المحرر موضوع: السريانية والترجمة الآلية  (زيارة 11553 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل . 1sam

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي





السريانية والترجمة الآلية
سلام ابراهيم عطوف كبة
s_i_kubba@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3


ذلل المجتمع المعلوماتي والوعي الكوني من الترجمة الآلية وجعلها في متناول الجميع. وما على المواطن اليوم سوى ارسال نصه الى مشترك في الانترنيت يمتلك برامج ترجمة آلية لتتحول الترجمة الى واقع حال ويرسل النص المترجم الى المواطن جاهز وفي لحظات وحتى ثواني معدودة. ولا يستبعد أن تكون برامج الترجمة الى السريانية وبالعكس متوفرة ما دامت نظيراتها في اللغات السامية الأخرى قد أخذت طريقها الى السوق وميادين المعرفة العلمية. وتمتلك المنظمات والتجمعات الكلدوآشورية في العالم من الأمكانيات المادية والنفوذ ما يؤهلها للسير في هذا المنحى قدما . والمؤسسات الكلدوآشورية الوطنية حصيلة حاصل قادرة على توطئة ناصية الترجمة الحاسوبية بالسريانية.
• السامية والآرامية والسريانية
اللغة عموما ظاهرة اجتماعية تنمو وتتطور مع نمو الشعب والأمة وترسخ شأنهما، والسريانية ليست استثناء . وقد فرضت تسمية السريانية نفسها على شعب وحضارة وادي الرافدين بقبول ورضى لتصبح مخرجا نظريا معقولا بدلا من التسميات الفرعية. واصبح الآرامي والكلداني والبابلي والآشوري يعرف نفسه سريانيا باللغة العربية ؛ وسوريايا _ باللغة السريانية . وجاءت التسمية نقلا عن تسمية ( الآشوريين ) باللغة اليونانية ! يقول المؤرخ الإغريقي هيروديت : (( إن جميع الشعوب البربرية تسمي هذا الشعب المقاتل بالآشوريين،الا إننا نحن الإغريق نسميهم سريانا )). فالسريان تسمية مرادفة لغوية لتسمية الآشوريين ولكن باليونانية هذه المرة.
اصل السريانية هو اللهجة الآرامية الرهاوية التي سادت ثقافيا قبل القرن الرابع ق.م. على بقية اللهجات الآرامية الأخرى.وحضارة الآراميين جعلت من اللغة الآرامية لغة رسمية في العهد الأخميني بينما اعتمدت لغة رسمية للدولة الآشورية.هكذا تسمى السريانية عند الباحثين اللغويين بالآرامية أيضا فيقولون اللغة السريانية_ الآرامية.
ساهم الآراميون في تطوير المعارف الدينية والأدبية والعلمية واقترنت بهم مراكز علمية وثقافية قبل ظهور الأغريق، وصارت مراكزهم مواقع انطلاق الثقافة الهيلينية في عموم آسيا الغربية بعد الإسكندر . واعتنق الآراميون المسيحية بالجملة في العصر الآرامي الذهبي ، وحولوا اسمهم الى السريان واطلقوا على كتابتهم تسمية السريانية.وعليه فأن السريان هم أحفاد حضارات وادي الرافدين التي تمازجت في صفة حضارية مشتركة عرفت بالحضارة الآشورية من خلال اطلاق تسمية الجزء على الكل ومنها اشتقت التسمية السريانية. والثقافة السريانية واللغة السريانية وريثة حضارة وادي الرافدين العظيمة.
كانت اللغات السامية في قرون قبل الميلاد متقاربة وعند بعض الباحثين اللغويين يعتبرها " مجرد لهجات متقاربة يمكن اعتبارها لغة واحدة ". وقد أخترع الساميون الأبجدية ، وقبلهم كانت الكتابة مقاطع وصور كالخطوط المسمارية والهيروغليفية. واستخدمت اللغة التاريخية (الأصل) التي اشتقت منها اللغات السامية الحروف الأسفينية أو المسمارية ثم تطورت تحت تأثير الفينيقية (الكنعانية) والعربية. وكان الأنباط صلة الوصل ما بين السريانية والعربية ،ولاتستبعد هنا تأثيرات الشعوب غير السامية أيضا. وقد وضع الكنعانيون الغربيون _ الفينيقيون _ الحروف. وأنتشرت اللغة الآرامية مع انتشار الآراميين لتصبح لغة الدولة في وادي الرافدين ولغة السيد المسيح وأتباعه ، واللغة الرسمية في المراسلة بالعهد الأموي في بداية أمره. ويتكلم الكلدان لغة تعود بلهجتها إلى اللغة الآرامية الأم ، ولغتهم هي الفصحى بين اللغات الآرامية.
• التطور الأبجدي والسريانية
استخدمت الأبجدية السريانية في كتابة اللغة المغولية ولغة الماتشو في الصين ، ونقل الآراميون السريان كتابة الأبجدية الى آسيا. وكتب اليهود سفر دانيال وعزرا بالسريانية بين القرنين السادس والرابع ق.م. ومن الآرامية السريانية نقل الأنباط والعرب والفرس والهنود أبجديتهم.اعتمد الفرس على السريانية لغة رسمية لبلاط حكمهم الإمبراطوري 570 ق.م.، واعتمدها الفراعنة في مراسلاتهم مع الحكام الفرس . وتبنى الأرمن الحروف السريانية لتدوين تراثهم الفكري حتى القرن الرابع الميلادي .ومثلما استعان العرب بالحرف السرياني – النبطي بهدف تدوين كتابة القرآن فانهم استعانوا بقواعد السريانية لضبط اللغة العربية واقتبسوا منها النقط والحركات !
