المحرر موضوع: مَندِي ولِيشيا الحلمُ الذي تَحَقَق  (زيارة 558 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يحيى غازي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 173
    • مشاهدة الملف الشخصي
مَندِي ولِيشيا الحلمُ الذي تَحَقَق

 
يَحيَى غَازِي الأَميريّ
{أصبغوا أنفسكم بالصباغة الحية التي جاءتكم من عوالم النور}كنزا ربا/اليمين
اليوم هو الأحد (2023-01-22) استيقظت مبكراً هذا الصباح، السماء ملبدة بالغيوم، أمطار غزيرة هطلت ليلة أمس، تصفحت أخبار (الطقس) تشير المعلومات المثبتة على (الانترنيت) إنه يوم ممطر في عموم مدينة (سيدني) وضواحيها.
سريعاً حلقتُ ذقني وأخذتُ (دوش) حمام من الماء الدافئ، وانتقيت بعض الملابس التي تتلائم مع أجواء سفرة هذا اليوم، مع مظلة -شمسية - تقيني من مطرِ وشمسِ صيف (سيدني) فأنا على موعدٍ لزيارة مكان عزيز على قلبي، وأود بشوق زيارته والتجوال فيه، فقد تهاتفت ليلة أمس مع صديقي العزيز الدكتور(كارم ورد عنبر) وعلمت منه إنه هو الذي سيقلني مشكوراً بسيارته الخاصة للمكان وأخبرني ببعض الأسماء التي سوف نلتقيها معاً في المنطقة فرحت لذلك.
  غادرت الشقة بحذر خوفاً من أيقاظ من يسكن معنا ... فزوجتي (ام مخلد) رفيقة سفرتي، اعتذرت أن ترافقني سفرة اليوم بسب اجهاد وتعب يلازمها من سفرة يوم أمس للبحر .
ذهبت سيراً على الأقدام قاطعاً جسر حديث جميل مشيد على نهر (براماتا Parramatta) يربط الجانب الذي أسكن فيه Wentworth point)) حتى محطة القطار في منطقة ( (Rhodesالجسر فقط لعبور المشاة طريق خاص ذهاب وإياب وكذلك يسمح بالمرور (لباصات) نقل الركاب، وهنالك (باص) نقل للركاب في الأيام العادية عدا أيام العطل ينقل أهالي المنطقة من وإلى محطة قطار ( (Rhodesمجاناً، الوقت لم يتجاوز مدة عشر دقائق سيراً على الأقدام وصلت الى محطة القطار، ببطاقة –كارت- إلكترونه أحملها معي أشرت ببوابات الدخول للمحطة وقت دخولي، أنها تذاكر المواصلات - للقطار والباصات - المستعملة الآن، أخذت القطار المتوجه لمحطة (ليفربول) في محطة (Strathfaild) نزلت من القطار للتبديل لقطارٍ أخرٍ أستقله والمتجه صوب محطة (ليفربول) انتظرت قليلاً بعض الدقائق مستريحاً على أحدى المصاطب التي في المحطة متأملاً حركة الناس وسحنات أشكالهم المتنوعة الأعراق والأجناس والتي تسكن (سيدني) توقف القطار أمامي، تأكدت من أتجاه سيره على ضوء شاشة إلكترونية معلقة في مسقف رصيف محطة الانتظار دلفتُ من بوابةِ القطار بجوفه، أخذتُ مكاني في أحدى مقاعد القطار (المبرد) في الطابق الثاني فالقطار ذو طابقين، فمن الطابق الثاني تتاح ليً فرصة أوسع وأفضل وأمتع للمشاهدة، ارقبُ دائماً الشاشة الإلكترونية،المثبتة أمامي في العربة  فهي تنبهك وتدلك إلى المحطات القادمة.
وصلت محطة قطار (ليفربول)أستغرق وقت كامل الرحلة ساعة كاملة، وصلت قبل الموعد المحدد الساعة التاسعة صباحاً بحوالي (20) دقيقة، من البوابة الإلكترونية أشرت مرة أخرى البطاقة الإلكترونية لإنهاء ركوب القطار.
