المحرر موضوع: أين الواقعية في رفض المعاهدة العراقية – الاميركية ؟؟!!  (زيارة 749 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند محمد الحسيني

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 21
    • مشاهدة الملف الشخصي
أين الواقعية في رفض المعاهدة العراقية – الاميركية  ؟؟!!

بقلم : مهند الحسيني
 
من المفارقات الغريبة والعجيبة أن العراقيين لم يتفقوا لهذه اللحظة في تعريف مفهوم الوطنية ، كما لا توجد لحد ألان أي معايير تفصل بين من يتصف بالوطنية وبمن لا يتصف بها ، لدرجة أن البعض أحيانا يختزل المفهوم الوطني بشخصه وبمعتقداته الخاصة ، فكل من يتقاطع مع شخصه أو معتقده نراه لا يتورع عن سلب غريمه الوطنية وكل القيم الأخلاقية وحتى ثقافته ربما يسلبها منه لأنه وبزعمه لا يوجد أي مثقف يجوز أن يخرج عن الأيدلوجية إلي يعتنقها ومهما كانت هذه الأيدلوجية !! .
 
وفي هذا الوقت الذي كثر الحديث واللغط حول الاتفاقية المزمع عقدها بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية ، فبين مؤيد ومعارض لها كتبت المقالات وفتحت قريحة أقلام الكثير من المثقفين العراقيين حول هذا الموضوع تحديدا ، وحجة المؤيدين أن هذه الاتفاقية تعتبر صمام أمان للعراقيين   لأنها  سوف تقطع الطريق على كل من يفكر باعتلاء سدة الحكم في العراق عن طريق الدبابة + بيان رقم (1) ، وسيضمن العراقيين بأنهم لم يروا مجددا مشاهد السحل والقتل العشوائي والجثث المعلقة على وزارة الدفاع وغيرها من المناظر المقززة باعتبار أن العراق قد أصبح من الدول التي تقع تحت هيمنة المصالح والرساميل الأمريكية .
أما في الجانب المعارض للاتفاقية فنجد أن حلولهم لا تختلف شيئا عن حلول المقاومة الشريفة جدا جدا (( التحرير الناجز أو الموت الزئام لكل العراقيين وليست مشكلة كيفية الموت لانهم يمؤمنون بالمقولة التي تقول تعددت الأسباب والموت واحد !! )) ، وأسلوبهم الخطابي والشعاراتي  بإخراج المحتل يشبه إلى حد ما أسلوب الخطاب العربي الأهوج الذي يخلو من الواقعية .
وشخصيا  لا انكر على هذا الفريق رؤيتهم من حيث المبدا ، ولا أريد أن انتقص من وطنيتهم ولكن تعميم نظرتهم على إنها مثال الوطنية وما دون معتقدهم هو الخيانة والعمالة والارتماء بأحضان المحتل الأجنبي والارتزاق منه  هو ما أنكره عليهم  ، فكلامهم عن الكرامة والحرية هو أشبه بكلام المقبور الذي كان يعظنا به 25 ساعة يوميا ومن على جميع قنوات الإعلام العراقي (( المسموع والمرئي والمطبوع)) فأما أن تكون معي وتكون الوطني وأما أن تعارضني فستصبح العبد الذليل للأجنبي !!! .
 
فكما لا يخفى على هذا الطرف (( المعارض للاتفاقية)) أن الحرية والكرامة التي يتكلمون عنها لا تسلب فقط على يد الأجنبي بل أحيانا كثيرة تسلب هذه المسميات على يد أقرب الناس لنا من أبناء جلدتنا ولكم ماحصل للعراقيين على يد بلاشفة العصر الاسلاوميين المتطرفين شيعة وسنة  من إشاعة الحجاب ألقسري وتكميم أفواه المعتدلين ومن  تهجير وخطف وقتل وذبح وتفجير، وأيضا ما يحصل في الدول العربية (( المسلوبة الإرادة من قبل حاكمها والأجهزة القمعية الخاصة به)) خير مثال على أن الاحتلال واحد وان تعددت هويته فالأجدر بهم أن يغيروا من قاموسهم الذي يعرف المحتل عموما وبعيدا عن الهوس والعاطفة  وليخبرونا من هو  أهون الشرين على العراقيين هل هو المحتل الأجنبي ام المحتل القبلي - الايدلوجي - الراديكالي الفاشيستي ؟؟!! .
وهناك أمر أخر وهو أن أغلب المنظرين لهذه المعارضة هم أصلا يعيشون تحت ظلال حرية (( الأجنبي )) ويتنعمون بنعمته !!! ، واحدهم يطالب العراقيين وبكل وقاحة ((وكأنه جيفارا عصره)) بتقديم التضحيات لينال العراق حريته من المغتصب الاجنبي !!  فهل من المعقول أن شخص يتكلم عن الكرامة والحرية وهو يطالب الفرد العراقي من على أريكته الوثيرة في بلاد الفرنجة وهو يدعوهم ((بطريقة زعيم القبيلة )) بان يريقوا أخر قطرة من دماءهم لنيلهم الاستقلال الناجز  !!
وأخر يستشهد برفض المرجعيات الدينية لنص هذه الاتفاقية وكانما المرجعيات قد أصبحت الفيصل المطلق في البت بشؤون دنيانا ، ولا اعلم حقيقة هل يريد أن يجعل من العراق ولاية يحكمها فقهاء الخواتم والفتوى !!! .
أي منطق هذا ؟؟!!
وأي نكتة سمجة هذه التي تقصونها علينا ؟؟!!
وأي ثقافة تلك التي يدعيها أمثال هؤلاء الحالمون ؟؟!!
وحقيقة أجد نفسي كانسان براغماتي مجبرا على الوقوف بصف المؤيدين لهذه الاتفاقية  (( رغم  تحفظي  على بعض البنود التي حوتها مسودة الاتفاقية)) لما فيها من رؤية واقعية وبعيدا عن الدون – كيشوتية والخطب الرنانة العنترية المزايدة  والتي لم نل منها غير الكلام الإنشائي المنمق والذي من المحال  أن يطبق منه حرف على أرض الواقع.
 
