المحرر موضوع: بقايا أنسان من ذلك ألماضي ..  (زيارة 707 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أمير بولص أبراهيم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1050
  • الجنس: ذكر
  • القاص
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                         بقايا أنسان من ذلك الماضي

ثمة أحزان تناثرت كالشوك فوق حلبة قلبه ِ ألمركون في أحدى زوايا النسيان لذاتهِ التائهة في مساحات زمنه وهو الذي تعمد َ في رَكنه ِ بعدما أنقلبت معايير الدنيا وأندثرت مقاييس الحب وقُتِلَ السلام بدم بارد ..كانت أحزان العالم تتراقص فوق حلبة قلبه ِ بعد أن تَغَلَبت عليه ِفي غفلة ٍ من عاطفته ِ المفرطة وغفلة زمنه ِ القاسي الذي فاجأه ُليغير كل شيء كان يحلم أن يتم له وللعالم في مسيرة حياته ِ..ليصبح َ قاب َ قوسين أو أدنى من الموت حيا ً..بل هو ميت في ثياب أنسان حي يمارس طقوس حياته بكل رتابة حاسا ً أن في داخله ِ أنسان مدفون في قبر مظلم ..يتأرجح الخوف في أرجوحة ٍ سوداء مستهزءا ً به ِ..تواريخ تقويمه ِ المثبت على الجدار تعيده الى الوراء الى الطفولة ..ألى ألعابه ِ في أزقة القرية المتربة صيفا ً والمغمس ترابها بالأمطار شتاءا ً..يعيده الى الصبا والشباب ..ألى حبه ِ ألأول ..وألى ,الى.. وكما يأخذه تقويمه الى الماضي يأخذه الى المستقبل ..تاركا ً الحاضر يخوض ُ معاركه ُ في ساحة أيامه ِ..مستقبل ..خوف ..حيرة ..تساؤل ما هو المصير...ينكث رماد سيكارتهِ التي نساها في منفضة السكائروقد أخذت بالأنحسار لتلقي برمادها على الطاولة..تنتابه حالة أنزعاج من تلك السيكارة ليطفيها ويغمس أصبعه في رمادها ..مقربا ً رمادها الذي توشح َ به أصبعهِ..من أرنبة ِ أنفه ِ ليشم ذلك الرماد ..
_ لو أحرقوا جسدي ..هل سيكون لرماده رائحة تشبه رائحة رماد السيكارة الميتة ِ هذه ِ..
نفضَ رأسه ُ يمينا ويسارا ً كمن ينفض عن رأسه غبارا ً من ألأفكار المدسوسة عنوة ً في عقله وذاكرته ِ تاركا ً تساؤلاته ِ تلك ومحاولا ً أن يحلم حلم يقظة واحد تكون السعادة هي جوهره ِ.لكن أحزانه المتناثرة كالأشواك فوق قلبه ِ نمت وكبرت لتصبح َ قيودا ًتكبله ُ وكأنه سجين ولتوخزَ ذاكرته ِ وتدمي حلمه ِ الصامت ..حاول جمع شتات أفكاره ِ في زاوية ٍ بعيدة ٍمن عقله ِ المضطرب عله ُ يلقفُ منها فكرة يدور حولها كدوران ألأرض حول الشمس دوران مالا نهاية له ُ..
_ متى تطلين أيتها الفكرة التي أنتظِرُكِ بفارغ صبري ..فقد مللت ُ الجمود ومل َ قلمي الصمت وجف الحبر فيه وكأنه ُ أ ُصيب َ بتخثر الحبر ..
أبتسم َ للجملة الأخيرة تخثر الحبروكأنه يشابهُهُ بتخثر الدم في القلب البشري..أفاقته ُ من وحدته تلك بعض ألأصوات خارجا ً ..لتحمله ُ أقدامه ُ نحو تلك النافذة ِ التي يلسع ُ البرد زجاجها ..والمطلة على الطريق ..كان المشهد في الخارج ..ثمة رجال يتقافزون في الظلام ..كانت أصواتهم كفحيح الأفاعي قبل ألأقتتال على فريسة ِ..ثم عقب َ ذلك صوت للرصاص الذي بدأ يتسيد سكون الليل ويجوب المكان بكل حرية..
_ من هولاء ..ماذا يفعلون ..ولماذا هذا الرصاص ..تعالت ألأصوات مرة أخرى..كانت عيناه تحدق في المنظر وكأنه في صالة عرض سينمائية يشاهد فيلما ً بوليسيا ً..تسمر َ عند النافذة ..يزرع زفراته ِ على زجاجها ليضببهُ .ثم يمسحه ُ بكفه ِ المرتجف ..ظل َ يراقب بصمت تلك اللوحة الحربية ..ألى أن أنجلى الموقف وأنتهى المشهد بجثة ٍ ملقاة على ألأرض..أغمضَ عينيه لتأخذه ذاكرته ِ عائدة به ِ ألى أيام بندقيته ِ ..ألى بدلته الخاكية ..ألى ذلك الساتر الترابي الذي لامس جسده ُ المتعب في معارك كان يقرأ عنها في كتب الروايات ويشاهدها في ألعروض السينمائية ألى أن أصبح َ هو جزءا ً منها في عدد من سنين حياته ِ..كانت صورة ذلك الساتر الترابي لاتفارقه ُوخاصة ساعات الهدوء بين المعارك لتعطيه تلك الساعات الفرصة بأختلاس بعض زمنها ليخرج دفتر جيبه ِ الصغير يدون فيه رؤؤس أقلام لقصة ما سيكتبها في أجازته ِ..أستفاق َ من خيالاته ِليعود الى زمنه المعاصر..وتلك الجثة مازالت ملقاة على ألأرض..كان بوده القفز من زجاج النافذة ليصل اليها ..وكأنه يقفز من فوق ساتره ليصل هدف ٍ ما ..أنطلق صوت الرصاص مرة أخرى..أدار ظهره لساتره الزجاجي..تاركا ً المشهد كمن يدير ظهره لعرض سينمائي مل َ منه ومن قصته التي تستبيح ُ دم ألأنسان ..عاد الى منضدته ِ وأخذ يتحسس أوراقه ِ بأنامله ِ كأنه أعمى يتحسس وجه حبيبته ِ عارفا ً بدرجة جمالها بلمسها..حَضَنَ قلمه ليستقر في أحضان أصابعه ِ ليبدأ بخط عنوان قصته ِ الجديدة ......


    أمير بولص
4كانون ألأول2007