المحرر موضوع: الموفقية والنجاح بين التمني والواقع  (زيارة 2303 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل salman_dawood

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 77
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
الموفقية والنجاح بين التمني والواقع


مما لا شك فيه اننا جميعا نتطلع الى النجاح، ونتمنى ان نتخطى سلم حياتنا بالشكل الذي يرضي طموحنا.
فالنجاح هو مبتغى وهدف كل واحد منا، وان اختلفت درجته من شخص الى اخر، ولعل جانب الدراسة والتعلم يحتل حيزا كبيرا ومهما في حياة كل فرد. فاللحظات التي يحتفل بها الوالدان بتخرج اولادهم وحصولهم على درجات التفوق في المراحل الدراسية المختلفة، هي لحظات يتوج فيها جهد الوالدين، واكليلا يضعه الابناء فوق رؤوسهما. فهذه الثمرة هي جزء يسير من الدَين الذي يطوق اعناق الابناء ليردوه.
فالثقافة والدراسة والاجتهاد علامات الانسان الناجح واحدى الطرق الكفيلة للوصول الى المستقبل المشرق، على الرغم من عزوف الكثير عن الدراسة في الوقت الحاضر تبعاً للظروف الاقتصادية والاستثنائية التي نعيشها. لكن هذا لايعني اهمال الدراسة والتعليم ووضعها على الرفوف. لان الثقافة هي زينة الفرد ونور الحياة ودربها المضيء.
السؤال الذي يطرح نفسه الان : كيف السبيل الى هذا النجاح؟وما هي العوامل التي تؤثر في تقرير مصير ما يتمناه المرء؟
وللاجابة على ذلك نحاول من خلال هذه الاسطر ان نحدد المسارات الصحيحة التي تلعب دورها الفعلي في خلق طالب مجد وناجح وذلك في ثلاثة اتجاهات وهي:
1. العامل الوراثي:
يلعب هذا العامل دوراً مهماً وفعالا في تحديد اتجاهات الشخص ورغباته وسلوكـه
الفردي. فكثير من العادات والممارسات والقابليات التي يمارسها الفرد او يمتلكها هي لا شعورية ونابعة من الفطرة، وكثير من هذه العادات والقابليات هي موروثة وليست مكتسبة. ولذلك نحن لا نستغرب عندما نشاهد عائلة جميع افرادها متفوقين في الدراسة او في مجال اخر، والعكس صحيح ايضاً. وكذلك الحال بالنسبة لقدرة استيعاب الطالب، فللوراثة دور كبير في تحديد مستوى الطالب في الاستيعاب عبر خلايا فسلجة دماغه. وهناك تشابه بين افراد العائلة في هذا الجانب. ولكن هذا لا يمنع من اختلاف درجات الاستيعاب والتفكير والذكاء من اخٍ الى اخر وطبقا لمقتضيات اخرى. ان النقطة الجوهرية في هذا العامل هي التأكيد على الجانب الفسيولوجي للتكوين العضوي في خلق انسان لديه القدرة على الاستيعاب والفهم السريع والقدرة على التذكر من شخص الى اخر.
2. التربية البيئية والمتابعة الجادة:
هذا الجانب يلعب دورا مهما في خلق طالب مجتهد وناجح. فالاب الذي يرى ابنه قد تعود على اهمال واجباته المدرسية لا يعني مطلقا تركه لحاله وكأنه لاحول ولاقوة لاصلاحه. فمهما كانت طبيعة الابن ومهما كانت سمات عائلته الوراثية فلابد من القيام بواجباته التربوية، ومسؤوليته الاسرية على اكمل وجه، وذلك من خلال المتابعة الجادة والرصينة لمستوى ولده، والسعي الحثيث لتغيير سلوكه، وايجاد الطرق التربوية الناجحة والتي تلائم وطبيعة تكوينه، والعمل على خلق جو نفسي واجتماعي كفيل بالتاثير على سلبيات الابن، وتغييره نحو الشعور بالمسؤولية واهمية الدراسة والتعليم.
فبدون شك ان التربية السليمة والمتابعة الجادة قادرة في المساهمة الفعالة لخلق طالب مجتهد ومثابر. لذا لأولياء امور الطلبة دور حساس وخطير في تربية اولادهم بالشكل السليم، ولا يجوز التماطل والتكاسل ابداً في تنفيذه.
3. التكوين الشخصي للفرد:
ان العامل او المحور الثالث هو طبيعة تكوين شخصية الفرد، وملامح هذه الشخصية، ومن المؤكد والمسلم به ان التكوين الشخصي لكل فرد يتبع الجو النفسي والاجتماعي والاقتصادي الذي ينمو فيه الفرد.
فهناك شخصية قوية واخرى ضعيفة او مهزوزة، ولكن الشيء الذي يدخل ضمن اطار الموضوع هو تلك العادات والسلوكيات التي يكتسبها الفرد من خلال معايشته مع المجتمع.
فالمرء ومنذ بلوغه المرحلة التي بأستطاعته اكتساب الخبرات والمهارات والمفاهيم من المجتمع لابد ان يركز على الاتجاهات والمفاهيم التي تخدمه نحو خلق الشخصية المرموقة، والمحبوبة من قبل اقرانه واصدقائه في العائلة والمدرسة، لينال اعجاب الاهل والاقارب، وفي الوقت نفسه يشرع برسم ملامح شخصيته الناجحة.
ويمكننا القول بأن المرء يتحمل دوراً كبيرا في صقل شخصيته، وجعل نفسه مجتهدا ومثقفا كي يصل الى ما يبتغيه من عالم الثقافة والتحصيل العلمي، بحيث يساير مجريات الحياة اليومية.
ولكي نضع النقاط على الحروف لابد من الجزم بأن هذه العوامل او الاتجاهات هي مكملة لبعضها البعض ويبطل مفعول اي منهم في حالة افتقارها للاخرى، وقوة هذه العوامل هي في مقدار تأثيرها، فلا يمكن تطوير طالب ناجح ومتفوق بالفطرة ولم يكن الى جانب هذه الفطرة نوع من التربية السليمة وقدر من محاولة الفرد لبلوغ النجاح. وكذلك قد لا تنفع نصائح الاب وتوجيهاته وحدها مع ابن اختار لنفسه طريق الظلام والضياع، مالم يكن هناك استعداد نفسي من قبل الابن لتقبل هذه التوجيهات. وكذلك قد لا يستطيع الشخص الموهوب بالفطرة من شق طريق حياته بنجاح مالم يكتسب خبرات ومهارات من اقرانه واصدقائه وافراد مجتمعه.
وقبل نهاية الموضوع من المفيد ان نذكر بأن عوامل عديدة اخرى قادرة على رفع مستوى التعليم عند اولادنا واحفادنا مثل تهيئة الجو النفسي الملائم في المدرسة، وكذلك تجانس المنهج الدراسي مع المستوى الفكري للطلبة، ثم طبيعة تعامل الاساتذة مع الطلاب ومدى استعدادهم للتضحية.
انها بطاقة دعوة لكل من يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وكلنا امل بأن نرى اليوم الذي ارتفع فيه مستوى التعليم في مجتمعنا، ولنشد على الايدي لنشق الطريق الافضل نحو المستقبل الشرق.

سلمان داود - استراليا