المحرر موضوع: اليزيديون  (زيارة 621 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 895
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اليزيديون
« في: 19:52 22/02/2023 »
اليزيديون
نبيل يونس دمان
 
مقدمة:-
هذا الموضوع من ثلاثة حلقات كتبته عام 1996 في مشيكان ونشرتُه في جريدة صوت الاتحاد الديمقراطي العراقي الصادرة هناك في العدد 132- كانون الثاني- 1996 والمتوقفة عن الصدور منذ فترة طويلة. ربما بعد مرور هذا الزمن الطويل تتطلب بعض التغييرات وفي مقدمتها كلمة اليزيديون التي اصبحت فيما بعد تكتب أيزيديون وهي التسمية الأدق بتقديري. لم اغير شيء في الموضوع وذلك للأمانة التاريخية، وفي ذات الوقت انا مستعد لمناقشة آراءكم وملاحظاتكم في كل ما ذهبت اليه مصيباً ام مخطئاً، تقبلوا وافر تحياتي.
الحلقة الاولى

     ان المجتمع العراقي يزهوا بأقوامه وطوائفه المختلفة، والتي تعايشت جنباً الى جنب آلاف من السنين إنتابتها فترات مضيئة مزدهرة وأخرى كالحة مظلمة. وفي موضوعنا التالي نتناول اليزيدية وهم طائفة دينية من الأكراد يرجع تاريخها الى ما قبل الميلاد، ويقطن غالبيتهم في العراق وما تبقى في سوريا، تركيا، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى خصوصاً أرمينيا، يربو عددهم النصف مليون نسمة تقريباً.
 
ديانتهم:-
     هناك وجهتي نظر مختلفتين عن اصل ديانتهم: الأولى مستقاة من المؤرخين المسلمين الذين ينسبونهم الى يزيد بن معاوية الأموي وبالتالي يربطونهم بالاسلام وأبرز هؤلاء المؤرخين احمد تيمور باشا، عبد الرزاق الحسني، المحامي الموصلي عباس العزاوي. اما الوجهة الثانية التي تنبثق بالاساس من وسطهم فتنسبهم الى يزدان الذي يعني الله في الديانة الزرادشتية، وتعتبر مدينة يزد الواقعة جنوب شرق أصفهان- ايران عاصمة الزارادشتية والتي فيها ولدت تلك الديانة قبل الميلاد بخمسمائة سنة.
 
     ترتكز ديانتهم على دين المانوية ذي المبدأين، مبدأ الخير ومبدأ الشر، وانهم بقدر حبهم للخير يخافون الشر خوفاً شديداً، ويعتبرون الفعل السيء والشر منبثق من نفس الانسان، ويؤمنون بتناسخ الأرواح، فالروح الطيبة بعد الوفاة تدخل في الملوك او ترفرف في الهواء، اما الروح السيئة فتدخل في الكلاب او الخنازير، وبالتالي ترى ديانتهم بان استمرار الحياة بعد الموت مسألة أكيدة.
     عند دخول الاسلام مناطقهم تحولت من ديانة علنية ومشهورة الى صوفية وزاهدة بسبب حملات التنكيل والاضطهاد التي تعرضت لها، فحصنت نفسها وأدخلت العديد من المتغيرات عليها لتواجه الواقع الجديد واصبح سهلاً عليها تقبل تعاليم الشيخ عدي الصوفية بعد انهيار الخلافة الاموية ولجوء الشيخ المذكور الى جبال كردستان.
 
من هو الشيخ عدي:-
     ويسميه اليزيديون ب "الشيخادي" وهو ابن مسافر ولد في بعلبك سنة 558 هجرية، مؤمن بالأموية ويزيد بل ومتعصب له، لجأ الى جبال هكاري بعد ضياع حكم الامويين فتولى رئاسة بعض القبائل الكردية على طريقته الصوفية وزهده ومجمل سلوكه، قال عنه الشيخ عبد القادر الجيلي "لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها عدي بن مسافر" .
 
