المحرر موضوع: رمضانيات 2023 / الآمال المستقبليّة للإسلام!  (زيارة 514 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
رمضانيات 2023 / الآمال المستقبليّة للإسلام!

مقدمة :
كلّ عام وجميع المسلمين الطيبين والآخرين الإنسانيين المُسالمين من باقي البشر بخير ومحبّة وسلام مع النفس والمحيط الإجتماعي والعالم!
السؤال الأهمّ في هذه الورقة هو التالي :
ترى ماذا يحتاج المسلمون بحق ,ليتعلموه من رمضان الحالي ,شهر الصيام والطاعات والعبادات ,ولم يكن قد أدركوه خلال 1444 عام حسب التقويم الهجري ,هذا إذا إفترضنا أنّ الصيام قد فُرِضَ على المسلمين في العام الهجري الأوّل!
الجواب العلمي والعملي بالتأكيد ,ليس بسيطاً تافهاً كما يُردّده المشايخ على مرّ القرون ,من أسباب للصيام معظمها قابل للنقاش .بل أثبت بعضها خطئها العلمي والطبّي على الصحة العامة للصائمين.
فالقول أنّ الصوم (أو الإمتناع عن الأكل والشرب والجنس) يقوّي الروح الإيمانية ,ويزيد من تعاطف الأغنياء مع الفقراء الجائعين ,وينفع البدن صحيّاً ..الى آخر هذا الهُراء ,كان يُمكن ان يُقنع البسطاء في الماضي ,
إنّما ليس اليوم ,عصر ثورة العلوم والإتصالات والذكاء الإصطناعي!
ولا داعٍ في هذا المجال لمناقشة كلّ أسباب الصيام الإسلامي (حسب المشايخ) ,لإثبات فشلها الحتمي .إذ تكفي الإشارة الى أنّ العطش الشديد لساعات طوال وأحياناً في أجواء ساخنة لاهبة ,يجلب الامراض الخطيرة  لجميع أجزاء البدن بما فيها الدماغ .وكلّ ما لدى المشايخ في هذا الشأن ,
بعض النصائح (الغبيّة في الواقع) لتقليل تعرّض الصائم للعطش الشديد!
***
إذاً ما الحلّ المطلوب لإصلاح حال الدول والشعوب الإسلاميّة؟
في الواقع منذُ الأزل ,كان هناك على الدوام إصلاحيين و تنويريين مسلمين من جميع الأصناف والفئات واللغات ,بعضهم أطباء ومهندسين وعلماء بايولوجيا وغير ذلك .سعوا ويسعون جاهدين لتقليل التشدّد والتطرّف والتزمّت بين المسلمين ,الذي جلبه لهم (الإسلام السياسي) والمشتغلين المتكسبين منه .وقبول الإختلافات البشرية (حتى في العقائد والاديان) ,والتعايش معها بسلام ,كي يصبح بالإمكان التعاون بين الجميع في سبيل النهوض والإرتقاء الحضاري!
سأشير الى بعض الإسماء (المصرية) الحالية ,على سبيل المثال فقط!
د.علاء الأسواني ,د.حامد عبد الصمد ,إسلام بحيري ,إبراهيم عيسى ,سعيد شعيب ,د.هبة دربالة ,مؤمن سلّام ,خالد منتصر وعشرات سواهم!
***
صورة سامح عسكر!

سامح عسكر مفكر إصلاحي مصري!
له إنتاج فكري ثقافي فلسفي متنوّع و 16 كتاب ,من بينها :
الإخوان بين الجمود وتحديّات المرحلة ,فلسفة الأخلاق ,مسرحية لطمية رابعة ,مشروع تثقيف القرية المصرية ,رسائل في التجديد والتنوير ,
رحلتي من الإخوان الى العلمانية ,تحرير الفكر ,مراد وهبة كاهن أم فيلسوف؟ رواية نهاية الشكّ ,الفلسفة هي الحلّ ,سايكلوجيا المرأة ,كشف اللثام عن فقه الإمام ..والعديد سواها !
