الحوار والراي الحر > المنبر الحر

أه لو نطقت الاحجار

(1/1)

Nineb Lamassu:

أه لو نطقت الاحجار


الاسبوع الماضي زارني السيد صبري عتمان وهو صديق الفكر والعقيدة هنا في لندن للقاء مؤسستي فيروديل و كوميداس لغرض التداول بحدثين متعلقين بسَيفو  والتي تنظمهما مؤسسة فيروديل بالتعاون مع كوميداس في منتصف يناير القادم للتزامن مع اليوم الوطني  التي تحتفل به بريطانيا سنوياً بنكرى محرقة النازية .
وخلال زيارة الاستاذ صبري عتمان، تم اللقاء بشخصيات اشورية بارزة منها الاب القس الدكتور خوشابا كيوركيس، السيد جوني مايكل ومجموعة من الشباب الاشوري الواعد، وقد قمنا ايضاً بحضور مأدبة عشاء خاصة نظمت من قبل مؤسسة كوميداس على شرف البروفيسور هيلمر كايصر المؤرخ المعروف والمتخصص في مذابح 1915. وخلال هذا العشاء القى البروفيسور كايصر كلمة قصيرة تمس بعض التغييرات في الوصول الى الارشيف الوطني لتركيا والذي وصفه بـ "وجهان لعملة واحدة" وكذلك اسهب بتحليل شامل للسياسات الحالية المتبعة في تركيا وكيف ان تلك السياسات تحاول المناورة في موقف تركيا حيال المذابح المرتكبة بحق الاشوريين والارمن وبعدها تم مناقشة عدد من الاسئلة التي اثيرت حول سَيفو  مع البروفيسور.
وفي طريق العودة الى مكان اقامتي، الخط الرئيسي (Central Line) لنفق القطار (Tube-Subway) كان مزدحم كالعادة مخلفاً وضع او بيئة غير مريحة. القطار كان مزدحماً يدفع الواحد منا الى الخروج من حالة غريبة من العزلة التامة.
كانت هذه تلك الحالة التي وجدت فيها صبري في القطار تلك الليلة عندما لمحته يحمل حجر صغير في يده، كان يحمله كما يمكن ان  تحمل الام حياة الناجي الوحيد من ابناءها اذا كانت حياته متعلقة بوجوده في راحة يدها. وبدون ان أتوقع جواب مفصل سألته ماهذا الحجر الذي في يدك؟ وقد اجاب "منذ مغادرتي لقريتي الصغيرة بدون رجعة، ومنذ سنوات كنت احلم بالعودة الى ذلك المكان المقدس، لم يكن من الممكن الوصول ولو بشكل قريب من قريتي ولكن هذا الحجر انتقل من قريتي ولعدة اميال وقد تدبر امره في الوصول لي!"     
وقد تنهد لبضع ثواني وبعدها استطرد الحديث قائلاً "هذا الحجر يعني كل شي بالنسبة لي، جذوري هي من هذا الحجر واشاركه كل افراحي واحزاني.
وكما تعلم انني اعمل وبشكل جاد للاعتراف بسَيفو  ومنذ عدة سنوات، ولهذا السبب قد اكتسبت العديد من التجارب نتيجة تعرضي بجملة من الصعوبات والتي ارغب في ان اجنبك ملل او ضجر الاستماع اليها ولكن استطيع ان اخبرك انني تلقيت عدد من التهديدات والاجبار بالاكراه.
سَيفو  ليس مجرد شخص يقوم بكتابة المواضيع والقاء المحاضرات , سَيفو  هو قضية كبيرة ومعقدة ويجب علينا جميعا ً العمل على كافة المستويات المختلفة لانجاز ذلك الاعتراف، وبالاضافة الى الجانب الاكاديمي, فأن سَيفو يعتبر مسألة  سياسية، تأريخية، قانونية، انسانية وهوية شعب.
"انا اؤمن واشعر بأن هنالك حاجة ملحة للعمل الجدي وعلى كافة المستويات، وكل اسبوع اتنقل حول اوروبا لالقاء المحاضرات وكل مكان اقصده احاول جاهداًَ استثمار فرصة لخلق شبكة من الاشخاص والذين يشاركونني نفس الايمان في هذا العمل. ومؤخراً قد قمت بتأسيس علاقات جماعية مع افراد ينتمون لجنسيات مختلفة ومنها اليهود،الاكراد،الاتراك،الارمن، السويديون،الالمان والعديد من الجنسيات الاخرى.
