المحرر موضوع: انتخابات كركوك ... والامتحان الصعب للهوية العراقية  (زيارة 939 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل gorguiss

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 91
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أنتخابات كركوك ..  والامتحان الصعب للهوية العراقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاروق كيوركيس  ـ فرنسا

ليس خافيا على احد الدور الذي لعبه النظام السابق خلال أكثر من ثلاث عقود من فترة حكمه في القضاء على مقومات التربية الوطنية الحقيقية التي يصبح فيها الولاء  للوطن فوق كل اعتبار ،وعمل على ترسيخ مفاهيم وسلوكيات تركزت على تمجيد العروبة في العراق ومحاولات الغاء القوميات الاخرى كلما كان ذلك ممكنا ، وما تبعها من ولاء للقائد الاوحد والملهم والضرورة ، وكيف تم صرف الملايين لشراء الذمم والتجسس ،  و ابرز واخطر مصيبة حلت بالعراقيين كانت مسألة انعدام الثقة ،بسبب سياسة النظام التي اتبعها من اجل زرع الفتنة والشقاق بين  جميع اطياف الشعب العراقي القومية والمذهبية  ....
وعندما سقط هذا النظام ، استبشرنا خيرا من ان العراق سيولد من جديد وسيتم بناء انسان عراقي جديد يكون ولاءه للعراق فوق كل اعتبار كما ذكرنا اعلاه، وكان أملنا كبيرا بعد كل ما عاناه العراقيين من ظلم واضطهاد بأن تصبح عملية بناء العراق والانسان العراقي الجديد من أولى أولويات النظام الجديد في العراق ، وعلى الرغم من ان هذه العملية ليست بالسهلة وتحتاج الى زمن طويل ، الا اننا كنا نأمل وعلى الاقل ان تكون سلوكيات وممارسات القائمين على ادارة العراق الجديد بالشكل الذي يساهم في ترسيخ اعادة الثقة والخطوة الاولى في عملية بناء الانسان ، ولكن مع الاسف الشديد وجدنا  ان الهوية العراقية والولاء للوطن قد اصبحت في مهب الريح بعد ان اصبح الولاء القومي والمذهبي  هو السائد ، فلجأت فصائلنا وكتلنا السياسية في الحكم ومع سبق الاصرار   الى الاستعانة  بميليشيات طائفية واتخذت من المحاصصة الطائفية سبيلا للحكم  وبدلا من الحوار حل الاتهام والتخوين ليتوج بصراع طائفي او حرب اهلية غير معلنة ، وحتى التحالفات لم تكن مبنية على اسس سليمة بقدر كونها مبنية على اسس مرحلية بقصد المصالح حيث يعلم كل طرف انه سيتم التربص به  او على الاقل اقصائه عندما تسنح الفرصة لذلك ،وهكذا اصبح انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين هو عنوان المشهد السياسي الحالي .
وبطبيعة الحال فأن جميع الاطراف السياسية تؤكد في وسائل اعلامها وفي تصريحات مسؤوليها على وحدة العراق والولاء للعراق وعلى كوننا شعب عراقي واحد وغيرها ، ولذلك فأن الشعب العراقي سيطالب الاطراف السياسية بأن تبرهن على ذلك وتؤكده
عمليا من خلال الامتحان القادم ونقصد انتخابات كركوك المقبلة ...
فمحافظة كركوك وضواحيها الغنية بالنفط ، يتعايش فيها العرب والاكراد والتركمان والكلدان الاشوريون ، ويمكن فيما لو توفرت النوايا الصادقة في الولاء للهوية العراقية ان تصبح كركوك رمزا للعراق الموحد ورمزا للتعايش وكما يدعي الفرقاء السياسيون ، وباستثناء شعبنا الكلداني الاشوري فاننا  نرى ان الاطراف او القوميات الاخرى مطالبة باثبات مصداقيتها في نظرتها وتعاملها مع القوميات الاخرى الذي نتمنى ان يكون على اساس عراقي صرف ، فلو تابعنا قضية كركوك من ناحية المادة 140 ومن ناحية الانتخابات  وتابعنا تصريحات ومواقف اصحاب العلاقة لوجدنا ان كركوك هي اصعب امتحان للهوية العراقية .. فالاكراد يعتبرون ان كركوك جزء من كردستان وانها ستكون عاصمة لها ، والتركمان لا يعترفون بذلك ويعتبرون كركوك تركمانية ويجب ان تكون ضمن أي ادارة ذاتية او حكم ذاتي لهم مستقبلا اضافة الى اعتمادهم على تركيا في ذلك ان لم نقل ان تركيا تتدخل في قضية كركوك ، اذ غالبا ما يبدي الاتراك مخاوفهم من ان ضم كركوك الى اقليم كردستان ربما سيؤدي الى اقامة دولة كردية وهذا سيحرج تركيا بسبب مطالب حزب العمال الكردستاني ، والعرب يعترضون بقوة على المطالب الكردية  والتركمانية ولو انهم يعتبرون ان الدعوة الكردية اخطر بسبب امكانيتهم الكبيرة الان وفي نفس الوقت فان غالبية العرب تريد لكركوك ان تكون عربية ، وبدلا من  البحث عن الحلول السليمة لتطبيع الحياة في المحافظة والنهوض بواقعها ، نجد ان جميع الاطراف غير مهتمة بالنهوض الاقتصادي والتطور العام لكركوك بقدر اهتمامها بالتسابق نحو تقوية المراكز والمواقع  من أجل المكاسب الفئوية لهذا الطرف او ذاك في المستقبل، وامام هذا كله يبقى شعبنا الكلداني الاشوري خارج عملية صراع الاقوياء نحو المراكز ونحو صبغ كركوك بصبغة قومية تقفز فوق الهوية العراقية، واننا لنشعر بالحزن  والاسى ونحن نرى اليوم ان شعبنا في كركوك  قد اصبح اقل من اقلية في وقت كان يشكل نسبة كبيرة من سكانها ، وها هو ينتظر ان يمن الاخرون عليه بمقعد او مقعدين ، ( هناك اقتراح على النسب التالية .. 32 في المئة لكل من الاكراد والتركمان والعرب ، يعني 96 بالمئة وتبقى 4 بالمئة لشعبنا .. هل هذا تقسيم عادل ؟) ونحن في تقديرنا نرى ان الخطورة في معالجة مسألة كركوك تكمن في عدم الاستفادة من تجربة او ممارسات النظام السابق الذي حاول اضفاء الصبغة العربية على كركوك على حساب الهوية العراقية ، وما رافق ذلك من تهجير واقصاء واضطهاد للشعب العراقي بصورةعامة .
ان اثارتنا لموضوع كركوك انما هو بقصد التذكير بان لا نتبع سياسات وممارسات سابقة لم تأتي على الشعب العراقي الا بالويلات والحروب والصراعات والاقتتال الداخلي، ومن جانب اخر فاننانعتقد ان كركوك ستكون الامتحان الصعب امام جميع الفرقاء  بين أختيار الصراع سبيلا للوصول الى الغايات والاهداف وبين أختيار مبدأ
 تعزيز الثقة والولاء للهوية العراقية التي لا يمكن بأي حال من الاحوال القفز من فوقها في سعي الجميع لنيل حقوقهم القومية والانسانية في وطنهم العراقي .
Gorguis_farouk@hotmail.com