سادت الثقافة السريانية الراقية تحت لواء المسيحية الشرقية والحضارة الأوراسية . واليوم السريان أقلية لكن السريانية استمرت لغة الكلام للمتضامنات السريانية في شمال العراق وجنوب كردستان وسوريا والجزيرة الفراتية … وجميعها تهدر بلهجات مختلفة من الآرامية.
الأدب السرياني في العالم ثروة مرموقة، وقد استخدمت الكتابة السريانية في تأليف العديد من الكتب العلمية اليونانية بينما كانت المدارس والمكتبات السريانية مراكز اشعاع فكري وأدبي ، وبحثت مئات الفهارس والقواميس في تأريخ السريان ولغتهم السامية ومؤلفاتهم العلمية واللاهوتية. كان مستوى المدارس الآشورية أرفع من مستوى جامعات القرون الوسطى ، وضمت الأكاديمية الآشورية في جنديشابور 3 كليات للطب والفلك . وفي عام 1585 طبع كتاب المزامير بعمودين احدهما سرياني والآخر عربي في مطبعة دير مار انطونيوس في وادي قديشا في لبنان. وبينما كانت لغة ( الفليحي ) وهي السريانية الحديثة مطلع القرن العشرين لغة الطوائف المسيحية وتعليمها في الموصل فقد ظهرت مجلة ( كليلا دوردي ) عام 1902 على يد الآباء الدومينيكان بالحروف السريانية والعربية والفرنسية. وكانت أول مطبعة بحروف سريانية قد وصلت عام 1837 الى أرومية في ايران من الولايات المتحدة لتصبح تحت تصرف جوستن بيركنز _ اول مبشر في كردستان يصل لحساب المكتب الأميركي لمندوبي البعثات الأجنبية ( ABCFM ) . وحتى عام 1837 طبع بالسريانية حوالي 110 الف نسخة من الكتب الدينية والأدبية منها كتاب المزامير. وفي عام 1849 صدرت صحيفة زهريري بهرا _اشعاعات النور _ بالسريانية في أرومية (الرضائية)، وهي اول صحيفة آشورية في العالم وثالث صحيفة في عموم فارس، وقد ترأس تحريرها بيركنز نفسه! ونصب السريان اول مطبعة لهم بالحروف السريانية في دير مار قزحيا الماروني في جبة بشري شمال جبال لبنان سنة 1610 .
تراجعت السريانية بعد الفتح الإسلامي العربي لبلادهم وخبا نجمها بعد ابن العبري و عبد يشوع الصوباوي في القرن الثالث عشر الميلادي وباتت السريانية لغة وكتابة ميتة تقريبا.وبقيت لهجة الرها أسيرة قوالبها القديمة في الكتابة ،وتطورت لهجات محلية بفعل التطور اللغوي تختلف عن السريانية الأم في النظم والتركيب والمفردات وتحولت اللهجات المحلية الى كتابية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وخاصة في الرضائية ، وترجم الكتاب المقدس اليها . وغدت اللهجة الأخيرة لغة أدبية قومية حديثة للآشوريين الشرقيين ، وتطورت لدى الآشوريين الغربيين أيضا لهجة محكية تحولت الى كتابية فيما بعد. ويصعب اليوم اعتماد السريانية الكلاسيكية في الصحافة والأعلام والتعليم والمخاطبة.
تفاقم النزاع بين الآشوريين والأكراد مع دخول البعثات البروتستانتية التبشيرية الغربية والأميركية أراضي تركيا العثمانية،وانضم الآشوريون الى الحلفاء مقابل الوعود الكاذبة للإنكليز.ولعب الاستعمار البريطاني دورا أساسيا في الأعداد لاحتواء القضية القومية الآشورية والإيقاع بين القوميات وإثارة الفوضى واتخاذ كل الذرائع لأبقاء العراق تحت الانتداب.
• الكتابة السريانية
تحدث الآشوريون القدماء بالآرامية قبل الفي عام من سقوط دولتهم ، واستعملوا الحركات لحروف العلة … ونشأت الكتابة الآشورية في حدود منتصف القرن الثامن عشر ق.م. وفي الكتابة السريانية 22 حرفا تكتب من اليمين الى اليسار وتجمع بالعبارات الآتية:
أبكد ، هوز ، خطي ، كلمن ، سعيص ، قرشت
وجميع الحروف السريانية تقبل الاتصال بالحرف الذي قبلها ، وثمانية حروف تدعى بالواقفة لا تقبل الاتصال بما بعدها. والسريانية على لهجتين : الشرقية وهي الكلدانية والآثورية وتنتشر في العراق وايران وجبال كردستان ، والغربية في سورية ولبنان . والفرق بين اللغتين _ اللهجتين هو في نقاط بعض الحركات والحروف وفي رسم الخط ليس الا. فالشرقية لها سبع حركات والغربية لها خمس حركات. ويلاحظ إن حروف الهجاء السريانية 22 حرفا مثل الأحرف الفينيقية بينما نجد إن الحروف العربية 29 حرفا وترتيبها يختلف عن ترتيب الأبجدية السريانية . ولدى السريان حروف مضاعفة يختلف فيها اللفظ حسب وقوعها في سياق الجملة. وهي الحروف التالية:
• الباء وتلفظ باء أو (v) حسب وقوعها في الكلمة.
• التاء وتلفظ ثاء أحيانا.
• الجيم وتلفظ بالجيم المصرية أو بلفظ الغاء .
• الدال وتلفظ دالا و ذالا.
• الحاء وتلفظ خاء في السريانية الشرقية.
• الكاف وتلفظ كافا عربية وخاء.
ولدى السريان الغربيين 5 حركات أساسية هي :
• الزقوفو وتعادل ال(O)الأجنبية .
• الفتوحو وتعادل الفتحة العربية.
• الحبوصو وتعادل ال(I)الفرنسية .
• الربوصو وتعادل ال(O)الفرنسية.
