حين تنعق العصافير..
رائحة الحب تعبّق المكان .. قديم هذا المقهى كحزني , تكاد لا ترى زاوية خاوية من العشاق , الحب يختار له دوما الزوايا الأقل إنارة لينزوي بها . هذا العاشق جريء كفاية كي يلفت الأنظار نحوه فهو تارة يضم حبيبته
وتارة يهمس في أذنها وهي لا تكف تضحك بصوت تظنه خافت لكنه مسموع.. يريد لها قبلة لكنها لا تكتمل , فالجو لايسمح ..رائحة القهوة تفوح . أحتسي شفة . للغيرة مرارة القهوة..
فجأة تنتفض ! ماذا جرى؟؟ كأني بها تشتمه , يوبخها توبخه , ملاسنات حارة تدور في زحمة الدخان تنسحب و تتركه وحده مع فنجان القهوة يضرب بيده الطاولة , الأسد الجائع يزأر , وثبة وثبتان ويصل السيارة ينقض على مقودها سيلتهمه في لقمة ثم يرحل دون أن أثير فيه نظرة . عيوني رافقته إلى الخارج فتحت له باب السيارة ودعته بلباقة..
يعود الحب ثانية يتيما هذه المرة يدخل المقهى و يتمي صار روتينا . يطلب القهوة و باكيت سجائر بعد أن التهم ما بحوزته منها , يكاد يشاجر النادل : لماذا تأخرت القهوة ؟ فضولي يلفته و يبدو انه يغيظه , يرمقني نظرة أربكتني , وأخيرا حركت فيه نظرة وبرقية عاجلة بعث بها . نزعت عني عيوني وضعتها على الطاولة .. يسلبني شرعية النظر ! من أي غرب قدم هذا الرجل الذي يجهل عاداتنا ؟ نحن الشرقيون أخلاقنا تسمح لنا بأن ننظر أو نحدق بمن نشاء ومتى و أينما شئنا في المقهى في الشارع في الحديقة في السوق و من نافذة البيت ...
يباغتني البوح فجأة , الخائن ينتهز غياب الفتاة
في صحوة طيش للجرأة اسمحلي أن أحبك في العلن
امنحني وقتا كاحتراق سيجارة
سأعتذر للحب عما حل به في فوضى سخيفة للجدل
- لم تكن تحبني يوما ... كانت فقط تشفق علي
امتص الصدمة , ويح لهذه الكذبة !
لمَ ينكر حبها ؟؟ لأنه أخرس لا ينطق ؟؟
كم حبا ولد ودفن في الظل !
- أخشى انك تظلم ليلى
اقترب من عيوني تأمل خيباتها
عصافيرها لم تعد تغرد
فؤادي يتأوه نبض أناتها
ضمني مرة .. دفئ برد أيامها
حروفي تتعرى له أكثر فأكثر ما جدوى التعري في حضرة صخر
ليلى قيسك ليس هنا , عم تبحثين في عتمة مقهى ؟!
آهٍ آهاتي تجتاحني كأنها تعشقني هي الأخرى
الليلة يحتضر الوهم إذاً سأحتسي وجعي نخب حبيبي المعتق وسأهذي طويلا :
كم أتوق إلى لحظةٍ تكون فيها حبيبي
أردتك قيساً فكنت أسطورة
كيف لم أخشى ركوبك وكنت اعلم أن ركوبك بحر بلا مرفأ
أيعقل انك سرابٌ ؟!
اذاً سأغزل من سرابي عمراً مضى هدراً
لكن ليتك تهبني في نزوة قبلة ً تروي شفاهي
كي يبقى للذكرى معنى