"انا دائماً اكتب لمجلات متنوعة مؤيد لقضية سَيفو  ومدافعاً عنها في جدال ونقاش ساخنين مع المعارضين لتلك الفكرة وابذل جاهداً لتشجيع وتحفيز الشباب لأخذ تلك المسأله بجدية وكذلك قمت بتسجيل كافة الشهادات للأشخاص الناجين من الكارثة وفي الماضي القريب واستطيع القول انني تمكنت من العدو بسرعة 42 كيلومتر بالساعة في ماراثون الاعتراف بسَيفو  وايضاً حاولت مدركاً لاهداف صادقة لشمول الكنيسة-المؤسسة الاشورية الكبيرة- لتصبح اكثر فعالية في تحقيق الاعتراف بسَيفو ".
قمت بذلك كله خلال مروري بضائقة اقتصادية مزمنة وكبيرة وانا وبمحدودية المال استطعت ليس لعمل ماأعمله الان وبحسب ولكن وبشكل اكثر للمحافظة على ديمومة العمل هذا كما انا مستمر بعمله لغاية الان. علماً بانني  لم استلم ولا فلس واحد من اي شخص ولحد الان.
وفي الاستنتاج، لقد امتلكت خبرة في مجابهة عوائق عديدة ولكن هذا الحجر قد خلصني منها وكأن فيه  شيْ استمد منه قوتي في الاستمرار.
وبعد مناقشة طويلة طلبت منه مشاركته في ماذا يفكر او ينظر تجاه موقف تركيا الحالي من سَيفو  وقال:
" بعد مضي ثلاث اشهر البروفيسور يوسف هالاجاوغلو رئيس جمعية تاريخ الاتراك والداعم لموقف انقرة الحالي، قال من خلال قناة الوطنية التركية (TRT) والتي يمكن مشاهدتها حول العالم "نحن ندرك تماماً بالادعاءات التي يدعيها الاشوريين ونحن سوف نتتبع او نسترشد بكل فعالياتهم." واكمل كلامه بالقول "سوف نستضيف صبري عتمان لهذا البرنامج ونخجله باثبات نقيض ادعاءه." اني مازلت منتظراً لاستلام الدعوة! ومتى مايتم أستلامتها هذا اذا استلمتها سوف اكون مسروراً للدفاع عن القضيةالعادلة لشعبي".
وبموجب بروفيسور هالاجاوغلو ، عندما وقع سَيفو  كان هنالك 50,000 اشوري لهذا السبب لم يكن هناك 750,000 ضحية. "طبعاً هذا ليس الا اكذوبة لان هذه السياسة مبنية على موقف انكار وتراجع عن قول الحقيقة.
  وبعدها اكمل صبري حديثه قائلاً, "الشهر الماضي كان البروفيسور هالاجاوغلو يقتبس من اي ان كي اي وكالة الانباء التركية بالقول "نحن مستعدون بالاستجابة لكل الادعاءات التي يزعمها الاشوريين وايضاً نحن ننظم حملة ضخمة لعام 2006 لتحفيز 5 ملايين تركي مشتتين في دول اخرى للانتفاض ضد تلك الادعاءات الملفقة والخاطئة.
ومن ثم استنتج صبري "عند تعلق الموضوع بسَيفو نحن نشعر فعلاً بالضعف على الرغم من كل تلك الانجازات المتحققة لحد الان، وعلى الرغم من رفع ذلك الموضوع الى درجات او مستويات جعلته مثار تعقب انقرة لتلك الفعاليات. نحن يجب ان ننظم انفسنا على وجه السرعة وبصورة افضل لكي نكون مستعدين ليس فقط لموقف الدفاع بل لنكون اكثر حيوية وفعالية في توجيه ضرباتنا بعد تبني اي موقف هجومي.
تلك الليلة لم استطع الكف عن التفكير بالحجر الصغير وعلاقته مع صبري، هو ربما مجرد حجر صغير ولكن يمثل البقاء والكفاح للامة، ربما يكون غير حي اي جماد ولكن بامكانه ان يزود القوة والحافز للعملاق، الانسان الذي لايمكن كسره كما هو الحجر نفسه، الانسان الذي يشبه ذلك الحجر الصغير يمثل الصراع ، البقاء وشجاعة لامة عنيدة ترفض الموت او الفناء.
ومنذ تلك الليلة في القطار لم استطع الكف عن التفكير بـ"اه لو نطقت الاحجار" ولكن استطعت تهدئة روعي بامتلاكي شرف التكلم مع كلاهما الاسبوع الماضي. كم هو ممتع الحديث مع الاحجار.



                                    نينب لاماسو
                     لندن – المملكة المتحدة[/b]

تصفح

[0] فهرس الرسائل

الذهاب الى النسخة الكاملة