لنتذكر أن قوتنا في وحدتنا
رابي جلال برنو
شعار الوحدة هذا يثير عندي الاشمئزاز وامتلك حساسية كبيرة تجاهه لدرجة انني لا اتحمله، واسمح لي ان اشرح اسباب ذلك.
شعار الوحدة هذا يستخدمه العديدن ولكن بدون ان يكلف احد نفسه بان يعطي مثال واحد فقط حول في اي مجتمع على الكرة الارضية نجد تحقيق لشعار الوحدة؟ اذ شعار الوحدة هذا لا وجود له على ارض الواقع في الكرة الارضية.
شعار الوحدة كان دائما شعار لخلق الضعف ولخلق الاعذار، كما ان شعار الوحدة كان دائما شعار اتخذه الديكتاتورين. ديكتاتور الاتحاد السوفيتي ستالين كان يتحدث عن الوحدة ويقصد ان يغزو بقية البلدان... صدام حسين مثلا عندما كان يرفع شعار الوحدة، الوحدة العربية حسب شعاراته، فانه كان يقصد بان يسيطر هو على الجميع، وعندما قام بغزو الكويت، فانه تحدث عن شعار الوحدة... وعندما كان هناك فشل في كل المجالات الاقتصادية مثلا بين دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، فهذه كانوا يشرحون اسبابها في عدم وجود الوحدة، وهذه بقوا ينتظرونها منذ سنين طويلة والمصيبة انهم لن يصلوا لها اطلاقا، ولكن في انتظارهم هذا دفعوا ثمن باهض وسيدفعون اكثر، اذ هم يمتلكون تخلف في كل مجالات الحياة.
الوحدة كانت دائما تشكل معوقات لكل شئ...لماذا ذلك؟
- لان الوحدة هي عبارة عن مصطلح لا يمكن قياسه باي شكل من الاشكال...
- لان طبيعة البشر هي انهم يمتلكون قناعات مختلفة، ومن طبيعة البشر انهم يميلون الى نشر قناعاتهم ليتبناها الاخرين، اذ كل من يكتب هنا ، فانه يكتب لغرض انه يريد ان ينشر قناعاته وليتبناها الاخرين.
- ولان من المستحيل لاحد من ان يغير طبيعة البشر.
- ولان من المستحيل لاحد ان يحدد للبشر كيف عليهم ان يتحدثوا او يكتبوا وعن ماذا عليهم ان يتوقفوا في الكتابة...هذه العملية من سابع المستحيلات.
عندما وصل الغرب للتحضر ، فان البشر هناك فهموا بان القوة هي اذن ليست في الوحدة وانما في النضوج.
وماذا يعني النضوج هنا؟
النضوج لا يعني ان يسعى الجميع للوحدة حتى يحدث بينهم اتفاق على نقاط معينة، وانما النضوج عندهم اصبح يعني بان يتمكن البشر بالقبول في وجود الاختلافات بينهم وبان يتكمنوا في التعايش معها وبان يتمكنوا من الاتفاق على عدة نقاط بالرغم من وجود الاختلافات.
شعار الوحدة كان ايضا الكنائس خلال التاريخ قد استغلته مشوهة بذلك حتى الانجيل، والسبب في رفعهم لشعار الوحدة كان توسيع الكنيسة لتكبر اكثر، بينما قلب ومركز الانجيل هو لم يكن اطلاقا الوحدة وانما المشاركة ، السيد المسيح قدم عدة توضيحات عن ذلك، منها تقاسم الخبز كمشاركة.
والان لنختبر ونتحقق من ما قلته:
لو سالني شخص ما، هل يمكن ان تعطينا مثال عن وجود مجتمع او مجتمعات يمتلك البشر فيها اتفاق على نقاط معينة بالرغم من وجود اختلافات بينهم؟
جوابي: نعم، انظر المجتمعات الغربية، الدول الاوربية كمثال.
والان جاء دوري لاسال:
هل بامكان شخص واحد ان يعطيني مثال عن وجود مجتمع يمتلك وحدة بان يتركوا ويتخلوا عن كل المواضيع التي هي اساسها بانهم يمتلكون قناعات مختلفة ؟
انا متاكد بان لا احد من يمتلك جواب.
ولهذا فان من الافضل لكل كاتب ان يختبر ما يكتبه قبل ان يكتب، فاذا كان هكذا شعار مثل الوحدة لا معنى له، فعلى اي اساس اذن هناك تمسك به؟ واليس مضيعة للوقت؟
هو شعار ايضا لا يحفز ولا يشجع وانما يثير الاحباط واليأس لان لا احد يستطيع ان يغير طبيعة البشر ولا احد يستطيع ان يقيس الوحدة...
لذلك فان اذا كان هناك اشخاص يريدون ان ينشروا ثقافة جديدة، فهذه ينبغي ان نتوجه لابناء شعبنا ونقول لهم ما يلي:
هناك حقيقية بانكم تمتلكون قناعات مختلفة وهذه لا احد يستطيع ايقافها، ولكن علينا كلنا ان ننضج بان نتعلم التعايش مع الطبيعة البشرية كما هي ونتقبلها وبان نتمكن من الاتفاق على عدة نقاط والعمل معا بالرغم من وجود اختلافات بيننا.
ولكي اشرح ذلك بشكل محدد واقصد النقطة التي تحدثت انت عنها في مقالتك حول التسميات، فينبغي اذن التوجه لغرض التثقيف لنقل للجميع ما يلي:
- لان من طبيعة البشر ان يمتلك كل شخص قناعته الخاصة به ولكون من طبيعة البشر ان كل شخص يريد ان ينشر قناعته ليتبناها الاخرين، لهذا فينبغي تقبل التعايش بان قضية انه دائما سيكون هناك اختلافات حول التسميات بانه امر طبيعي وعادي كما هو الحال في المجتمعات المتطورة التي يمتلك البشر فيها عدة اختلافات ولكن يتعاملون معها بنضوج.
- وبان فكرة انتظار ان يتخلى الجميع والكل عن التحدث عن اي شئ قد يثير اختلافات هي عبارة عن فكرة عقيمة لكونها فكرة تسير ضد طبيعة البشر ولا تتقبلها الطبيعة.
- لذلك ، فان من ينبغي الوقوف ضده هو الشخص الذي يقف ضد فكرة تعلم التعايش وتعلم الاتفاق بالرغم من وجود خلافات، اي ينبغي الوقوف ضد الشخص الغير الناضج والذي يرفض النضوج.
والكنائس ايضا لا تحتاج الى اية وحدة. اذ وحدة الكنائس يشرحونها بشكل مضحك، فهي تعني لهم ان يكون هناك كرسي واحد وليس عدة كراسي. ولكن ما الذي سيفيد كرسي واحد؟ ما هي فائدة الكرسي ؟ الكنائس بحاجة الى مشاركة، مشاركة في عمل قداديس مشتركة وفعاليات مشتركة، وهذه هي المشاركة التي ارادها السيد المسيح. ليس هناك في الانجيل شئ يقول لا تقوموا باي مشاركة معا الى ان تمتلكوا كرسي واحد، اذ هذه تشويه للانجيل.