المحرر موضوع: أبو غريب ـ ح26 ـ ألأخوة الأيزيدية !!  (زيارة 1132 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل jalal charmaga

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 290
    • مشاهدة الملف الشخصي
أبو غريب ـ ح26 ـ ألأخوة الأيزيدية !!



 جلال جـرمكا / سويسرا
شاءت الصدفة أن تكون هذه الحلقة متزامنة مع ألأنفجارات التي حدثت في عدد من قرى وقصبات ألأخوة ألأيزيدية..للأسف الشديد لقد راح ضحية تلك ألأعمال ألأجرامية المئات من ألأهالي ألأبرياء المسالمون.. لقد أستنكرت كل الجهات تلك العملية الجبانة لنفر من التكفيريين القتلة ..!!.
من دفتر ذكرياتي في معتقل / أبوغريب ، الحلقة السادسة والعشرون ، عنوان الحلقة / ألأخوة اليزيدية .. أو ألأيزيدية.. نعم كان عدد كبير من أخوانا وأهلنا في دهاليز أبو غريب ، .. ياترى ما هو السبب؟؟.
بالتأكيد كانت هنالك أسباب.. لنرى :

                                ********

كما أسلفت في حلقات سابقة أن معتقل / أبوغريب كان يتواجد فيه كل شرائح المجتمع العراقي.. من الشمال الى الجنوب.. ومن الشرق الى الغرب.. نعم ... عرب وكورد وتركمان وكلدان أشور سريان ، أيزيدية ، شبك .. صابئة.. ..بأختصار لن ينجو مذهب أو قومية أو دين من تلك الحالة.. للجميع كان نصيب في ألأعتقال.. ولكن بالتأكيد بنسب متفاوتة !!.
من بين الذين كان لهم حضور بعدد كبير مقارنة بنفوسهم في العراق..هم ألأخوة الأيزيدون من أهالي سنجار وغير سنجار حيث أماكن تواجدهم في محافظة نينوى والقريبة من الحدود السورية .
من المعلوم إن ألأخوة اليزيدية يعيشيون قريب من الحدود السورية ، وأيام زمان كان الحدود مفتوح للسفر ( ذهاباً وأياباً ) .. وبما أن في المنطقة الكوردية من سوريا هنالك عدد كبير من ألأخوة الأيزيدية ، لذلك من الطبيعي أن تكون هنالك ( مصاهرة ) بين الطرفين ، العراقي السوري ، وهم بالأصل أقرباء وأهل.. ولكن الظروف السياسية قسمتهم وأبعدتهم !!.
مع الحدود والسيطرات والممنوعات ، إلا أن ألأخوة الأيزيديون كانوا يقومون بزياراتهم للقاء ألأهل وألأقرباء وألأحبة .. ونفس الشىء بالنسبة الموجودون في الجانب السوري .. والسبب لقرب القرى الحدودية مع بعضها.. ممكن أن تتم تلك الزيارات سيراً على ألأقدام!!.
لذلك أصدرت الجهات ألأمنية في الجانب العراقي القرار التالي :
ــ كل من يغادر الى سوريا من غير إذن من الجهات المختصة.. يعتبر جاسوساً للسلطات السورية ويعاقب وفق القوانين وألأنظمة العراقية!!.
ــ كل سوري يدخل العراق لزيارة أقربائه من غير علم السلطات العراقية يحاكم بتهمة التجسس ومن غير مناقشة!!.
مع التشدد والتعليمات إلا أن الزيارات المتبادلة كانت مستمرة.. السبب للسهولة.. وقرب القرى مع بعضها.. لذلك أن العملية كانت تتكرر في كل فترة!!.
من بين الذين لا أنساهم وكانت جريمتهم الوحيدة أنهم زاروا شقيقتهم المتزوجة في الجانب السوري.. المعضلة ، إنهم لم يلقى القبض عليهم بالجرم المشهود!! لاء بل أن المخبرين والجواسيس من أهال تلك القرى هم الذين أخبروا الجهات ألأمنية.. وحين التفتيش وجدوا من المواد السورية من ( حلويات ) وغيرها.. مما تأكد مصداقية تلك التقارير.. لذلك القي القبض عليهم وحكم عليهما بالسجن المؤبد / عشرون عاماً.. وهما الشقيقان :