• العصوصو وتعادل ال(OU)الفرنسية.
ولدى السريان الشرقيين 7 حركات .
وبين السريانية والعربية تقاربا لغويا يتوزع بين اللفظي ، وعبر الأعداد ، وفي الكلمات رغم تغيير حرف واحد بين اللغتين أحيانا وفي الألفاظ المتباعدة التي تمتلك رسوباتها في العربية …الخ. وقد ورثت اللغة العربية عن الآرامية ومن بعدها السريانية الكثير واغتنت من مفرداتهما !
كان موطن السريانية الفصحى مدن الرها وحران وحمص ، وقد برع صابئة حران في كتابة الفصحى منها. وتدعو الفروقات الشاسعة بين لغة كوشمة السريانية الفصحى القديمة وبوشاقة العامية التي تستخدم في الأدب السرياني المعاصر المجمع العلمي السرياني الى وضع المعالجات السريعة لها، ولا غرابة أن تستخدم الكوشمة في لغة تخاطب نفر قليل من رجال الدين وبعض الأفراد السريان والمستشرقين. لقد حافظت السريانية على كيانها وديمومتها مع تعاقب الأزمان . وتستخدم شعوب الأرض الكثير من الكلمات السريانية مثل :
أيل ، بعل ، ريمون ، مسيح ، آرام ، ابولو ، يوسف ، مامو ، آدم ، نوح ، كلكامش ،…
ورغم كل التقلبات التاريخية ومنذ سقوط دولة آشور 612 ق.م. وبابل 528 ق.م. حافظت الأمة السريانية على لغتها وفنون الكتابة والخط السرياني والحروف الأبجدية. وفي الوقت الذي تواجد فيه تشابه بين الآرامية النبطية والآرامية السريانية لا يختلف القلم التدمري عن القلم السرياني الأسترنجيلي.
القضية اللغوية عامة ، وهي عند الناطقين بالسريانية كما هي حالها عند العرب والأكراد تمتلك الأركان الرئيسية الثلاثة : الأزدواجية اللغوية ، تيسير السريانية ، السرونة .وهذا يتطلب حل الأزدواجية اللغوية والمقاربة بين الفصحى _ لغة الأعلام والعامية واللهجات السائدة، واتباع السبل الكفيلة في سبيل ذلك عبر التعليم والتخطيط المنهاجي .أما تيسيرها فيتأتى من تذليل قواعدها ونحوها وصرفها لغرض تسهيل تعليمها وتعلمها ! واتباع الأساليب التربوية الحديثة في ذلك والتأكيد على دور الحاسوب. وتبقى السرونة المعبرة عن الموقف السرياني الإيجابي من الإبداع في العالم والتعبير عن الأتصال الحضاري مع الأمم . وقواعد الترجمة الى السريانية تستلزم الحفاظ على نقاء السريانية واثراءها واستعادة أمجاد القرنين الخامس والسادس الميلاديين عندما نشطت حركة الترجمة من والى السريانية ونقل القس ابن العين اول كتاب طبي من السريانية الى العربية . وكان الطبيب السرياني حنين بن اسحق العبادي أحد اعظم شخصيات القرن العاشر الميلادي ومترجميه. ويقال بأنه كان يبع مترجماته للمأمون بما يعادل وزنها ذهباً. فأصبحت بغداد قبلة المترجمين ، وتوالت الترجمة من اليونانية والفارسية والسريانية في علوم الطب والفلك والكيمياء والفلسفة والأدب والموسيقى.

• الترجمة الحاسوبية
الترجمة من لغة إلى أخرى هي إحدى النوافذ التي يطل منها شعب على الشعوب الأخرى ثقافة وحضارة ومعلومات وأحد الجسور التي تربط بين الثقافات والمعارف الإنسانية ، ومما يزيد من أهمية الترجمة ويعمق من أثرها في المجتمع أنها تساهم في تطوير اللغة الأم واستمرار نموها وصقلها وتغذية جذورها والحد من الاعتماد على اللغات الأجنبية كجسر للوصول إلى العلم والمعرفة. والترجمة كمفهوم هي علم وفن وإبداع ، وتختلف أنواعها من أدبية وسياسية وعلمية وغيرها . وفي كل مجال من هذه المجالات تبرز المصطلحات الخاصة والتعابير الفنية إلى جانب اختلاف القواعد – النحو (Grammar) لكل لغة وخلفيتها الثقافية التي تنعكس خاصة في الأقوال الشعبية والأمثلة ..(Idioms- Proverbs). وهنا تبرز صعوبة الترجمة التي لا تقتصر على المصطلحات (Terminologies) أو التعابير الفنية لأي مجال ، بل أيضا استيعاب الخلفيات الثقافية والروايات الشعبية والأساطير والديانات المختلفة التي قد يستعين بخلفية أجزاء منها كاتب أو متحدث ما يجد المترجم نفسه أمامها في مهمة صعبة خلال قيامه بالترجمة ، ما لم يكن مستوعبا على الأقل لبعض هذه النواحي . وتختلف الترجمة التحريرية (Translation) عن الترجمة الشفوية (Interpretation) ،والتي تنقسم إلى نوعين : الفوري (Simultaneous) والتتابعي(Conductive).
في الترجمة الآلية تتبع الأساليب العلمية الحديثة في دراسة اللغة وكيفية تتبع وقنونة القواعد والنحو آخذين بالاعتبار المعسكر الذي تنتمي له اللغة _ اللغات الإلصاقية واللغات الاشتقاقية _ وهذا يتطلب منهجا علميا رصينا لدراسة اللغة السريانية ورصد قواعدها وقواعد الاشتقاق في أفعالها وقوالبها بجميع الصيغ اللازمة والمتعدية والمبنية للمعلوم والمبنية للمجهول والأفعال المساعدة ! وأنواع الضمائر في الجملة السريانية والعلامات الكتابية وقواعد استخدامها كالنقطة وعلامة الاستفهام .
