المحرر موضوع: مشاريع ذي قار  (زيارة 878 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سهر العامري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 122
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مشاريع ذي قار
« في: 22:27 21/06/2008 »
 
مشاريع ذي قار     
 

                         
سهر العامري

لمن لا يعرف محافظة ذي قار العراقية أقول : إنها مدينة الناصرية الجنوبية التي قامت على ضفتي نهر الفرات ، وقريبا من مدينة أور الأثرية عاصمة السومريين ، وموطن إبراهيم أبي الأنبياء ، وكانت محافظة ذي قار تسمى لسنوات خلت بلواء المنتفق ثم الناصرية ثم محافظة ذي قار وهو الاسم الذي استقرت عليه أخيرا . 
والمحافظة بعد ذلك من المحافظات التي تعرضت الى إهمال واضح من قبل حكومات عراقية متعاقبة خضعت لمشيئة الإنجليز بعد سقوط بغداد على أيديهم إبان الحرب العالمية الأولى وفي في 11 مارس/ آذار1917م ، وخروجها عن سيطرة الدولة العثمانية الى سيطرتهم بشكل تام .
وقيل إن سبب إهمال الإنجليز لهذه المدينة هو وقوف أهلها ، وهم من الشيعة ، بوجوهم أيام اشتعال نيران تلك الحرب حتى أن بعض قادتهم اعترفوا بمذكراتهم أنهم لاقوا من مقاومة أهلها أياما عصيبة فيها ، وهم كانوا يريدون وقتها مواصلة زحفهم عبر الفرات وباتجاه مدينة واسط حيث التقت هذا القوات بقواتهم الزاحفة من البصرة ، وعبر مدينة ميسان ، وباتجاه مدينة واسط كذلك ، لتشكل فيما بعد جبهة حرب واسعة تكبدت فيها هذه القوات خسائر رهيبة في معارك عنيفة ضد القوات التركية عرفت فيما بعد بمعارك الكوت ، وكان هذا قبل أن تسقط بغداد بأيديهم سنة 1917م مثلما ذكرت ذلك من قبل.
ذاك كان سببا ، أما السبب الآخر لحرمان هذه المدينة من نهوض حضاري مثلما قيل هو خروج الشيوعيين في العراق منها بقيادة ابنها، عامل الثلج ، يوسف سلمان يوسف ( فهد ) فصارت الحكومات الإنجليزية المتعاقبة في العراق تنظر الى سكان تلك المدينة من خلال ما عرف بالشينات الثلاثة : شروقي ، شيعي ، شيوعي . 
وعلى ذلك لم ينتصف لهذه المدينة حاكم عراقي إلا الزعيم عبد الكريم قاسم ، ووزيرة بلدياته الشيوعية الدكتورة نزيه الدليمي ، وذلك حين قامت فيها في عهد ذاك الزعيم بنايات جديدة ، وشوارع معبدة ، وساحات وحدائق ، كما شيدت مدارس كثيرة ، وتوسعت أخرى ، ولأول مرة في تاريخ المدينة تخترق طرق السيارات أهوارها ، مثلما اخترقت أعمدة الكهرباء شوارع قراها ومدنها الصغيرة . هذا الى جانب التوسع في الخدمات الصحية والتربوية ، حيث شيدت المستوصفات الصحية ، وبنيت الأقسام الداخلية للطلاب القادمين الى مركز المدينة من أطرافها ، مثلما قام جسر حديث فيها على نهر الفرات ، ومر بها خط سكة حديدية متطور انتقل معه ذاك الخط من خط متري الى خط عريض ، فعاد القطار معه يسير بعربات أحدث وأوسع وبسرعة أكثر . يضاف الى تلك الإنجازات المهمة ما بني من دور سكنية لذوي الدخل المحدود من أهالي المدينة .
