المحرر موضوع: عقوبة الفصل السياسي تعود في ظل الديمقراطية  (زيارة 1361 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف شكوانا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 447
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عقوبة الفصل السياسي تعود في ظل الديمقراطية
يوسف شكوانا

   لقد ولت الطريقة الدكتاتورية في الحكم ومعها كل ممارساتها من غير رجعة أو أنه من المفروض أن لا يكون لها رجعة بعد القضاء على النظام الدكتاتوري, ومن تلك الممارسات طريقة التعامل مع المعارضين أو المختلفين في التفكير مع الفكر الاوحد,  وكانت طرق العقاب متنوعة منها النقل الاداري والفصل من الوظيفة الذي يعرف بالفصل السياسي والسجن لفترات مختلفة والتهجير ومصادرة الاموال والاعدام بأساليب عديدة, لقد توقع الكل أن تصبح مثل هذه الممارسات في عداد الماضي المظلم وأذا تروى للاجيال المقبلة كذكريات مرة سوف لا تصدقها وتعتبرها من القصص الخرافية كقصص الف ليلة وليلة. فمن المفروض أن لا تجد مثل هذه الممارسات مكانا لها في عراق اليوم في ظل الديمقراطية والتعددية التي جاءت باسلوب الانتخابات الجديد على شعبنا العراقي , وكما هو معروف ومتبع أن الحق الانتخابي هو من حقوق الفرد المقدسة ومسألة من ينتخب تعتبر من الامور الشخصية السرية ففي المجتمعات المتقدمة يعتبر أمرا مخجلا أن تسال أي كان حتى أقرب الناس اليك : من أنتخبت؟ لأن ذلك يعتبر تجاوزا على خصوصيات الفرد وفي الوقت نفسه يظهر مدى جهل السائل بمعنى الحرية الشخصية وحقوق الانسان . لذلك فالسرية هي من أهم شروط الانتخابات وألا فقدت قيمتها ومبررها.
   من المؤسف له حقا أن يشتاق البعض من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الى  ممارسات الانظمة الدكتاتورية والتشبه بهم وتقليدهم بما هو متاح لهم من أدوات سلطوية. وربما بينهم من كان هو أو أحد أقربائه من ضحايا تلك الممارسات , فقبل أقل من عام تم فصل البعض لا لتقصيرهم في عملهم أولانتمائهم السياسي وأنما لمشاركتهم بمسيرة شعبنا احتفالا برأس السنة البابلية الاشورية , وتكرر ذلك في عدد من بلداتنا لاسباب مشابهة لا علاقة لها بأعمالهم ووظائفهم, وجاءت الانتخابات الاخيرة لنقرأ أخبارا لممارسات غير حضارية مؤسفة رافقت الحملة الانتخابية كالاعتداءات التي وصلت الى درجة أستخدام السلاح  والخروقات المختلفة والمساعدات المشروطة مثل منح 100 ألف دينار مقدما والوعد بمبلغ 500 ألف دينار بعد الفوز وكأنه عقد زواج فيه المقدمة والمؤخرة أو المؤجلة والتحقيق مع المشكوك بكيفية تصويته وغيرها من الممارسات التي لم تعد بخافية على أحد, أن مثل هذه الاعمال ارتكبت من قبل جهة معينة وتوجتها بفصل عدد من العاملين لا لسبب تقصيرهم في عملهم وأنما لانتخابهم قائمة تعتبرها تلك الجهة معادية لها , وهنا أوقعوا أنفسهم في أكثر من مأزق فمن جهة أثبتوا بعملهم هذا أن الرواتب المدفوعة ليست من أجل الحراسات وأنما لشراء الذمم والسيطرة على قرارات الفرد وبمعنى اخر تجنيده على طريقة الجيش الشعبي أو الحرس القومي أو المرتزقة الذين كانوا يسمون فرسانا من قبل أنظمة الحكم وجحوشا من قبل عامة الشعب ومن المفروض أن يعرف هؤلاء أن التأييد المدفوع الثمن يكون وقتيا ولا يقبله الا ذوي الحاجة القصوى أو من ضعاف النفوس واخرون ممن شعارهم شعرة من جلد الخنزير وعدد كبير يقول نريد ان نعيش .ومن جهة اخرى أن شمول عقوبة  الفصل على الذين صوتوا لقائمة الرافدين فقط دون غيرها يكشف عن مدى خطورة هذه القائمة على مخططاتهم التي يثبتون بعملهم هذا أن الشعب لا يتقبل أفكارهم الا بأرهابه. ومن جهة ثالثة أن مثل هذه الاعمال تظهر الفرق الكبير بينهم وبين القائمة التي يحاربونها خاصة عندما يحصلون على الصوت الانتخابي بعد الترغيب أو الترهيب بينما الاخر يضحي بمصدر رزقه من أجل أن يصوت للحق حسب قناعته وشتان بين الذي يبيع صوته بمبلغ 600 ألف دولار أو مقابل ثلاجة على غرار التلفزيونات التي وزعها النظام البائد في أحدى الفترات وبين الذي يضحي بمصدر رزقه مقابل ممارسة حريته والتصويت بحسب قناعته,  لقد أشتهر النظام البائد بقطع الاعناق وهؤلاء يقطعون الارزاق والمثل الشعبي يقول قطع الاعناق ولا قطع الارزاق. أنها حقا ديمقراطية جديدة في قاموس السياسة فهي ديمقراطية على الطريقة الدكتاتورية, فأذا كان التصويت لقائمة معينة أيا كانت تعتبر عند البعض جريمة تستحق العقاب فلماذا تمت الموافقة الرسمية على تلك القائمة لخوض الانتخابات. وماذا لو سلك رئيس الوزراء مثلا بقدرات الدولة الهائلة مثل هذا السلوك؟ ولو تمت سيطرتهم على مقدرات المنطقة ويطبقون سياسة كم الافواه هل ستستمر طريقة الانتخابات في مراكز مخصصة لها وبصورة سرية أم ستنقل الى مكاتبهم وتتم وسط حلقة من رجال الامن والمخابرات المدججين بالسلاح ومن الذين لا يعرفون الابتسام؟
