المحرر موضوع: متى نتعلم الدرس ؟ / 5  (زيارة 1468 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
متى نتعلم الدرس ؟ / 5
« في: 08:22 29/01/2006 »
متى نتعلم الدرس ؟ / 5
علينا ترتيب بيتنا استعدادا للزمن الآتي وإلا سيهرب أخوتكم في الأمة منكم وتقل أصواتكم وتصبحون سياسيين تمثلون أنفسكم، هكذا كتبنا في مقدمة هذه السلسلة موجهين كلامنا لأبناء الأمة: السريانية الكلدانية الآشورية، هذه الأمة التي يبدو أن الأيام لم تجعلها تعي استخلاص الدرس من التجارب خلال الثلاثين شهرا الماضية، ويبدو أنها بحاجة لأكثر من هذا الزمن ولمعاناة أكبر ولنزيف أقوى من شعبها لكي تعي ما يحدث ما عليها من مسؤوليات لكي تبدأ المسيرة بانتظام وتبدأ بحصد النتائج التي تعيد الأمور إلى نصابها.
كلنا نرى ونشاهد ونسمع ما يحدث لأخوتنا في هذه الأمة الحائرة أولا باتخاذ اسم محدد، وعندما يُطرح هذا المشروع على بساط البحث تقوم الدنيا ولا تقعد بسبب تعنت هذا وتعصب ذاك، ونكون بحالة يُرثى لها أمام الآخرين وكأننا نتكلم لغات مختلفة وكأن أحدنا جاء من القوقاز والآخر من الجزيرة العربية والثالث من شمال أفريقيا، وكأننا أيضا أبناء مختلفين لأجداد غير معروفين، وألواننا مختلفة وشكلنا غير متشابه، وكذا عاداتنا وممارساتنا، وأخيرا ديننا.!!!! فما بالنا نبحث عما يفرقنا دون تعب أو ملل؟ وما بال المعنيين أنانيون إلى هذا الحد الذي به يشاهدون النتائج دون حراك.
ألا يكفي أن أبناء أمتنا أصبحو موزعين على خارطة العالم كله، فإن ذهبت إلى أمريكا ستجدنا وكذا في استراليا، وأوروبا وحتى جنوب أفريقيا، وقد نسمع بوجود شعبنا في ناميبيا أو سيراليون، أو حتى في جزر البهاما!!! فماذا ننتظر بعد؟ وحتى قيادة كنيستنا أصبحت في حيرة من أمرها كيف توفر رجال الدين لكل هذا الشعب المشتت، وكيف تستطيع نشر إيمانها لكل هذه البقاع من الدنيا، إلسنا مدعاة للسخرية، فلو أي شعب واجه أي شكل من العنف تشتت هكذا لأصبحت كل بلاد الأرض عبارة عن أمم متحدة بحد ذاتها!!!
وليست الهجرة فقط لكن تعب الأيام وسهر الليالي كله يتبدد ويضيع ليبدأ شعبنا من الصفر عند وصوله إلى هدفه الذي اختاره مرة قسرا بسبب الظروف ومرة أخرى بإرادته بعد أن أصبح التشتت واقعا، عليه أن يلتئم مع أبنائه وأحفاده في ديار الله الواسعة!!! فكم خسرنا من الجهد الذي كنا ندخره كما يقول المثل: القرش الأبيض لليوم الأسود، فكم قرشا أبيضا خسرناه واليوم الأسود لازال موجودا ولا يقبل الليل أن ينجلي، ولا نجد أن القدر يحاول أن يستجيب، فحتى كلام الشعراء هذا نحن لم نحصل على فائدة من ترديده، لأن المسألة ليست قدرا، بل أنها بيدنا نحن نرسم يومنا وغدنا والمستقبل الذي ينتظرنا.
فخسائرنا هائلة ولا تقدر بثمن؛ المادية منها والبشرية وحتى المعنوية، والطامة الكبرى التي نعيشها هي تشتت أبناء الأمة من السياسيين كل حسب تصوره للأحداث وأصبح المخلصون منهم في حيرة لأن الطريق المعوَج يبدو للعامة كأنه الطريق الصحيح، وحتى مسك العصا من المنتصف أصبح حلما لا نمني أنفسنا بالحصول عليه، ألا يكفي كل هذا؟ وفي السياسة أيضا وكما أضهرت النتائج في عملية الإنتخابات الأخيرة لم ندرك مصلحتنا ولا كيف نتعامل بحرص وطني وقومي بحيث يتحد فيه أبناء (الأبجد هوّز...) هذه الأبجدية التي ملأت الدنيا وليس ببعيد عندما كانت المطربة المصرية تتغنى بها وكانت تنسب للعربية زورا، بينما هي أبجديتنا وللعربية أبجديتها التي هي (أ ب ت ث ...)!!!
