المحرر موضوع: لا شعب بدون ثقافة  (زيارة 2389 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل متي كلو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 190
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لا شعب بدون ثقافة
« في: 04:31 27/06/2005 »
لا شعب بدون ثقافة
متي كلو
بين حين وآخر تجد في مطبوع من مطبوعات شعبنا في المغتربات أو المواقع المنتشرة على الشبكة العنكبوتية، خبرا عن تأسيس جمعية أو رابطة أو اتحاد أو نادٍ أو منتدى اجتماعي أو ثقافي أو فني أو حزبي سياسي. وغالبا ما تحمل تلك الأنشطة اسما تاريخيا يدل على ارتباط شعبنا بأرض ما بين النهرين أو ما يدل على الجذور في تاريخنا العريق في تلك الأرض الخصبة. والسؤال الذي يبادر إلى الذهن فور قراءتك هذا الخبر أو ذاك، أين تلك المؤسسات ذات الأسماء البراقة من التحولات والمتغيرات التي يمر بها وطننا النازف دما، وشعبنا الذي يخيم عليه الإرهاب بكل أنواعه وتفاصيله؟ أين تلك الأسماء من أبناء شعبنا الذين تخلصوا من الاستبداد والظلم والحصار "التحالفي" لكي يدخلوا في غابة بلا قانون ولا عرف؟ بل أخلاق جديدة موروثة من مؤسسات النظام البائد التي لم يألفها شعبنا بكافة أطيافه قبل نظام القرية  الواحدة!
ويلح السؤال بقوة أين تلك المؤسسات من طموح أبناء شعبنا سواء كانوا في الخارج أو في الداخل؟! وماذا قدمت؟ وماذا في جعبتها؟ وأسئلة كثيرة تتسابق بالرغم من أن الكثيرين قد توقفوا من طرح أي سؤال! بسبب الإحباط الذي أصابهم من طروحات أغلبية هذه الأنشطة "اللانشاط" وخاصة في المغتربات.
خلال العشر سنوات الماضية وأنا أتابع الكثير مما ينشر عبر المطبوعات التي تصدر في المدن  البعيدة. ومما ينشر عبر شبكة الانترنيت وخاصة موقع عينكاوة، والذي اصبح القاسم المشترك لكتابات أغلبية أبناء شعبنا، أو عن طريق الأصدقاء المغتربين في الشتات، أو عندما التقي مع بعض  الأصدقاء في الدول الأوربية والتي يتواجد فيها أبناء شعبنا بكافة تسمياتهم (الاشوري – الكلداني – السرياني)، حيث رأيت أن الركود والخمول هو من نصيب معظم المؤسسات. وأهم نشاطاتها تكون مصادفة وهي إقامة حفلات ترفيهية أو استقدام مطرب من دولة ما لكي يقيم حفلة أو عدة حفلات في دول أخرى!! ما عدا حالات فردية مثل الفريق الاثوري لكرة القدم في السويد أو دار نشر يتيمة " دار سركون " في مدينة سودتوريا في السويد ومجلة حوديُو التي يصدرها الاتحاد الاثوري في السويد بانتظام.
أما أن تقرأ عن نشاطات ثقافية أو أدبية أو فكرية لباقي "الأسماء" فحدث ولا حرج عن عدمها. وإذا قرأت شيئا ما ربما يكون استنكارا أو تأيدا أو تهديدا بإلغاء الغير!! ما عدا منتدى أكد الثقافي في أستراليا الذي مازلنا نتابع نشاطاته بين حين واخر والسّباق في تنظيم احتفالات قومية ويقدم أمسيات ثقافية ناجحة بالرغم من التمويل الذاتي من قبل الهيئة التأسيسية سابقا والهيئة الإدارية حاليا وعلى مدى أربع سنوات، ومازال مستمرا بالعطاء رغم مقاطعة بعض "الأميين". ومازال هذا المنتدى مؤمن بان جميع التسميات هي لشعب واحد وان اختلفت التسميات. وهذا الاختلاف لا يغير الحقيقة "بأننا شعب واحد وتاريخ واحد ولغة واحدة".
وعند المقارنة بين هذه المؤسسات وما الذي كان قائما في بغداد جمعيات ونوادي "للناطقين بالسريانية" وبين ما هو الأن على ارض المغتربات، مع الأخذ بنظر الاعتبار بان "الناطقين بالسريانية" كانت تحت أنظار ازلام النظام البائد سواء عن طريق الامن أو المخابرات وبواسطة أحد أو اكثر من واحد من أعضاء الهيئة الإدارية أو عدد من أعضاء الهيئة العامة بواسطة تقارير مثبت على متنها كل شارة وواردة لقاء الحصول على شكر من الرفيق الحزبي أو تأجيله من قاطع الجيش الشعبي!
بالرغم من كل تلك المعاناة كان هناك بعض الإبداع في النشاط أو محاضرات أو ندوات مميزة أو أمسيات أدبية واعمال فنية ومسرحيات مازال الكثير يذكرها. أما الان ونحن في المغتربات وبحرية العمل في كافة النشاطات وتحت القوانين التي تدعم هذه الأنشطة سواء المعنوية أو المادية لكي يستمر نشاطها، ولكن قد خلقنا الخمول والكسل لكي يلفنا من كل جانب!!
