المحرر موضوع: جسور لن يطاها الصدع ..  (زيارة 857 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رياض شابا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 16
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
جسور لن يطاها الصدع ..
« في: 19:09 06/03/2023 »
جسور لن يطاها الصدع ..
===============
رياض شابا
------------

انظر الى الاسماء ، اتفرس في الوجوه ، اقلب الصور ، اقرا الكلمات ،اللايك، تغمرني سعادة ممزوجة بالخشوع . هؤلاء و انا احتفينا " بالامس " بيوم مميز كرس لتكريم اعزاء غادرونا الى جنات الخلد . اوقدنا الشموع ، نشرنا الزهور ، ضمن طقوس شهدتها المعمورة لمناسبة " تذكار جمعة الموتى " "صادف17 شباط هذا العام ".
صلينا من اجلهم ، ترحمنا على ارواحهم ، استرجعنا زمنا عشناه معهم ، زمن لن يعوض ، لن يعود .
ادخل موقعي الصغير ثانية ، فاراه قد صار كبيرا ، استحال قلبا يحتويكم ، ياخذكم صاحبه بالعناق والاحضان، و يلهج ب"شكرا" كبيرة خالصةنقية . احس بقشعريرة مع كل سطر ات من العراق ، من داخله ، من تلك البقعة المؤطرة بحدوده،. ..ذهبا نعلقه على الصدور رغم انه يدمي الفؤاد احيانا .. للاصوات الاتية من هناك وقع اخر ، معها تنتابني غصة و تخنقني العبرات لمراى اصدقاء و زملاء واحبة ، لكل منهم مكانة كبيرة في النفس ، شئ معتق انصهر في الروح لن يتلاشى ، لن يزول .
مع كل اسم اقراه ، يمتد جسر من هناك ، يخترق المحيطات والقارات ، يقابله اخر ذاهب من هنا :
تعال ، هنا الجذور ، هنا الارض العطشى لمحبيها ، هنا اللهفة تستعر لزيارة " ناطرة الزروع " امنا الحنونة ، لتسلق جبل القوش و بلوغ صعدة الدير العالي ، بشق الانفس احيانا ، اذ ان صاحبه " الربان هرمز " ابى الا ان يصبح مكانه هنا ، منحوتا في الصخر ، حيث الصوامع بالمئات تغص بالرهبان . هذا ما اوحى اليه الرب واوصى به في المنام .
ومن هنا يقطف الجميع النرجس الابيض بعطره الطاغي و الشقائق الحمر بسحنتها الغامقة ، يقدمونها باقات وقلائد قربانا وحبا وتكريما .
تمضي بي سمفونية الشوق و الجمال مقرونة بالشجن ، صوب كل الاتجاهات، قمم كردستان المطلية بالثلج والخضرة السامقة تنغص هداتها نار الشمال حينا و الشرق حينا اخر ، سهل نينوى و البلدات المتشبثة بالارض والحياة ، بالكاد تصد عنها المنغصات و المكائد و الاطماع.
زابان و رافدان ، انهار و جداول ، سدود و نواظم ، بحيرا ت واهوار ادهشت الدنيا ، كلها تخفق اليوم في استرجاع تسمية البلاد ب"ارض السواد " ،بسبب الجفاف و "شحة" المياه.، تنازلت عنها .. اهملت امرها، .لان هذا قدرها.!