أنظر من النوافذ الزجاجة للمحطة نحو السماء الملبدة بالغيوم، والمطر الخفيف المستمر، اتصلت هاتفياً بصديقي الدكتور(كارم) أخبرته بوصولي الى محطة (ليفربول) أخبرني أنه (في الطريق) سوف يكون في الموعد وبذات المكان، وأخبرني أنه تأخر قليلاً في البيت بسبب بحثه عن المظلة - الشمسية- والتي لم يعثر عليها، أخبرته أنني بالانتظار ومعي (شمسية) وأخبرته أني سوف اخذ له معي كوب قهوة مع بعض الفطائر فطور من أحد أكشاك المحطة، أجابني شاكراً  أنه تناول فطوره وقهوته قبل قليل.
اشتريت من احد حوانيت المحطة فطوراً ليّ (قطعة كيك بعجينة الموز وكوب قهوة وقنينة ماء للشرب) تناولت الفطور وأخذت معها وجبة(الأدوية الصباحية).
بالموعد المحدد الساعة التاسعة صباحاً وصل صديقي، انزلقتُ سريعاً بجوف سيارته، هطول المطر مستمر، بعد التحية أنطلق متجهاً صوب منطقة (ولِيشيا) كنا نسير وسط مطر كثيف، ماسحات زجاج السيارة الأمامية أوتوماتيكيا تعمل بأقصى سرعتها، دليل كثافة المطر.
كنت أرقب الطريق بعيون مفتوحة، الشوارع، البيوت، الحدائق، حركة السيارات، العمارات الشاهقة المتراصفة، التقاطعات المزودة بإشارات المرور الضوئية تعمل على مدار الساعة  لوحات المرور وهي تحدد الاتجاهات للاماكن والمدن وتحديد السرعة منتشرة على طول الطريق، صديقي الدكتور (كارم) لم يستعمل (جي بي أس الذي في السيارة أو الهاتف النقال) لمعرفة اتجاه الطريق، اخبرني أنه يعرف الطريق، فقد زار المنطقة سابقاً لعدة مرات.
المسافة من محطة (ليفربول) إلى مندي (ولِيشيا) تستغرق من الوقت بين (30 -35) دقيقة بالأيام والأجواء العادية أذن اليوم سيكون الوقت أطول اليوم بسبب المطر الكثيف ... في الطريق ساحة (فلكة) دائرية واسعة جداً قرب طريق (المطار) الجديد، يظهر على صديقي الدكتور (كارم) التردد من الاستمرار بالسير لمْ يكنْ متأكداً من الطريق الذي أختاره بعد ان سرنا به لمسافة قصيرة، أوقف سيارته على جانب الطريق، أخرج العنوان من (الموبايل) وأدار السيارة من المكان المخصص للاستدارة وفي نفس (الفلكة ) أخذ طريق أخر، بعد فترة من الزمن من السير، أخبرني صاحبي (د. كارم) أن كثير من المعالم تغيرت في الطريق، فقد مضت فترة عدة سنوات لَمْ يَزر المنطقة، فهناك تغيرات عمرانية كبيرة جرت بالمنطقة أذ بوشر بتشييد (مطار جديد) قريب من المنطقة فازدادت بشكل كبير حركة البناء والأعمار، والشوارع الجديدة الحديثة في المنطقة، حتى أسعار أراضي وَ بيوت المنطقة بدأت بالارتفاع.
كنتُ أراقب الشوارع الحديثة والقصور والقلاع والمزارع والبساتين والغابات المليئة بأنواع عديدة من أشجار (اليوكاليبتوس) الدائمة الخضرة، وترى على مد البصر الحقول الخضراء المنتشرة على جانبي الطريق.
وسط المطر الكثيف توقف صديقي في مكان مخصص للوقوف وهو يهاتف صديق يستعين به ويتأكد من أسم الطريق والعنوان الذي أرسله له يوم أمس ... جاء الجواب سريعاً انه نفس العنوان ويسير بالاتجاه الصحيح .