أما الألمام بصياغة الكلمة في السريانية فهو يعني ضبط استخدام اللواحق _ السوفيكس _ والبادئات وعلامات الجمع الرئيسية وعلائم الجمع من المرتبة الثانية،والألمام بالمصطلحات والعبارات والكلمات السريانية التي لها اكثر من مدلول.فتعدد المعاني اداة حقيقية لتذليل التركيب اللغوي وصياغته.ومن المفيد الأشارة الى اختتام الأسماء بالألف في الآرامية مثل : أرقا و أرعا وتعني الأرض ، شميا وتعني السموات ،..الخ.ومع الزمن ظهرت الكرشنة والكرشونية ..أي كتابة كلمات عربية بأحرف أجنبية او بالعكس ، والألفاظ العربية التي تكتب بالأحرف السريانية. وبين العربية والسريانية ألبوم مشترك من الكلمات ذات المعنى الواحد كما أشرنا.. مثل : الملكوت ، الماسورة ، العراب ، التنور ، الكرفس ، سكر ( اغلق باللهجة الشامية )، شلح (خلع باللهجة الشامية) ، شوب (حار باللهجة اللبنانية)..الخ . واسماء الأشهر الميلادية ذات اصل سرياني مثل : تموز ، حزيران ، شباط ، آذار ، أيلول ، نيسان ..الخ.
دخل استخدام الحاسوب في كافة المجالات، حتى برزت الحاجة لمواءمته مع مختلف اللغات ... وظهرت تحديات إمكانية تنفيذ ذلك على أنظمة لم تصمم أصلاً للغات مختلفة، إلا أن بنية الحاسوب الشخصي المفتوحة، وتطوره السريع، سهل نسبياً إضافة برامجيات وتقنيات ملحقة، خاصة بثقافات ولغات أخرى . وشهدت أواسط الثمانينيات أوائل البرامج والتقنيات التي يمكن إضافتها إلى نظام التشغيل دوس المنتشر آنذاك، بحيث أصبح قادراً على التعامل مع لغات كالعربية والسريانية والتركمانية والكردية مثلا ... وتم تكييف العديد من أنواع الطابعات لهذا الغرض. وعلى الرغم من أن هذا يبدو إنجازاً متواضعاً، عندما ننظر إليه حالياً، إلا أنه كان مهماً جداً في ذلك الوقت، حيث عانى مستخدموا العالم النامي من صعوبة استخدام الحاسوب في أبسط المهمات، مثل مهمة معالجة النصوص . وقد مر وقت طويل جداً نسبياً بمقاييس تطور تقنية المعلومات، منذ تلك الفترة، ولم يعد أحد منا يقلق من جهة إمكانية التحرير والطباعة باللغات المتعددة ، واستخدام واجهات برامج ملائمة، بل أصبح بإمكاننا استخدام قواعد بيانات، وجداول ممتدة، وصفحات ويب وبريد إلكتروني باللغات الجديدة ، ومجموعة واسعة من البرامج التعليمية والقواميس والبرامج الدينية، وبرامجيات الأعمال... لكن كل تلك الإمكانيات، على الرغم من أهميتها، ليست أكثر من تكييفا ً مباشراً للبرامج الإنجليزية، أو تطبيقاً لتقنيات عالمية غير متعلقة مباشرة باللغات المحلية، ولا تدخل في عمق هذه اللغات، أو توفر الأدوات اللازمة للاستفادة الكاملة من ثرائها. إلا أننا بدأنا نشهد اعتباراً من منتصف عقد التسعينات، نتائج البحث والتطوير لتقنيات حاسوبية تهدف إلى معالجة اللغات المحلية ذاتها ، كل على حدة ، وتقدم حلولاً في مجالات الترجمة الآلية، والتدقيق الإملائي والنحوي، والتعرف على الكلام وتحويله إلى نصوص، والتعرف الضوئي على النصوص، والتحليل الصرفي والبحث واسترجاع النصوص، وتوليد الخطوط آلياً. لكن أهم ما تواجهه التقنيات الحاسوبية اللغوية من صعوبات تكمن في طبيعة بعض اللغات كالعربية والسريانية الثرية والمرتفعة المستوى، وقلة الأبحاث الأكاديمية التقنية المتعلقة بها ... ولذلك كان على الشركات المطورة لتقنيات هذه اللغات ، إجراء أبحاث أكاديمية مكلفة، في علوم اللغويات والرياضيات والصرف، لا تستطيع تحمل تكلفتها إلا الشركات الكبيرة، ومراكز البحث العلمي والجامعات.
تعني الترجمة الآلية بناء المكائن الضخمة من المفردات اللغوية ، عبر بناء النماذج الرياضية اللغوية. ما يزيد صعوبة الأمر أن اللغة السريانية غنية جداً بالمفردات والقواعد، فبينما يبلغ عدد مفردات اللغة الإنجليزية، مثلاً، حوالي 300 ألف كلمة، يصل هذا الرقم في السريانية إلى بضعة ملايين من الكلمات . وتشمل التقنيات اللغوية التشكيل الآلي ، والتحليل الصرفي والجملي ، على شكل طقم تطوير ووظائف API ، وتطوير القواميس الإلكترونية. ويتضمن ذلك تقنيات التعرف على الكلمات Word identification ، وبناء النماذج اللغوية التي تعتمد على الإحصائيات المستخلصة من تحليل المكنز، وهو ما يتطلب التغلب على مشكلة الوصول إلى أسلوب التحليل المناسب لمكانز ضخمة جداً،وهذه مشكلة عامة في علم اللغويات الحاسوبية... وإعادة صياغة قواعد النحو والصرف بطريقة تناسب المعالجة الحاسوبية، بالإضافة إلى استخدام أساليب علم الاحتمالات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطبيق نماذج Hidden Markov Models HMM ، على المكانز الضخمة، واستخدام تقنيات الذاكرة المرافقة Associative Memory ، والشبكات العصبونية Neural Networks ، في المرحلة المتوسطة من نظام المعالجة، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتمثيل المعرفة المستخلصة من التحليل الكمي ، وتحسين الأداء.ومن المشكلات التي تواجه تطوير نظم المعالجة اللغوية ، المستوى العالي من الالتباس الذي يتواجد في المستويات المتعددة من البنى اللغوية واكتشاف طرق الجمع بين القواعد اللغوية الصرفية والنحوية، مع نظرية مناسبة للمعالجة اللغوية الطبيعية.