     كانت طريقته في الصوفية مقاطعة اللعن او انه حذر من اللعن، حتى لعن الشيطان خوفاً من الاتصال بشائبة السب، ولكن بعد وفاته اصابهم غلو في امر اللعن وشدة تمسكهم باللفظ انهم حرموا:
1- اللعن وما اشتق منه.
2- نعل وهو مقلوب لعن.
3- نيل وهذا تحتوي الفاظه على اكثر حروف اللعن فهذا ايضاً من المحرمات، ومن ذلك حرم النيلي او اللون الازرق.
4- خسأ الذي هو بمعنى لعن، وبالتالي حرم التلفظ بالخس وأكله.
5- البصاق لانه يستعمل الاهانة والسب.
6- الشيطان وابليس، والتلفظ بأكثر حروف الشيطان مثل شط، شخاط، طشت، مشط.
     كان الشيخ عدي وتلامذته يلبسون الخرقة السوداء ويلجأون الى حياة الزهد في كل شيء وكانوا يرفضون أكلة لا معرفة لهم بها ويستحرمونها وهناك من يرى ان تحريم الخس واللهانة جاءت من هذا المنطلق. للشيخ عدي كتابان هما الجلوة، ومصحف رش (الكتاب الأسود) ، وان اختلف المؤرخون حول نسبة الكتاب الثاني اليه. يقول الوالي العثماني نوري مصطفى في رسالته "عبدة أبليس" ان واضع الجلوة راهب نسطوري كان قد فرّ من دير القوش، ولحق باليزيدية وصار مقدماً بين رجالهم.
     ترتكز فلسفة الشيخ عدي على قوله "لو كان الشر بغير ارادة الله لكان عاجزاً" ورأى الشيخ في روحه نفس روح طاووس ملك حين قال:
- أنا الذي جعل آدم يسكن الفردوس، ونمرود يسكن ناراً مشتعلة.
- وأنا الذي قال لي رب السماء، انت الحاكم والعادل وحاكم الأرض.
- وانا عدي الشامي بن مسافر، اعطاني الرحمن الرحيم الأسماء والعرش السماوي والكرسي والسبعة والأرض.
- في سر معرفتي لا يوجد إله غير هذه الأشياء خادمة لقوتي.
- واذا شئت ارسلته مرة اخرى ثانية وثالثة الى هذا العالم او الى غيره بتناسخ الارواح. إه.
     يقع مقام الشيخ عادي في جبل لالش شمال بلدة عين سفني، ويذكر ان صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ قام بنبش ضريح الشيخ وحرق عظامه في سنة 652 هجرية، ويذكر ايضاً بان مقام الشيخ كان ديراً للنصارى باسم دير مار يوحنان وماريشو عسيران وقد استولى عليه عام 619 هجرية او نحوها ابو المفاخر شرف الدين عدي بن ابي البركات، ولعل كان استيلاء اخر سبق هذا الاستيلاء في زمن عدي بن مسافر.
 
     يعتقد البعض بان الشيخ عدي مدفون هنك فيما يعتقد اليزيدية انفسهم بانه عرج الى السماء، واعتقاد آخر انه قتل في مراغة على يد المغول عام 619 هجرية بسبب اغتصابه الدير. ان بناء المعبد وتصميمه على نسق كنائس النصارى كما يقول القس سليمان الصائغ مؤلف كتاب (تاريخ الموصل) ، ويضيف وجود خطوط آرامية في جدرانه الداخلية وقد طليت عمداً ثم انقشع عنها الطلاء وبرزت من تحته الحروف، ومما يجعلنا نصدق ما كتب وجود نساء في خدمة المرقد يأبون الزواج على طريقة الرهبنة المسيحية، وهناك رجل بإسم بابا جاويش (يقابل القس الكلداني) لا يتزوج أبداً.
تتمة
nabeeldamman@hotmail.com
California on February 18, 2023
××××××××××
××××××××
××××××
×××
×