دخلنا منطقة زراعية كثيفة التشجير منخفضة انحدرت بنا السيارة  لأقصى نقطة في المنحدر حيث (الجسر) لم اتمكن من مشاهدة النهر جيداً ونحن نعبر الجسر، ثم بدأت سيارتنا تتجه متسلقة تقضم الطريق متجهة نحو الأعلى عندما استوى الشارع وبان كل شيء مكشوفاً، اخبرني (صاحبي) أننا في المكان المقصود الآن.
انعطف الى جهة اليسار في طريق فرعي زراعي وبعد مسافة ليست بالقصيرة على جانبي الطريق حقول خضراء على مد البصر مزارع وبيوت قديمة وحديثة وقصور ومنشآت والعديد قطعان الابقار ترعى بهدوء .
 اندلف صديق بسيارته الى جهة اليسار دخل بوابة لمزرعة مسورة بأسلاك شائكة  ...  قال ليّ صديقي (د. كارم) بعد أن سحب نفس عميق :
-   أخيراً وصلنا بسلام!
أذن نحن دخلنا إلى المساحة المخصصة (لمندي ولِيشيا) سارت بنا السيارة مسافة قصيرة هنالك توقفنا في ساحة مخصصة لوقوف السيارات بلطت (بالإسفلت) وعلمت بالمسافات المحددة لوقوف السيارات، خلفها بناية صغيرة طليت باللون  الأبيض.
ركن سيارته في احد الأماكن المخصصة لوقوف السيارات، ترجلنا من السيارة الجو غائم خفَ المطر لكن السماء لم تزل تنث رذاذاً متواصلاً بشكل خفيف.
سرنا على ممر مخصص للمشاة من (الكونكريت ) يرتفع قليلاً عن سطح الأرض عرض الممر حوالي (متر ونصف) على جانبي الممر بنايتان صغيرتان انعطفنا داخل أحداهما والتي تحتوي  على عدة غرف نظيفة حديثة أنها مقسمة الى عدة أجزاء قسم مخصص للحمامات الرجالية وَالنسائية وَمغاسل، متوفر فيه الماء، وغرف لتبديل الملابس وغيرها من المستلزمات الضرورية في طقوس التعميد المندائي
عند مشاهدتي لحدود أرض (مندي وليشيا) كانت كبيرة  متموجة، غير مستوية ، لكنها تبدو عبارة عن حقل أخضر فيه الأعشاب والأشجار والشجيرات، تابعنا سيرنا على ممر المشاة الكونكريتي، ونحن ننحدر قليلاً قليلاً نحو الأسفل باتجاه النهر، حتى وصلنا الى مكان ينبع وينبثق منه (الماء) لينحدر بانسياب رائق بمجرى قناة مائية أو كما تسمى (ساقية) رصفت بعناية بالمرمر والحجر، على جانبيّ االقناة او الساقية المنحدرة وعلى جانبيها ممر من (الكونكريت) مخصص للمشاة ينتهي بحوض ماء واسع دائري كبير تحيط به عَلَى شكل (هلال) أو نصف دائرة مدرجاتٌ كونكريتية، غلفتْ بالحجر والمرمر وكذلك يُحيط بالحوض والمدرجات سياج من الحجر يفصله ويحميه من تسرب التربة المنجرفة بفعل الامطار للحوض ومقترباته.
ها هو حوض (التعميد/الصباغة ) المندائي الواسع الجديد أمامي، سريعاً إلتقطت له صورة، أنه بالمواصفات المطلوبة التي اتفق عليها جميع رجال الدين المندائيين في استراليا، فالماء يجري فيه باستمرار، يسحب الماء من نهر( نيبين) بمضخة (ماطور غطاس) وينحدر بالمجري المخصص - القناة - خلال انسيابه يتفلتر من كثير من الشوائب ، الماء المنساب يزود الحوض الكبير المخصص للتعميد- الصباغة-  وإجراء الطقوس والمراسيم الدينية المندائية التي تشترط عند أجرأها الماء الجاري، وهكذا باستمرار يخرج الماء الزائد بعد تنقيته ليصب في نهر (نيبين) مرة أخرى. 
في هذا المكان كان في استقبالنا بترحيب كبير اخوة أحبة لنا من السادة الأفاضل المشرفين على المكان وهم ( خسرو ناصر/ مدير المشروع ، وفيصل عنيسي ورياض الخميسي)بعد التحية والسلام، والسؤال عن الأحوال، بدأنا الحديث عن (مندي ولِيشيا) أو (حلم الأجيال) كما وصفته بيانات ونشرات التجمعات المندائية في أستراليا.
