المحرر موضوع: لماذا تم تحريم الأسقف مار باوي سورو وتجريده من رتبته الكنسية؟. (الجزء الاول)  (زيارة 2213 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جورج ايشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 421
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لماذا تم تحريم الأسقف مار باوي سورو وتجريده من رتبته الكنسية؟. (الجزء الاول)


بقلم الشماس جورج ايشو




فوق كل شيء يجب ان نهتم لنضبط فكرنا في الله بكل وسيلة ممكنة، فنجعل العقل رقيبا صاحيا على الأفكار التي يجذبها الجسد للاهتمام فيما يختص به.. (للقديس باسيليوس الكبير)


بعد ان اتخذت كنيسة المشرق الآشورية في 27ـ31 من شهر تشرين الأول لعام 2008 وبإجماع الأساقفة، قرار تحريم الأسقف مار باوي سورو (جزيل الاحترام) وتجريده من رتبته الكنسية، كتب بعض الأخوة من أبناء الكنيسة الكلدانية ، آرائهم وتحليلاتهم المبنية على أفكار عنصرية معادية لا تخدم القضية ولا القارئ الكريم الباحث عن الحقيقة، حيث أنهم يقحمون جهات لا علاقة لها بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد، مستخدمون بعض ألألفاظ الخاطئة التي تبين المشاعر والنوايا الداخلية المخفية في قلوبهم، ولا أريد بالحقيقة الولوج  في التفاصيل اكثر لعدم سعة الوقت، لكني سوف اكتفي بتحليل الموقف بصورة حيادية تماماً، موضحا مدى صحة هذا القرار او بطلانه وذلك من خلال مراجعة تاريخية (التي ومع كل الأسف يتجنبها اغلب الكتاب) معتمدين على ما جاء به أساقفة كنيسة المشرق في مجامعهم المقدسة. مع كل احترامي للاسقف مار باوي سورو وللقارئ الكريم.


مراجعة تاريخية سريعة لكنيسة المشرق

ان كنيسة المشرق التي انتشرت شرقي الفرات، منذ القرن الاول وامتدت حتى اقاصي الشرق متخذة مركزها الرئاسي في كوخي وسلوقية وطيسفون أي المدائن وبغداد، اكتشفت الدراسات عن كبر انتشارها في بلاد ما بين النهرين وبلاد ايران وافغانستان وتركستان واقطار الخليج والهند والصين واليابان وغيرها من بلدان الشرق الاقصى بحيث أحصيت أبرشياتها الأسقفية التي تجاوزت المائتين ومقاطعاتها المطرافوليطية فبلغت العشرين وقدرت اديرتها القديمة باكثر من خمسمائة تحت رئاسة جاثليق يجلس في المدائن. إلا أنها لم تصمد على مجدها، لان السيف جاء من أماكن مختلفة وحصد مؤمنيها لمدة طويلة من الزمن حيث قدرت الدراسات ان عدد الشهداء الذين قتلوا منذ قيام الكنيسة والى القرن التاسع عشر بـ 15 مليون مؤمن من كنيسة المشرق (النسطورية).

الانشقاقات في كنيسة المشرق ومسمياتها   

كانت الاجتهادات الفكرية والجدالات اللاهوتية والفلسفية والمشاحنات المذهبية والخلافات الرئاسية في القرن الخامس من الأسباب الغير العادلة التي شقت كنيسة المشرق الى فريقين. اشهرها الخلاف الذي دارا بين مدرسة الاسكندرية و الإنطاكية في مجمع افسس عام 431م في الأراضي الإمبراطورية الرومانية،  فبالرغم من ان المشاحنات كانت خارج نطاق دائرة ألاراضي الإمبراطورية الفارسية (مركز كنيسة المشرق) التي كانت تفرض سيطرتها على الجانب الشرقي للكرة الأرضية في ذلك الوقت ، الا ان نتائج ذلك المجمع كانت السبب الرئيسي في شق كنيسة المشرق الى فريقين . حيث ان التاريخ يخبرنا بان أساقفة الإسكندرية بقيادة مار كيرلس وبتعاونهم مع اساقفة روما، قاموا بإدانة الكرسي القسطنيطيني الذي كان يترأسه البار مار نسطورس ونفيه من منصبه وذلك بسبب بعض المصطلحات اللاهوتية التي لم تُدرس بجدية أكثر من قبل الجانب الاسكندري... (للمزيد عن هذا الموضوع راجع مقالنا على رابط أدناه تحت عنوان القديس مار نسطورس) وقد اعترض البار ما يوحنا ذهبي الفم على ذلك المجمع المزعوم (افسس) بعقده مجمع ثاني في افسس مذيلاً بتواقيع 53 اسقفا يحرم فيه مار كيرلس، وبعث أيضاً رسالة الى اساقفة كنيسة المشرق يسألهم من من البطريركين تحرمون (كيرلس ام نسطورس)، فقام فريق من اساقفة المشرق بتحريم مار كيرلس وفعل الاخر العكس، مما ادى الى انقسام الكنيسة الى فئتين فئة تابعة لمار كيرلس والذي تبعه مار يعقوب البرادعي وقد اتخذوا اسم (يعاقبة) وفئة بقية على إيمانها المستقيم الذي تسلموه من الآباء ولقبوا (نساطرة) وكان هذا الانشقاق الأول الذي حدث في كنيسة المشرق.   
       