لقد تم إنجاز أغلب تلك الأعمال بخبرة عراقية ، وفي غضون أربع سنوات ، وهي فترة قصيرة إذا ما قيست بكثرة ما أنجر من عمل فيها ، ومع كل ذلك لم يطلق أهلها في ذاك الزمان لفظ مشاريع عليها ، مثلما يعمد أبناؤها اليوم من الذين عادوا يتربعون كراسي الحكم فيها على أعمال لا يمكن أن تطلق عليها كلمة : مشاريع ، هذه اللفظة الكبيرة في مبناها ومعناها ، ولكي يكون القارئ على بينة مما أقول سأنقل له نص الخبر مثلما جاء على ظهر أحد المواقع وعن جهات مسؤولية في تلك المحافظة ، ولكن بطريقة لم تحترم فيها عقول القراء ، حيث جاء ذاك الخبر تحت عنوان كبير وضخم تزوغ لرؤيته الأبصار يقول :
ذي قار تنجز388 مشروعا خدميا في قطاع البلديات!
مئات المشاريع تلك جاءت ضمن خطط ثلاث سنوات هي سنة 2006، 2007، 2008. وكانت تلك المشاريع كما جاءت في نص الخبر ذاك هي : ( أعلن في محافظة ذي قار عن انجاز 388 مشروعا خدميا من أصل 546 مشروعا تضمنتها الخطط التنموية والاستثمارية لقطاع البلديات وبكلفة إجمالية تقدر 234,860 مليار دينار. وتشتمل المشاريع التي هي بواقع 256 مشروعا ضمن الخطط التنموية لعام 2006 و138 مشروعا ضمن الخطط التنموية والاستثمارية لعام 2007 وخطة إنعاش الاهوار لعامي 2006 و2007 و152 مشروعا ضمن الخطة التنموية لعام 2008 على 251 كم طول تبليط وأكساء طرق و151 كم طول إنشاء وتأهيل طرق بالترابية والسبيس و120 كم طول مد قالب جانبي و234 ألف متر مربع فرش وتأهيل أرصفة بالانترلك والشتايكر والكونكريت و468 ألف متر مكعب ردم مستنقعات فضلا عن إنشاء وتأهيل حدائق وساحات عامة وتجهيز آليات اختصاصية وحاويات نفايات ومشاريع إنشاء سواقي ومجاري سطحية . )
والمضحك في الخبر المار أعلاه هو أن معده يعتبر حاوية النفايات ، والمجاري السطحية مشاريع مهمة ، أما ( آليات اختصاصية ) فهذه تسمية حديثة للمشاريع أجهلها أنا رغم أنني بحثت عنها في القاموس كثيرا ، وحين عجزت توجهت الى أهل المدينة علني أجد جوابا لديهم ، فأنكروا علي سؤالي وقالوا لم نسمع من قبل بمشروع أسمه ( آليات اختصاصية ) ربما كان هذا مشروعا إيرانيا جديدا وصلنا من الجمهورية الإسلامية ! ونحن لا نعلم به . قلت معهم ربما .
ومن تلك المشاريع مشروع إنعاش الأهوار التي يدرس طلابها للآن في مدارس هي أشبه بزرائب حيوانات لا تليق بعصر الديمقراطية والتعددية والفدرالية والحرامية ...الخ ، هذا رغم أنني قرأت في الأخبار مؤخرا أن هور الحمّار انتكس إنعاشه وزاد انكماشه حتى صارت نسبة المياه فيه الآن 30% من مساحته المعروفة والتي غطتها المياه بنسبة70% في بداية عملية الانعاش تلك .
عند هذا وذاك ترحمت على روح شاعرنا كعب بن زهير ابن أبي سلمى لبيته :

         كانت مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلا...... وما مواعيدُهُ إلا الأباطيلُ !

ولكن شيطان الشعر لعب برأسي ، فحال بيت كعب الى هذه الشاكلة :
   
       صارت مشاريع ذي قار لهم مثلا.....وما مشاريعُها إلا الأباطيلُ !