المحرر موضوع: هذا العلامة.. المعتدل  (زيارة 769 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هذا العلامة.. المعتدل
« في: 15:38 01/11/2008 »
هذا العلامة.. المعتدل


عبدالمنعم الاعسم
mm13mm@live.com

كنا مجموعة ممن نعد انفسنا من النخب الديمقراطية، الليبرالية، المتنورة، المعتدلة، فوجدناه، وهو الشيخ، بعمامته السوداء ووجهه البشوش ديمقراطيا، ليبراليا، متنورا، ومعتدلا، ربما، اكثر منا، ولما انتحينا جانبا هتفت عيوننا بصوت سري كورالي هامس: ما احوجنا الى علماء دين من امثال اية الله السيد حسين اسماعيل الصدر.
كان هذا في لندن، مساء الثلاثاء الماضي، وكان الحضور القليل متحدر من اطياف ديمقراطية مختلفة: عزة الشابندر. حميد الكفائي. فاروق رضاعة. غانم جواد. مصطفى الكاظمي وصاحب السطور، وكانت فاتحة الكلام، والكلام للسيد الصدر، التحذير من المغالاة، قال، لنعد الى قيم التسامح والاعتدال، قال، يكفينا من الحب قليلا لنعيد بناء بلادنا، قال، لا تفقدوا الامل، دعوه يضطرم في افئدتكم واقلامكم، و فجأة جاءني نداء ارسطو بكلمات عراقية بسيطة اعاد تركيبها سماحته: "كل نظام او اعتقاد او مبدأ يفسد حال الافراط فيه" نعم،  فثمة حتى الحب المفرط يقتل الحب، وثمة التدين المفرط يقتل الدين.
اصطفى الله، والكلام للعلامة السيد الصدر، الانسان ليكون خليفته  على الارض "الانسان كانسان" ولم يصطفيه مسلما او مسيحيا او حتى متدينا، فمن اعطاهم الحق ليحتكروا الله  سبحانه في دين واحد، او في مذهب واحد، او في اعتقاد واحد؟ ومن الذي خولهم بالتكفير والتخوين والتجييش باسم الدين او الطائفة؟ ومن حلل لهم تقسيم البشر على خنادق يقتل بعضهم البعض؟ اقول(والكلام لسماحة السيد الصدر) اننا نتطلع الى ترجمة شعارات الديمقراطية الى الواقع.. الى التطبيق، والقبول بالرأي والرأي الاخر، وهذا هو البديل عن الاقتتال والحروب والانشقاقات.
وجاء دورنا، فرمينا، كلٌ من منصته وزاويته، بحجاراتنا النبيلة من الشكوى والاحتجاج على ما يحدث، وعلى سياسات التمييز والاحتكار والمحاصصة، وعلى الفساد والإفساد، وعلى النهب والتهريب، وعلى التهريج والرطانة، وعلى الغش والغل والغدر واللهف والتعالي وصم الآذان والهروب الى الوراء، وعلى التدخل الخارجي والاملاءات والتواطؤ، وعلى التحزب والتمذهب، وعلى التجويع والإفقار والاذلال، وعلى هدر الثروات والملايين وماء الوجه، ونعينا، بصوت واحد، الوعود والشعارات والمقولات التي اكلت من لحمنا، وباعت قضيتنا في اسواق النخاسة وبازارات التهريج.
كان سماحته يتجول في شكاوانا المتناثرة، يلمّها، ويتنقل بين هتافاتنا المجروحة، يضمدها، ثم يعطينا مشوراته البرقية العميقة: انا، وعلى الرغم من كل ذلك، متفائل، وبصرف النظر عمن يتسبب في هذه الخطايا متمسك بحكمة التسامح والاعتدال والمحبة، وطننا الجميل (يضيف ويوجز ويختتم) يستحق ان نتحمل من اجله كل ذلك، والعبرة في المستقبل: "اما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض".
 
ـــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــ
" شعرت بالكآبة لأن لا حذاء لدي .. حتى التقيت في الشارع برجل لا ساقين له" .
                             
   هارود أبوت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة (الاتحاد) بغداد 25/10/2008