 يقع (مندي ولِيشيا) في وسط أرض زراعية، ومساحته الكلية (10) أوكر  - وحدة قياس للأراضي الزراعة في أستراليا - والتي تعادل بمجملها ( 40000) متر مربع ، تعود ملكية الأرض (الطابو) باسم (جمعية الصابئة المندائيين في استراليا) وهي نفس الجمعية التي تمتلك (المجمع المندائي في ليفربول).ويقع (مندي وليشيا) مباشرة على ضفة نهر (نيبيان Nepean River) في المنطقة الساحلية من ولاية (نيو ساوث ويلز)...
مضت سنوات عديدة ونحن نسمع سنباشر العمل بمشروع (مندي وليشيا) فقد كنت في زيارة الى استراليا عام (2015)علمت وقتها انه قد تشكلت لجنة كبيرة للمباشرة بالتنفيذ ... لكن تأخر العمل بالتنفيذ طوياً ولا أريد هنا أن أخوض بالأسباب والمسببات ... لكني كنت اتابع اخبار (مندي وليشيا) فبتاريخ (07-05-2019) قرأت خبراً مفرحاً منشور في صفحة (جمعية الصابئة المندائيين في استراليا) على (الفيسبوك) مذيل الخبر أو البيان باسم :
(أخوكم في الكشطا الريش أمة صلاح جبوري
 رئيس طائفة الصابئة المندائيين في أستراليا
 والذي يبشر فيه المندائيين في كافة أنحاء المعمورة بهذا الخبر السار.
أستل من الخبر  هذه الفقرة :
({أحبتي أذ نعلن لحضراتكم عن هذه البشرى، سيباشر العمل بالقريب العاجل، ونبتهل إلى رب العظمة (ماري أد ربوثا)أن يمدنا بعونه ويزيدنا إيمانا لما فيه خيراً لأبناء أمتنا.
وقد أحيل بناء تنفيذ المشروع - مندي وليشيا - إلى عهدة إبن الطائفة البار (السيد خسرو ناصر) وتم تشكيل لجنة مشرفة لمتابعة العروض المقدمة من قبل الشركات وتدقيقها.
نتذرع جميعاً (للهي قدماي) لتسهيل إنجاز المشروع بأبهى صورة وخير المعين}}
فعلاً فرحت لذلك الخبر ورحت أتابع أخبار سير تنفيذ المشروع والتي تنشرها على صفحتها جمعية الصابئة المندائيين ... وأخرها قرأت وأنا في زيارتي لاستراليا خبراً نشر بعد ظهر يوم الأحد (15-01-2023) قرأته بفرح وسرور، خبرٌ طالما انتظرته بشغف وأنتظره مثلي الكثير يقول مانشيت الخبر:
(التشغيل التجريبي لمندي الأجيال في ولِيشيا)
الخبر منشور في العديد من المواقع الصحفية والشخصية على نافذة التواصل الاجتماعي على (الفيس بوك) مع مجموعة كبيرة من الصور لفرح المندائيين وهم يمارسون طقوس التعميد.
قررت أن أذهب إلى (مندي  وليشيا) اتصلت بصديقي العزيز الأستاذ (صلاح معيوف السهيلي/ابو سامر) وأخبرته برغبتي الذهاب للموقع، بأقرب فرصة، فهو خير من يرتب الأمور لمثل هذه الزيارة، عند اتصالي به هاتفياً رحب بالفكرة وأبدى كامل استعداده بتنفيذها، فاتصل بصديقي العزيز الدكتور (كارم ورد عنبر) واتفق معه على ذلك، من حسن الصدف ان يكون الموعد (يوم الأحد التالي المصادف (22-01-2023) وفيه وبذات المكان هنالك تقام مراسيم (عقد مهر) لبعض المعارف من الأصدقاء وهكذا أتفق مع الأستاذ (صلاح معيوف والدكتور كارم ورد) العديد من الأصدقاء للحضور للمكان في الأحد القادم.
