المحرر موضوع: عين واشنطن وفرنسا على حاكمية مصرف لبنان أكثر من الحاكم نفسه  (زيارة 271 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31440
    • مشاهدة الملف الشخصي
عين واشنطن وفرنسا على حاكمية مصرف لبنان أكثر من الحاكم نفسه
الولايات المتحدة تبدو في وضع مراقبة لتطورات قضية رياض سلامة بينما تضغط باريس قضائيا لقطع الطريق على التجديد لسلامة، فيما كل التركيز على حاكمية المصرف كأداة لمراقبة التدفقات المالية لحزب الله.
MEO

رياض سلامة يبدو مطمئنا رغم الملاحقات والضغوط الأوروبية
 حزب الله يتريث في تزكية خليفة لحاكم مصرف لبنان
 يُنظر لحاكمية مصرف لبنان على أنها أداة مراقبة أميركية للتدفقات المالية
 واشنطن فرضت عقوبات على شخصيات لبنانية وتفادت ممعاقبة رياض سلامة

بيروت - في فبراير/شباط الماضي تردد أن واشنطن تستعد لفرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لصلة محتملة بحزب الله تتعلق بتسهيلات مالية للجماعة الشيعية المصنفة على القائمة الأميركية تنظيما إرهابيا، لكن الولايات المتحدة سارعت لتكذيب تلك الأنباء رغم أنها فرضت عقوبات على شخصيات سياسية لبنانية وازنة بينها حليف حزب الله جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر بتهم تتعلق بالفساد المالي.

وبدا الموقف الأميركي من سلامة مستغربا حتى في ذروة الخناق القضائي والقانوني الأوروبي، فالرجل بات مطلوبا للعدالة الدولية بموجب مذكرة اعتقال صدرت عن القضاء الفرنسي ثم لاحقا عن القضاء الألماني.

المتابعون للملف لا يعتقدون أن واشنطن تنازلت لباريس وغيرها من الدول الأوروبية في ملف سلامة وأن الأميركيين يراقبون وعينهم شأنهم في ذلك شأن فرنسا على حاكمية مصرف لبنان أكثر منها على حاكم المصرف في حد ذاته وهو الذي يستعد لمغادرة منصبه في يوليو/تموز مع انتهاء ولايته، لكنه يغادر مثقلا بملاحقات قضائية محلية ودولية.

وكثيرا ما كان ينظر لحاكمية مصرف لبنان على أنها من بين أهم الأدوات الأميركية في إدارة اللعبة في بلد المشهد فيه شديد التعقيد سياسيا وماليا وأمنيا وأنها لعبت دورا مركزيا في دعم جهود واشنطن لمراقبة ومحاصرة التدفقات المالية لحزب الله وشبكات التمويل الخارجية للجماعة الشيعية المدعومة من إيران والمتهمة بامتلاك شبكة واسعة تتولى غسل أموال المخدرات والإيرادات المتأتية من الجريمة المنظمة خاصة منها في دول أميركا اللاتينية.

وتدعم الولايات المتحدة قوات الجيش والأمن في لبنان وتساعد كذلك في توفير الدواء لكن عبر دوائر غير حكومية خاصة منذ هيمنة حزب الله على المشهد ومصادرته لقرار الدولة اللبنانية.

لكنها أبقت صلة قوية بمصرف لبنان وحاكمه مهندس السياسات النقدية لعقود، ما يفسر إلى حدّ ما بقاء واشنطن في موقع المراقبة لتطورات قضيته دون تدخل مباشر أو حتى عقوبات وهو الذي يحمله سياسيون وغالبية اللبنانيين المسؤولية عن الأزمة المالية الراهنة فضلا عن اتهامه أوروبيا ومحليا بغسل الأموال وبتحويلات مالية مشبوهة للخارج، وهي اتهامات ينفيها ويعتبرها "كيدية وسياسية".