كما هو واضح من عنوان أحد كتبهِ ,فقد كان منتمياً للإخوان المسلمين في بداية نشأتهِ الفكرية ,وبعد مخاضٍ طويل تحوّل الى العلمانية ,وبدأ ينشر تجاربه وأفكاره الإصلاحيّة للناس!
هذا التحوّل والتطوّر الفكري بالأخص (من الديني الى العلمي) يكاد يكون سمة عامة لأفضل المفكرين في العالم .إذ كما هو معلوم ,لايعرف خبايا وأسرار ومشاكل وعُقد الأديان ,أفضل من الناس الذين إعتنقوها وخبروها ومارسوها وعاشوها قلباً وقالباً .ثمّ حدثت لهم الطفرة الفكرية خلال فترة تطول أو تقصر حسب الشخص المعني نفسه ,وإنفتاحهِ على الآخر وتعدّد وتنوّع قراءاته وتجاربهِ!
إنّما الجدير بالإنتباه في حالة (سامح عسكر) ,أنّهُ بخروجه من جماعة الإخوان ,لم يتحوّل الى الإلحاد أو اللادينية أو ماشابه .إنّما بقيّ مسلم مؤمن وربّما متديّن ,لكن بطريقته الإنسانية كما يراها!
لذا أنا هنا أنشر بعض أفكار هذا الرجل لنرى معاً دون أن اُجيب بنفسي.
هل يمكن إصلاح الإسلام (السياسي) وإخراجه من ورطتهِ ومأزقه الحالي ,الذي جعل عامة الشعوب والأمم والحكومات تتأبط منهُ شرّاً ؟
أم أنّ الأوان قد فات منذُ الجريمةِ الكبرى يوم  11 سبتمبر 2001  بحقّ الإنسانية ,وما تلاها من أعمال القاعدة وداعش وبوكوحرام وملالي إيران وتابعيهم حزب الله اللبناني والمليشيات الدينية العراقية وباقي حثالة الجنس البشري؟ وأنّ التنوير والإصلاح الحقيقي لن يحصل بدون خسائر جسيمة غالباً ,(فالولادات العظيمة تصاحبها آلام عظيمة) حسب هيغل!
***
ماذا يرى سامح عسكر في موضوع الإصلاح الديني؟ الرابط أدناه!
1/ شريعة الإسلام السياسي حالياً هي شريعة العثمانيين والعباسيين والأمويين ,ليست حتى شريعة القرن الـ 19 ولا حتى شريعة مابعد الخط الهمايوني ,هؤلاء يريدون إرجاعنا الى الوراء ألف عام على الأقل!
2/ محمد علي باشا في مصر حاول إدخال الإصلاح المادي في البناء وإدخال المطبعة وإستقدام البعثات العلمية وما شابه ذلك ,يعني أشياء سيقبلها عامة الناس .ولم يقترب من فكرة الإصلاح الديني يومها كي لا يثور عليه عموم الشعب المصري!
3/ موضوع خلط الدين بالدولة ,بدأت منذ وفاة الرسول وإستمرت مشاكلها وحروبها وتداعياتها ثلاث قرون!
4/ فكرة أنّ السياسة جزء من الإسلام كانت أصلاً منذ دعوة النبي محمد ليست صحيحة وهو يرفضها شكلاً وموضوعاً ,لأنّ الواقع (أو النصّ الديني المؤسس / القرآن) يكذبه كما يقول.ويشرح ذلك كما يلي :
النص الديني في الإسلام يخلو في معظمه وبنسبة 99% من السياسة!
هناك 1500 آية تتكلّم عن الأخلاق والمعاملات!
هناك 1600 آية قصص دينية!
هناك 400 آية أدعية وتعاويذ!
هناك 2200 آية إيمان وعقائد وتكوين وغيبيات وما شابه!
هناك 600 آية أحكام طلاق ومواريث ونزاعات وما شابه!
لو جمعنا هذه كلّها ستكون 6100 آية
(في الواقع المجموع 6300 حسب كاتب السطور)!
ويضيف :عدد الآيات الكلي في القرآن هو 6236 على أقصى تقدير!
لذا أقول مجدداً أن 99% من آيات القرآن لا تتحدث عن السياسة!