لا نريد أن ندخل في تفاصيل الأسباب لأنها كثيرة ولكن هناك بعض الخطوط يجب أن نلغيها ونحاربها بكل قوة ومنها إلغاء جاهلية، أنا وأخي على ابن عمي؟! والفرق بين "كتيتة وكثيثة"، و "اسري وخمشة وخمشة واسري"، ونلغي صراعاتنا ونستبعد الانتهازيين من طريق اتحادنا ووحدة كلماتنا، ونتخطى الصعاب والتحديات التي تعيق عملنا في هذه الروابط والجمعيات والمنتديات بكافة أشكالها، ونؤمن بأننا لسنا بحاجة إلى صراع الأفكار! لانه بهذا الصراع فقدنا الالاف من أبناء شعبنا في تقلبات التاريخ وفواجعه ونكباته.
أن البعض في المغتربات يهرول خلف المناصب في إدارة هذه المؤسسات لتحقيق مصالح شخصية باسم الدفاع عن اسم أخر، ولا يملكون ابسط لغة للحوار وكل اسم يحاول أن يستقطب بعض أنصاف الأميين والأخر يستقطب ما تبقى من هؤلاء! وإزاحة المثقفين عن طريقهم، وبالتالي ابتعاد هؤلاء النخبة المثقفة من شعبنا عن العمل والانزواء مع ثقافاتهم وطروحاتهم وأفكارهم المفيدة والتي تخدم أمال وأحلام شعبنا فتخلو الساحة لهؤلاء الذين خططوا لأهداف شخصية كي تستمر الصراعات ويتمزق شعبنا أحزابا وجمعيات ومنظمات وأحزاب متطرفة، ونزيد انقساما. كما قسمتنا صراعات المصالح الشخصية والكراسي الدينية منذ القرون الأولى لبزوغ تباشير المسيحية وهؤلاء مثل الطفل تماما عندما لا تعطيه ما يريد.
نظرة سريعة إلى واقع الأكراد وكيف استفادوا من الانفتاح والحرية المتوفرة في أمريكا واوربا واستراليا، وأسسوا الاتحادات والنقابات والفضائيات ومراكز ثقافية ودور نشر وصحف ومجلات دورية بطباعة فنية فائقة، واتفقوا أن قوميتهم واحدة ولم يختلفوا بسبب مذاهبهم "شيعة وسنة" أو نقشبندية وكاكائية أو يتكلم البهدينانية أو الصورانية أو اللورية، ويجمعوا الملايين من الدولارات ويرسلوها إلى شمال العراق لتطوير مدنهم وقراهم ومؤسساتهم، ولكن نحن لا نعرف أن نقرأ جريدة أو مطبوع وأولهم المتعلمون من أصحاب الشهادات والذين يسموهم البعض بالمثقفين، ولكن هم ابعد الناس من الثقافة وفروعها!
في آذار 2004 نظم  مهرجان مار افرام الرابع في مدينة ملبورن في استراليا، ومشكورون القائمون عليه، وفي هذا المهرجان نظم معرض للكتاب، حيث عرضت فيه مجموعة من الكتب المفيدة. وبعد المهرجان، الذي حضره اكثر من 2000 من أبناء شعبنا على مدى ثلاثة أيام، لم يتجاوز مجموع الكتب التي بيعت بثلاثين نسخة!! أليس هذا أحد  تفسيرا بان هناك انكسارا ثقافيا لأبناء شعبنا؟ ويظهر كم نحن بعيدون عن المسؤولية الثقافية تجاه شعبنا وطموحه وحسه القومي؟ أين نحن من الوعي الثقافي والاجتماعي؟ أين موقف الأسماء التي تريد أن تبرز أسماؤها وهي لا تملك ابسط مقومات القيادة الجماهرية، لأنها لا تملك شيئا من تاريخ وثقافة شعبنا! وقيل قديما: "لا ثقافة بدون شعب ولا شعب بدون ثقافة". ولا يختلف اثنان بأن الثقافة مرآة الحياة، وهي التي تعكس الحياة الاجتماعية والتاريخية.
ولا ننسى الأحزاب السياسية التي تفتقر إلى الأدبيات التي هي الزاد الرئيسي لأي حزب أو حركة سياسية، ولا تملك سوى إصدار بيان هنا أو بلاغ هناك يحتوي على بضع كلمات إنشائية تهاجم حزب أخر أو حركة أخرى ليس إلا من اجل إلغاء الأخريين!! إلى متى والخلافات تتصاعد؟ والمهاترات تزداد يوما بعد أخر؟ إلى متى نتصارع وتاريخنا يُسرق؟ إلى متى تزور ثقافتنا بسبب خلافاتنا؟ وماذا جنينا من هذه الخلافات التي زادت بعد سقوط النظام في الوطن؟ سوى أسماء تهاجم  وتفتي، وكانت في سبات عميق قبل 9 نيسان. وبرزت أسماء كانت تأكل وتشرب من "الأممية" وتكتب وترسم من "الوطنية المزيفة " والان تفتي بان "الاسكنجبيل" ألذ من "شربت الحاج زبالة"، وان راشي "بحزاني" أنقى من راشي "تلكيبي" كما تفتي بان كل تسمية تمثل شعبا منفردا!! والنقاش البيزنطي يتعالى بين حين واخر، وحقنا يضيع بين هذا الحين والاخر!
أن أبناء شعبنا بكافة تسمياته يتطلع إلى روابط وجمعيات تتصف بنكران الذات والرؤية المستقبلية للوطن، وان نختار لهذه المؤسسات أناس من أبناء شعبنا قادرين على قراءة التاريخ والواقع معا وليس لان فلان من قريتي وعلان من عشيرتي، ولا نعيش بضحالة الأمية في التعامل.