وتشمل التقنيات الأساسية في المعالجة الآلية اللغوية ، المعالجات الصرفة متعددة الأوجه Multi-mode Morphological Processor، والمحللات النحوية متعددة الأوجه Multi-mode Syntactic Processor، والمشكلات الآلية ِِAutomatic Diacritizer ... بينما تتضمن قاعدة بيانات المعلومات اللغوية : " قاعدة بيانات المعاجم "، و" قاعدة بيانات النحو " و"الذخيرة اللغوية ". يكتشف المصحح الآلي الثنائي اللغة الأخطاء الهجائية التي تقع عند الكتابة ، ويقترح مجوعة من البدائل الصحيحة، ثم يبدأ بمحاولة اكتشاف الأخطاء النحوية. ويعمل المعالج الصرفي على تحليل الكلمة إلى عناصرها الأولية، فيفصل بين جذور الكلمات وسوابقها ولواحقها وسائر صورها الصرفية، بينما يعيد المحلل النحوي الجمل إلى عناصرها الأولى من اسم وفعل ومفعول وصفة وظرف وحرف جر، وتكمن قوته في قدرته على حل مختلف أنواع الغموض داخل النصوص التي يعوزها الضبط والتشكيل. وتتألف قاعدة بيانات النحو من مجموعة قواعد النحو اللغوي بحيث تكوّن نموذجاً لغوياً مناسباً، لتتضمن آلاف القواعد النحوية، مع تحديد أوجه تطبيقها. وتضم قاعدة المعاجم كافة البيانات النحوية والصرفية والدلالية والموضوعية المتعلقة بمفردات اللغة المعنية الحديثة، بالإضافة إلى بيانات حول التركيب الصرفي للغة المعنية القديمة، وهي تحتوي على عشرات الآلاف من المصطلحات التعبيرية المختلفة. وتضم المكانز اللغوية نصوصاً تحوي على عشرات الملايين من الكلمات، وتشمل مجموعة متنوعة من الموضوعات والسياقات، مع تحليل وتشفير كل نص صرفياً. يمد هذا المكنز العلماء بالكلمات، مدمجة في سياقات واقعية، مما يعين على فهم معاني الكلمات بصورة أدق، ويمكن من التعرف على طبقات الكلمات الملحقة بكل فعل، من حيث كونها فاعلاً أو مفعولاً أو ظرفاً فضلاً عن إضافة المحددات الدلالية Semantic Constraints الخاصة بها. وتعمل المصححات على إمكانية التشكيل الكامل أو الجزئي للنصوص اللغوية،اساس المشكلات الآلية . تعتمد تقنية التشكيل الآلي على عدة مستويات لتحليل ومعالجة اللغة، تبدأ من المستوى الصرفي للكلمات، وتمر بالإعراب، وتنتهي بالتحليل الدلالي للجمل حيث يعتمد على أنظمة متقدمة في الذكاء الاصطناعي، ويستخدم معاجم لغوية ضخمة.وتعتمد التقنيات الحاسوبية في المعالجة اللغوية على الخوارزميات ومنها Morphome Unification المدمجة في خدمات البرامج متعددة اللغات الخاصة بآي بي إم IBM worldwide Multi-lingual program service، والتي توفر وظائف لمعالجة اللغات الطبيعية natural language processing services ، عبر الواجهة البرمجية للتطبيقات API ، لكثير من المنصات الشائعة، مثل Win32، وأنظمة يونيكس المتنوعة، وOS400، وغيرها. وهي مستخدمة في جميع تطبيقات آي بي إم التي تحتاج إلى وظائف معالجة اللغات الطبيعية، وتتضمن إمكانية التعامل مع القواميس، ووظائف معالجة النصوص، المصممة بشكل وحدات بنائية، لتخفيض حجم الشيفرة والبيانات ما أمكن، وزيادة الأداء، وكفاءة استخدام الذاكرة.
• الدراسات السريانية السوسيولسانية
المدخل الى الترجمة الآلية بالسريانية يتطلب تأسيس نظرية سريانية ذات مستويات نحوية ودلالية وصوتية ..تتعامل مع الكمبيوتر والبنوك المعلوماتية ..وتسهم في حل أزمة المصطلح العلمي وتعليم السربانية للآخرين والمبتدئين وفي التغلب على المعوقات التي تحول دون تطور السريانية الفصيحة وإزالة اللبس بين العامية واللهجات ، وتقديم معيار للصواب والخطأ في الأغلاط الشائعة ، وحل مشكلات الكتابة والأملاء ورسم أسماء الأعلام الأجنبية والمصطلحات الوافدة. ولابد من تجسيد هذا الموقف أفرادا ومؤسسات وجمعيات وهيئات وأحزاب ومجاميع لغوية ويتطلب التعاون الوثيق بين علماء اللغات السريانية والعربية والكردية وفي مختلف الاختصاصات.