مدن البرتقال و الليمون والكروم والتفاح و الزيتون و النخيل و الخضروات الالذ في العالم ، تشكو العطش ، ترنو الى القباب الذهبية المقدسة الساطعة ، في انتظار الفرج الاتي من الرب ،كي يرفع الغمة عن هذه الامة ،. سنوات وعقود و الدعاء يتكرر لا يتوقف ، و القداديس تتواصل في الكنائس وان قل وتراجع عدد مريديها نتيجة تصاعد الهجرة بشكل مقلق ، في ارض سنت اولى القوانين و شرعت العدل منذ الاف السنين ،واهدت العالم الحرف والعجلة و العلم والجمال وعجائب الدنيا.. .. .. ..فما بالها اليوم تتراجع وتلفظ اهلها ؟ وتتنكر لهم ؟
تستمر سمفونية الحب مع كل قرية وبلدة و مدينة عراقية افتقد ماءها وتمرها ولبنها ، قبل ان يطير بي الشوق ، ينتزعني ، يشعلني و"يحطني" في بغداد ، مكان اودعت فيه زهوري و قلبي و كتبي و ذكرياتي . مكان كان يوما بيتي ، و زقاق كان "عكدي ". انا اعرف ان الكلام عن "دار السلام "اليوم لاتلبيه سطور قليلة ، اعرف ان و جهها قد اصابه الشحوب والوهن في زمن ردئ ننتظر ان يرحل ، ، فلتعذرني اذن ، فلتغفر لي، لانني مسحت كلاما كثيرا سبق وان كتبته ، قد اقوله في فرصة اخرى ، ان نفع الكلام .
بغداد .. .. .." وحشتينا " يا سيدة المدن .. "ذبحتينا "يا حلوة زمانك . اما ان الاوان كي تلمي شمل عشاق متيمين مبعثرين في الشتات؟ ؟ متى يحين وقت انقشاع الظلام ؟و يبقى وجهك نديا بهيا لا يغسله سوى القمر ؟
حدثوني انتم عنها اخوتي و اصدقائي،الدور عليكم الان ،
قل لي يا فيصل جاسم محمد و عبدالمطلب محمود و حسب الله يحيى وعبدالحسين صنكور وعبد المنعم حمندي و زيد الحلي و رعد اليوسف العبيدي .. .. .. كيف كان صباح المدينة ؟ واين و جهتكم اليوم ؟ . هل تناولتم شايكم والقهوة معطرين بسحر فيروز ؟..هل تفقدتم "السعدون "قبل ان تعرجوا الى حيث يجتمع " ابو نؤاس" و " شهرزاد " و " شهريار " في اطلالتهم الابدية على دجلة الخالد ؟
متى تقصدون" الرشيد "وياخذكم الشارع العتيق المتاكل الى"طريق" "المتنبي"ملوحا بذراع لا يصيبها الكلل صوب نوارس الفت المكان والبشر ، و غيوم تتجمع في مثل هذا الوقت من كل عام ؟؟
هل فرشتم الاوراق على مناضد " الشاهبندر " ام ان الوقت سرقكم في تصفح كتب العربات والارصفة و الرفوف ؟
هل تكملون المشوار صوب القشلة مع انتصاف النهار ؟
قد يصادفكم الكبير حسن العاني في الطريق.. قال لي طه جزاع انه مع خضير الحميري على طول . سلامي لهما بلغوا " ابو عمار "تحياتي " امانة ". قولوا له اني مواظب على قراءة عموده الصباحي ، و مازال لكلامه المعنون ب " وطن الماذن و النواقيس " وقع خاص في نفسي ، كل سطر فيه اقرب الى صلاة و كل كلمة اشبه بدقة ناقوس .




ملاحظة مرفق مع هذه المادة مقالة بعنوان وطن الماذن والنواقيس للاستاذ حسن العاني تنزل ملحقةبمقالة جسور لن يطاها الصدا



غير متصل رياض شابا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 16
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: جسور لن يطاها الصدع ..
« رد #1 في: 19:09 06/03/2023 »
مقال الزميل والصديق الكبير الاستاذ حسن العاني والذي نوهت به في مقالتي " جسور لن يطاها الصدع" .
وطن الماذن والنواقيس
حسن العاني الأحد 28 نيسان 2019
قصاصات ورق متناثرة بين أوراقي، تاريخها يشير الى عقدٍ مضى، وملاحظات كتبتها في لحظة حزن تقطر حزناً، فثمة دماء بريئة أراقها القتلة وأعداءُ الحياة في كنيسة (سيدة النجاة)، وثمة هوامش ورسائل لم تكتمل، كانت أشبه باعتذارات موجهة الى حبيباتي وأصدقائي المسيحيين الذين غيّبتهم الغربة، ما كان الحزن وحده كافياً بعد أنْ عاشرني (الحياء)، لأنَّ من يباهون بعنف جريمتهم يحملون افتراءً (عراقيتي)، وافتراءً يحملون (ديني)، أنا أستحي يا أحبة الروح حتى من أسمائهم، وإنْ كانت زوراً وبهتاناً على البلد الذي تجاورت فيه المساجد والكنائس منذ أنجبت السماء هذا المولود الجميل... العراق.
