الفوضى تهدد بحرمان بلدات من التصويت والأقليات تخشى من هيمنة الأحزاب الإسلامية
من دهوك

منذ الدخول من معبر ابراهيم الخليل من ديار بكر التركية باتجاه دهوك الكردية، لا حديث للناس سوى عن يوم الاستفتاء،15 اكتوبر (تشرين الاول) الحالي.
ورغم الاعلانات الموجودة على الاعمدة والجدران في شوارع دهوك او عبر «راديو سوا»، التي تدعو الشعب العراقي بجميع طوائفه، للمشاركة في يوم التصويت على الاستفتاء، الا ان هناك تحفظات كثيرة بين ابناء الاقلية، مثل الكلدو آشوريين. من بين تلك التحفظات، الخوف من هيمنة الاحزاب الاسلامية على المشهد السياسي للعراق، وعدم وجود ضمان لحقوق الاقليات، ووجود تناقض واضح في مواد الدستور.
ويتوقع عبد الله محمد ابراهيم، رئيس لجنة التوعية الدستورية في دهوك، ان نسبة التصويت في الاستفتاء على الدستور، ربما ستزيد عن 80 في المائة، الا ان الحديث لا يتوقف عن ان الدستور المقبل لم يلب جميع مطالب الشعب العراقي، وهناك نقاط تقاطع في المصالح.
ويضيف «سيصوت اغلب ابناء دهوك، التي تضم زاخو والعمادية وعقرة وسميل وشيخان، بنعم على استفتاء مواد الدستور، لانه ليس امامهم خيار اخر، اما التصويت بلا فسيعني عودة الارهاب ومد الحياة في عمر ابو مصعب الزرقاوي». ويدعو ابراهيم جميع العراقيين للمشاركة في التصويت، بمن فيهم عائلته التي لا يعرف، حسبما يقول، ان كانوا سيصوتون بـ«نعم» او «لا».
اما الدكتور عصمت محمد خالد، رئيس جامعة دهوك، فيأمل في تحقيق عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي، يضمن حقوق الانسان والمعتقدات الدينية لجميع طوائف الشعب العراقي. يقول كوركيس شليمون، نائب محافظ دهوك، في لقاء مع ممثلي الصحافة العربية، ان الدستور ضروري، ولكن الاهم هو تحقيق الأمن والاستقرار، رغم ما تتمتع به دهوك ومعظم المدن الكردية من أمن متزايد دفع كثيرا من العوائل العربية الى القدوم من الموصل للسكن في حي الملايين وفيه فلل فاخرة، ويسميه الاكراد حي الاثرياء وعلية القوم. وفي وسط دهوك، في الحي التجاري لا حديث بين رواد المقاهي من الشباب، بعد الافطار، سوى عن الأمن والاستقرار، بعد ان خفت حدة العمليات الارهابية، التي ما زالت تضرب جميع انحاء العاصمة العراقية بغداد.
ويعترف شليمون، وهو اشوري، بوجود نقص في الخدمات المقدمة الى ابناء كردستان، في مجالات الصحة والكهرباء، التي تنقطع، ولكنها سرعان ما تعود، وكذلك في المياه والتربية والتعليم، الا انه يشكر الله على نعمة الأمن والاستقرار. ويقول ان المحافظ السابق نيجرفان محمود تعرض الى ثلاث محاولات اغتيال، ولكن اليوم باتت دهوك مركز جذب للعوائل العراقية الباحثة عن الأمن والاستقرار بعيدا عن يد الغدر والسيارات المفخخة التي لا ترحم امرأة او بريئا او طفلا.
وتحدث عن عودة العوائل الكردية الى القرى التي تم تهجيرها منها في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، مثل قرية موسكا، وكذلك قرية فيش خابور، مشيرا الى ان حكومة اقليم كردستان انفقت نحو مليونين وثلاثمائة الف دولار، لبناء منازل جديدة للاكراد العائدين الى قراهم الجديدة.
ويقول شليمون، ان 800 الف مواطن في المحافظة، بمن فيهم نحو9 الاف اشوري ونحو 5الاف من الكلدان، سيشاركون في التصويت على الاستفتاء يوم السبت المقبل. ويؤكد انه من المهم ان ينجح الاستفتاء المقبل من اجل مستقبل الشعب العراقي.
ويعترف شليمون بحرية تعليم الثقافة الاشورية في كردستان منذ عام 1991 ، مشيرا الى وجود26 مدرسة لتعليم اللغة الاشورية. والتقت «الشرق الأوسط»، اطفالا في قرية بعشيقة وهي اشبه بعراق مصغر، حسبما يقول محمد دياب رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة في بعشيقة، لوجود عرب واكراد واشوريين ويزيديين فيها، وهي القرية التي حرمت من انتخابات يناير (كانون الاول) الماضي، لعدم وصول صناديق الانتخابات اليها بسبب فوضى الروتين، فيما يقول اعضاء تلك اللجنة ان الامر كان مبيتا لحرمان اهل بعشيقة من المشاركة في اول انتخابات دستورية. وقد يتكرر عند التصويت على الاستفتاء السبت المقبل، لعدم تحديد اماكن 14مركزا انتخابيا وعدت بها الفوضية العليا للانتخابات حتى يوم امس.
ومن جهته يشير ذو النون يونس يوسف، مدير ناحية بعشيقة، وهي تابعة لقضاء الموصل، الى مظاهرات اندلعت في بعشيقة بسبب تأخر وصول المندوبين والاستمارات التي وصلت قبل منتصف الليل في يوم الانتخابات في يناير الماضي.
واشار الى الاتصالات المستمرة مع ظاهر حبيب الجبوري مدير المفوضية العليا في الموصل، الا انه يتخوف من تكرار نفس التجربة. وقرية القوش مثل بعشيقة هي الاخري تتخوف من تكرار تجربة حرمانهم من التصويت، لعدم وصول صناديق الاقتراع في اليوم المحدد.
وتضم القوش نحو21.800 الف صوت انتخابي، ويشير مسؤولو اللجنة الانتخابية في القوش الى وجود مشاكل أمنية لنقل صناديق الاقتراع التي تبعد فقط نحو 35كيلومترا من الموصل، رغم وجود خطط أمنية مسبقة بالتنسيق مع الحرس الوطني وقوات التحالف والشرطة المحلية لتأمين الانتخابات السابقة.
اما القس هرمز، من دير السيدة في دهوك، الذي بني في القرن السادس الميلادي وبه 4 قساوسة جاؤوا من بغداد، فهو يشعر بحرية ممارسة الشعائر الدينية، الا انه ما زال متخوفا من الوضع الأمني.
وعلى الباب الخارجي للدير الكنسي هناك لوحة تأسيسية لصيانة الدير وترميمه بتوجيه من الرئيس القائد عام 1981 و1982 الا انه تم حذف اسم صدام حسين، مثل بقية تماثيله من مدن وقرى كردستان.
ويطالب هرمز بفقرات في الدستور تضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية من قبل الاغلبية. اما الطبيبة سالى نجاح، التي جاءت من الموصل، لحضور عرس شقيقتها، فهي مثل زميلتيها ساندي سمير وانوار ليليان يتخوفن.
الشرق الاوسط[/b][/size][/font]