ثمّ يأتي بأمثلة من آيات القرآن تؤكد فكرته هذه بأنّ نبي الإسلام لم يسعى لخلط الدين بالسياسة كما يقول أغلب التنويريين!
1/(إنّا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تُسأل عن أصحابِ الجحيم) سورة البقرة / آية 119
2/(وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ)
سورة سبأ / آية 28
3/(إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمةٍ إلا خلا فيها نذير)
سورة فاطر / آية 24
4/(ما على الرسول إلّا البلاغ) سورة المائدة /آية 99
والعديد من الآيات المشابهه لهذه في المعنى ,الذي يفصل الدين عن السياسة!
***
نسخة الإسلام المتبعة طالما كانت على هوى الحاكم حينها!
مبدئياً الإسلام كغيرهِ من الأديان سواءً ما سُميت بالسماوية (الإبراهيمية) ,أو الفلسفية الأرضية البشرية كالبوذية والهندوسية والزرادشتية ,أو التي إنبثقت من ديانات اخرى كالغنوصية والبهائية ..الخ.علماً أنّ عدد الأديان (وطوائفها) في هذا الكوكب الارضي الازرق الجميل ,تُعدّ بالآلاف .
كلّها تقريباً (حسب المفكر العراقي / د.خزعل الماجدي) تبدأ كفلسفة شعبية ونمط أو طريقة للمعرفة .إنّما في فترة لاحقة عندما تتبنى (المُقدّس) وتحيط نفسها به ,تصبح مُغلقة غير قابلة للتطوّر ,لسبب بسيط واضح ,أنّ رؤيتها هي بالذات لا غير ,سيصبح العقيدة الحقّ .يعني ينتهي الحوار والنقاش والنقد ,وتنتحر العقول والأفكار الحداثية ,ومعها الأحلام البشرية العادية في السعادة!
ورغم تلبية الأديان للحاجات الروحية للإنسان ,إنّما لم ولن تُلبّي حاجاتهِ العقلية والفكرية .الفلسفة والعلوم هي التي تفعل ذلك!
لذا فالأديان التي تغلق باب التطوّر والإصلاح الدائم ومواكبة العصر والعلوم والمخترعات (كلّ جديد بدعة) ,لابدّ أن يكون مصير معتنقيها الإنغلاق الفكري والإنسداد الحضاري!
مثل هذه الأديان والعقائد تؤول الى الزوال عاجلاً أو آجلاً لسبب بسيط ,
أنّ الإنسان نفسه يبحث عن التطوّر والإرتقاء بجميع أنواعه طيلة الوقت!
فيما يخص الإسلام ,معلوم للجميع ,أنّ أغلب فترات التأريخ الإسلامي (هذه فكرة حامد عبد الصمد) ,كان الخليفة أو الحاكم أو الزعيم ,هو المقرر الفعلي لهذهِ أو تلك من نسخ الدين ومدى تشدّدها أو إنفتاحها!
والشعوب حتى لو عارضت أو ثارت هنا وهناك ,لكن الأمر ينتهي بأنّ الناس تصبح على دينِ ملوكها!
هذا المبدأ الإسلامي يسمى (مبدأ حاكمية الله على الأرض) ,وحسبهُ أنّ الله هو الذي يحكم من خلال الحاكم الذى يمثل روح الله أو ظلّه على الأرض!
منذُ وفاة نبي الإسلام وتوّلي أبو بكر الصديق الخلافة وحروب الردّة التي قام بها سواءً لأجل تثبيت الإسلام وترسيخه ,أو من أجل الزكاة التي ستختفي بخروج القبائل أفواجاً من الإسلام .
ثمّ مروراً بخلفاء (أو ملوك) بني اُميّة ,ثمّ العباسيين من بعدهم ,بالأخص فترة الأمين والمأمون وما تلاهم ,مروراً بدولة الفاطميين (الشيعية) في مصر وشمال أفريقيا .ولاحقاً نسخة (كمال أتاتورك) في تركيا الحديثة عقب إنهيار وإنتحار الرجل المريض (الدولة العثمانية) ,التي كانت تتبع المذهب الحنفي كونه أفتى بإمكانية أن يكون خليفة المسلمين من غير قريش ,وصولاً الى يومنا هذا ,حيث الأمير السعودي محمد بن سلمان ,
وحسبه أنّه يقود الى نسخة الإسلام الإصلاحي ويتخلى عن الوهابية والسلفية .
