المحرر موضوع: مجتمعات الخوف :  (زيارة 635 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مروان ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 189
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مجتمعات الخوف :
« في: 16:31 12/10/2008 »
مجتمعات الخوف :



                                                                                                مروان ياسين الدليمي



ان اي مسلم مؤمن بالله الواحد الاحد وان الله هو الخالق لهذا الكون والمسؤول عنه . وتسييره الى ماشاء هو . لابد ان يشعر بالخجل والحرج الشديد وهو يرى امام عينيه اخوة له في الوطن من المسيحيين يتم الاساءة لهم وتجريدهم من مواطنتهم وحقهم في العيش على تربة وطنهم .دون ان يحرك ساكنا . وقد يكون للناس عذر في ذلك، لقسوة ودموية الجهات التي ترتكب تلك الاعمال الانسانية . وعدم ترددها في ارتكاب ابشع الاعمال ضد من يقف في طريقهم . اويختلف معهم في رأي اوأمر . لكن هذا لايعفينا جميعا من مسؤلية مايحدث .
 نعم نحن عامة الناس من المسلمين  اولا وليس السلطات .من يتحمل مسؤولية مايحدث لاخوتنا في ألوطن . لقد تغاضينا بسكوتنا وصمتنا عن كل الاصوات التي كنا نسمعها عبر منابر شتى، تؤجج مشاعر الحقد والكره والرفض والتسفيه والتحقير لكل ابناء الاديان والطوائف الاخرى غير المسلمه . وكأن هؤلاء ليسوا شركاء لنا في الوطن . يقتسمون معنا فرحه وحزنه وكل المحن والصعاب التي مرت عليه . طيلة وجوده . وكأنا نحن فقط من نمتلك الايمان والحق بهذا الوطن . وكل الاخرين في عداد الغرباء والخونه . من اعطانا الحق ان نجرّم الاخرين .؟ من اعطانا الحق ان نكفر الاخرين ؟ من اعطانا الحق ان نطرد الاخرين من ارضهم ووطنهم ؟ وبأي حق نستنكر على الصهاينة ان يطردوا الفلسطينيون من ارضهم . ونصفق في ان واحد لمن يطرد مسيحيا من وطنه ؟ اي عصر من النفاق والكذب نعيش . ان الدين حق والحق لايقبل القسمة والتجزئة . نحن لطالما ادنّا وشتمنا  العالم الغربي كونه يكيل الامور بمكيالين وهو يتعامل مع قضايا تخص العرب والمسلمين . لكننا لاندين انفسنا قبل ذلك ونحن نقيس الامور في اوطاننا ومع ابناء شعبننا بالف مكيال . ونحن بذلك عنصريون وطائفيون وقبليون وهمجيون قبل ان يكون العالم معنا عنصريا وطائفياوهمجيا .


