جسور لن يطاها الصدع ..
===============
رياض شابا
------------انظر الى الاسماء ، اتفرس في الوجوه ، اقلب الصور ، اقرا الكلمات ،اللايك، تغمرني سعادة ممزوجة بالخشوع . هؤلاء و انا احتفينا " بالامس " بيوم مميز كرس لتكريم اعزاء غادرونا الى جنات الخلد . اوقدنا الشموع ، نشرنا الزهور ، ضمن طقوس شهدتها المعمورة لمناسبة " تذكار جمعة الموتى " "صادف17 شباط هذا العام ".
صلينا من اجلهم ، ترحمنا على ارواحهم ، استرجعنا زمنا عشناه معهم ، زمن لن يعوض ، لن يعود .
ادخل موقعي الصغير ثانية ، فاراه قد صار كبيرا ، استحال قلبا يحتويكم ، ياخذكم صاحبه بالعناق والاحضان، و يلهج ب"شكرا" كبيرة خالصةنقية . احس بقشعريرة مع كل سطر ات من العراق ، من داخله ، من تلك البقعة المؤطرة بحدوده،. ..ذهبا نعلقه على الصدور رغم انه يدمي الفؤاد احيانا .. للاصوات الاتية من هناك وقع اخر ، معها تنتابني غصة و تخنقني العبرات لمراى اصدقاء و زملاء واحبة ، لكل منهم مكانة كبيرة في النفس ، شئ معتق انصهر في الروح لن يتلاشى ، لن يزول .
مع كل اسم اقراه ، يمتد جسر من هناك ، يخترق المحيطات والقارات ، يقابله اخر ذاهب من هنا :
تعال ، هنا الجذور ، هنا الارض العطشى لمحبيها ، هنا اللهفة تستعر لزيارة " ناطرة الزروع " امنا الحنونة ، لتسلق جبل القوش و بلوغ صعدة الدير العالي ، بشق الانفس احيانا ، اذ ان صاحبه " الربان هرمز " ابى الا ان يصبح مكانه هنا ، منحوتا في الصخر ، حيث الصوامع بالمئات تغص بالرهبان . هذا ما اوحى اليه الرب واوصى به في المنام .
ومن هنا يقطف الجميع النرجس الابيض بعطره الطاغي و الشقائق الحمر بسحنتها الغامقة ، يقدمونها باقات وقلائد قربانا وحبا وتكريما .
تمضي بي سمفونية الشوق و الجمال مقرونة بالشجن ، صوب كل الاتجاهات، قمم كردستان المطلية بالثلج والخضرة السامقة تنغص هداتها نار الشمال حينا و الشرق حينا اخر ، سهل نينوى و البلدات المتشبثة بالارض والحياة ، بالكاد تصد عنها المنغصات و المكائد و الاطماع.
زابان و رافدان ، انهار و جداول ، سدود و نواظم ، بحيرا ت واهوار ادهشت الدنيا ، كلها تخفق اليوم في استرجاع تسمية البلاد ب"ارض السواد " ،بسبب الجفاف و "شحة" المياه.، تنازلت عنها .. اهملت امرها، .لان هذا قدرها.!
مدن البرتقال و الليمون والكروم والتفاح و الزيتون و النخيل و الخضروات الالذ في العالم ، تشكو العطش ، ترنو الى القباب الذهبية المقدسة الساطعة ، في انتظار الفرج الاتي من الرب ،كي يرفع الغمة عن هذه الامة ،. سنوات وعقود و الدعاء يتكرر لا يتوقف ، و القداديس تتواصل في الكنائس وان قل وتراجع عدد مريديها نتيجة تصاعد الهجرة بشكل مقلق ، في ارض سنت اولى القوانين و شرعت العدل منذ الاف السنين ،واهدت العالم الحرف والعجلة و العلم والجمال وعجائب الدنيا.. .. .. ..فما بالها اليوم تتراجع وتلفظ اهلها ؟ وتتنكر لهم ؟
تستمر سمفونية الحب مع كل قرية وبلدة و مدينة عراقية افتقد ماءها وتمرها ولبنها ، قبل ان يطير بي الشوق ، ينتزعني ، يشعلني و"يحطني" في بغداد ، مكان اودعت فيه زهوري و قلبي و كتبي و ذكرياتي . مكان كان يوما بيتي ، و زقاق كان "عكدي ". انا اعرف ان الكلام عن "دار السلام "اليوم لاتلبيه سطور قليلة ، اعرف ان و جهها قد اصابه الشحوب والوهن في زمن ردئ ننتظر ان يرحل ، ، فلتعذرني اذن ، فلتغفر لي، لانني مسحت كلاما كثيرا سبق وان كتبته ، قد اقوله في فرصة اخرى ، ان نفع الكلام .
بغداد .. .. .." وحشتينا " يا سيدة المدن .. "ذبحتينا "يا حلوة زمانك . اما ان الاوان كي تلمي شمل عشاق متيمين مبعثرين في الشتات؟ ؟ متى يحين وقت انقشاع الظلام ؟و يبقى وجهك نديا بهيا لا يغسله سوى القمر ؟
حدثوني انتم عنها اخوتي و اصدقائي،الدور عليكم الان ،
قل لي يا فيصل جاسم محمد و عبدالمطلب محمود و حسب الله يحيى وعبدالحسين صنكور وعبد المنعم حمندي و زيد الحلي و رعد اليوسف العبيدي .. .. .. كيف كان صباح المدينة ؟ واين و جهتكم اليوم ؟ . هل تناولتم شايكم والقهوة معطرين بسحر فيروز ؟..هل تفقدتم "السعدون "قبل ان تعرجوا الى حيث يجتمع " ابو نؤاس" و " شهرزاد " و " شهريار " في اطلالتهم الابدية على دجلة الخالد ؟
متى تقصدون" الرشيد "وياخذكم الشارع العتيق المتاكل الى"طريق" "المتنبي"ملوحا بذراع لا يصيبها الكلل صوب نوارس الفت المكان والبشر ، و غيوم تتجمع في مثل هذا الوقت من كل عام ؟؟
هل فرشتم الاوراق على مناضد " الشاهبندر " ام ان الوقت سرقكم في تصفح كتب العربات والارصفة و الرفوف ؟
هل تكملون المشوار صوب القشلة مع انتصاف النهار ؟
قد يصادفكم الكبير حسن العاني في الطريق.. قال لي طه جزاع انه مع خضير الحميري على طول . سلامي لهما بلغوا " ابو عمار "تحياتي " امانة ". قولوا له اني مواظب على قراءة عموده الصباحي ، و مازال لكلامه المعنون ب " وطن الماذن و النواقيس " وقع خاص في نفسي ، كل سطر فيه اقرب الى صلاة و كل كلمة اشبه بدقة ناقوس .
ملاحظة مرفق مع هذه المادة مقالة بعنوان وطن الماذن والنواقيس للاستاذ حسن العاني تنزل ملحقةبمقالة جسور لن يطاها الصدا