تنظر الدراسات السريانية السوسيولسانية الى الترجمة باعتبارها نشاطا فكريا هدفه التواصل العلمي وتستلزم الضبط القواعدي المفاهيمي المقنون والتغلب على صعوباته ،والكفاءة اللغوية وقابلية التصرف والمقارنة بين الأنظمة اللغوية والكلام والتداخل اللساني..وتخلق هذه الدراسات المعاني الزائفة والمقلوبة والتقابلات الثنائية : الدلالة / المعين . فترجمة أية مفردة لا تهدف الى نقل دلالتها أي ما يقابلها في النظام اللغوي الآخر بل ايجاد علاقة التعيين بين دلالة المفردة واحد المفاهيم ليجري اخراج الكلمة من النظام الذي تنتمي اليه والنظر اليها بوصفها عنصرا في سياق محدد أي أداة للتعيين.وعليه تعني الترجمة الآلية بتعدد المعاني في القوائم المعجمية المتنوعة والقابلية للأندراج في اكثر من مجال دلالي سيمانتيكي . وتحتل الذهنية التصنيفية موقعها المهم في التحليل اللغوي السليم والترجمة الحقة حيث تقترن المفردات القاموسية بالتصنيف ( Classification).ويتوزع التصنيف السرياني الى ميادين رئيسية هي/
 معاني الألفاظ السريانية أو السيماسيولوجيا السريانية .
 العبارات الاصطلاحية أو الفريزيولوجيا السريانية.
 الأشتقاق أو الأيتيمولوجيا السريانية التي تعني الألمام بأصل وتأريخ الكلمات في السريانية من مفردات أصيلة ودخيلة عبر الجذر _ المورفيم _والمفردات الحية والميتة.
يستلزم الإبداع اللغوي الجمع بين المضمون الفصيح الكلاسيكي المعجمي الاصطلاحي الوضعي وبين تبسيط اللغة باستخدام المفردات الدارجة دون الابتذال ،وتطوير الصناعة المعجمية السريانية ، ودراسة تطور دلالات الألفاظ السريانية منذ عصور ما قبل الميلاد حتى وقتنا الحاضر، وتأليف القواميس المعجمية الاختصاصية السريانية في العلوم والآداب والفنون ومعاجم المعاني والموسوعات والأنسكلوبيديا السريانية.وهنا يحضر بقوة علم التصنيف المعجمي او الصناعة المعجمية ( ليكسيوغرافيا _ Lexicography ).
في السريانية سلسلة من المستويات .
 المستوى المعجمي القاموسي / والتعامل فيه مع المفردات اللغوية.
 المستوى النحوي / وفيه تجري عملية تجميع الوحدات الشكلية السريانية معا.
 المستوى الدلالي (السيمانتيكي) / وفيه يجري ربط المفردات ببعضها دلاليا.
وبعد تحليل المادة اللغوية والنص السرياني الى مستوياته ومطابقة التحليل مع التحليل الآخر في اللغة الثانية تطبق القواعد التحويلية (Transformational) . ويتضمن الحدث الترجمياتي ضعف ما يتضمنه الحدث اللغوي من صافي نشاط رغم أن الحدث اللغوي حتى في اللغة الواحدة يمر بعمليات ذهنية معقدة ! فالمترجم هو متلقي وباعث في نفس الوقت ويتحتم عليه أن يدير بسيطرة كاملة نظامين مختلفين للترميز الصوتي والنحوي والدلالي والثقافي ليفك بمساعدة اللغة الأولى رموز النص الأصلي ويعيد بمساعدة الثانية أي السريانية تركيب النص بمستوياته الترميزية الجديدة ويبعثه نصا سريانيا جديدا. ويقوم النظام الخبير ( Expert System ) بمهمة عمل المترجم أي تقليد مهارات و فن الخبير الأنساني وتأليل عملية الترجمة والاستعانة بالذكاء الاصطناعي ( Artificial Intelligence ) والمنطق المرن ( Fuzzy ) واللغات الخوارزمية( Algorithmic ) . والجذر أو المورفيم السرياني هو أصغر جزء مشترك مفهوم في الكلمة السريانية الواحدة واساس التحليل اللغوي السرياني وعمل الحاسوب –المترجم.
يضفي التحليل السميوتيكي ومكوناته : السينتاكسي ، السيمانتيكي ،والبراغماتيكي على الدراسات السوسيولسانية السريانية الحيوية المطلوبة في الترجمة الحاسوبية الى جانب روابط العبور المفاجيء (Ellipsis) التي تتيح الانتقال المعقول من صيغة لغوية الى أخرى دون وجود الرابطة اللغوية المنطقية. وتشمل تقنيات التحليل الصرفي إعادة الكلمة المشتقة إلى جذرها، أو اشتقاق جميع الكلمات الممكنة من جذر معين واستخدام تقنية العناصر المحدودة Finite-State ، لتوليد محولات Transducers محدودة الحالة، للتحليل والتوليد الصرفي. وتكتب النماذج عادة باستخدام لغة ليسب Common Lisp ولغات اخرى . وتعتمد المحللات الصرفية على نظرية تقول بأنه يمكن نمذجة صرف اللغات الطبيعية، باستخدام أوتومات العناصر المحدودة Finite-state automata . ويتضمن المحلل الصرفي قواعد الصرف، على شكل علاقات رياضية نظامية، تفسّر في محولي عناصر محدودة، يؤمنان الانتقال بين لغتين نظاميتين، تسمى الأولى lower language ، وتتألف من كلمات اللغة الأولى مع إمكانيات تهجئتها الصحيحة، بينما تسمى الثانية upper languge ، ووتكون من سلاسل حرفية تشير إلى الجذر والوزن وملحقات الكلمة. ويوفر المحول الانتقال بين السلاسل الحرفية في اللغتين، فعند تطبيق المحول في الاتجاه الأمامي للكلمة المدخلة، يعيد واحداً أو أكثر من السلاسل الحرفية المحللة، المناسبة لهذه الكلمة المدخلة، بينما يولد تطبيق المحول في الاتجاه الخلفي على السلسلة الحرفية المحللة، كلمات اللغة الأولى. ومن النماذج المعروفة في هذا المضمار نموذج Lexicial-Functiional-Grammer ، الذي طوره رون كابلان، وجون بريسنان في منتصف الثمانينيات، والذي يقرأ جملة الدخل ، ويرمِّز كل سلسلة حرفية، ثم يقطع الجملة قواعدياً، وينشئ شجرة عناصرها، وشجرة البنية الوظيفية، ثم شجرة بنية التحويل الوظيفية، ويولد شجرة البنية الوظيفية لجملة الخرج، ثم يصل إلى الجملة المترجمة، وهو يعمل كبرنامج منفصل ، أو كجزء من نظام مزود/زبون، أو تطبيق ويب، بالإضافة إلى إمكانية دمجه في برامج أخرى.
