المحرر موضوع: القطن بين تكميم الأفواه وسد الاذان ...  (زيارة 1071 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند محمد الحسيني

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 21
    • مشاهدة الملف الشخصي
القطن بين تكميم الأفواه  وسد الاذان ...

بقلم : مهند الحسيني
 
في ايام النظام  المقبور كان القطن هو دلالة على تكميم الافواه التي رفضت الظلم والجور , وحتى اصبح العراق اكبر مستورد ومستهلك  للقطن, وبعد التغيير الذي حصل في اسقاط اعتى الدكتاتوريات التي شهدها العالم  للأسف أيضا  بقى القطن  حاضرا ولكن هذه المرة ليس في فم المواطن الذي استطاع بفضل رياح التغيير العاصفة ان تجعله يصرخ باعلى صوته  ويقول ما يشتهي قوله بظل الديمقراطية  ( بغض النظر ان كانت هي تستحق ان توصف بهذا الوصف أو ربما هي مجرد انفلات فوضوي ان صح لي التعبير )  ، فالقطن  هذه المرة انتقل من الأفواه  الى اذان المسؤولين الجدد في الدولة العراقية .
نعم انتقل هذا القطن من فم المواطن العراقي الى اذن المسؤول الذي لا يحب ان يسمع اصوات العراقيين البائسين وفي كل الأوقات والمواضع وكانهم يطالبون بامور كمالية وليست اساسية يحتاجها ربما حتى ممن هو لايحسب على الجنس البشري  !!! .
 للاسف اصبح صوت العراقيين صوتا  مهدورا .... صوتا ضائعا  بين التكميم وبين عدم سماعه .. فكلما ازدادت مطالبة العراقيين لحقوقهم ازداد استيراد المزيد من  القطن .
 
فكما هو معلوم ان الدولة الحديثة قد حلت اشكالية مطالبة المواطنين الملحة واخذها بعين الجدية (( جميع   الدول المتقدمة تعتمد نجاح حكوماتها المتعاقبة على ايفاء هذه المطالب الجماهيرية في جدول برامجها المقدم في المرحلة الانتخابية )) وجعلت هناك فرزا مابين مشروعية مطالبهم  والمغالاة بها وعن طريق عقد اجتماعي يتمثل بالدستور الذي يفترض انه وجد لكي ياخذ كل ذي حق حقه وبدون اسفافات من الطرفين .
اما ان يبقى الدستور في رفوف مظلمة ورتيبة كانه ديكور نتفاخر به ( للأسف البعض لا يتذكر الدستور الا ليأخذ من خلاله هو ومجموعته شيئا من المكتسبات الشخصية والتي هي بعيدة عن الهم الوطني !! )  فهذا هو الخلل بعينه الذي ننتقده  ..ولانه خلل حقيقي في عدم فهم مبدأ الحقوق والواجبات، والا كيف تنتعش الديمقراطية وحرية التعبير والمطالبة المشروعة   وما هي فائدتها اصلا ((بالنسبة للمواطن ))  والمسؤول لا يسمع المواطن ولايسعى ولو بمحاولة ليلبي  لهذا المواطن  ابسط حتياجاته الملحة كواجب منوط به .
فاعتقد ان مثل ما هناك حق للدولة على المواطن في ايفاءه  بواجباته تجاه الدولة  فأيضا يفترض ان تعطي الدولة للمواطن حقه وبأكمل وجه وبدون منة ((مثل ما رايناه في زيادة سلم  الرواتب الذي  وبحسب ماسمعناه وقف العمل به قبل ان يذوق قسما كبيرا من الموظفين طعمه الجديد وتحت حجج شتى لا يصدقها اي عاقل  !!!))  .
فالايفاء بالواجبات من قبل الطرفين (( الحكومة – المواطن ))  هي السلسلة الطبيعية في دورة الدولة الحديثة التي تعتمد مبدا الديمقراطية الفعلية ، لان الديموقراطية هي ليست مجرد كلام وصراخ وكانها شعارقومي من تلك التي كانت ترفع قبل اكثر من 60 عاما ، وهي ليست خطاب اسلامي عالي الصوت واللهجة تلك  التي نسمعها ظهيرة كل جمعة   ... فالديموقراطية هي ثقافة وهي تطبيق الاقوال على ارض الواقع ومنصب المسؤول في الدولة الديموقراطية يتناسب طرديا مع واجباته ومسؤولياته تجاه الفرد والمجتمع اذ كلما كبر هذا المنصب كبرت معه واجباته ومسؤولياته..اي بمعنى ان المنصب هو تكليف للشخص وليس تشريفا ً له .
 