وبعد عشرة قرون اتخذوا أساقفة روما مع مسانديهم من الدول الأوروبية في زمن الإمبراطورية العثمانية التي قدمت تسهيلات كبيرة للمبشرين الغربيين، ضد أتباع كنيسة المشرق موقفا معادياً وذلك من اجل أحكام الكنيسة تحت السلطة البابوية، ففي عام 1778 استغل المبشرين حالة الضعف الشامل التي كانت قد وصلتها كنيسة المشرق ونجحوا في اغواء يوحنا هرمز ابونا لكي يرتد عن كنيسة آباءه وأجداده ويعلن خضوعه لروما, وبذلك اد هذا الفعل في شق كنيسة المشرق وولادة الكنيسة الكلدانية الحديثة.
وفي القرن التاسع عشر قام البطريرك مار ايشاي شمعون بطريرك كنيسة المشرق (الاشورية) بتغير تقويم كنيسة المشرق من تقويم يولياني إلى التقويم غريغوري وذلك بتاريخ 28 آذار 1964 مما ادى الى انشقاق رابع في كنيسة المشرق.   
اما التسميات التي دخلت على كنيسة المشرق بعد الانشقاق الأول فكانت
1- الكنيسة الكلدانية
2- كنيسة المشرق (الاشورية)
3-الكنيسة الشرقية القديمة

وألان وبعد هذه أللمحة السريعة والبسيطة عن تاريخ انشقاق كنيسة المشرق، الذي أحببنا من خلالها ان نـُعرف القارئ الكريم عن التداخلات الخارجية التي قسمت أبنائها الى ثلاث فئات، فئتان مختلفتان في التقويم، وفئة مختلفة في الإيمان (الكلدان) سوف نتعرف على علاقة الاسقف مار باوي سورو بمجامع كنيسة المشرق.

وفقا لمجامع اباء كنيسة المشرق (النسطورية) التي عـُقدت منذ القرن الرابع الميلادي والى القرن الرابع عشر، فان الاسقف مار باوي سورو ليس محروما فقط من قبل آباء كنيسة المشرق (الاشورية) بل وانما قد حـُرم من قبل آباء كنيسة المشرق (النسطورية) ايضا، الذين سوف نأتي الى ذكرهم، ولكن بعد التعرف على السبب الذي دفع كنيسة المشرق (الاشورية) باتخاذ موقف التحريم الكنسي ضد الاسقف مار باوي سورو.
بحسب معلوماتنا فان الاسقف مار باوي سورو وبغض النظر عن المشاحنات الداخلية بين الاساقفة، حاول ايجاد طريقة لكي يوحد كنيسة المشرق (الاشورية) بكنيسة روما وان يكون البابا القائم على كرسي روما في المقام الأول او بمعنى اصح ان يُعترف به كأعلى سلطة كنسية (كما هو الحال مع الكنيسة الكلدانية) وهذا طبعاً شيء مخالف للعقيدة المسيحية بصورة عامة ولمجامع كنيسة المشرق بصورة خاصة، فان اباء كنيسة المشرق وضعوا في مجامعهم قوانين تقر بالسلطة الكنسية (الجائليق) كاعلى سلطة كنيسة في كنيسة المشرق، وبذلك يكون الاسقف مار باوي سورو مخالفا لمجامع الكنيسة أي كنيسة المشرق ومتجاوزاً السلطة الكنسية التي قادت كنيسة المشرق على مر الاجيال كسلطة مار نرساي.. ومار باباي .. ومار طيمائيوس..ومار ايشوعياب...وغيرهم من الاباء، لذلك سوف نسرد بعض القوانين التي جاءت في مجامعهم بخصوص الاعتراف بالسلطة الكنسية لكنيسة المشرق كسلطة قائمة بذاتها.

