المحرر موضوع: بطريركية بابل الكلدانية ........ و الموقف القومي الكلداني  (زيارة 2123 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نزار ملاخا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 855
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بطريركية بابل الكلدانية ........ و الموقف القومي الكلداني

نزار ملاخا / الدنمارك

جاء في شرح كلمة بطريرك و تلفظ ( باطريارك ) ما يلي : إن لقب البطريرك هي لفظة يونانية وتعني ( الأب العام ) وقد ظهر بعد المجمع الخلقيدوني سنة 451 , وقد أُعطي في بادئ الأمر للكراسي الرئيسية التالية : كرسي روما – كرسي القسطنطينية – وكرسي الأسكندرية – وكرسي أورشليم – وكرسي أنطاكيا , وقد تبنّته أيضاً كنيسة المشرق في الفترة ما بين هذا التاريخ و منتصف القرن السادس , والجدير بالذكر ان رؤساء كنيسة المشرق أحتفظوا فيما بعد بلقبهم الأول مع اللقب الجديد أي ( الجاثليق البطريرك )  " قاثوليقا  بطريركس ) كما يقولون في الصلوات الطقسية إلى الآن .ومن هذا نفهم بأن البطريرك هو المدبر العام الذي يرعى شؤون رعية ما , فالمدبّر العام الذي يرعى شؤون الكلدان هو البطريرك الكلداني و مقرّه يسمى بالباطريركية , و بطريركية بابل على الكلدان هي القيادة الدينية التي تشتمل على السادة المطارنة و الآباء الكهنة الذين يرعون الشعب الكلداني دينياً , أي بمعنى آخر فإن البطريركية الكلدانية هي القيادة الدينية العليا لكل الكلدان الكاثوليك في العالم .
إن جميع البطاركة الذين أعتلوا سدة البطريركية وأداروا دفتها بكل حنكة و مهارة وما زالوا يقودون هذا الشعب بالأتجاه الديني السليم , كما ان البطريركية لم ولن تتخلى عن شعبها الكلداني في كافة الظروف و في كل الأحوال , سواء السوداء منها دفع الله بلاها أم البيضاء أدامها الله على الجميع .لقد كانت دائماً هي القيادة التي تمثل هذا الشعب حتى في المحافل الرسمية للدولة , وما سبب ذلك إلا لأن الشعب الكلداني المعروف عنه بأنه شديد التمسك بأهداب الدين , وإيمانهم المطلق بالمبادئ السامية التي يحملها المذهب الكاثوليكي , لذا تراهم عندما جحدوا البدعة النسطورية التي غُرروا بها سابقاً و التي تقلل من شأن و ألوهية السيد المسيح له المجد وكذلك من شأن أمّه العذراء مريم الشفيعة الوحيدة لنا لدى أبنها يسوع المسيح له المجد و آمنوا بالمذهب الكاثوليكي القويم لم يتركوا أسمهم القومي القديم وهو الكلدان ( كأسم قومي تاريخي ) .
إن البطريركية الكلدانية لم تترك موقعها الديني القيادي للشعب الكلداني مطلقاً , وكنا نرى أن الكرسي البطريركي كان يتنقل من تلكيف إلى الموصل و القوش و بغداد وذلك حسب الظروف , ولكن لم يترك أرض الوطن مطلقاً ليذهب بعيداً إلى بلدان المهجر ليكون هو في أمان و ليذهب الشعب إلى الجحيم , إن إيمان البطريركية المطلق بأنها جزء من الشعب الكلداني المسيحي و المرجع الديني لهذا الشعب أبت على نفسها إلا أن تكون في قلب الحدث و في وسطه ترعى أبناء شعبها و تتفقده وتقوي إيمانه و تسنده في وقت الشدة و ترفده بالخدمات الدينية وتشد إزره وتقوي معنويات مَن انهارت معنوياته من جراء الشدة التي يعاني منها , لقد كانت أبواب الكنائس مفتوحة لكل أبناء شعبنا المسيحي و بشكل خاص الكلداني منهم , حيث كانت الكنائس ملجأ لكل المؤمنين حين أشتد أوار الحرب .
على مر الزمان و الأجيال كان للبطريركية الكلدانية دور وطني مشرّف , وسمعة وطنية عالية في المدعم و المساندة للحكم الوطني ليس تملّقاً لا بل وطنيةً وقلباً ملؤه الحب و الولاء للوطن مهما كان أسم الحاكم سواء كان ملكاً أو رئيس جمهورية أو مجلس أو.... أو .....
فإن حب الوطن و التضحية من أجله هما الهاجس الأول لقيادتنا الدينية لأنهم مؤمنين بأننا جميعاً أبناء وطن واحد وتجمعنا غاية واحدة , كما كانت القيادة الدينية لبطريركية بابل الكلدانية متمثلة في مجلس الأعيان بشخص البطريرك مار يوسف عمانوئيل الثاني ( 1925 – 1945 ) وكما ذكر الأستاذان القديران حبيب تومي و الشماس كوركيس مردو عن المواقف الوطنية للقيادة الدينية الكلدانية والموقف للبطريرك مار عمانوئيل الثاني في إرساء الحكم الوطني في العراق و موقفه ودوره من مأساة سمّيل كذلك .
