المحرر موضوع: مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!  (زيارة 1014 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Hadi Altkriti

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

دأب العراقيون ، والكثير من الجاليات العربية والشرقية ، المقيمة في مختلف الدول الأوربية ، على تأسيس نوادي وجمعيات فكرية وثقافية وفنية ، تمثل توجهاتهم المختلفة ، لتلم شمل جالياتهم،  وتوثق أواصر العلاقة فيما بينهم ، وتمد جسورا للتواصل ،  مع شعوبهم وأوطانهم التي هجروها ، رهبة من  أمن مفقود ،  أو هربا  من حكم جائر  ، أو بحثا عن لقمة عيش أفضل ، وقد وجدوا عند دول اللجوء ، من  حكومات وأحزاب  وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ، الكثير من الخدمات والمساعدات المادية والفنية لمنتسبي هذه النوادي ، لتساعدهم على التعايش والاندماج في بيئة المجتمعات الجديدة  ، ذات النظم الاجتماعية ،  والقيم الإنسانية ، المختلفة كليا عن دولهم التي هجروها ،  فمفاهيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ، بين هذه الجاليات ،    بشكل عام تكاد تكون غير واضحة المعالم ، إن لم تكن مفقودة ، فدولهم  تسودها أنظمة حكم شمولية ،متناقضة مع أبسط المفاهيم الديموقراطية ، وذات قيم اجتماعية بالية ، قومية ـ عنصرية ، ودينية ـ طائفية ، متخلفة جدا ،في كل مجالات الحياة ، و ما يخص المرأة في مجتمعاتنا العربية ، حريتها وحقوقها ، فالحديث يطول عن  قهرها  ومعاناتها  ، وغمط  لحقوقها ، وهدر لحريتها وكرامتها ،فالدين والعشيرة والطائفة ، كلهم يناصبونها العداء ، ويجردونها من إنسانيتها وآدميتها ، ويعتبرونها شيئا من أشياء البيت ، وجزء من ممتلكات ومتاع الرجل ، لتلبية حاجاته الجنسية ، تحافظ على نسبه ، وحاضنة لنسله  ،ومتى ما رأى فيها ما لا يسره ، ولم يجد عندها ما يحقق له رغبته ومبتغاه  ، نبذها دونما حق في تعويض ، أو حتى " مكافأة خدمة " ، لفترة عمل قضتها في خدمته ..!!

المرأة الشرقية ، والمسلمة خصوصا ، مسلوبة من كل حق لها ، يقيها شر العوز والفاقة ، على العكس مما هو عليه وضع المرأة في مجتمعات البلدان الأوربية ، التي  أولتها أنظمة الحكم الديموقراطية  ، كل اهتمام ورعاية ، تجسدت بمفاهيم ديموقراطية العلاقة ، في البيت والأسرة ، حمتها قوانين وأنظمة صارمة ، ونظًمتها علاقات اجتماعية متطورة ، وإنسانية متساوية ، ومتوازية مع ما للرجل ، من حقوق وواجبات ، اعترافا بدورها في الهام في  المجتمع ،  وفي تطوير أساليب حياة وتقدم المجتمع ،فقوانين وأنظمة هذه المجتمعات الديموقراطية  ، ألزمت جهات العمل ، مهما كانت  ، على احترام حقوق المواطن ، دون تفرقة في الجنس والدين والمذهب ، فليس هناك ما يحول من تمتعها بحقوقها الكاملة لتتسنم أعلى المناصب وأخطرها في الدولة ومؤسساتها ،إذا امتلكت ذات المؤهلات والشروط المطلوبة لهذا المنصب  ، وليس عضوية وإدارة الجمعيات المهنية والديموقراطية فقط ..
ما دعاني للوقوف على ما تمتلكه المرأة من حقوق في المجتمع ، المتساوية  مع الرجل ، في مجتمعات الدول الأوربية الديموقراطية ، هو ما عايشته يوم 26 ‏كانون الثاني‏‏ ‏08‏ 20 عندما حضرت  اجتماع الهيئة العامة لـ" البيت الثقافي العراقي " في مدينة يوتوبوري ، فبعد أن تمت مناقشة وإقرار مجمل الوثائق  التي  قدمتها الهيئة الإدارية السابقة ، لأعضاء المؤتمر ، أُعلن عن بدء الترشيح لانتخاب هيئة إدارية جديدة ، بدلا عن  هيئته الإدارية السابقة ، المطلوب وفق منطوق ما نص عليه النظام الداخلي  ، سبعة أعضاء ،  وكان المتقدمون للترشيح ثمانية ، سبعة منهم من الأعضاء الذكور ، ما عدا امرأة واحدة ، تم ترشيحها بضغط من النساء وبعض الأعضاء من الحضور الذكور ،و بعد التصويت فاز كل " الذكور " ما عدا المرأة الوحيدة ، فشلت لأنها لم تكن " ذكرا " ..وباعتقادي لو كان الخاسر " ذكرا " لاتُهمت الهيئة المشرفة على فرز الأصوات بالتزوير..فألف مبروك لعقلية الهيئة العامة التي ترسخت فيها مفاهيم الديموقراطية والتقدمية  " للكشر "...!
في هذا الموقف ظهر جليا ما هوعليه واقع المرأة العراقية في عقلية الرجال الذين يتصنعون مواقف التقدمية والديموقراطية ، والإيمان بها وبحريتها ودورها في مجتمع  ، كل ما فيه هو مسموح به له ، وضوء أخضر أمامه  ، و دونها خطوط حمر، وكل الدروب مقفلة  ...!

