
تحياتي
يوحنا بيداويد

غير متصل د.عبدالله رابي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1273
  • د.عبدالله مرقس رابي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ العزيز يوحنا بيداويذ المحترم
تحية
دائماً تُتحفنا بمواضيع مهمة للغاية، وهذا الموضوع الذي ربطت حدث بطولة كرة القدم وموقف العراقيين بالتنظير اعتبره ابداع لكاتب له المام معرفي وعلمي كبيرين، لان الربط النظري والعملي هو اصعب محاولات التحليل. وهو ابداع كما ابدع غوستاف لوبون عالم النفس الاجتماعي الفرنسي الذي اراد يوما وكافح من اجل ان يعمل في الجامعة ولكن مُنع، بينما اصبحت مؤلفاته من ارقى المؤلفات التي تُدرّس في الجامعات العالمية لحد اليوم واصبح قبلة رؤساء العالم المشهورين آنذاك للوقوف على ارائه.
ربط متميز بين اندفاع العراقيين للتحلي بروح وطنية تحت مسمى العراق وذلك فقاً لنظرية غوستاف لوبون الذي اشتهر في مواضيع علم النفس الجماعي او الجماهير. ان طبيعة المحرضات للجماهير الموحدة في اللاوعي هي من المشتركات بين العراقيين كعرق ثقافي، ولهذا تطفو على السطح في مثل حالة الجماهير تلك المكنونات النفسية التي شكلت شخصية كل فرد في مفهوم وطني عراقي.
لابد الانتباه هنا ان مايقصده غوستاف لوبون في نظريته عن (العرق) لا يقصد به العرق البايولوجي الذي ينفي العلماء وهو منهم ايضاً وجود عرق بايولوجي نقي في المجتمع البشري، بل العرق الثقافي الذي يُعرف اليوم بين علماء الاجتماع والانثروبولوجية الاثنية التي تتشكل بمرور الزمن عند الافراد فهو يؤكد بان محفزات العاطفة الناجمة مما يتلقى الفرد في جماعته تكون المسؤولة لتتميز الجماهير بروح الجماعة، وهنا كما اشرت هي عاطفة الانتماء الى الوطن العراق.
كما اود الاشارة الى مسالة مهمة جداً بالنسبة الى نظرية غوستاف وهي: ان خصائص الجماعة الموحدة في اللاوعي قد تكون افعالها غير اخلاقية وتتميز بالعنف والانفعالات الحادة وتتمتع بنزوات وغرائز شديدة الهيجان تؤدي الى التخريب والاعتداء والعنف الشديد. بينما هناك ايضاً جماعة جماهيرية تتشكل روح الجماعة لديها لتتحلى بالنزاهة والاخلاص والتضحية. وهذه الاخيرة كانت ابداع غوستاف عن مما سبقوه في تفسير الظاهرة الجماهيرية.
هذان النمطان من روح الجماعة بحسب غوستاف تعتمد على طبيعة (المحرضات) اي من حرض الجماعة للتجمهر وتوحدها في اللاوعي، فمثلا: تلك التي هي محرضاتها دينية تكون اشد تحفيزاً للعنف، او تلك التي تكون محرضاتها ايديولوجيات سياسية ايضا تكون شديدة العنف احيانا، واحيانا اخرى نزيهة. وهذه يلخصها في ان النفس البشرية مجبولة بنزعة التسامح والتعصب وتبرز او تغلب احداها بحسب طبيعة الاعتقاد المحرك لها.
اما في حالة العراقيين هنا في الحدث المدروس، فما تميز روح الجماعة به هو التضحية والاخلاص للوطن لان طبيعة المحرضات التي هي بطولة رياضية وينافس عليها فريق تحت مسمى وطني عراقي هو الذي حفزهم لتتميز روحهم الجماعية في اللاوعي لاعلاء شان وطنهم وتجمعهم كلمة موحدة لان في مكنوناتهم العاطفية التي تلقوها انهم ينتمون الى ثقافة واحدة هي وطننا العراق بحيث تجاوزت الطائفية والمذهبية والدينية والقومية والطبقية والسياسية التي نراها قائمة في المجتمع العراقي الحالي، فأصل تفكير العراقي في مكنونه النفسي العاطفي هو الانتماء الى الوطن وليس الى المذهبية او التكتلات السياسية، فالرياضة كانت محرضات لتشكيل المميزات النزيهة للجمهور العراقي لان بطبيعتها سلمية، عكس ذلك لو كانت محرضات الجمهور من قبل شحن عواطف ايديولوجية سياسية او دينية لاقترنها العنف.
فهل يتعض سياسو اليوم في العراق لكي يتحلوا بروح وطنية عراقية، لا مذهبية ولا دينية ولا قومية؟
تقبل محبتي