لقد كان الواجب الوطني من المستلزمات الأساسية في ذهن القيادة الدينية للشعب الكلداني لأن الشعب الكلداني هو الشعب التاريخي و المواطن الأصلي لهذا البلد , و ما تمسك بطريركية بابل الكلدانية بهذا الأسم إلا دليل إثبات على ذلك , فمدينة بابل هي المدينة التي قال الله عنها لأقانيمه تعالوا ننزل لنرى ماذا يفعلون و نبلبل ألسنتهم , وفيها كان البناء يتعالى في برج بابل الشهير أحد عجائب الدنيا السبع , فكيف لا يكون هذا الأسم مقدس , وإلى الجنوب منها مدينة أور الكلدانية مسقط رأس ابو الأنبياء جميعاً و بدون استثناء إبراهيم الكلداني الذي وعده الله بأن يكون من نسله يولد المخلّص الذي يخلص العالم , وفي هذا لا يختلف إثنان مطلقاً .
بطريركية بابل الكلدانية هكذا عرفناها و هذا هو أسمها منذ أن صارت ولحد الآن حتى حينما كانت على المذهب النسطوري وبعدما جحدت هذا المذهب وتحولت إلى الكثلكة لم تنكر قوميتها الأصيلة لأنها أصيلة .
إننا اليوم و بكل إلحاح نطالب سيادة راعينا الجليل بطريرك بابل على الكلدان مار عمانوئيل الثالث دلي أن يدعم حقوق قوميتنا الكلدانية و يسند دعائم شعبنا الكلداني و يقوي ركائز أمتنا الكلدانية بكافة أطيافها ومذاهبها سواء كانت الآثورية أم السريانية أم غيرها فالكل مسيحيون كلدانيون و إن أختلفت مذاهبهم و تثبيت الموقف القومي الكلداني عند كتابة الدستور هو من دعائم الديمقراطية الحقيقية التي ننشد تطبيقها في وطننا الحبيب .
إن المواقف الوطنية لبطريركية بابل الكلدانية هي كثيرة وأكثر من أن نحصرها في هذه الأسطر , إن الموقف الوطني للبطريركية لم يختل توازنه بل كان موازياً من ناحية الصلابة للموقف الديني فلا مساومة على الموقفين وذلك من منطلق : حب الوطن واجب مقدّس .
ألم يقل الله : لا تهينوا الملك . ولنا في سيرة البطريرك الراحل مار بولس الثاني شيخو قدوة حسنة و مواقفه الوطنية معروفة للجميع .
أيها القادة الروحانيين : لقد كنتم خير من مثل الشعب الكلداني سابقاً في المحافل الدينية و الوطنية واضعين نصب أعينكم خدمة هذا الشعب بكل ما أوتيتم من طاقة و قوة لعمري إنها غاية يحسدكم عليها الجميع . بارك الله في هذا الجهد المبارك سابقاً و لاحقاً وأمدَّكم بالقوة و العزيمة للأستمرار بهذا الجهد يداً بيد مع القادة السياسيين للأرتقاء بقوميتنا الكلدانية إلى أقصى درجات العلو في سلّم المجد , نرجوا غبطتكم و من السادة المطارنة الأجلاّء و من رجال الكهنوت أن يستمروا بدعمهم القومي الكلداني لأن الكنيسة الكلدانية هي من أجل الشعب الكلداني بشكل خاص و الشعب المسيحي و العالم بشكل عام , إن الحس القومي هو جزء من الحس الوطني  , إنكم أيها القادة الأجلاء لستم كغيركم من القادة الذين عندما ضيق الخناق قليلاً حتى وضعوا تلابيب دشاديشهم في أفواههم وهربوا إلى حيث الأمان و المال و الجمال و الوجه الحسن والدولارات الكثيرة .
إن قادتنا الدينيين و من إيمانهم العميق بأنهم المسؤولين عن هذا الشعب أمام الله الخالق أولاً و ثانياً من إيمانهم العميق ووطنيتهم العالية الحقة الصادقة الصميمية , جعلهم يتمسكون بالأرض , لا بل يستشهدون كغيرهم من أبناء شعبهم لا فرق بين هذا و ذاك متمثلين بقول السيد المسيح له المجد : من كان فيكم كبيراً ليكن لكم خادماً .
إن شعبنا الكلداني لعراقته و أصالته كان كالخاتم محيطاً بقادته الروحانيين و قيادته الدينية ليس بتعصب و لكن بعقلانية وأنفتاح لا حدود لهما  .
إننا في هذا المجال لا يسعني إلا أن أقدم كل الشكر و التقدير لقيادتنا الدينية القديرة المتمثلة بالرأس المدبر البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي المالك سعيداً على كرسي البطريركية وإلى الأساقفة الأجلاء وكافة رجال الدين وأخص بالذكر المطران  الدكتورمار يوسب سرهد جمو لمواقفه القومية الأصيلة وجهوده المباركة في دعم العمل القومي الكلداني و رفد المسيرة القومية الكلدانية و مساندة كل تجمع قومي كلداني , نأمل من الجميع الأقتداء  بهذه السيرة الصالحة و المسيرة الناجحة  ووفق الله الجميع لما هو صالح الجميع . ودمتم .
                                          
                                                 12 / 6 /2005