المحرر موضوع: هل نحن فعلا أصحاب قضية أم يكفينا فقط أن نتغنى بأمجادنا التاريخية !؟  (زيارة 1524 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sherzad Sher

  • اداري منتديات
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 333
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل نحن فعلا أصحاب قضية أم يكفينا فقط أن نتغنى بأمجادنا التاريخية !؟
شيرزاد شير
 
طوينا قبل أيام معدودة صفحة أخرى من تأريخنا الحديث، بتتويج مرحلة جديدة من الانقسام الديني والطائفي والمذهبي والقومي والمناطقي في بلدنا وخرجت الانتخابات الأخيرة ثانية علينا بلوحة قاتمة الألوان،  متشابكة ومتناقضة إلى العظم ، ستنجلي معالمها الحقيقية خلال الأربع سنوات القادمة بما تحمله للمواطنين من مفاجئات.
لقد أثبتت الانتخابات الماضية بأننا نعيش في عالم أخر يختلف كثيرا عن ذلك العالم الذي كنا نحلم به أو نحاول رسمه في مخيلتنا، وأظهرت  بكل وضوح بطلان الكثير من النظريات والفرضيات والاجتهادات التي حاول البعض الارتكاز إليها أو التعويل عليها في حساباته الانتخابية، وأن بلاد ما بين النهرين ليست تلك البقعة الجميلة من أرضنا التي  اشتهرت يوما ما بالجنائن المعلقة ولا بشريعة حمورابي أو كانت لعهود خلت بؤرة للفكر النير والعلم والثقافة والحضارة والرقي والتقدم ! لا  أنها ليست تلك البلاد !؟

لقد تغيير كل شيء والحبل على الجرار وأن السمة السائدة لواقع العراق في الوقت الحاضر هي الابتعاد الكلي عن كل ما هو إيجابي في ماضيه، بل ومحوه من الوجود وقلع جذوره من أعماق هذه التربة وليس السعي إلى الأفضل عبر الاستناد إلى الإرث الحضاري العريق لشعوب الرافدين وكنوز العظماء وعلومهم في  البناء والأعمار وتحقيق الازدهار والاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين من ذوي التقاليد التاريخية في كل مجالات الحياة لفسح المجال أمام الإنسان لتطوير قابليته وتنمية كفاءاته ومواهبه.
بالعكس، تتأصل وتثبت أقدامها وعلى أطلال أور وبابل وعشتار غرائز ومفاهيم وعادات غريبة جدا علينا، وتفرض على الإنسان شروط  وضوابط  تعود إلى القرون الوسطى ولم يسمع عنها شيئا في السابق، تقيده وتشد أقدامه وساعديه وتجعله مشلولا، وقد لا تجد مثيلا لها في كل تأريخنا الحديث.
 
ويبدو لي في الكثير من الأحيان بأننا في عصر نقتطف فيه ثمار عقود من المسخ المنهجي والمبرمج والمخطط بعناية والتغييب ألقسري لذاكرة الإنسان وإنسانيته وتحطيم قيمه ومثله. وقد طال التشويه المتعمد والمقصود والتدمير والتخريب والإفساد كل مفاصل الحياة وشرائح اجتماعية كبيرة، مهنتها وحرفتها الأساسية هي السرقة والتحايل والتزوير والتلاعب بمقدرات هذا البلد. هذه المجاميع البشرية التي تحاول اليوم وبشتى الوسائل والسبل أن تترجم ذلك الى الواقع وتجعله أمرا طبيعيا، ملازما لحياتنا.
سيسبقني حتما الكثيرون في تحليل الأوضاع الحالية ونتائج الانتخابات وإفرازاتها المستقبلية وأنه وبكل تأكيد سابق لأوانه وبرغم تصوراتنا الأولية أن نستبق الأحداث والتطورات وما سينجم عنها في الساحة السياسية العراقية وتناقضاتها الكثيرة. أن ذلك الأمر سأتركه لغيري من المهتمين والمختصين بالشأن العراقي العام.
أما أنا فسأحاول هنا أن أقف فقط عند تلك المعطيات والحقائق التي تخصنا نحن أبناء الشعب الكلداني الأشوري السرياني بالدرجة الأولى وتلك التي هي أقرب إلينا، عسى ولعل أن أوفق في تغطية جانب منها:-

أولا:  أن كل مكونات الشعب العراقي تعي جيدا ما تنشده وما تصبوا إليه باستثناء أبناء شعبنا، الذين تعاملوا مع هذه الانتخابات وكأنها لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد...!؟ واستنادا الى النتائج الأولية التي تم نشرها في وسائل الإعلام فإن نسبة المشاركين من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني كانت أقل نسبة من بين كل المكونات الأخرى وبلغت بالكاد 60% منهم ... فعلى سبيل المثال وليس الحصر،( كانت نسبة مشاركة الكورد حوالي 90% من الناخبين ).
أن هذه الظاهرة جديرة بالتمعن والتدقيق وينبغي علينا دراستها بجدية ومن جميع جوانبها وتحديد المسببات، لاستخلاص العبر المفيدة منها والعمل على معالجتها في المستقبل.   