1 / الشيخ / حسن بحري خضير .
2 / الشيخ / سليمان بحري خضير .
ألأول كان في العقد الثالث من عمره.. أما الثاني كان في العقد الخامس وأكبر قليلاٌ .. الغريب أنهما كانا على خلاف دائم.. حيث كانا يأكلان على أنفراد.. حتى كانت التحية والسلام بفتور.. وكل واحد يعيش في غرفة منفصلة مع البقية!!.
للتأريخ ألأول كان مثقفاً وذكياً ومحبوب من قبل الجميع.. المعضلة الكبيرة ، حينما أعتقل كان ( عريس جديد ) لم يمضي على زواجه غير شهر واحد.. زوجته كان لاتزال صغيرة.. كانت في كل أسبوع تأتي لمواجهته.. كانا يحبان بعضهما حب أكثر من اللازم.. نعم لقد كانا على علاقة حب لسنوات قبل الزواج!!.
أما الثاني / الشيخ سليمان ، كان فلاحاً بمعنى الكلمة.. كان ذو قلب كبير ، يساعد الفقراء بأستمرار.. كانا من عائلة ثرية ، والدهم كبير شيوخ الايزيدية ، لذلك وفي كل مواجهة كانا تأتيانهم أكياس مملؤة بالطعام والتين المجفف والمربايات واللحوم وغيرها.. كانا مستمران في مساعدة النزلاء الفقراء!!.
علاقتي مع ألأول ( الشيخ / حسن ) كانت قوية ، كنت أجلس معه لساعات ، أو نتمشى في الساحة ، يسرد لي ذكرياته في القرية وعلاقته العاطفية مع خطيبته وكم يحبها.. ثم كان متألم لكون ( المخبر أو الجاسوس ) الذي أخبر عن زيارته أحد ألأقرباء.. وقد جلب له هدية جميلة.. وجلسا لمدة طويلة.. وأخبره ( الجاسوس ) أن لايخبر أحداً بهذه الزيارة..!! بأختصار كان متألم بسبب هذه الوشاية من شخص قريب!!!.
كان في كل مرة يقول لي :
ــ يا آبو آلآن.. ولايهمك.. ألأوقات تمضي.. وسنلتقي في الخارج أنشاءالله .. يجب أن تعدني عند الخروج أن تزورني!!.
واعدته.. ولكن لحد آلآن لم أفي بوعدي.. والسبب بعد المسافة ولكن :
عهداً مني أن أزوره وأذكره بتلك ألأيام !!.
كان الشقيقان قد قضيا نصف محكوميتهما ( عشرة أعوام ) .. عزيمتهما كانت قوية ، في كل مرة كان الشيخ سليمان يقول :
ــ آلآن المدة قربت تنتهي.. أنهيت عشرة أعوام ، صعود.. آلآن لم يبقى غير عشرة أعوام.. يعني العد تنازلي... تقضي.. لاتفكرون بالوقت.. ( فتح غمض ) تنتهي العشر سنوات !!!.
كان الشيخ / سليمان متزوج وله عدد كبير من الأولاد والبنات .
ومن ألأخرون الذين لا أنساهم :
ــ ألأخ / سيدو اليزيدي :
سيدو كان يملك ماكنة للخياطة .. نعم كان خياطاً ماهراً.. يقوم بتصليح ملابس النزلاء مقابل أجور بسيطة.. ومع ذلك كان خياطاٌ بمعنى الكلمة .. كان بين فترة وأخرى يقوم بخياطة ( الدشاديش والقماصل والبنطرونات والقمصان ) وبأسعار زهيدة أيضاً!!.
حينما رأيته لأول مرة كان قد قضى ستة عشر عاماً من عمره في أبو غريب.. والتهمة نفسها العبور الى ألأراضي السورية من غير علم السلطات العراقية !!.
للأسف الشديد كان هنالك عشرات ألأخوة الأيزيدية .. ولكن لم أدون أسمائهم في دفتر المذكرات.. لذلك لابد من أن أقدم أعتذاري لهم!!.
للتأريخ كان ألأخوة ألأيزيديون ـ جميعاَ ـ من أطيب الناس.. مسالمون.. طيبون .. يحبون مساعدة ألأخرون.. وعددهم كان كثيراَ .. كان عددا منهم يمتهن المهن اليدوية.. وأكثرهم كانوا من العوائل الثرية ومواجهاتهم كانت على طول السنة حيث في كل مواجهة كانت تحضر العديد من ألأهل وألأقارب لزيارتهم  .
كانت أيام صعبة ومرة في آن واحد.. ذهبت ولكنها ستظل في الذاكرة .
هنالك حلقات أخرى أنشاءالله تعالى .