المحرر موضوع: مشاكسة مواكب ابناء المسؤولين  (زيارة 1194 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مال الله فرج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 558
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مشاكسة

مواكب ابناء المسؤولين

مال الله فرج
Malalah_faraj@yahoo.com

•   فجأة وجدنا انفسنا في وضع لانحسد عليه، وضع كانت فيه كل الاحتمالات واسوأها قائمة، ولم نكن ندري هل نحن في ساحة حرب عالمية ثالثة،ام في مسرح يجري اعداده لحدث او حفل متفرد في اهميته وفي خصوصيته معاً.
•   لقد وجدنا انفسنا وسط دائرة مغلقة، ومع كل الاحتمالات كان كل منا يفكر بأحبائه بصمت حزين، فالموت كان يسير في الشوارع ويلقي بعشرات الجثث مجهولة الهوية هنا وهناك،بنفس الوقت الذي كان فيه ممثلو بعض الفضائيات ينثرون الليرات الذهبية ومئات الدولارات والاجهزة المنزلية على المواطنين لقاء حزورات سخيفة واسئلة ساذجة مرة ولقاء اسماء وارقام معينة في بطاقات الاحوال المدنية دون ان يكتشف احد مصادر تمويل هذه الفضائية او تلك وحقائق ارتباطاتها التي تتيح لها نثر كل ذلك ولقاء اية خدمات يتم ذلك.
•   بأختصار كنا نستقل سيارة اجرة وما كدنا نصل احدى الساحات حتى توقف السير من الاتجاهات الاربع وكأن جميع المركبات كانت مبرمجة الكترونيا على ساعة بك بند واذا بسيارات حكومية ومدنية ذات دفع ثنائي ورباعي وخماسي وسداسي تسد المنافذ الاربعة دون ان ندري من اين خرجت واية طرق خفية سلكت وكأنها حطت من السماء لتقف في تلك اللحظة داخل الساحة المغلقة وليقفز منها مقاتلون بخفة سازوكي وميكي ماوس مدججين بمختلف الاسلحة وهم يصرخون بهستيريا امرين جميع السيارات بالتوقف فورا بنفس الوقت الذي كانوا فيه يصوبون اسلحتهم الاوتوماتيكيه الى السيارات وركابها وهم على اهبة الاستعداد لاطلاق النار على كل ارهابي تسول له نفسه التحرك او التذمر او التنفس بصوت عال.
•   ان هي الا لحظات حتى خلت الساحة من اية حركة باستثناء اصوات اجهزة اللاسلكي وقرقعة الاسلحة الاوتوماتيكية بين اصابع اولئك المقاتلين الاشاوس الذين كانوا يصوبونها بمنتهى البطولة والشجاعة والاقدام والروح الاقتحامية التي تذكرنا بعنترة ابن شداد الى صدور المواطنين العزل.
•   هذه الاستعدادات الامنية التي تجاوزت كل مستويات الانذارات الدولية لترتفع من اللون الاخضر متجاوزة اللونين الاصفر والبرتقالي لتستقر عند اللون الاحمر جعلتني افكر بأن اجتماعا دوليا على اعلى المستويات ربما سيضم رؤساء الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي سيتم عقده في هذه الساحة بالذات برئاسة الامين العام بان كي مون لاعلان ربما قرارا هاماو يتعلق باعادة المهجرين والنازحين فورا الى دورهم ومنازلهم، وربما سيتم اطلاق سراح الاف المحتجزين الذين لم يتعرضوا ربما الا الى استجوابات شفافة روعيت فيها المعايير الدولية ومبادئ حقوق الانسان قد تكون قد خدشت اجساد بعضهم الا انها لم تمتهن انسانيتهم او تخدش كرامتهم.
•   لكن غياب الغطاء الجوي الحربي الذي بإمكانه ان يؤمن الحماية الجوية اللازمة لمثل هذه الاجتماعات الدولية جعلني استبعد مثل ذلك الاجتماع وهداني تفكيري المتواضع الا ان الحكومة ربما قررت مفاجأة الشعب بتوزيع عوائد ثروته الوطنية عليه وفق صكوك مسحوبة على بنك الامم المتحدة للتنمية ورحت الوم نفسي لعدم اصطحابي هوية الاحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية لاستلام حصتي وحصة عائلتي من تلك الموارد.
•   من بعيد علا صراخ احدى النسوة لعلها كانت في طريقها الى المستشفى وهي تعاني آلام الطلق وهي تستعد لولادة طفل جديد حين فوجأت بذلك الحدث الدولي الذي اغلق جميع المنافذ امامها وربما سيشهد طفلها النور في مقعد السيارة الخلفي وسيكون اصغر مواطن يشهد على مصداقية الحكومة في توزيع الثروات الوطنية بمنتهى العدل والمساواة.
•   بيد ان اصوات شاحنات توقفت فجأة جعلتني اغير توقعاتي وهمست مع نفسي لابد ان حصة الرز والحليب المفقودة منذ اشهر من البطاقة التموينية قد وصلت وسوف يتم توزيعها مباشرة على المواطنين وسرعان ماتملكتني الكآبة لاني لم اكن احمل البطاقة التموينية التي تثبت عراقية العراقيين ووطنيتهم.
•   الا ان تأخر عملية التوزيع جعلتني اغير رأيي ثانية وشعرت بأن مثل هذه الاستحظارات والتحوطات والاجراءات الامنية لايمكن ان تتم الا لأمر هام ومتفرد في خصوصيته وتوقعت في ضوء ذلك ان يتم عقد اجتماع رئاسي تعلن فيه الحكومة على الهواء مباشرة وامام الملأ انجاز عملية ولادة المصالحة الوطنية المتعسرة منذ سنوات.
•   لم يوقظني من توقعاتي الساذجة تلك الا مرور موكب سيارات بسرعة البرق وداخلها مقاتلين اسودا اشد عزيمة واقوى شكيمة واكثر استعداد من مقاتلي (بلاك ووتر) لاطلاق النار على كل من تسول له نفسه التحرك من مكانه قيد انملة او الرد على جهاز الموبايل او حتى التنفس بصوت عال ولم يسمح لنا باستئناف السير الا بعد ان مرق ذلك الموكب المهيب ذو الاهمية الدولية القصوى بدقائق، وبعد ان أمن فيلق الحماية الخاصة مؤخرته بعدة كيلومترات.
•   تساءلت بفضولي الصحفي عن الشخصية الدولية التي كانت في ذلك الموكب هل كان الرئيس بوش او ساركوزي   او احمدي نجاد او ميركل، اجابني السائق باستهزاء ممزوج بالمرارة والسخرية معا (لم يكن رئيساً ولا شخصية دولية بل كان موكب ابن احد المسؤولين).وتمتمت مع نفسي اذا كان من حق ابن المسؤول ان يقطع اربعة شوارع لمرور موكبه فمن حق الرئيس بوش ان يقطع اربعة قارات عند مرور موكبه
•   عندها فقط ادركت عظمة خصوصيتنا الوطنية في احترام حقوق الانسان.