المحرر موضوع: الكاهن ورسالة الحياة مع الاخر  (زيارة 1017 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الاب يوسف جزراوي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 311
  • الجنس: ذكر
  • انك انت صانع نفسك بنفسك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الكاهن ورسالة الحياة مع الاخر

الكاهن هو من له القدرة على الحُبّ ؛ حيث وجد في نفسه قوة كبيرة على الحُبّ! قوة بل دعوة حبّ تفوق شخص واحد ( شريك الحياة) او مجموعة صغيرة من الناس ( العائلة) بل حبًا يتجه نحو جماعة كبيرة ( الرعية) ليخدمهم ويرعائهم بحس انساني وانجيلي . دعوته من الله . انه دعُي ليعيش ويشهد لحبّ الله بين البشر رغم ضعفه ونواقصه وحاجاته.

الآخر هو قضية حياتنا ومحور دعوتنا وخدمتنا ..... وكهنوتنا في جوهره خدمة ؛ إذًا الكاهن في علاقة مباشرة مع ذلك الاخر الذي نصادفه في طريق خدمتنا .
والكهنوت فعل حبّ حر وليس وظيفة او موزع او مانح اسرار كما يظن الكثير .

ظن وما زال يظن الكثير ان الحياة الكهنوتية تحمل في طياتها انزواء ومسافة وانغلاقا على الاخر الذي نحن دعُيتا لخدمته !! والعكس هو الصحيح ؛ لان الكاهن معمول من أجل هذا الآخر . إذًا من هو هذا الآخر بالنسبة لنا كمكرسين ( كاهن _ راهب _ راهبة _ علماني مكرس _ خادم ..... واظيفوا انتم ما تريدون) ؟
أنه محور دعوتنا ورسالتنا . ونحن نبقى نبحث عنه ، وعندما نجده سندخل في علاقة بناءة معه لكي نستطيع الدخول إلى عالمه حاملين له رسالتنا في الحياة .

وتبقى روحانيتنا وكلامنا الطيب ومصداقيتنا وثقافتنا وامانتنا وطيبتنا ، لابل كلمة انجيل الحياة الفعل الذي يغذي خدمتنا للآخر . فصلاتنا وخدمتنا كلها واحدة سواء اتجهت نحو الله أو نحو الآخر ..... لان الاخر هو صورة الله.

ولكن الكثير من الناس وبالذات في الشرق يرون في الكاهن ملاكًا بلا خطيئة لا مشاعر له  متنكرين لحاجاته وضعفه البشري . فيحاسبونه بالمسطرة على الصغيرة والكبيرة .... يرفضون ان يرون انسانيته . فيحاسب على الجلوس والوقوف والسلوك ..... والملبس و..........
يريدونك في اتم الاستعداد لتلبية اي خدمة .... متناسين ان الكاهن مثقل بامور كثيرة .... منها عزلته ومشقات خدمته ولاسيما اذا كان يخدم في كنيسة كثيفة الاعداد ، واذا كانت الكنيسة منقسمة لجماعات واطياف و..... ان لم اقل منقسمة على ذاتها!
وامزجة بعض الناس التي تفصل الكاهن وتريده حسب مزاجها وتصوراتها .... ويحاسبونه على الزيارات ولماذا يفضل فلان او تلك العائلة على غيرها ....؟ ولماذا لايساعد كل من يطرق بابه ولاسما المعوزين ماديًا؟؟ و وكأن الكاهن لديه بنك او هو سوربمان او اشبه بالبوفيه المفتوح ..... الكل يريده بحسب ما يريد ! هكذا كانت معاناة يسوع وتستمر معاناته من خلال كهنته وكنيسته
والاشاعات التي من السهولة ان يبثها بها اي مغرض ولاسيما فيما يخص المال والنساء ..... ناهيك عن الكثير من الافتراءات وتصفية الحسابات الشخصية!!
وبعد تعب النهار ومشقاته يعود لعزلته .... يغسل ملابسه ويعد طعامه ..... لارفيق له سوى ذاته والله ..... يطبطب على اكتاف الكثير من الناس ويدفن ويزوج ويعمذ ويزور ويتفقد  ..... وفي نهاية المطاف تطرق مسامعه الكثير من الانتقادات الهدامة والانكى من ذلك تجدها من اقرب المقربين له!!
معاناته مع رؤساءه ولا سيما ان كان متجددا مثقفًا متحررا ..... ويرفض الطاعة العمياء وان يكون تبعي بلا مبدأ وبلا شخصية .....وبلا روحية .... مجاملاً متزلفًا على حساب الحق وساكتًا على الباطل ! واحيانا تكون لكلمة لا التي يقولها ثمنًا باهظًا.....

اتذكر مقولة رائعة للاب الخالد يوسف حبّي رحمه الله في قاعات كلية بابل الحبرية التي قامت بجهوده الجبارة ولازالت هذه المقولة زاد لحياتي الكهنوتية : " لا تنسوا يا شباب يا كهنة المستقبل انكم أُناس ضعفاء قبل ان تكونوا كهنة ...."

لذا اقول الكاهن انسان قبل كل شي ليس ملاكًا منزلا من السماء وليس بجلمود صخر ؛بل انسان بشر من لحم ودم له اخطائه ونواقصه وحاجاته ..... لكنه رغم كل شي  خادم للاخر .... ويوم بعد يوم نكتشف بشكل اعمق كهنوتنا ..... فالرب دعاننا على علاتنا ونواقصنا وليس لكوننا قديسسين

قبل ان اقتبل نعمة الكهنوت قصدت مرشدي الروحي الاب روبير الكرملي رحمه الله الذي تنشئت لسنوات طوال على يديه فاوصاني قائلاً: الكاهن الناجح هو الكاهن الانساني ! الذي يشعر بالاخر وليس الذي يتكلم بالمثاليات ويبع الكلام المُعسل من على منبر الكنيسة !او الذي يعيش شخصية سي السيّد !

ختامًا اذهب لاقول:
ربنا اجعنا رغم ضعفنا ومحدودينتا شهود لحبك الابوي اللامحدود لذلك الاخر الذي نخدمه فعليك اتكالنا .

وعن خبرة اقولها لا اجمل من حياة الكاهن ولا اصعب ولا اقسى منها ..... ولا سيما في ظرفنا الراهن ..... ورغم كل شي تكفينا نعمتك يارب ! ويعزينا كلامك ( حسن للتلميذ ان يكون مثل معلمه).



من كتاب ( تأمّلات من حياة كاهن) للأب يوسف جزراوي _ 2008
نحن خلقنا لنحبّ ولنشهد لحبّ الله بين اخوتنا البشر
على الله أبي إتكالي لإشهد بحبهِ بين اخوتي
الإنسان المُسامح هو الذي سيربح في نهاية المطاف.