صيف (سيدني) لا يؤتمن ففيه تقلبات المناح سريعة أفادتني كثيراً المظلة –الشمسية- احتميت فيها وأنا اتجول في المكان الفسيح المريح – مندي وليشيا- الذي يفتح النفس، الهدوء والسكون والهواء النقي العليل والمناظر الجميلة الخلابة التي تحيط بالمكان، حول الحوض الكبير نصبت عدة سرادق (خيام) للعوائل مندائية العديدة التي كانت قد وصلت قبل وصولنا والتي تروم التعميد أو (اجراء مراسيم عقد المهر أو الصباغة) على ضفة الحوض وجدت صديقي العزيز الكنزبرا (وليد عبد الرزاق خشان) ومعه صديقي الكاتب المجد(بشار عزيز ياسر) والتقيت بصديقيَّ العزيزين فضيلة الترميذا (سليم كاطع ) وصديقي الغالي (رغيد ضامن ورسن) سررت بتواجدهم ولقائهم، بعد التحيات والسلام التقطنا بعض الصور معاً لتوثيق الزيارة واللقاء.
عدت إلى صديقي دكتور( كارم) ومجموعة الأخوة الأحبة الذين التقيتهم ساعة دخولنا الأفاضل (خسرو وفيصل ورياض) وتحدثنا عن همومنا (المندائية) المشتركة حيث التشتت في العديد من بقاع المعمورة.
سألت الأستاذ (خسرو ناصر/ مدير المشروع) عن أهم المعوقات التي واجهتهم خلال الفترة الماضية بعد المباشرة بالتنفيذ بالمشروع؟
-   بلطف أجابني :
كان العام الماضي عاماً شديد القسوة علينا وعلى ما أنجزناه فبعد اكتمال معظم الأبنية والطرق والحوض والتي تشاهدها أمامك ضرب المنطقة (فيضان مدمر كبير) أمطار غزيرة جداً مع فيضان نهر(نيبين) الذي تقع على ضفته مباشرة أرض (مندي وليشيا )، وتبعه بعد مدة قصيرة بذات العام فيضان مدمر اخر ؛ وأكمل قائلاً: وهذا لا يحدث إلا في أوقات متباعدة جداً قد تستغرق أكثر من (25) عاماً!
-   فسألته عن الأضرار التي حدثت  من جراء ذلك الفيضان المتكرر وغزارة الامطار؟
أجابني : لم تتضرر الأبنية والطرقات والحوض والمدرجات كثيراً ، وكان أكثر المتضررين هي المناطق التي تم تشجيرها، وباشرنا مرة أخرى أعادة التشجير.
بابتسامة صادقة وبفرح كبير هنأتهم من كل قلبي وتمنيت أن يتم أنجاز المرحلة الثانية من (مندي وليشيا) بأسرع وقت.
أشار اليّ صديقي الدكتور (كارم) الآن علينا أكمال المرحلة الثانية من الزيارة التوجه للذهاب لمزرعة الدكتور (ماهر مهاوش السبتي) لحضور إجراء طقوس(عقد مهر)لأبن صديقنا العزيز الأستاذ (أبو همام /عبد الكريم سالم العكيلي ) ولده الشاب المهذب الوسيم (ليث عبد الكريم العكيلي) على الآنسة الجميلة (سمارة صفاء زامل دشر) وهنالك سنلتقي بكثير من الأحبة و الأصدقاء.
تقع مزرعة الدكتور (ماهر السبتي) قريبة جداً من (مندي وليشيا )وعلى نفس الاتجاه وعلى نفس النهر، خلال دقائق قليلة دخلنا من بوابة المزرعة، ركنت السيارة في المكان المخصص لوقوف السيارات جنب العديد من السيارات، وترجلنا من السيارة ، أستقبلنا صوت زعاريد النسوة  وأغاني المناسبات المفرحة الذي يصدح في الفضاء.
توجهنا للسلام على أحبتنا وأصدقائنا الموزعين داخل سرادق (خيام) مؤقتة، نصبت كي تقي المحتفلين من الشمس والمطر، نصبت أمام قاعة بناية كبيرة تجاور النهر .
