المحرر موضوع: كابوس العراق الثقيل  (زيارة 635 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31484
    • مشاهدة الملف الشخصي
كابوس العراق الثقيل
« في: 12:32 08/02/2023 »
كابوس العراق الثقيل
لم تنفع التسريبات عن توافق عراقي أميركي حول مراقبة تسرب الدولار إلى دول الجوار في انعاش الدينار. الأزمة فرصة لعودة التيار الصدري إلى السياسة.
MEO

المشهد أمام البنك المركزي العراقي
ما زال الانتظار والترقب مصحوباً بالحذر يسود الشارع العراقي يرافق المواطن أثناء تجواله في أسواق بغداد ومحالها لأغراض التبضع، فالإرتباك والفوضى يُخيّم على الحياة الإقتصادية مع إرتفاع الأسعار وجنون الغلاء وتأكيد حكومي لا يُعلم مصدره أن الأزمة وقتية وستنتهي خلال أيام، إلا أن الشعور العام يوحي عكس ذلك.

حاول الدينار أن يلتقط بعض أنفاسه أمام الدولار عندما تناقلت فضائيات ومواقع إخبارية خبر اجتماع محافظ البنك المركزي العراقي في تركيا مع مساعد وزير الخزانة الأميركية براين نيلسون والوفد المرافق له حين إنتعش بعض الساعات ليُعاود الإنهيار في صباح اليوم التالي.

المُهلة التي أعطتها أميركا عبر خزانتها إلى الجانب العراقي لمنع تهريب الدولار إلى دول الجوار في أقصاها لا تتجاوز بضعة أشهر بعد وساطة أردنية ترغب بالحصول من ورائها على مصالح إقتصادية ومنافع تُعين المملكة في تجاوز أزمتها الإقتصادية يكون من ضمنها إتمام مد إنبوب النفط من البصرة إلى العقبة لإنعاش إقتصادها المتهالك.

ما تسرب من شروط أميركية حملها الوفد المفاوض إلى العراقيين يوحي أن حرب الدولار على حكومة الإطار التي يتزعمها السوداني مُصرة على التحكم ليس بملف الإستثمار والإقتصاد وإنما بالملف الأمني والسيادي، فالرغبة الأميركية بالإشراف على جهاز المخابرات وكذلك الأمن الوطني إضافة إلى هيئة الإستثمار وإدارة مصرف الـ(TBI) الذي يستحوذ على حوالي 80% من أعمال التحويل التجاري في العراق حسب تلك التسريبات، مما يعني أن الأمر ليس إقتصاداً أو بالسهولة التي يتوقعها البعض.

خطورة هذه الإملاءات أن تتجاوز واشنطن في فرض شروط تعتبرها الحكومة العراقية تعجيزية وصعبة التطبيق أو تُزيد من حدة الإنقسام داخل الإطار التنسيقي الذي يعاني من الخلافات أصلاً، فأميركا لا تُخفي رغبتها وسعيها إلى حل الحشد الشعبي وتفكيكه، ثم كيف سيكون رد السلطة الحاكمة فيما إذا دعت واشنطن إلى التطبيع والإعتراف بإسرائيل كشرط من شروط الدعم الأميركي؟.

كل الإحتمالات واردة، لكن الأمر المتفق عليه أن الأحداث تسير إلى نهايات غامضة وخواتيم مظلمة.

التظاهرات المزمع إقامتها خلال الأيام القادمة التي يُحشد لها مقتدى الصدر حسب تصريحات أياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق تُرسل رسائل إلى حكومة السوداني أن مهلة المائة يوم قد إنتهت دون تحقيق النتائج المطلوبة وحان وقت تقديم كشف الحساب في ظل إمتعاض الصدر من هذه الحكومة.

بالمحصلة لم يعد سوى إستنتاج واحد للمشهد السياسي أن واشنطن بدأت بأخذ زمام الأمور في العملية السياسية ومسك مقود القيادة بعد أن ظل هذا المقود لسنوات بأيادٍ إيرانية.

لعبة الدومينو في المنطقة التي يكون العراق أحد بيادقها بدأت بالتساقط تدريجياً وصولاً إلى الهدف وهو قطع الشريان الذي يُغذي الإقتصاد الإيراني ويموله بالدولار.

حل الحشد الشعبي والتطبيع مع إسرائيل إن كانت من بين الشروط قد يراها البعض من المستحيلات أو التعجيزية التي قد تُحدث إرباكاً في الوضع السياسي بالعراق أو شرخاً في المنظومة السياسية ما بين مؤيد لتسيير المشهد السياسي ومن ورائه نظام سياسي يتحكم به ويدفعه ولو بعصا، وبين معارض يجد أنه إنتحار سياسي عند القبول بتلك الشروط التي قد تقضي على النظام السياسي.

مظاهرات التيار الصدري المرتقبة مع إرتباك وفوضى في أسعار الدولار يرافقها شروط أميركية لتضييق الخناق على الإقتصاد العراقي يرسم مشهداً أكثر إرباكاً وإنقساماً يجعله يتآكل من الداخل وربما هي الغاية التي تسعى لها أميركا في إنهيار المعبد بعد تصدّع جدرانه.

متاهات دائرية تقود إلى المجهول وفانتازيا خارجة عن المألوف ومشهد سياسي غارق في التيه والفوضى يوحي بأن شبح القادم ليس من مسميات التفاؤل.

هل الخطأ في النظام السياسي، في السلطة ورجالها، أو في الشعب؟ ربما الجميع مشترك في الخطيئة، دائماً ما أردد أن أيام العراق حُبلى بالمفاجآت، لذلك دعونا ننتظر، ألم يقولوا أن غداً لناظره قريب.