 نحن الذين اعطينا الفرصة للعالم لكي يتعامل معنا بمثل مانتعامل مع انفسنا ومع ابناء جلدتنا . ان تهليلنا وتصفيقنا وترحيبنا لكل اساليب العنف والموت والدمار في علاقتنا مع الاخر هو الذي هيأ الارضية المناسبة لموت كل المشاعر الانسانية فينا ولم نعد نشعر بالاسى والحزن على الضحية التي تسقط امامنا . بل بتنا نتلذذ في التمثيل بها وسحلها وحرقها وتعليقها على اعمدة الكهرباء والجسور بل ونرميها بين النفايات والقاذورات .هكذا فعلنا حين سقط الحكم الملكي بأيدي العسكر عام 1958  . وهكذا فعلنا ايام الشواف في الموصل وكركوك .1959  وهكذا فعلنا في الكثير من قرى الاكراد منذخمسينات القرن الماضي وحتى نهاية القرن . وهكذا فعلنا في الكويت . وهكذا فعلنا في كل ارجاء العراق حين سقط النظام السابق . لنُسقِط نحن معه كل العراق،  بما ارتكبناه من نهب وسلب وقتل . والامر لم ينتهي بعد . . .  هكذا حلت بنا قيم وممارسات وحشية، بديلة عن كل القيم النبيلة التي يدعو اليها الاسلام .
أنا ، ياخذني العجب من الملايين التي اراها تتوجه الى دور العبادة وهي تسجد لله وتذرف الدموع اثناء دعوات الخطباء والائمة . خوفا من غضب الله وطلبا للرحمة والمغفرة منه . حين ارى تلك المشاهد على الشاشات الفضائيه . بينمااصطدم بالواقع المر بكل قسوته وقذارته و دمويته،  اصاب بالذهول . اي مجتمع نحن ! يلبس الف قناع وقناع . . .  يغلفنا الكذب والنفاق من رأسنا الى اخمص اقدامنا . .
ان مايحدث الان ماهو الا مقدمة لسقوط دراماتيكي كبير ومهول لمجتمعاتنا العربيه والاسلاميه . مادمنا تخندقنا وراء متاريس التخوين والتخويف والترهيب . لكل من لايشاطرنا الرأي او الدين اوالقومية او الطائفة اوالمذهب . او القبيلة اوالفخذ . او المدينة او الحي !  امسى هذا المجتمع العربي الاسلامي يعيش وهم الخوف . الخوف من كل شيء . من الحاضر والماضي والمستقبل والعلم والعالم ،   يخاف الاقليه ويخاف من الاكثريه يخاف من الطبيب فيقتله . يخاف من الاستاذ الجامعي فيقتله . يخاف من الفنان فيقتله . يخاف من الشرطي والجندي فيقتلهما . يخاف من المدني فيقتله . يخاف من الناس في الاسواق فيقتلهم . يخافهم في المستشفيات فيقتلهم . يخافهم في الجامعات فيقتلهم . يخافهم في الجوامع فيقتلهم . يخافهم في الكنائس فيقتلهم . بات الخوف يحكمنا في كل شؤونا ، وبتنا نخاف من كل شيء حولنا . الا الله ، لم يعد يخافه احد في مجتمعاتنا .


 فهل يحق لنا بعد كل الذي نقترفه ونشارك بارتاكبه صمتا وسكوتا . ان نقول نحن مسلمون .ان  محمد (ص) وصحبه الكرام . كانوافي بداية الدعوة بضعة انفار ، الا ان القيم الانسانيه التي حملوها كانت اكبر من ان تتسع لها كل الجزيرة العربية . واتسعت لهم  كل بقاع الارض التي وصلوا اليها بايمانهم قبل سيوفهم . لانهم كانو ا مدركين،  ان قوة الخوف والارهاب للاخرين لن تغير عقول وقلوب الاخرين . لان هذه القوة  زائلة في يوم ما . ولتعود الناس الى ماكانت عليه . بل اشد عنفا وتطرفا .. كان ايمانهم اولا واخرا بالعقل والحكمة التي تقود الناس لرؤية النور من بين الظلمة . وان قيادة الشعوب لاتحتاج إلا ان تخاطبهم باللتي هي احسن،بالحكمة والموعظة  .
 ان مايجري من ترهيب وتهجير للمسيحيين لن يخدم المسلمين بشيء . وغبي من يعتقد خلاف ذلك بل مجرم من  يعتقد ويؤمن بذلك . فما من الحكمة ولاالشجاعة ان تميل الى استعمال القوة الغاشمه مع من كان اضعف منك قوة وعددا .. ولن تشعر بالرضا مع نفسك ولابالامان بعد ان تكون قدظلمت من كان بحاجة الى عونك . .
ان الظلم والظالمين لم ولن يكونوا بعيدا عن عقاب الله سبحانه وتعالى . والامثلة القريبة التي مرت بنا كثيره . فكم من باغي وطاغيه توهم بقدرته وقوته على تسيير الحياة مثلما يشاء لكن الله كان له شأن اخر ومسار اخر . ان الله واحد احد لايشاركه في الحكم احد . فلاتتوهموا وتحكموا على مصائر الناس بديلا عن الله ، مثلما تشتهي انفسكم  . . فالمكر السيء لايمحق الا بأهله .