كلهم يملكون الاكثرية... الا انا
ابان مرحلة الكفاح ضد النظام البعثفاشي، كانت تعقد لقاءات بين اطراف المعارضة حينها بغية اقامة جبهات عراقية لاسقاط النظام، وكان من العقد التي يواجهوها اصرار البعثيين العراقيين الموالين لسوريا، انهم الاكثرية ويملكون مليوني عضو في العراق، وعلى هذا الاساس كانوا يطالبون بزعامة المعارضة، بالطبع انهم كانوا يحسبون كل من هو بعثي وان كان من مؤيدي صدام سيلتحق بهم حالما يتم القضاء على بعض رموز السلطة القائمة، ولم يسألوا نفسهم ان كان البعثيون العراقيون حقا بعثيين ام انهم التحقوا بالحزب ليظمنوا مستقبلهم ومستقبل عوائلهم، فهذا لم يهم البعثيين الموالين لسوريا، فمعارضتهم لنظام لم تكن على اساس نهج مختلف بل على اساس قيادة مختلفة.
اما الاسلاميون فيطرحون شعار تطبيق الشريعة الاسلامية او عدم مخالفة القوانين للشريعة وهو وجه اخر لتطبيق هذه الشريعة، وحجتهم انهم اكثرية الشعب العراقي ويحق لهم ذلك، طبعا انهم كمسلمين اكثرية ولهم الحق في القول ان المسلمين اكثرية ولكن السؤال هو هل ان الاكثرية من هذه الاكثرية من المسلمين تريد تطبيق الشريعة ام لا، والسؤال الذي يليه اي نوع من الشريعة، هل الشريعة التي تعتمد على تفسيرات حنفية ام ابن حنبل ام ابن مالك ام الشافعي ام الشريعة المعتمدة على التفسير الشيعي الاثنى عشري للشريعة، اما تعارض الشريعة مع حقوق الانسان فلا احد يتحدث بها مطلقا وكانها والاعلان العالمي لحقوق الانسان صنوان.
يطرح العروبيون (لا زال البعض يتبع هذه الايديولوجية رغم كل ماحدث وبلا خجل) انهم اكثرية اهل العراق ولذا فهم الذين يحددون وجه الحضاري (هل يمكنكم تخمين لون هذا الوجه) وان العراق على هذا الاساس هو جزء من الامة العربية ذات الرسالة الخالدة (برسالة خالدة انتجت امثال صدام وعفلق فكيف بدون رسالة خالدة؟) وعلى اساس اكثريتهم سيعملون لتحقيق الوحدة العربية، لكي تقارع اوكار الصهيونية والاستعمار والامبريالية، وهات يا حروب بدون نهاية وهات هزائم تتلو هزائم ولكنها في الاعلام تتحول بقدرة قادر الى انتصارات مدوية تهز عروش وكروش الاعداء.
يطرح الاخوة المؤمنين بانهم كلدان اصلاء من صلب نبوخذ نصر ونبو بلاسر وبلشاصر، انهم يشكلون 80% من الشعب (المسيحي) في العراق، ولذا يحق لهم ان يستأثروا بهذه النسبة مما يمنح للمسيحيين من المناصب، كما انه على اساس هذه النسبة يجب ان يسبق اسمهم اسم الاشوريين لو قبلنا ان ندرج الاسماء الثلاثة كتسمية لشعبنا والافضل مع واوات وياحبذا لو ادرج اسم التركمان كفاصل بين الكلدان والاشوريين، ويليهم السريان والارمن، ولم يتقدم احد لنا متى عملوا كل هذه الاحصاءات وهل كل من يقول انه كلداني يؤيدهم في ما يطرحون، اليس من المعقول وجود كلدان يؤمنون انهم اشوريي القومية كلداني المذهب هذا كمثال، وليس لاشعال حرب الردود.
تطرح بعض الاحزاب الاشورية نفسها كممثلة لاكثرية الشعب الاشوري الاصيل من صلب اشور بانيبال وسركون الاكدي وحمورابي، الحقيقة انا لا ادري هل انا من صلب احد هؤلاء او من صلب فلاح من فلاحي بستان احد هؤلاء، اقول يقولن انهم يمثلون حقيقة الشعب واكثريته، كما يمثلون اصالته التي يحاول البعض تشويهها بالقبول باسماء قطارية، ولذا فالمفروض بالجمعية الوطنية العراقية ان تأخذ بكلمتهم ورأيهم وتدرج اسم الاشوريين فقط لانه الاصح والاكثر اصالة (بالطبع انا لا اقصد اصالة نصري) وتجري في عروقهم الدماء الزرقاء.
اما الاخوة السريان فيقولون انهم يمثلون الاكثرية الساكتة التي ترغب بالوحدة تحت تسمية سوراي لانها معهم منذ اكثر من الفين من الاعوام، وعلى اساس تمثليهم الصامتون من القول والصراخ فيفضلون ادراج اسم السورايي في الدستور القادم ولتلافي كل الاشكالات التسمية القطارية (هذه القطارية ليست من انتاجي ولكنني استعرتها من الاخوة الاشوريين الذين لا يقبلون الا باشوريتهم).
اما انا المسكين فلم اشعر ابدا انني من اي من هذه الاكثريات، دائما يتم اشعاري بانني من الاقليات المسحوقة (او الكادحة او المستضعفة) والتي لا يحق لها ان ترفع صوتها، والمشكلة انه حتى في البيت يلتف على ابنائي وزوجتي واشعر حقا انني من الاقليات التي لا حول لها ولا قوة.
تيري بطرس