وتقول الدوائر القربة من رياض سلامة انه يواصل عمله وكأنه لم يصدر بحقه مذكرة اعتقال دولية وأنه يحافظ على هدوئه في التعاطي مع الضغوط التي يواجهها كمن يبدو مطمئنا أنه لن تطاله يد الانتربول وأن تغييرات سياسية جذرية قد تقلب كل المعادلة لصالحه.

وفي المقابل فإن إصدار القضاء الفرنسي مذكرة باعتقاله لم تكن إلا محاولة لقطع الطريق على التجديد له على رأس حاكمية مصرف لبنان، فيما تدير باريس اللعبة على جبهتين: جبهة الشغور الرئاسي وجبهة الشغور في حاكمية المركزي اللبناني وكلاهما مفتاح للحفاظ على النفوذ والمصالح الفرنسية وهو ما سبق أن حذّر منه حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع الذي توصل حزبه وحلفاؤه من المكون المسيحي لتوافق مشروط مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على ترشيح جهاد أزعور لمقارعة مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية المدعوم من فرنسا.   

رياض سلامة يعتبررقما مهما في لعبة المصالح والمعادلة السياسية في لبنان
حزب الله أيضا يراقب ويتريث في إبداء موقف صريح من قضية سلامة ومن سيخلفه على رأس الحاكمية. وطلب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن يمنحه وقتا للتشاور في من سيخلف سلامة.

قانونيا يفترض أن يتولى أحد نواب حاكم مصرف لبنان منصب الحاكمية مؤقتا لحين التوافق السياسي على الشخصية التي ستخلفه، لكن حزب الله يبدي اعتراضا على هذا الأمر إذ بين النواب الشيعي وسيم منصوري وهو الأقرب لإدارة المصرف بالنيابة، مبررا ذلك بأنه لا يريد أن يستفز المسيحيين بتزكيته.

إلا أن الأمر في هذا المسار أبعد من ذريعة "تفادي استفزاز المسيحيين" فكل الضوء مسلط ليس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بل أيضا على معاونيه ومدراء مكاتبه ومستشاريه ممن يشكلون فريق عمله على مدار سنوات طويلة.

في العام 2020 وفي ذروة الأزمة المالية التي تفاقمت لاحقا لتصبح أسوأ أزمة يشهدها لبنان في تاريخه، عيّن مجلس الوزراء كلّ من وسيم منصوري (شيعي) وسليم شاهين (سني)، وبشير يقظان (درزي) والكسندر موراديان (أرمن كاثوليك)، نوابا لحاكم مصرف لبنان (رياض سلامة) الذي ينتمي للطائفة المارونية.

ومن مسؤوليات مصرف لبنان إصدار العملة المحلية والمحافظة على الاستقرار النقدي في لبنان وتنظيم عمليات نقل الأموال والحفاظ على سلامة القطاع المصرفي ومراقبته وتحديد قوانينه، ليدار من قبل الحاكم الذي يساعده أربعة نواب محافظين.

وينص القانون اللبناني على أن تعيين نواب الحاكم بموجب مرسوم من قبل مجلس الوزراء لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، بالتشاور مع الحاكم وبناء على اقتراح من وزير المالية، ومهمتهم المساعدة في إدارة المصرف وتنفيذ المهام المحددة من قبل الحاكم.

وهذا الأمر يجعل هؤلاء في دائرة الشبهة في كل ما يتعلق بالممارسات المنسوبة لرياض سلامة إلى أن يثبت العكس، لكن إلى حد الآن لم يصدر ما يفيد بمسؤوليات هؤلاء في القضايا التي يجري التحقيق فيها مع رياض سلامة. 

والاندفاعة الأوروبية لجهة محاسبة حاك مصرف لبنان واستبداله تنفتح أيضا على حقل ألغام، فإذا ثبت ما نسب لسلامة من اتهامات فإن الرجل ما كان ليفعل كل هذا دون وجود أطراف أوروبية سهلت له بناء ثروة في الخارج وفي داخل لبنان، تقول باريس والقضاء اللبناني إنها تندرج في اطار الكسب غير المشروع.