المحرر موضوع: المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟!  (زيارة 1776 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المحاصصة و الطائفية .  .  الى اين ؟!

ـ 1 ـ
 
[/b]


د. مهند البراك
   
يرى عديدون في اسلوب المحاصصات والنسب المقرة من اعلى ، اسلوباً مؤقتاً او انتقالياً تمليه في العادة ظروف طارئة ( سواء كانت ثورة او انقلاب او حدث طارئ في مسيرة معينة لمجتمع ما)، الأمر الذي حصل في عراقنا، فالدكتاتورية في النتيجة النهائية لم تسقط بثورة او بفعل حسم داخلي اجتماعي، ورغم انسحابها من كردستان بسبب الضغط والرفض الشعبي لظلمها، شوفينيتها واستهتارها، فانه لم يتم في الأخير دون الضغط الدولي الذي اجبرها على الأنسحاب من هناك، الاّ انها استمرت في الحكم ولم تسقط لأسباب متعددة لايتسع المجال لها هنا، رغم رفض العراقيين لها، الذي عبّروا عنه بعدم دفاعهم عن الدكتاتور عند اندلاع الحرب عليه .   
ويذكّر آخرون بان اسلوب المحاصصة فرضه واقع؛ اندلاع الحرب، هروب الدكتاتور واجهزته، واعلان الأحتلال .  .  كوسيلة للبدء بتكوين نظام جديد على اساس التعددية وانشاء المؤسسات البرلمانية التي تكفل التبادل السلمي للسلطة عن طريق الأنتخابات، وفق نظام برلماني فدرالي موحد .
وفيما يثير خبراء ومختصوّن العناية الى ان وادي الرافدين وعاصمته التأريخية بغداد، كانت واستمرّت كعاصمة للخلافة الأسلامية لقرون، في زمان كانت الأمبراطورية (الخلافة) الأسلامية فيه، تتباهى  بمعاهد بغداد و مفكريها وعلومها وآدابها، اضافة الى مراقدها ومدارسها، اضافة الى فعل ونشاط مراكز الفكر والحضارة المتنوعة في كلّ الوادي، الذي ضمّ وجمّع وقصدت اليه اقوام متنوعة الأصول والثقافات والأديان، على مرور العصور .
وفيما انجب وادي الرافدين ثقافات ووعي، وانجب شخصية (كينونة) وادي الرافدين العراقية النابعة من تلاقح حضاراته، الشخصية التي اغنت او طعّمت انتماءات ابنائه ولم تلغها .  .  فانها تركت بصماتها الواضحة على كينونة ابنائه، مهما اغتنوا بصلاتهم ووصلهم وشوقهم الى أبناء جلدتهم، من القاطنين في الوديان وبالتالي الدول المجاورة، البصمات التي عمّدها الدم والنار والنور، وتوالي ظهور حضارات على اطلال اندثار ابنية وهياكل حضارات اخرى، رغم استمرارها في عقول ونفوس بشرها، الذين ارتحلوا من مكان الى مكان فيه او قربه، حاملين مشاعلها .
وفي الأخير رأى ويرى مؤرخون، ان دولة العراق التي تشكّلت مطلع القرن الماضي، التي تقع في القلب من الشرق الأوسط، لم يكن لها ان تستمر، في واقع المنطقة الستراتيجي النفطي الكثير الغليان والتفجّر والتقلّب وبالعنف والعنف المضاد، لو انها كانت نتيجة تجميع ميكانيكي او عددي لأقوام وحضارات متجاورة منعزلة عن بعض او متحاربة مع بعض .  . بعد ان انتهت حروب الماضي السحيق بمروره وانتهاء عهوده، وبعد ان الّفت الحياة فيما بينهم، وشدّت لحمتهم الصعوبات والمخاطر، سواءاً التي حملتها الطبيعة طوفانات استمرّت وامراض تفشّت وغيرها، بعد ان انتهى عصر البراكين او هدأت، او تلك التي حملها الأنسان في الغالب اليه من خارجه او كردّ فعل عليه، تحت مختلف الرايات ولمختلف المقاصد والأهداف.
الأمر الذي وجد صداه وواقعه وعلى توالي العصور الى الأمس القريب، الموجود والموثق في النفوس والأرواح او في ادراج وخزانات الوثائق  .  .  لقد ناضلت معارضة دكتاتورية صدام الوحشية الدموية وقدّمت جحافل الشهداء من شبان وشابات ومن كل الأعمار والأطياف،  تحت رايات الوطن التي تلخّصت بـ " الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان " .  . ثم من اجل " النظام الديمقراطي البرلماني الفدرالي الموحد" .  .  . على اساس التبادل السلمي للسلطة وقبول الآخر ورفض العنف، بل وانها وفي قمة وحشية صدام لم تتخلى عن الوطن واستمرّت الى اليوم تتمسّك به .  .  بل وتدعو اليه اطيافه كلّها، الأمر الذي يتلمّسه المهتمون، رغم حالات الضياع وتنوّع التعبير و  توالي المحن، كما سيأتي (يتبع).   

14 /6 / 2005 ، مهند البراك