   أن لمثل هذه الافعال دلالات عديدة أختصر أهمها في دلالتين:
1- تظهر جليا مدى الفرق الشاسع بين نهج قائمة الرافدين ومن يقف خلفها حيث أثبتوا دائما أنهم يعملون من أجل شعبنا الكلداني السرياني الاشوري من دون أي تمييز وهذا ما سأكتب عنه لاحقا مثبتا بالاسماء والارقام , اذكر منها هنا على سبيل المثال :ان المقاعد البرلمانيةالاربعة التي فاز بها زوعا في أول حكومة لاقليم كردستان  لم يكونوا جميعهم من أعضائه لا بل فيهم من هو مناوئ له والاقسام الداخلية التي فتحتها الجمعية الخيرية الاشورية لم ترفض أي طالب أو طالبة من شعبنا ففيهم من زوعا والمستقلين ومن الاطراف المعادية لزوعا ,ومعظم المعلمين المحاضرين في المدارس السريانية الذين كانت الجمعية الخيرية الاشورية تدفع أجور محاضراتهم لم يكونوا من زوعا,  كما أن أحد الوزراء الذين شغلوا المقعد الوزاري الذي حصل عليه زوعا كأستحقاق انتخابي كان مستقلا , وأعضاء مجلس محافظة كركوك احدهم فقط من أعضاء زوعا والذين رشحهم زوعا لانتخاب مجلس محافظة نينوى وكان عددهم 27 شخصا من المستقلين وحتى المنتمين الى تنظيمات أخرى كان بينهم أقل من 20% من زوعا وكل المؤتمرات التي شارك بها زوعا كان أكثر من نصف اعضاء وفده من المستقلين ...سأكتفي بهذا القدر لان الامثلة تعد بالعشرات ولا مجال لذكرها هنا ولكن بأمكان المتابع المحايد أو الذي يود معرفة الحقيقة التوصل اليها بسهولة ليعلم دور المستقلين في المراكز التي يحصل عليها زوعا بعكس المواقع الخدمية والمهمات الصعبة التي تجد أعضاء زوعا في مقدمتها . فهو يعتبر بحق أول المضحين واخر المستفيدين.
2- أن مثل هذه الممارسات تشير الى المستقبل المخيف الذي ينتظر شعبنا اذا أصبح أمثال هؤلاء في موقع المسؤولية والسلطة  فعملهم هذا يعطينا صورة واضحة عن الطريقة التي سيمارسون بها السلطة اذا استلموها. وهذا النموذج من التصرفات ليس غريبا على العراقيين فأنهم عاشوه وعانوا منه أكثر من غيرهم من الشعوب , كما أن تأثيرات سياسات النظام الدكتاتوري البائد كانت بالغة على نفسية الفرد العراقي بحيث تبرز الخشية من أستعداد البعض على تقليدها وهذا ما نلمسه اليوم . أن هذا النهج يعيد الى الذاكرة كيف كان رجل الامن أو الحزب يرهب الكل وكيف كانوا يراقبون المواطن ماذا يعمل ومع من يتكلم وبمن يلتقي وكيف يفكر وماذا يقرأ ومتى ينام وكيف ينتخب .... وباختصار كان المواطن يعيش داخل سجن كبير, وليس للذين يشتاقون العودة  لتلك الايام سوى حراس ويتعاملون معهم بهذه الطريقة فكيف يا ترى لو يدفعون رواتب المعلمين والموظفين وعمال الشركات ويساعدون الفلاحين هل سيعاقبون اللامنتمين او الذين لا يسيرون بخطهم بالفصل عن العمل وحجب المساعدات فقط أم يتطور اسلوبهم مع تطور صلاحياتهم المرتبطة بمدى سيطرتهم؟ كيف لو يحكموا ويتحكموا بالمدارس هل سيفصلون الطلاب غير المنتمين أم يطالبونهم بورقة تزكية من مكتب منطقتهم؟ وكيف سيتعاملون مع الحصة التموينية هل سيحرموها على الذين لا يصوتون لهم تحت شعار من ليس منا لا يستحق الحياة؟ ولو فتحوا كلية عسكرية او أمنية هل سيطالبون المتقدم بصحيفة أعمال تثبت أنه حتى جده السابع لم يكن له أي تأييد لزوعا كشرط لقبوله؟ وهل سيرغمون الكل على التوقيع على تعهد يقضي بأعدامه لو ثبت أنه منتمي الى زوعا أولا وبعدها التنظيمات الاخرى باستثناء المسموح به؟ هذا النهج يذكرني بالمرحلة الاولى للحكم البائد عندما كان أزلامه يرددون في الاحتفالات أغنيتهم السيئة الصيت وفيها يقولون- نسحك رأس الما يطيع النا- , نعم تمكنوا من سحق العديد من الرؤوس ولكن ماذا كان مصير رؤوسهم؟ فهل يتعلم مقلدوهم  من تجربتهم؟ أن كل ذلك ليس مجرد خيال فهذا النوع من الانظمة يبدأ بأقل مما يحصل في بلداتنا ويستمر بالتطور السريع على أنغام المصفقين والمطبلين والمزمرين وبمدى مصالحهم. أنه حقا مستقبل مخيف جدا لا أتمناه لأحد . 


yshikwana@aol.com