من اشهر النماذج السيمانتيكية التي تدخل كأدوات وسيطة في علاقة اللغة _ الحاسوب هي لغة الأسبيرانتو العالمية وقواعد فيلمور . ومن أنظمة الترجمة الآلية في أواخر القرن العشرين ..أنظمة سيلود ، ياراب ، آنراب ،وهي أنظمة سوفيتية و روسية الى جانب أنظمة روسلان الجيكي و تيتران الياباني و ميتال الأميركي و ترانسوفت الأميركي_الألماني… وكذلك برنامج ( كاتوا سوريايا 2000- Katuwa Suryaya™ 2000 ) للترجمة الآلية بين السريانية والعربية والفارسية والانكليزية .
تستلزم الترجمة الحاسوبية الكتابة السريانية الموحدة .... وهي عامل مهم في تطور السريانية نفسها ومن أهم شروط توحيد اللغة السريانية الأدبية بوجه عام. ويتطلب في الترجمة الآلية أيضا تطور في مستوى الخلفية الحضارية الثقافية العامة التي بدونها لا يستطيع المترجم والمترجم الآلي أن يعملا كما ينبغي ! فالترجمة _عملية ابداعية غير مقتصرة على نقل الأفكار والأعمال والمدلول الدقيق وانما النبرة والوتيرة والنغمة والنكهة والمذاق أي اللون العاطفي الفردي المكثف للنتاج الفني بحيث يفهمها القارئ دون عناء أو تكليف. والترجمة الآلية لم تصل بعد الى هذا المستوى من النشاط الأنساني المبدع ولازالت منحصرة في الترجمة الحرفية المعجمية، وهي في بداياتها رغم مرور اكثر من نصف قرن على ظهورها لأول مرة سنة 1946 ، وهي مكلفة جدا وتحرر اليوم قبل أن تكون في متناول اليد،وتستخدم فيها التقنيات الألكترونية الدقيقة ... سواء كان ذلك في الأنظمة الحاسوبية أو الانترنيت وحتى ماكنات فهم الكلام والحوار ! وتفهم هذه الماكنات النصوص والأحاديث كما يفهمها البشر عبر النصوص والأصوات المتكافئة. وتنتشر اليوم الترجمة الفورية للإصدارات العلمية _ التقنية بالكمبيوتر ، وهي إصدارات يفوق عددها الإصدارات الأدبية ولا تتطلب المعالجة اللغوية في اغلب الأحيان ودقتها تفوق مهارة المترجم _ الفرد وتتوفر فيها مقومات التكافؤ النصي والمحتوى الثقافي الخاص لبعض الكلمات والتعابير متجاوزة التطابق الشكلي فقط. وتتواجد في العراق نظم وبرامج ترجمة آلية جاهزة تشكل أساس الثقافة الأنغلومانية للنخب الاجتماعية والحاكمة تعتمد الترجمة بالإنكليزية والفرنسية والألمانية والأسبانية وحتى الروسية..وهي برامج محدودة لم تكتسب الطابع التجاري بعد لحصرها على نطاق محدود ! وتوجد برامج جاهزة لمعالجة بعض الحالات الأعرابية في اللغات العربية والسريانية والكردية والتركمانية ... تعاني جميعها من الأخطاء اللغوية الفاضحة لأنها أصلا لغات غنية بالمفردات وفضفاضة بالمعاني وتحتاج دائما الى التشكيل والضبط.
تعني الترجمة الحاسوبية بتقنية التعرف على الكلام، إمكانية تعرف الحاسوب على الكلام المنطوق، وتحويله إلى نص، وبتقنية تحويل النص إلى كلام، وإمكانية توليد لفظ الكلمات من النصوص المكتوبة. وتتضمن بالتالي محولاً للنصوص إلى كلام منطوق، وتطبيق تقنيات التعرف على الكلام في نظام آلي للرد على المكالمات الهاتفية، والاستجابة لأوامر المستخدم الصوتية. اما تقنيات التعرف إلى الحروف فهي أكثر المجالات التي لا تحتاج إلى أبحاث لغوية معمقة، وتعتمد بشكل رئيسي على تقنيات وخوارزميات تقطيع الكلمات، ومقارنة الأشكال، وأبحاث تلك التقنيات غير مرتبطة بشكل مباشر بأبحاث اللغويات الحاسوبية ، ومتوفرة على المستوى الأكادبمي. وتهدف تقنيات التعرف الضوئي على الحروف، إلى تطوير برمجيات لتحويل النصوص المخزنة على شكل صور، إلى نصوص قابلة للمعالجة بواسطة محررات النصوص. وتشمل تقنيات التعرف إلى الحروف، التعرف على الخطوط المكتوبة يدوياً، والتي تجد تطبيقات لها في أجهزة، المساعدات الشخصية الرقمية PDA . وتستخدم برامج التعرف الضوئي حلولا ترتكز على تقنية الشبكات العصبيةNeural Networks ، وتتضمن عدة خطوات أساسية هي المعالجة القَبْلية Pre-processing ، التقطيع Segmentation ، استخراج الخواص Feature extraction ، التصنيف Classifications ، المعالجة البَعْدية Post-processing، للوصول إلى دقة تصل إلى نسبة 100% في التعرف على النصوص. وتعني الترجمة الكمبيوترية بالخطوط الديناميكية اي الخطوط اللغوية الأصيلة ، وهي نظم معقدة القواعد دينامكية وتعمل على توليد تنوعات غير منتهية مع تموضع نقاط وأوساط ديناميكية ، والحلول الستاتيكية مثل OpenType ، أو ATSUI، تفشل في رسمها بشكل صحيح. وتحتاج الحروف الأصيلة إلى تعليمات معقدة أو برنامج غير استاتيكية .