يا أخوتي ويا سادتي قبل أن تشحذوا أقلامكم وقبل أن تنتفخ أوداجكم أود أن أخبركم بان صاحب هذه السطور هو عراقي مثله مثلكم ولم ولن ينسلخ عن واقعه مطلقا، وليس بإمكان أي شخص أن يزايد على وطنيتي ولسبب بسيط جدا أن هناك عراقيين كثر يشاطروني هذه الرؤية ، ولا اعتقد أن أي شخص عاقل يدعي الثقافة يجرؤ على تسقيط وطنية كل من يختلف مع أرائه  واطروحاته ... لأنها وبشديد البساطة ليست مقدسة فالشئ المقدس الوحيد في هذه الحياة هو الإنسان ولا غيره يستحق أن نضع على أساس مصلحته معاييرنا الأخلاقية  .
فاعتقد أن المواطن العراقي قد تعب وعانى  من هذه الازدواجية (( كثرة الاقوال تقابلها قلة الافعال)) وقد خسر كثيرا بسبب هذه المعايير الوطنية التي تضعونها أمامه على إنها هي مقياس الأخلاق والوطنية المطلق وبدونها يصبح الإنسان لا قيمة له !! ، فلنحاول أن نضع مصلحة هذا المواطن الكادح هو معيارنا الذي نتفق عليه جميعنا  .
فلقد سبق للجماهير المسيرة بفعل هذه العاطفة أن هبت وثارت ووثبت ضد بورت سمورث وغيرها من المعاهدات التي أعطت للعراق ثقل إقليمي حسدته عليه جميع الدول المجاورة   ولكن ماذا كانت النتيجة ؟؟!! .
وتم اخراج المحتل (( أبو ناجي )) ، وأيضا  تم للعراق تأميم موارده وثرواته من أيادي المستثمر الأجنبي .. ترى مالذي استفدنا منه كعراقيين من كل هذا الضجيج والصراخ  ؟؟!! .
فيكفي إعادة لأخطاء التاريخ .. ويكفي تقديس لمسميات لا تستحق أن تقدس ولنعيش الواقع بعيدا عن كاذب الخيال ، ولننظر من يميننا ومن شمالنا من الدول التي كانت لحد الأمس القريب بوادي مقفرة وكيف تحولت خلال سنوات معدودة  إلى قبلة للعمران وللاستثمارات الأجنبية بفضل معاهداتهم الدائمة مع حكومة الولايات المتحدة والتي لا تختلف كثيرا  عن المعاهدة التي تقفون بوجهها اليوم، فهل كتب على العراقيين أن يرزحوا تحت خط الفقر وتحت ظل الانعدام الخدماتي وهم يرون من هو دونهم بنظرة تملؤها الحسرة ؟؟!!
وأتمنى من كل قلبي أن يتركوا العراقيين عنهم هذه الشعارات وهذا الكلام الذي اثبت الواقع بعدم جدواه وبأنه ليس أكثر من شعارات قديمة ومستهلكة لا نفع لها ولا دفع ،  فيفترض بالعراقيين وفي هذه المرحلة بالذات أن يدركوا الطريق النافع في البحث عن مصالحهم  والتي تجعل من بلدهم  أنموذجا رائعا ولو على الأمد البعيد  .... فزرع بذرة اليوم  خير من التحسر على عدم زرعها يوم غد .
 
 
مهند الحسيني
16/10/08
Muhannadalhusynni710@gmail.com