المحرر موضوع: ‏"الآشورية والآرامية " تسميتان للغة واحدة  (زيارة 507 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوآرش هيدو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 33
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

‏"الآشورية والآرامية "
تسميتان للغة واحدة
                                               
يوآرش هيدو

‏يعتقد معظم الكتاب والباحثين و المؤرخين وعلماء الآثار المهتمين باللغات السامية وتاريخ  بلاد ما بين النهرين ،إن ما يطلق عليه اللغة الارامية  ، لغة مغايرة للغة
الآشورية - البابلية التي يطلقون عليها اختصارا الأكدية.
‏ويزعم هؤلاء أن (الارامية  )، لغة سكان سوريا، اشتبكت في صراع مع ( الاكدية ) ، لغة بابل واشور وتغلبت عليها وإزاحتها من مواقعهالتصبح بذلك لغة الشعب الأشوري برمته .
‏لقد شاع هذا الاعتقاد الخاطيء شيوعاً عجيباً وغدا وكأنه حقيقة لا تقبل النقاش . والغريب في الأمر أن العديد من الاشوريين تبنوا  هذا  الرأي. ومن بين هؤلاء على سبيل المثال المؤرخ  ماتفييف ، والكاتب والمؤرخ بيراسرمس والكاتب جون جوزيف. إلا أن الدكتور بيراسرمسيختلف في رأيه عن الآخرين بعض الشيء . فهو لا يقول ببساطة
أن  ( الأرامية) اقتحمت معاقل (الأكدية) في بلاد اشور وحلت محل اللغة الآشورية . ففي كتابه ( تاريخ الأدب الأثوري )  يقول بيراسرمس  أن معظم علماء اللغات  السامية الذين هم حجة في هذا الميدان ، يؤكدون أن اللهجة الشرقية من ( الآرمية ) دخلت بلاد بابل واشور
في القرن الثامن قبل الميلاد وامتزجت ( باللغة _ الأكدية) وكانت نتيجة هذا  الامتزاج  ظهور لغة
جديدة هي ( آرامو  _ اكدية ) ، كما يسميها ، التي أصبحت لغة الشعب اليومية  بينما ظلت الأكدية ( البابلية / الآشورية ) لغة الكتابةالرسمية لدى
الحكام فقط . ‫ ويضيف الدكتور  بيراسرمس
‏" إن اللغة المحكية التي تسمى أحياناً اللغة الحديثة ، المستعملة في اورمية  وفي القرى المجاورة لمدينة الموصل وكذلك في مناطق من جبالكردستان ،
هذه اللغة ليست وليدة اللغة السريانية ( لشانا اتيقا) ،  لغة الطقس الكنسي ، بل هي وليدة اللغة
( الأرامو _ اكدية )  . وفي مقالة للدكتور يوسف قوزي
نشرت في مجلة المجمع الخاصة بهيئة اللغة السريانية تحت عنوان "اللهجات الآرامية وانتشارها الجغرافي
و تغيير نطق حرف الحاء فيها " نقرأ راياً غريباً مفاده
أن " الأكدية  كانت فقط لغة الكتابة الرسمية لدى
الحكام وحدهم . اما أبناء الشعب العراقي فكانوا
يلهجون بالآرامية  في شتى أرجاء بلاد الرافدين في
رأينا" .و واضح أن الدكتور قوزي يريد أن يقول أن الحكام
‏الآشوريين كانوا  غرباء عن شعبهم و مختلفين عنهم
في انتمائهم القومي !! وأعتقد انه يشير إلى ذلك
بوضوح في مقالته ، على ما اذكر .
‏وقبل الولوج في صلب الموضوع أود أن أشير إلى أن
من الخطأ الاعتقاد بإمكانية إمتزاج او تداخل لغتين
لينتج لغة ثالثة لا تشبه اية واحدة من اللغتين المتداخلتين ،  وتتميز عن كل منهما من حيث الكيفية . ففي واقع الأمر أنه  خلال التداخل  ،والأصح الصراع ، تخرج إحدى اللغتين ظافرة و تحتفظ ببنائها النحوي والمضمون الأساسي لقاموسها ، وتستمر في التطور
وفق القوانين الداخلية لتطورها بينما تفقد اللغة
الثانية  كيفيتها  شيئاً فشيئاً وتضمحل بالتدريج .
وبلا شك فإن اللغة التي تخرج ظافرة في هذا الصراع يغتني  قاموسها  بمفردات من اللغة المغلوبة.