فماذا نفعل لمن بيدهم قرار الأمة؟ لقد أصبحنا كما يقول الكتاب نحنا لكم ولم تبكو وصفقنا لكم ولم ترقصو!!! فمالذي هو بيد أبناء الأمة؟ كل المفاتيح هي بيد ساستها وقيادييها من رجالات الأحزاب ومن رجالات الكنيسة، فكيف لهؤلاء أن يجتمعوا على مائدة واحدة وينقذوا أمتنا من الضياع؟ أليست هذه من مسؤولياتهم الرئيسية التي تستوجب منهم السهر الكثير والتفكير العالي لكي يكون شعبهم مرفوع الرأس وحاضرا في كل أمور بلده مساهما بإيجابية بكل ما من شأنه أن يتقدم بلدنا العراق ويزدهر، ونقدم التضحيات مع أبنائه في سبيل هذا الهدف.
ألا تلاحظون بأن أبناء الأمة بدأو يذهبون بعيدا عنكم؟ والكثير من الغرباء بدأو يهتمون بهم ويوفرون لهم سبلا فَقدوها معكم، وهل نحن ناقصون لكي يتبدد الأخوة مع هذا الكيان أو ذاك؟ وبدلا كوننا (سريان .. كلدان .. آشوريون) نصبح ربما بعد وقت ما (الأكراد السريان أو الأكراد الكلدان أو الكلدوآشورين العراقيون، أو العرب السريان ...) وإلى ما موجود من كيانات وتحالفات.. ملأت سماء الواقع العراقي الذي نعيشه!!! وليس فقط بأيديهم من يذهب مع هذا او مع ذاك، بل هناك المغريات؛ السياسية منها والمادية، وتنطلق من واقع لا يمكن أحيانا تجاهله، لكي ينجرف أخوتنا مع هذا وذاك ونبقى في الأمة تصفق يدنا اليمين بالشمال دون قبض ما هو ذو فائدة لنا!!!
سيهرب كثيرون لأن الهجرات متنوعة؛ مرة من الريف إلى المدينة وأخرى من المدينة إلى الريف، وثالثة إلى العالم كله، وهنا الكلداني في أمريكا أو الآشوري إلى كم من السنين سيبقى متشبثا بأصله؟ ربما جيلا أو اثنين أو ثلاثة على أكثر تقدير مهما وجدنا له من متنفس لكي يشم من خلاله عبيق أجداده ووطنه الأصلي، لأنه طوعا أو مرغما سينتقل إلى الواقع الجديد الذي هو يعيش فيه، بحيث يصبح من هو في أمريكا ينتمي إن كان له اهتماما سياسيا إلى الأحزاب المعروفة: الديمقراطي أو الجمهوري أو غيرها، وبالتالي يقوم بخدمة مصالح هذه الأحزاب، ومن كان في كردستان أيضا سيجد نفسه في واقع عليه الاندماج به لكي يكون إنسانا سويا، بالإظافة لما موجود من مغريات المادة وأعطاء الأرض التي كانت ملكا لهم واليوم أصبحت تعطى إليهم بأسلوب الهدية أو المنحة أو المكرمة أو ... وبالنتيجة خسارة جزء من الشعب.
هكذا إذا سيهرب أبناء الأمة ذات اليمين وذات الشمال وراء بناء ما ضاع منهم نتيجة السنوات العجاف، ويبقى المتحزبون يتقاتلون للمصالح الحزبية ولأمور يعرفونها هم أكثر مما نعرفها نحن العامة، ويصحون يوما ليجدو أن الأمة أصبحت مرهونة مع أمم أخرى ولا نحصل لأي جزء منها سواء : الكلداني ام الآشوري أم السرياني، ونصل بعدها إلى أحزاب علمانية كغيرنا من الأحزاب التي تكون لعامة الناس ونفقد هويتنا وشعبنا.
  هل هذا هو الذي نريد الوصول إليه، أم نبذل جهدا صادقا ومخلصا باتجاه رأب الصدع، وأن يأخذ الحزب الآشوري بيد أخيه الحزب الكلداني، وهكذا تجمُع السريان أيضا، علينا إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم حتى لو كان فيها الخسارة الحزبية الخاصة، لكنها ستكون ذات فائدة كبيرة لأننا سنربح أمتنا.
تنقصنا الوسائل، تنقصنا الدراسة، تنقصنا المعرفة، تنقصنا الخبرة، لكن المهم تنقصنا النية الصادقة، لكي نتحالف معا، لكي نتفاهم معا، لكي نتدارس واقعنا معا، المهم أن ننقي ذواتنا ونجلس على طاولة مشتركة، المهم أن يكون لنا تجمع مثل برلمان للأمة، كما طرحنا في حلقة سابقة، نتحاور، نجادل، نتخاصم، لكن بالنهاية تحترم أقليته رأي الأكثرية الذي سيصب في صالح الأمة، وبهذا العمل ستبقى أمتنا تتنفس تحت الشمس، وسيبقى اسمنا ولغتنا تتعزز بالأبناء الذين يحملون لواءها.
فما هذه السطور إلا دعوة مخلصة لست فقط أنا الذي أتحدث بها لكنه لسان حال جميع أخوتي من" الآشوريون والكلدان والسريان" نأمل أن تجد آذانا صاغية وعيونا تقرأ وقلوبا وأذهانا تفكر وتحلل وتتخذ القرار الصائب، وأمنية من الله أن ينير عقولنا لكي نفهم ونسمع وصايا شعبنا وأمته، وعندها سنجد الحقيقة، ونأمل أن لا تكون مرة!!!
عبدالله النوفلي