ثانيا: أن وفق أكثر النتائج تفاؤلا فإننا قد لا نحصل إلا على موقع واحد فقط في البرلمان القادم من إحدى القوائم القومية "الخالصة لأبناء شعبنا" ويا ريت لم يكن ذلك الموقع أيضا، لأنه وبلا أي شك سيرسخ أكثر عقلية التعالي السائدة بين سياسيينا ويعمق الشرخ في  الجسد المترهل والمريض لشعبنا البائس!!!؟ ( ويحتمل أن يجري التعامل معنا بطريقة خاصة تحفظ لنا قطرة من ماء الوجه ويدخل واحد أو أثنين آخرين حلبة مجلس النواب عبر كرم القائمة الكوردستانية أو إحدى القوائم العراقية ) ...! وسنشهد طبعا قريبا مراسيم تصوير هذه الهزيمة الشنيعة والنكراء إلى نصر مبين لهذا القائد الضرورة الأوحد أو هذاك وسوف تبدأ جولة جديدة من الرقص والغناء وإقامة الحفلات وسوف نزمر ونطبل لانتصارنا العظيم ونعيد أمجاد بابل وأشور!!!
وهذا يعني وفي أحسن الأحوال بأننا ( نحن المسيحيين والبالغ عددنا أكثر من نصف مليون شخص ) سنمثل ب(3 أو 4 مقاعد من مجموع 275 مقعد في المجلس النيابي القادم)، وأنا أشكك سلفا في صدق وإخلاص هؤلاء لقضية شعبنا! لأن مهازل التناحر بين "مندوبينا" في الجمعية الوطنية المنحلة حية في ذاكرة أبناء  شعبنا وأن الكثيرين  لن ينسوا بهذه السرعة ما شاهدوه حينئذ.   
 
ثالثا: أن هذا دليل قاطع على أننا لسنا بمستوى التحديات والتطورات المصيرية والسريعة التي تعصف ببلدنا وأننا نعاني في الوقت نفسه من حالة من الخدر والخمول واليأس القاتل والإحباط وفقدان الأمل والثقة بقدراتنا وإمكانياتنا الذاتية وقد وصلنا إلى نقطة النهاية وبدأنا نصول ونجول في دائرة فارغة ومغلقة لا أحد أخر غيرنا فيها ولا مخرج لنا منها.

رابعا: كان من المفروض و المتوقع أن نتعلم قليلا من إخفاقاتنا وتجاربنا الذاتية السابقة ومن خبرات أخوتنا العرب والكورد والتركمان وغيرهم وأن نحذو حذوهم في رص الصفوف وتوحيد الكلمة في سبيل تحقيق الهدف الأسمى في إثبات الهوية والحفاظ على الخصوصية القومية وتحمل جزء من المسؤولية الوطنية لكي يحق لنا أن نطالب بالحقوق ومن ثم تلبى طموحاتنا وتطلعاتنا.

خامسا: أن لا خير في أحزابنا ومؤسساتنا ومراجعنا ومنظماتنا و"رجالاتنا الحكماء" وأنهم جميعا كانوا يتاجرون بشهدائنا ومصائرنا ولم يكن يهمهم شيء أخر سوى تسلسلهم في القوائم ومكانتهم الخاصة، ونحن شهود ومن خلال تعايشنا اليومي مع مناوراتهم ومشاحناتهم  وشجارهم على أنهم يفتقدون إلى أبسط مقومات وشروط البقاء في مراكزهم ومواقعهم ومن الأجدر بهم كلهم أن يرفعوا أياديهم أولا وأن يتحلوا ولو مرة واحدة بالجرأة الكافية في الاعتذار من شعبنا على الوضع المزري الذي هو فيه نتيجة لصراعاتهم الجانبية والجهوية والفئوية والمذهبية والحزبية والشخصية الضيقة وفي سبيل تحقيق مكاسب ذاتية وآنية على حساب مصير ومستقبل أجيالنا القادمة. لقد أوصلوه إلى الحضيض وأنه لمن العار أن يتفوه أحدهم بكلمة بإسمه.

سادسا: أظهرت الانتخابات وبجلاء أن شعبنا لا يثق بقياداته "الحكيمة جدا"، وكتحصيل حاصل لذلك  فأنه ليس مستعدا للتصويت لصالحهم والجري ورائهم أو تنفيذ رغباتهم، وأن الأكثرية العظمى من المصوتين قد أعطت أصواتها  لقوائم  شاملة كالقائمة الكوردستانية والعراقية الوطنية وغيرها.

سابعا: لقد كشفت أحزابنا عن حقيقتها وأزالت الأقنعة عن وجوهها وأثبتت للقاصي والداني بأنها لا تشعر بالانتماء إلى هذه التربة، بل وأنها غريبة عليها... فأنها لا وطن لها ولا قضية وبالتالي فليس لها خيار أخر غير الجلوس في أحضان الآخرين وأن تنتظر الصدقات من هذا وذاك أو قد يعطيها أحدهم لقمة خبز، ولم يبقى لنا نحن المساكين في هذه الدنيا أملآ إلا أن نرجو الخالق أن يرأف بحالنا!؟ [/b][/size][/font]