كلّ هؤلاء طبعوا عصرهم بالنسخة الإسلاميّة التي إعتنقوها هم أنفسهم!
على سبيل المثال في عصر المأمون سادت نسخة (المعتزلة) ,بسبب الإنفتاح على الفلسفة والترجمة ,واُضطهد الحنابلة المتشددين حينها!
لكن بعد المأمون والمعتصم وصل (المتوكل) للحُكم ,وكان حنبلي الهوى فأعتنق أفكارهم ومنع المعتزلة ,بل سجنهم وكفّرهم!
هكذا غالباً ما يتبع الشعب حاكمه في نوعية النسخة الإسلاميّة التي تعجبه.
خير مثال على ذلك أن مصر أصبحت شيعية في عهد الفاطميين .وكان (عمر بن الخطاب) يُسّب ويُشتم من على منبر الأزهر .
(هنا يذكرنا حامد عبد الصمد بالمقولة المصرية الشعبية / يا عووومر)!
بينما إيران كانت سنيّة وتتبع المذهب السُنّي الشافعي .إنّما بعد إنتصار الصفويين وتوليهم الحُكم خلال القرن 16 تمّ تحويل البلاد تدريجياً الى المذهب الشيعي الإثني عشري ,وذلك لإظهار الإختلاف عن جيرانهم (أعدائهم) العثمانيين السنّة الحنفيين!
وحورب هناك حينها ليس فقط السنّة ,لكن حتى الطوائف الشيعية الأخرى كالزيدية والإسماعيلية وغيرها!
***
الخلاصة :
بالطبع حتى التنويريين المسلمين يختلفون في رؤاهم لكيفية إصلاح الإسلام .بعضهم يرى أن لا سبيل لإصلاحه كما حدث في المسيحية على يد (مارتن لوثر) وأمثاله قبل خمسة قرون ,لأنّ النصوص التأسيسيّة في هذه الحالة تعيق ,بل تمنع إيّ إصلاح لمجاراة العصر والتطوّر!
وبعضهم كما رأينا في حالة (سامح عسكر) وأمثاله يرى أنّ الإصلاح ممكن ,بتوفر شرط واحد هو (حاكم) يؤمن بذلك ويقود التنوير بنفسه لينتج نسخة إسلاميّة قابلة للحياة والتعايش مع الآخرين!
أنا أتقبّل هذه الأفكار لأنّ البديل غير موجود وإن وجد فغير قابل للتطبيق!
فعدم الإصلاح يعني أحد إحتمالين :
إمّا بقاء الوضع على ما هو عليه بكلّ مافيه من تعاسة وتخلف للشعوب الإسلامية وكراهية للآخر!
وإمّا محاولة القضاء على الإسلام بشتى الطرق ,التي لن تكون مقبولة إنسانيّاً على الاقل حتى من الذين يتبنوّن هذا الإتجاه .فنحنُ نعيش في الألفية الثالثة ,في عالم يغلب عليه العقل والعلم والإنسانية والتعاون ,مع وجود الشواذ بالطبع عن هذه القاعدة.
الحلّ إذاً نسخة إسلاميّة إنسانية مقبولة من الغالبية البشرية!
أخيراً أقول :
من تفاحة آدم الى تفاحة نيوتن
من سفينة نوح الى سفينة تايتانك
من سمكة يسوع الى سمكة داروين
العلوم والإنسانية والمحبّة تتقدّم ,والأديان المتطرفة والكراهية تتراجع!
***
الرابط :
برنامج مع سعيد شُعيب (ح 348 ) سامح عسكر يُجيب :
هل المشكلة في الإسلام ,أم في مبروك عطيّة وعبدالله رشدي وباقي المشايخ؟
https://www.youtube.com/watch?v=C3zcXB0vIdY&t=3876s

رعد الحافظ
29 مارس 2023