يسهم مفهوم الدراسات اللغوية المقارنة ، في حقول متعددة، أهمها المفردات، ثم الهجائيات من الناحية الصوتية، ثم الهجائيات من حيث أنظمة الكتابة في تصميم لوحة مفاتيح كيبورد، قادرة على التعامل مع جميع لغات العالم،( نفذت شركة مونوتايب، البريطانية، النموذج الصناعي الأول بروتوتايب لهذه اللوحة، عام 1985، وجرّب على أكثر من سبعين لغة من لغات العالم) وتنفيذ برامج كمبيوتر خاصة بالكلام المركب صناعياً Speech Synthesis تدعى اليوم Text Speech والجمع ما بين البراعة في العلوم الرياضية والميول الأدبية.وتعتمد برامج تقطيع النصوص الأدبية على الفرق الجوهري بين الأحرف الصائتة والأحرف الساكتة، وعلى أحدث ما توصلت إليه دراسات علم الصوت في العالم، وعلى الخرائط الخاصة بعلم الصوت ،والقدرة على تقطيع أي شعر في العالم بصرف النظر عن عدد أحرف هجائيته أو نوعها وذلك بالاعتماد على الخصائص الصوتية فقط،والتعامل مع مختلف أنواع الشعر الشعبي طالما أنه يخضع لعلاقات صوتية نمطية.
تسهم تطبيقات هذه البرامج على النصوص الأدبية في إحصاء عدد الجوازات العروضية وبيان نسبة تكرار كل جواز عروضي ،وتبيان علاقة الصدر بالعجز أي دراسة العلاقات الحاكمة بين نوع الجوازات التي تأتي في الصدر مع الجوازات التي تأتي في العجز ،وإنجاز المعاجم العروضية للشعر الذي يتضمن مختلف الجوازات العروضية التي يمكن أن يصاغ الشعر بها ،وإنجاز المعاجم التاريخية للعروض أي تحديد تاريخ ولادة كل جواز عروضي معين وتاريخ وفاته والتوقف عن استخدامه ،وتحقيق دراسات "العروض المقارن" على عدد من اللغات وخاصة 1- العربية 2- السريانية 3 - الكردية ... حيث يظهر أن ثمة جوازات عروضية مشتركة بين أشعار هذه اللغات، خاصة في بحري الرمل والوافر ،وإيجاد البحور المشتركة بين الشعر العمودي وبين الشعر الشعبي بالإضافة إلى إجراء دراسات معمقة على الجوازات الشعرية الخاصة بكل بحر من البحور ،ودراسة تطور الشعر الحديث والمعاصر.
• توصيات خلاصية

الترجمة الآلية من والى السريانية ثمرة علمية _ تقنية تستلزم توفر البيئة الاجتماعية المناسبة ومقوماتها في السلم والأمان والاستقرار والديمقراطية..أي توفر المؤسساتية المدنية ! ورعايتها تستوجب تأمين حق الحكم الذاتي عن طريق تأمين الحقوق الثقافية والدراسية بالسريانية _ اللغة الأم _ واحترام الآراء والمعتقدات الدينية.. وهذا يستدعي إقامة مجلس الشورى الكلدوآشوري المحلي المنتخب الذي يتخذ القرارات التشريعية اللازمة لاحتضان السريانية والدفع بالترجمة الآلية الى آفاق رحبة وتأمين الحقوق الإدارية والثقافية ، بعد نهوض العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد وجلاء القوات الأجنبية ، واتباع وضمان ما يلي:
 تجديد قوانين المجمعات العلمية الأكاديمية ولوائحها الداخلية بما ينسجم وعراق ما بعد صدام حسين وهذا يشمل المجمع العلمي السرياني وهيئات تدريس السريانية والترجمة الآلية بالسريانية.
 رعاية المؤسسات المدنية للغة السريانية والترجمة والترجمة الآلية .
 تنشيط دور جمعيات وروابط واتحادات الترجمة والمترجمين في توحيد الجهد المشترك لرفع شأن المهنة .
 اهتمام الأعلام السمعي والمرئي بالسريانية ورعاية محطات البث بها والقنوات التلفازية التي تستخدمها.
 صقل قابلية الكوادر التعليمية السريانية ، واستخدام الحاسوب في تعليم السريانية للمبتدئين والأجانب ، ورعاية معاهد ودور تعليم السريانية بالحاسوب.
 تطوير آلية أشراف ومتابعة دور الثقافة والنشر والجمعيات والنوادي الثقافية والاتحادات الأدبية والصحفية والنقابات عموما والسريانية منها على وجه الخصوص على أعمال وفعاليات الترجمة في البلاد.
 تنظيم منح اجازات فتح مراكز الترجمة الآلية من والى السريانية وتنظيم العقود مع المنظمات الآشورية الدولية ومع مكاتب الترجمة العالمية.
* الكاتب مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية



 

|