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2495
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ الكبير الدكتور عبد الله رابي المحترم
تحية
في البداية اود ان اقدم شكري الجزيل لكم لمبادرتكم على تقديم هذا التعقيب المستفيض الذي اغنى مقالنا بمعلومات مهمة ومفيدة للقراء عالم نفساني كبير هو غوستاف لوبون.

الشعوب يبدو في بعض مواقف او لحظات من تاريخها اللاوعي تتلغب على الكبت المدفون في الانا (الذات)الضيقة وتتراصف مع الحشد (الانا الجماعية)، وتندمج مع التيار النفس للجماهير في فرحة غير متوقعة. هذا التصرف تكرر في التاريخ ويتكرر في هذا الزمان ايضا، مثل فرحة العراقيين بعد فوز فريقهم ببطولة الخليج 25، وكذلك الثورة في تونس عام 2011 وايران  حاليا.

وكما اشرت الدكتور ان احيانا يكون تصرف الجماهير سلبي جدا،  مثلما حدث في العراق بعد سقوط المؤسسات حل الحاكم الامريكي السيء الصيت بول بريمر الجيش وقوى الامن الداخلي، حيث لاحظنا الجماهير هجمت على ممتلاكات الدولة والخاصة
وسرقتها بوضح النهار بالاخ البنوك والوزارات والجمامعات والمدارس والمستشفيات، او السلب الذي حدث بعد فيضانات مسيسيبي في امريكا قبل عقد من الزمن.

طبعا هذا التصرف جاء بسبب القهر والاهمال والغبن الذي اصاب تلك الجماهير (العراقي) عبر عقود تحت حكم استبدادي غير عادل. اليوم ايضا ليس بعيدا يتكرر المشهد في العراق بسبب السرقات والتزوير ووقوف المحاكم عاجزة من توجيه العقوبات وظاهرة المساومات بين الاحزاب الكبيرة.

عزيزي دكتور عبد الله اظن هذا التصرف ليس في فقط البشر او الانسان وانما موجود بصورة ضيقة في تصرف بعض الشعب الحيوانية.

من فرحة الشعب العراقي لا بد ان نتعلم شيئا مهما، هو ان مزاج الناس خطر جدا، خاصة في هذا الزمن، يجب ان يفهم المسؤولين في اي لحظة ربما ينقلب الشارع ضدهم ويحصل ما لم يكن في الحسبان، لان العقل المنطقي او او الواعي يشل عن السيطرة على المزاج النفسي، ويصبح الانسان بل  تصبح الجموع او الجماهير كأنما تحت مخدر، تتصرف بدون مبالاة للخطورة الناجمة من تصرفاتهم، ونفس المبدا نلاحظه عن القوميات المضطهدة او التي هي مسلوبة الحقوق. لهذا العالم الغربي المتحضر يحاول دائما ازالة الكبت من داخل النفوس باعطاء شعوبها اكبر مساحة من الحرية، عن طريق تطبيق العدالة والقانون بقدر الامكان على الجميع وتطبيق النظام الانتخبات الديمقراطية النزهية  اي اعطاء الفرصة للاخرين للمنافسة!

اخي دكتور عبد الله مرة اخرى اقدم شكري الجزيل لكم على التعقيب المتميز الذي اعطى نبذة مختصرة ايضا عن نظرية عالم اجتماعي كبير الذي غوستاف لوبون (فرنسي الجنسية) حاربته الجامعات والمؤسسات الثقافية في حينها بينما استشاروه كما نوهت بعض الرؤساء وملوك دول كبيرة ومهمة.
يوحنا بيداويد.