‏لا يمكن اذن، أن تكون اللغة الآشورية المعاصرة لغة نتجت عن تداخل أو امتزاج ( الآرامية )و (الأكدية ) ،
لغة لا هي أرامية  ولا أكدية بل (آرامو _ أكدية )
كما يزعم  بيراسرمس.  ورداً على رأي الدكتور يوسف قوزي أقول : لقد كان الحكام الآشوريون من صلب الشعب الأشوري نفسه ولم يكونوا  دخلاء  او
فاتحين غزاة فرضوا ا نفسهم بالقوة على الشعب
الأشوري لتكون لغتهم مختلفة عن لغة المحكومين .
‏كان جميع الملوك الذين تعاقبوا على عرش المملكة
اشوريين ، من أول ملك حتى آخر ملك اشوري ،
(اوبالت الثاني ) الذي مات وسط لهيب قصره
المحترق وهو يدافع عن آخر عاصمة  للاشوريين.
‏، حران ، فكيف يمكن أن تكون لغتهم مختلفة
عن لغة شعبهم ؟!
إن ذلك محض خيال يدعو للسخرية .
لقد كانت هناك لغة واحدة في بلاد اشور ، نعم لغة واحدة ، اللغة الآشورية . وبهذه اللغة كان يلهج الجميع ملوكا ومواطنين ، حكاماومحكومين  على حد سواء.

‏إن الخطأ الشائع الذي أشرنا إليه في بداية حديثنا ادخله علماء الآثار الذين ظنوا او توهموا  بأن اللغة المكتوبة بالخط المسماري ( CUNEIFORM) لغة مختلفة عن
لغة الآشوريين المعاصرين بفرعيها . ان صح التعبير ،
و أعني اللغة الدارجة او الفصحى المستخدمة في
الطقس الكنسي.  لقد جاءت قراءة علماء الآشوريات للقلم المسماري قراءة غير دقيقة وغير صحيحة في مواضع عديدة لأن هذه القراءةاعتمدت كثيرا على الحدس والتخمين.  لقد أصابوا في تسميتها
بالاشورية لأنها كانت لغة الآشوريين ولكنهم لم
يفلحوا تماما في قراءتها .
لقد استخدم الآشوريون نوعين من القلم في
كتاباتهم ، القلم المسماري والقلم الأبجدي.
القلم المسماري كان يستخدم للكتابة على الأحجار
والأجر وألواح الطين المفخرة في النار او المجففة
في الشمس . وقد تخلى الآشوريون تدريجيا عن القلم المسماري ، واهمل استخدام  الطين كمادة أساسية للكتابة ليحل محله الرق و أوراقالبردي . إلا أن اللغة كانت واحدة وأن ما يقال عن تخلي الآشوريين عن
لغتهم وتبنيهم (الآرامية) وهم   اورده  علماء الآثار
و ردده الجميع كالببغاء.  بعد اعتناق الآشوريين المسيحية ، اتلفوا  معظم الكتابات التي لها صلة
بالوثنية بينما ظلت الكتابات المسمارية المكتوبة
على الأحجار والأجر وما شابه بمنأى من التلف. ‏
‏و إليك عزيزي القارئ نموذجاً من اللغة الأكدية ( الآشورية ) وهو نص يعود إلى العصر الأشوري
الحديث ( 911_612 ) ينسب إلى سنحاريب الملك (705_681  ق.م):

I. INA UMESUMA  EGAL  LAM .  MES. BIT  NERGAL SAQERIB  TRABISUSA SULMANU _ASARED   MAR  ASSUR _ NASIR _PAL  MAR  TUKULTI  NINURTA ALIK MAHR IJA EPUSU  ENHA MA.

II. BITU SUATU ANA  SIHIRTISU  AQQUR  DANNASU AKSUD _ 2ME NA
I_ ME  AMMATU  SIDDUI _MEINA I  AMMATU PUTU  QAQQARU TAMLA  UMMALLIMA  ELI  TARPAS  BIT MAHRI  URRDDI.

‏وهذان المقطعان ، عزيزي القارئ ، مقتطفات من
نص طويل منسوب إلى الملك الأشوري سنحاريب كما قلنا قبل قليل . والآن إليك ترجمتهما ، حسب الدكتور عامر سليمان أستاذ التاريخالقديم ، كلية الآداب ، جامعة الموصل :

1- في ذلك الوقت كان ايكال . لام + ميس ، معبد
الإله  نركال في مدينة "تربيص" الذي بناه شيلمنصر 
ابن اشور _ناصر  بال ابن توكلتي _ نينورتا الذي سبقني ، قد اصبح متهدماً.

2- هدمت ذلك المعبد بأكمله ووصلت (الى )
اسسه ، وملأت قطعة الأرض ( مساحتها2 _ مائة
"اماة" عرضا" كمصطبة وأضفتها إلى ( مساحة )  المعبد السابق