فعليه يجب ان يكون هناك  تبادل بالأراء بين السائل والمسؤول ويحقق المسؤول الطلبات " المشروعة " للسائل وبعيدا عن مبدأ (( المكرمة والمنحة ))  الموروث لان القانون قد جعل الحقوق والواجبات سجالا بين الطرفين وعلى اساس ثابت ولا وجود مكان للهوى او العاطفة في العطاء المقدم باعتبار انه حق مشروع  .
 
و لا يخفى على احد أننا الان في وضع لا يحسد عليه فالأسئلة كثيرة والمطالب اكثر والملحات اعم ويفترض ان نجد عند اصحاب الحل والعقد مفاتيح وحلول لجميع متطلباتنا (( كمواطنين )) أزهقتنا الاهوال والحروب والمعاناة  وهذه المتطلبات اهونها الخدمات الاساسية والتي هي متوفرة حتى عند من يعيشون في مجاهل افريقيا وصحراء اسيا الجليدية في منغوليا مثل الماء الصالح للشرب والكهرباء والمحروقات بانواعها اضافة للخدمات الطبية التي انعدمت تقريبا في معظم مشافي العاصمة التي بسببها راح كثير من الناس ضحايا لهذا الانعدام والذي سببه عدم اكتراث المسؤولين لما يحدث في مؤسسات الدولة من فساد اداري ومالي .
فاين هم اصحاب الكراسي من الشارع العراقي وهمه الازلي ؟؟!!
 واينهم من المعاناة اليومية لعموم العراقيين ؟؟!!


وبما ان المسؤولين قد سدوا اذانهم باطنان من القطن المستورد والمحلي فانا اطالب المواطنين بان لا يقنعوا  بالوعود والتسويفات  فهي اشبه بسحابة صيف او ربما سراب لا نهاية له , فيجب ان يعبروا عن استيائهم من هذه الاوضاع المزرية  وبأسلوب حضاري وبعيدا عن العنف والفوضوية (( كما فعلها بعض العبثيين والمزايدين الذين يعبأوون الجماهير لمصالح ضيقة وسمجة  )) .
فالاحتجاجات والتظاهرات السلمية هي خير وسيلة للتعبيرعن الرفض وفضح تقصير المقصرين عن واجباتهم  وكشف الفساد والمفسدين الذين اصبحوا مثل السرطانات تاكل وتنخر بالجسد العراقي ، لكي  نصل صوتنا لأبعد نقطة ونؤشر على الاخطاء المتعمدة والعفوية .
فلم يعد بوسع هذا الشعب الضامئ أن يحتمل مزيدا من التجاهل والانتظار .. وكفاه ما تحمله طيلة خمسة واربعين عاما من اقصاء ومن اضطهاد ومن قمع للحريات واخرها تجاهل ابسط متطلباته الحياتية .


ولاحاول ان اخاطب هذه المرة السؤولين علهم ينزعوا القطن عن اسماعهم بان كفاكم نفاقا وكفاكم كذبا واستيرادا للقطن ، لابد ان توفروا لشعبكم ولمن اوصلكم لسدة الحكم واجلسكم على وثير الارائك العيش الهانئ وبحده الادنى على اقل تقدير  , وياحبذا لو قمتم باستيراد مكيفات الهواء  للعراقيين  فهي وحدها من تستطيع ان تثلج صدورهم وهم تحت حر الصيف اللاهب الذي لايتحمله احد سوى العراقيين " هذا بعد ان تحلوا قضية الكهرباء المزمنة والتي امتدت معاناتها لاكثر من خمس سنوات وكانها معضلة مستعصية أو كانها علم من علوم السماء الغامضة " !! .


 فهل منكم ياسادة يا مسؤولين  من سينزع عن اذنيه القطن ولو لدقائق معدودات ليسمع نداء هذا الشعب المغلوب على امره  ؟؟!!أشــــــــك في ذلك

مهند الحسيني
muhannadalhusynni@gmail.com