ديموقراطيونا وهم  يواكبون تطور المجتمع السويدي وموقفه من المرأة  ، غير قادرين على تغيير العقلية الرجولية التي شابوا عليها ، فتأثير الدين وتقاليد المجتمع المتخلف غلفت عقولهم ،  رغم كل ما قرأوه وتثقفوا به ، وتظاهروا به في حياتهم ، من أنهم أنصار للمرأة في إطلاق حريتها وحصولها على حقوقها الكاملة في المجتمع  ، وما يعلنون عنه  بأنهم تقدميون ، وديموقراطيون ، ما هو إلا نكتة يتندرون بها في مجالسهم الذكورية ، ويدارون بها نفاقهم  الزائف في مناصرتهم للمرأة ، و إطلاق حريتها ومساواتها بهم ، وفي قرارة أنفسهم يلعنون كل الظروف التي قذفت بهم وبنسائهم في مثل هذه المجتمعات التي أدخلت عاملا مهما في وعي المرأة ، وعرفتها كيف تعيش النساء في المجتمعات الديموقراطية .

رجالنا " الديموقراطيون " في مثل هذه الواقعة الإنتخابية ،  يدعون أنهم يبحثون عن "ديموقراطية "مفقودة في أوطانهم ، ويطالبون بها لنشاطاتهم ، الفكرية والتنظيمية والسياسية ، إلا أنهم في واقع الحال ( أفندية معكلًه ) ـ بقاف عراقي ـ تآمروا دون اتفاق ، باسم الديموقراطية ، على حجب فوز امرأة رُشحت مع سبعة  زملاء لها لإدارة نادي ثقافي واجتماعي ،  ساهمت فيه منذ تأسيسه وحتى اللحظة ، ولم يفسح لها ، هؤلاء الرجال الديموقراطيون ، في المجال لتبوء مركز خدمة تطوعي،  لمنتسبي النادي ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمركز ذي أهمية وعالي المستوى ....؟

 مسكينة هي المرأة العراقية ، إن كان هذا حالها مع الزوج والرفيق والصديق ، من الديموقراطيين والتقدميين ، في بلاد تعطي المرأة كل الحرية والحقوق ، فما حالها اليوم في عراق الطائفية وحكم المحاصصة ، هل هناك وضعها أرحم من وضع هذه  المرأة في بلد مثل السويد ؟ مع الفارق في المجتمع والقوانين والقوى التي تحكم وتقرر ..عليً  ، وعلى كل من يدعي الفهم للديموقراطية ويمارسها ، وعلى كل من يطالب نظريا  بمساواته  مع المرأة وإطلاق حريتها ، علينا جميعا  أن نراجع أنفسنا  ونختبرها هل فعلا نحن  معها ، أم أننا لا زلنا نعيش في مجتمعاتنا " الذكورية " التي انفصلنا عنها رغم  أنفونا ..!!