البطريك لويس ساكو... إن لا ماصت تاوت ككوا...!!
14-5-2023
سعيد لحدو لكم أبدع المرحوم الشاعر الآشوري العظيم كيوركيس بيث بنيامين دآشيتا عندما سطر هذه القصيدة الحكمة وكأنه كان يتنبأ بالمستقبل الذي سيمر به شعبنا السرياني الكلداني اآشوري وكنائسه المتشرذمة حينما يقول في مطلعها: (إن لم تستطع أن تكون نجمة تشع لأمتك، فلا حاجة لأن تتحول إلى غيمة تحجب النور عنها). وزاد هذه الحكمة روعة أن لحنها الموسيقار المبدع نوري اسكندر وكانت من أجمل ألحانه، وغناها المطرب نينيب لحدو بأدائه الفذ وصوته الحنون. فزادت الحكمة روعة وجمالاً.
هذه الحكمة التي وردت من أحد أبناء هذه الأمة الغيورين على وحدتها ومستقبلها، تجسد بقوة سلوكيات الكثيرين من أبناء هذه الأمة ذاتها، من المهووسين بداء التشرذم وتكريس الانقسامات المذهبية، وتحويلها إلى قوالب جامدة تقتل وحدة الأمة وتطيح بمصيرهم إلى المجهول. ومن بين هؤلاء كثيرون من المدنيين الذين لم يعوا تاريخهم الممتد لآلاف السنين في عمق الزمن. وقد نعذرهم. لكن حين يأتِ من يحتل أعلى منصب روحي في الكنيسة في مكانة البطريرك لويس ساكو، ويقوم بدور تلك الغيمة التي تحجب نور الحقيقة في حياة وفكر الناس العاديين الذين يكنُّون لموقعه الروحي كأعلى سلطة في الكنيسة الكلدانية، كل الاحترام والتبجيل. هذا يجعلنا نتساءل بقوة عما يقصده البطريرك ساكو من كل سلوكياته المثيرة للحيرة وآلاف علامات الاستفهام عن الهدف.
هذه السلوكيات التي تأتي بمناسبة وبغير مناسبة وهي تعمِّق الشرخ بين طوائف شعبنا وكنائسه. وتغرز إسفين الفرقة والعداء بين أبناء الشعب الواحد، ناهيك عن التنكر ومعاداة تراثنا وثقافتنا ولغتنا وقيمنا التي هي هوية ومفخرة هذا الشعب عبر التاريخ، من خلال حملة التعريب والتغريب التي يقودها جلالة البطريرك الذي أُؤتمنَ على هذا التراث والتاريخ الذي يجله العالم أجمع وينظر إليه باعتزاز وإعجاب، باستثناء البطريرك ساكو نفسه الذي يسعى بكل جهده إلى تجريد هذا الشعب من انتمائه وتراثه وهويته الحضارية. وإلباسه ثوباً مستعاراً لا يليق.
لقد تنكر لويس ساكو لماضي أسلافه من أعظم البطاركة والمطارنة المتنورين والمخلصين من أبناء الكنيسة الكلدانية أمثال توما أودو وأوكين منَّا ومار روفائيل بيداويد الذي قال جهاراً وبتصوير فيديو: أنا آشوري كقومية لكن ديني كاثوليكي وطائفتي اسمها طائفة كلدانية. وغير هؤلاء الأعلام ممن أناروا سماء الكنيسة الكلدانية والأمة أجمع بروحهم الجامعة وعقولهم النيرة وكتاباتهم المعززة لروح الشعب السرياني الكلداني الآشوري وثقافته وتراثه العريق. وسعى ومازال يسعى لأن يجعل من الطائفة أمة. ولا يكتفي بذلك بل يجرد هذه الأمة التي يصنعها، من كل ما يميزها من تراث وثقافة ولغة وتاريخ، ليجعل منها مسخاً مجرداً من أية هوية. وهذا الرسم البياني يوضح هذا التسلسل التاريخي لشعبنا.
لقد كنا حقاً في بدايات التاريخ البشري مجموعات بشرية بتسميات متنوعة، لكننا، وعبر آلاف السنين من التفاعل والتكامل الحضاري، توَحَّدنا باللغة والجنس والاسم. ومع اعتناقنا المسيحية وبداية الخلافات المذهبية تحولنا إلى كنائس مختلفة بتسميات متنوعة، لكنها تستند إلى الإرث الحضاري الواحد. ولا عيب في ذلك بل هو مفخرة لنا أن تكون لنا حضارة عمرها آلاف السنين فمن الطبيعي أن نحمل عدة تسميات كل واحدة منها تشير إلى مرحلة تاريخية محددة من حضارتنا تلك. وأجد هنا من الضرورة العودة مرة أخرى إلى الحكمة التي أطلقها شاعرنا بيث بنيامين لنقول:
(إن لم تستطع أن تكون نجماً مشرقاً في سماء الأمة، فلا حاجة بك لتكون غيمة تحجب النور عنها)