1_ مجمع مار اسحق والمنعقد في سنة 410م وذلك قبل الانشقاق 

  أ   قانون الاعتراف بالسلطة الكنسية لكنيسة المشرق

في هذا المجمع كانت كنيسة الله (الجامعة) غير منشقة على ذاتها، يعترف الاسقف مار ماروثا القادم من غرب الفرات بالسلطة الكنسية لكنيسة المشرق، حيث جاء في كتاب مجامع كنيسة المشرق للعلامة الدكتور الراحل يوسف حبي هذا القول:
 "وجاءوا (الاساقفة) في شهر كانون (الثاني)، وفي عيد الدنح (الغطاس) الى المدينة العظمى راس سائر مدن الشرق. واذ سمع ملك الملوك المنتصر المظفر بقدومهم امر الموقر مار اسحق اسقف سلوقية وطيسفون الجائليق رئيس اساقفة المشرق اجمع"

_ مجمع مار داديشوع 424م

جاء في المجمع هذا القول:
"فانه باتفاق القديسين والمعترفين ورؤساء الاساقفة وبمشورتهم، والمعلمين والمتبحرين باعمالهم والشهداء بالامهم، والمكللين بشهادة المسيح ربهم، اعطيت هذه الهبة البطريركية للكرسي المبارك...) المجمع يعترف بان السلطة الكنسية هي هبة معطاة من الله!

مجمع مار اقاق 486م

أرسل القديس مار برصوما مطران نصبيين رسالة الى الجاثليق مار اقاق حيث جاء فيها:

"اننا نقدر ونكرم مار اقاق الاسقف، الجائليق وذلك ضمن الرؤساء والاباء والخدام.. (ويلقبه بصديق المسيح)" 


وفي المادة 14 من مجمع مار حزقيال والمنعقد في عام 576 جاءت هذه الفقرة
الفقرة الرابعة عشر (البطريرك أب الرئاسة والمناداة باسمه)

وهنا اريد ان نسال أسقفنا الجليل مار باوي سورو أطال الله في عمره ومن يكتب عن قضيته، بعض الأسئلة حول هذا الموضوع
1_الم يكن في ذلك الوقت الكرسي الباباوي حيا يرزق، لماذا اذاً لم يعترف به أساقفة إنطاكيا و أساقفة كنيسة المشرق كأعلى سلطة كنسية؟ هـل كانوا يجهلونه، ام ان  سيرته لم تصل مسامعهم ؟
2_ولماذا سُمي الشخص الجالس على الكرسي الكنسي، بالبطريرك او الجاثليق (أي رئيس الأساقفة) ماداما هناك رئيس أساقفة اكبر منه جالسا على كرسي روما؟.


2 حقيقة الإيمان بسر التجسد في كنيسة المشرق

وبخصوص الإيمان، تؤمن كنيسة المشرق ومنذ نشؤها، بان في السيد المسيح طبيعتان، طبيعة ألاهية وطبيعة إنسانية ولكل طبيعة اقنوم من غير اختلاط او امتزاج، وقد كتب آبائنا حول هذا الموضوع ما يلي:

"هذا هو الايمان القويم المسلم الى الكنيسة من قبل الرسل القديسين ومنذ ايام الرسل وحتى اليوم  لم تظهر هرطقة ما في ارض الفرس ولم تُثير شقاقات وخلافات على العكس مما في ارض الروم".
وايضا في كتاب مار نرسي نجده يحارب كل من يخالف هذا التعليم وأيضا العلامة ما يوحنا بر زوعبي والكثير من الاباء. 
وهنا أريد ان اسال الاسقف الجليل مار باوي سورو مرة اخرى، الم تقع كنيسة الروم الكاثوليكية في ارض الروم في ذلك الوقت، لماذا لم يستثني آبائنا كنيسة الروم، ان كان (البابا) بطريرك الروم هو أعلى سلطة منتخب بين كل الكنائس ؟
وكيف تستطيع شجرة رديئة ان تعطي ثمرا جيدة او شجرة جيدة تعطي ثمرا رديئة، الا تعلم نيافتكم ان (البابا) يؤمن بطبيعتان في شخص المسيح واما كنيسة المشرق تؤمن بطبيعتان واقنومان في شخص المسيح، فلا يجوز ان يكون راعي الكنيسة (البطريرك) يخالف ايمان كنيسته.

  والتاريخ أيضاً يذكر ان الكرسي (الباباوي) الذي تريد نيافتكم ان نتحد معه، كان المسؤول الثاني بعد مار كيرلس الذي حارب تعاليم كنيسة المشرق وتحريمها!، وهو ايضاَ المسؤول الأول في شق كنيسة المشرق عام 1778م. فكيف يتجاوز (الأب) على أبنائه!

وفي بعثة الربان صوما الى البابا وملوك اوربا الكاثوليكيين سنة 1287م لم يذكر لنا التاريخ بان ربن صوما المبعوث الرسمي لملوك المغول اعترف بالكرسي الباباوي كاعلى سلطة كنسية!.

يتبع الجزء الثاني

  القديس مار نسطورس
http://assyrianray.com/inf2/articles.php?action=show&id=114

والرب يبارك الجميع
مؤسس شبكة الشعاع الاشوري