المحرر موضوع: الجرأة حلوة ، لماذا لايخوض البعض غمارها ؟  (زيارة 930 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل zaid misho

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 65
    • MSN مسنجر - zaid_misho@hotmail.com
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الجرأة حلوة ، لماذا لايخوض البعض غمارها ؟
زيد ميشو
zaidmisho@gmail.com

جلّ من لايخطأ

هناك مقاييس للخطأ حسب المكان والزمان ، اي حسب البيئة والمجتمع وطريقة تقييمهم للأمور . فمثلاً الرقص عند الغجر ثقافة ومهنة بينما في أفغانستان كفر وعهر وأبتذال . ضرب النساء في بعض الدول حق من حقوق سلطة الرجل وفي دول أخرى إنتهاك لكرامة إنسان والقانون لايتساهل أبداً في ذلك ، علاقات خارجة عن المألوف بين مثيلي الجنس بعرفنا الشرقي عيب وتحت طائلة القانون بينما في كندا يعتبر ذلك جزء من ثقافة الحرية . 
 في المجتمعات المتطورة ومن يسلك مسلكها من الدول التي تسعى حكوماتها لتطوير شعبها في دول حرمان الحقوق ، يمنح الطفل حق التعبير عن مايقوله ويفكر به  والقانون بصالحه ،  والذي سنه بعد دراسات سيكلوجية جدية ومعمقة في نشأة الطفل النفسية  الصحيحة . في هذه الدول يُقبل برأيه ويتم نصحه إن أخطأ وإن كان على صواب فسيبادر ذويه إلى العمل بموجب رأيه ، فإذا أرادت العائلة إتخاذ قرار في تغيير محل السكن فسيكون من حق الجميع الإبداء برأيهم والإتفاق على رأي واحد . وإن حدث أن أخطأ الأهل فسيبادروا بالإعتذار لهذا الطفل الذي أشار ونبه للخطأ . بينما في مجتمعاتنا الشرقية  الأمر مختلف كلياً وبنسبة  180 درجة . إذ لايسمح للطفل والمراهق والشاب الذين هم برعاية أكبر منهم بالتعبير عن مايقول أو التصويب على خطأ معين فعله الأكبر منه سناً وإن فعل فسيكون ضربه عمل شعبي والكل سيشتمه ويعاتبه والجملة المكررة في هذه الحالة ( ياولد ، كيف تقول ذلك لمن هو اكبر منك سنا). صحيح من حقنا أن نُربي ونفرض إحترامنا على أبنائنا لكن بصورة حضارية تبدأ بالحوار وتنتهي بالحوار وليس بإسلوب همجي يشبه إلى حد ما اسلوب التكفيريين . فمن منا لم يتلقى لطمة على فمه بقول معهود ( أسكت هذا كلام كبار أنت لادخل لك فيه ) ذكرت كلمة أسكت وليس غيرها ، هذا إذا لم يضرب الطفل إذا كان تصويبه بالصميم . أما إذا كان الطفل على خطأ وخرج عن حدود الأدب فسيكون يومه عذاب أليم . 
فلو أخطأ الكبار في البيت أو المعلم في المدرسة أو كبار العمر في العشيرة ويأتي شخص يعتبر صغير بالنسبة لهم ويؤشر على الخطأ فهل سيقبلوه ؟ وهل سيصلحوا مسيرتهم ؟ الجواب معروف ( كلا ) ولماذا كلا ؟ لأننا نتبع أعراف مستبدة  وقوانين عشائرية هرمية ( سلطوية ) وتقاليد مجحفة بحق فئة قد تكون هذه الفئة أطفال أو مراهقين أو شبابا أو صاحب عمل بسيط ، بينما النساء فلهم حظ الأوفر بالتهميش .
هذا إن عبرت عنه بشيء فهو لعمري علة التخلف في المجتمعات ، ونشر سياسة الخنوع إن كان على صعيد عائلة أو عشيرة ويؤثر بالتأكيد سلباً على تقويم مجتمع   .
فهي علة بالفعل رافقت مجتماعتنا لتصبح داء مزمن لايمكن علاجه تلاحقنا أينما كنا وفي أي بلد حرية نعيش  .
الكبار أنواع وأشكال وأخطائهم على قدم وساق ( وهنا لاأقصد كبار السن الذين أكن لهم كل الإحترام ) بل من يراهم الصغار كبار لحكم موقع معين ( كرسي عالي يتربصوا به لاتزاح مؤخراتهم عنها ) وتاج وضعوه على رأسهم لصق بالصمغ المجنون أو في مَحْمَل يجلسون عليه يتناوب الوصوليون حمله .
في الألف الثالث نعيش وكأننا في عصر بدائي ، قبلي ، عشائري ، فيه من يخال نفسه كبير يريد الجميع صغاراً عليهم أن يهلللوا ويزمروا إحتفاءً بطلته ، يأمرهم وينهيهم ، وفي هذا القرن أيضاً هناك من تعودوا أن يكونوا صغاراً أمام الكبار وكباراً على بعضهم البعض . وبين الكبار والصغار ضاع الثائر والمغوار .
فمن ليس كبيراً على شاكلة الكبار وليس صغيراً على نمط الصغار فهذا الذي لايقبل بهذا الواقع المزري ، لايتملق للكبار و يحاول توجيه الصغار وحثهم لتكوين شخصية مستقلة لنفسهم قادرة على إتخاذ قرار سليم ومستقل وعدم التملق والخنوع . وهؤلاء المستقيلن نراهم في الأغلب محاربين ، يكرههم الكبار بإستخدام الصغار .
إذن هؤلاء المعتدلين أصبحوا مثل الأطفال الذين نوهت عنهم في بداية المقال ، الكل يريد إسكاته فالكبار يقولوا له إن لم يعجبك بلط البحر والصغار يزودوه بالطابوق (الباطون أو ممكن الحجر ) كونهم أخذوا كلام الكبار حرف ويصوروا بأن تبليط البحر حالة ممكنة ( إنقياد أعمى ) .
فماذا بإمكان المعتدلين عمله ؟ يتناسوا دورهم الإصلاحي ؟ ينخرطوا بلعبة الصغار والكبار ؟ يتخذوا شعار لاحول ولاقوة أو دع الخلق للخالق ؟ أو يسمع النصيحة التي تقول إهتم بعملك ولاعليك بغيرك ؟ أو نصيحة أخرى أسخف منها ( أنت تتكلم الصواب لكن لادخل لك وليس بمقدورك تغيير شيء؟ أو إنتبه لنفسك فمن تنتقدهم يستطيعوا إيذاءك ؟ أو يتم تطبيق المثل العراقي ( كل لشة تتعلك من كراعها )  .
هذه بعض الحلول التعيسة والتي تزيد على الطين بلة  والتي يخال للبعض بأنها نصائح إلا أن إتباعها سيتم من اليائسين فقط .
كل لعبة بحاجة إلى جهد ومثابرة ، ولعبة الجرأة والصراحة من أجمل الألعاب التي تستحق بذل الجهود وبكل ماأتيح  من إمكانيات ، وبدوري أنصح من كل قلبي أن يجربها الجميع  . فجرأة الكبار ليست بجرأة بسبب الصغار الذين يسندون الخطأ بكامل الإنحناء ، والصغار لاجرأة لهم إلا إذا أمروا بذلك  تماماً كقطعة مسح الأرض تحرك كيفما يشاء حاملها ويعصرها متى ماأراد ومصيرها بعد الإستهلاك معروف .
لكن ، من يبقى واقفاً لايمكن تسلق ظهره .