.. قافلة أخرى من التوابيت تنهضُ على الأكتاف، 1-2-3 وما زال السلام الجريح أعداداً تواصلُ رحلتها المهيبة صوب السماء حيث يقيم الرب مائدة الشهداء وأنت المأخوذ بالحياء.. لا حيلة سوى الاعتذار من صفية الروح (مريم السناطي)، هم القتلة – أنتِ تعرفين – ولسنا نحن، وتعرفين يوم تمنيتُ الموت يوماً لم أطلب غيركِ إمرأة تبكي موتي، ويستفيق وجعي على آخر مكالمة (طمنّي أبو عمار..
شلون صحتك.. وضعك.. شلون الأهل.. شلون بغداد شلون العراق.. شلون) وذوى الصوت القادم لا أدري من أي بلاد الله بين الأسلاك المنهكة، وانقطعت أخبار من اصطفيتها رثاءً لموتي، 4-5-6، شهيد سابع في الطريق، هم القتلة يا روفائيل، أستحي يا (جميل روفائيل) أنْ أقول أنتم ونحن، فما كنا يوماً ضميرين منفصلين، هل كان يهاتفني ساعتها من بلد يتشظى، من يوغوسلافيا؟ ويعيد رجاءه بما يقرب من التوسل (أبو عمار.. مشتاق أشوفك.. تعال أنت والعائلة يمي ولو شهر واحد) (جمولي وحياتك كلش تعبان.. وبعدين آني أكره السفر والطائرات).. يضحك (وداعتك تكاليف السفر والطائرة والإقامة كلها على حسابي) وترنحت، ربما ارتجت أسلاك الهاتف تحت ضحكة موحدة (لا يا خبيث) وتعالت الضحكة الموحدة بين بغداد ويوغوسلافيا، ثم انقطعت أخباره مثلما تفعل الأقدار معي دائماً، ثم يرتعدُ قلبي وجعاً على خبر بثته إحدى الفضائيات تنعى فيه القلم المبدع جميل روفائيل الذي سرقته الغربة فمات وحيداً عن عيون أحبته، والجثامين التي ما عدت أعرف أعدادها تغادرُ سيدة النجاة الى مائدة الرب، وحلوى وورود وآس وأغصان زيتون وهلاهل تودع السلام الشهيد، ويسبق الدمعُ الحياء..
لا علاقة لنا يا (أبو نصري)، أعرف بالتأكيد أنك تصدقني، ومع ذلك صّدقني: هُمْ ولسنا نحن، وتبدأ الرحلة من بغداد الى كردستان، أربيل القلعة والمئذنة المظفرية وعينكاوه أحلى حلوات المدينة، الكل يحتفي برفيق الكلمة والصحافة (رياض شابا)، وأحدُهم بعد الذي لا أذكره من الزمن يتصل بي (تحيات حاره من أبو نصري، رياض شابا، هذا رقم هاتفه الجديد)، ولكن (شابا) خارج نطاق
المعرفة..
تلك هي الحال يا صديقتي الحلوة (ألس موشيخ)، لا أقدم التعزية الى أحد لأنه عزائي، ومع ذلك يا الغالية ألس فأنا مسكونٌ بذنب لم أقترفه ولم نقترفه، هاتفها يستقبل عبارتي اليتيمة (ماذا يمكن أنْ أقول) وهاتفي يرحب بصوتها الأحب الى تاريخي وذاكرتي (لا تقل شيئاً.. لا أحد مطالبا بالاعتذار، أقرأ هويتهم وستعرف- الديانة : قاتل – القومية: قاتل المهنة: قاتل) وساد الصمت الهواتف إلا من نشيد الحياة وصلاة لوطن المآذن والنواقيس