 الخيمة التي في الوسط أعدت (لمراسيم المهر) ففيها نصبت (الأندرونا) وهي بيت من القصب تجرى فيه قسم من مراسم المهر، فيما السرادق الأخرى مدت بداخلها موائد نضدت عليها انواع الأطعمة والفاكهة والقهوة والشاي، التي وفرها والد العريس الصديق العزيز (أبو همام) لجميع الحضور بلا استثناء للفطور والغداء!
كان في استقبالنا بكلمات الف هله ومرحبة بوجوه مشرقة باسمة فرحة والديّ العريسين (ليث وسارة) والعديد من أفراد اسرتيهما، سلمنا عليهم جميعاً وتمنينا لهم وللعريسين حياة زوجة سعيدة، ووجدت اصدقائي الأعزاء (صلاح معيوف السهيلي وَرياض ناصر المهنا /أبو أريج وَأمين حلبوص المهنا) وذهبت للسلام على فضيلة الريشما (صلاح الكنزبرا جبوري الكحيلي) رئيس الطائفة المندائية في أستراليا والذي يقوم بنفسه بإجراء طقوس (المهر) للعرسان ومعه مساعدين من رجال الدين ومنهم فضيلة الترميذا (بيام جيزاني) .
رغم زخات المطر التي تهب علينا من حين لآخر، لكن كانت اجواء البهجة والفرح والحبور تطغي على المكان، تهاني وَتبريكات وَزغاريد وَأغاني فلكلورية تشيد بجمال ومزايا العروسة وأخلاق وطيبة العريس.
تجولت في داخل البناية الكبيرة التي يقام فيها أيضاً جزء مهم من مراسيم (المهر) التعميد في الحوض،  وخدر العروسة، الذي تكتمل به مراسيم قطع المهر!
 أعجبني جداً تنظيم وعمل ما قام به الكريم المعطاء الدكتور (ماهر مهاوش خفي السبتي) فقد هيأ وخصص هذه البناية والمكان (البناية والمزرعة) والتي تقع على ضفة نهر (نيبين) مباشرة، والتي تحتوي بداخلها على (حوض للتعميد) بحجم جيد يفي بالغرض وغرف لتبديل الملابس ومطبخ وعدة حمامات للنساء والرجال، وغرف للاستعمالات الأخرى ... تجدر الإشارة والإشادة بأن(د.ماهر السبتي) شيد كل هذا البناء ومنذ اكثر من عشر سنوات على نفقته الخاصة، ويستقبل فيه جميع أبناء الطائفة المندائية في (سيدني) لإجراء الطقوس الدينية المندائية في المناسبات الدينية والتي تحتاج لمثل هذا المكان الواسع مع ماء النهر الجاري كأيام البنجة –البرونايا- والأعياد والآحاد وَ أيام طراسة رجال الدين المندائي والتي تستمر لمدة سبعة أيام متتالية؛ تشاركه كرم الضيافة والترحيب رفيقة دربه المهذبة زوجته السيدة الفاضلة (هدى الجيزاني).
فأنا ومنذ سنوات عديدة اتابع بإعجاب شديد العديد من الفعاليات الكبيرة التي تجرى داخل مزرعة الدكتور (ماهر السبتي) وينشر الحدث مرفق بصور له عبر العديد من منافذ التواصل الاجتماعي وهي تشيد بسخاء كرمه وبأخلاقه العالية.
بعد انتهاء مراسيم قطع المهر، ودعنا أهالي العروسين، متمنين لهم التوفيق والسعادة ، عدنا بعدها مرة أخرى (لمندي ولِيشيا )لبعض الوقت ثم توجهنا في سيارة صديقي الدكتور (كارم) إلى مدينة (ليفربول) حيث محطة قطار (ليفربول) نقطة أنطلاقنا، عندها ودعت صديقي العزيز الاستاذ (كارم ورد) الورد بأجمل عبارات الأمتنان.
في طريق عودتي وأنا أجلس في مقعدي في القطار، سرحت أعيد شريط فيلم أحداث هذا اليوم، وأنا بغاية السعادة فقد قضيت يوماً سعيداً جميلاً.
كتبت في سيدني يوم الخميس المصادف 16 شباط 2023