المحرر موضوع: يونان ونينوى .. كما جاء في كلمة الاب البطريرك لويس ساكو  (زيارة 929 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بطرس نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 416
    • مشاهدة الملف الشخصي
يونان ونينوى .. كما جاء في كلمة الاب البطريرك لويس ساكو

بطرس نباتي

لقد اليتُ على نفسي ان لا اتدخل ولا ارد على اي مقال او رأي  يكون في المنحى الديني او الايماني، وتركت هذا المنحى لرجال كنائسنا،  واكتفيت بمتابعة وقراءة او الاصغاء الى ما يدلون به، او ما يقومون به من افعال، وفي قرارة نفسي هناك ما استسيغه او ما ارفضه. ولكن ما اثير حول كلمة الاب البطريرك لويس ساكو من لغط  وما اثير حول ما تفضل به في شرح سفر يونان في العهد القديم، من ردود متباينة سواء بالقبول او بالرفض، ما دفعني الى ان اصغي الى ما  تفضل به، ووجدت ان الاب البطريرك لم يخطأ في تفسير صوم باعوث، وهناك تجني واضح في بعض الردود للاسف، بالنسبة للقراءة حسب سفر يونان في الكتاب المقدس واتصور ان ما قاله قد استمده من التفسير المعاصر وفق نظرة لاهوتية لاسفار الكتاب المقدس لاني سبق وان سمعته من الاب المطران يوسف توما ايضا، وساحاول ان اوصل رأي  بايجاز ووضوح،

للاسف اقول معظم كتاب المواقع في الانترنيت او في مواقع التواصل الاجتماعي يكتبون بدون ان يقرءوا، واذا اراد احدهم ان يقرأ يكتفي بقراءة ما يقع تحت بصره في مواقع الانترنيت، قديما في تفسير اسفار الكتاب المقدس كان اباؤنا الكهنة يعتمدون على ما تلقوه في مراحل دراساتهم وخاصة في اللاهوت وكانت كتب اللاهوت الكتابي وخاصة توما الاكويني هي المعتمدة في هذه المعاهد، وكانت اسفار الكتاب المقدس تقرأ كما هي بدون اي تحليل في السيمائية التي تتضمنها، اي لكل قصة من قصص هذه الاسفار معنى ظاهر ومعنى عميق، وللاسف كهنتنا كانوا قديما يكتفون بعرض المعنى الظاهر السطحي ويمتنعون من اجلاء ما هو ذلك المعنى العميق للقص اي يفسرون وفق صياغته في الكتاب المقدس وتعاليمه وفقاً للترتيب الزمني ووفق الخلفية التاريخية، ولكن اليوم الوضع اختلف بوجود دراسات عديدة في اللاهوت واصبح ينظر الى هذه الاسفار وفق صياغات تربوية او تعليمية او وفق تعاليم معينة معاصرة بما فيها وفق التحليل والمقارنة والبحث العلمي والاكاديمي، كما في اللاهوت النظامي إضافة الى ما وجد مؤخرا من اجتهادات اخرى عديدة في مجال تفسير اسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.

 اما بالنسبة لصوم باعوث وعلاقته بسفر يونان، القصة او اسطورة الرجل يونان الذي جاء نذيرا الى نينوى الذي كتبها هو كاي قاص او راوي للحدث اي ان الراوي هو من خارج الثيمة القصصية ولكنه اتخذ من يونان كبطل  للقصة اي هو خارج الحدث، فعلا من خلال القراءة نكتشف ما توصل اليه البطريرك لويس ساكو بانه كان يحمل ضغينة ويتمنى في قلبه بان تحدث النبوءة  وتؤدي الى خراب نينوى، لما في نفسه من ضيم اولا قومي كونه  متعرض كيهودي الى ظلم ملك الاشوريين. وثانيا عقائدي اي ان مملكة اشور لا تدين ولا تؤمن بإلاه اليهود (يهوا) الا ان الملك والشعب عندما صاموا وامتثلوا لامر الرب والذي نقل نذيره يونان بنفسه، رغم هذا الامتثال والخضوع المذل الذي نقرأه غضب يونان وامتلأ غيضا واخذ يعاتب الرب بدل شكره له، وهذه دروس تربوية وايمانية، بعيدة عن المعنى الحقيقي والتاريخي بشكل مؤكد وجميع الدارسين والنقاد في مجال الاسطورة وعلى راسهم ليفي شتراوس ينفون نفيا قاطعا دراسة الاسطورة او اية رواية وفق رؤى تاريخية، دراسة التاريخ وحوادثه لا يمكن ان يقرأ حتى بالاعتماد على بعض المصادر رغم تأكدنا من نزاهتها، الحوادث التاريخية يجب ان تقرأ بنزاهة وفق اكتشافات علم الاثار (Archaeolog) لان الاسطورة لا يمكن باي شكل من الاشكال ان تدلنا على حقائق تاريخية، ولا يمكن ان نقرئهم ونحللها تاريخيا لانها شكل من الاشكال الادبية لا تشير الى حقيقة معينة، وهي نتاج خيال جمعي لشعب او لجماعة محددة من البشر وقد سبقت التدين والفلسفة، وقصة يونان ونينوى او الاسطورة هذه لا اختلف مطلقا في تفسيرها مع ما اورده سيادة البطريرك سواء في تحليل ثيمتها ادبيا او وفق دلالاتها  اللغوية  وتفسير تسميات شخوصها ..