المحرر موضوع: الصراع على رئاسة الجامعة المستنصرية المثال النموذجي على فوضوية نظام المحاصصة الطائفية  (زيارة 1249 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سالم إيليا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 263
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصراع على رئاسة الجامعة المستنصرية المثال النموذجي على فوضوية نظام المحاصصة الطائفية


بقلم: سالم ايليا

الجامعة المستنصرية إحدى الجامعات العراقية العريقة التي رفدت المؤسسات الأكاديمية والعلمية والبحثية ومؤسسات الدولة بنُخبٍ تخصصيةٍ أسهمت ولعقودٍ طويلةٍ في تقدم العراق في جميع النواحي ، وهي واحدة من الجامعات التي نفتخر كعراقيين بإنها إمتداد لحضارة تمتد عميقاً في جذور التاريخ ، حيثُ أن ولادتها جاءت مكملةً للمدرسة المستنصرية التي أسسها العباسيين في بغداد عام 1233م في زمن الخليفة المستنصربالله على جانب الرصافة وقد تم تأسيس الجامعة المستنصرية سنة 1963م وهي مكوّنة الآن من إثني عشرَ كلّية.
وقد شهدت هذه الجامعة المعطاء فترات ذهبية في القرن الماضي حيثُ كانت مركزاً للمنتديات الثقافية والكثير من الندوات العالمية والعربية والعراقية التي كانت تُعقد في قاعاتها ، كما شهدت أروقتها نشاطات طُلاّبية كثيرة ، وقد تناوب على رئاستها أساتذة أكفاء من مختلف التخصصات العلمية الذين حافظوا على مستواها العلمي والأكاديمي المُتميز بين جامعات المنطقة والعالم.
وبعد الإحتلال شهِدت هذهِ الجامعة حالها كحال بقية المرافق العلمية والأكاديمية وجميع البُنى التحتية للعراق عمليات نهبٍ وحرقٍ وتدميرٍ لمكتباتها ومختبراتها وحتى أبنيتها فلم يبقى منها غير ذكرى مؤلمة وحزينة لِطلاّبِ علمٍ وقفوا على أطلالها محاولين مدّ يد العون لصرحهم العلمي الذي إحتضنهم وحمل معهم أحلامهم وتطلعاتهم نحو مستقبل زاهر مشرق !!!. كما وتعرضت هذه الجامعة لسلسلة من الهجمات الإرهابية التي راح ضحيتها أبناء بررة للعراق عمرهم بعمر الزهور فتناثرت أشلاء أجسادهم على أرضها وعلى جدران أبنيتها وخضّبت دماءهم صفحات كتبهم التي كانوا يحملونها لترسم منظراً آخراً من لوحة الحزن العراقي ولتضيف لتاريخ هذه الجامعة صفحة منبوذة مظلمة لم تتقبلها صفحات تاريخها المشرق ولتكون مرجعاً نستند عليه لإدانة من إرتضى على نفسه موقع الخيانة وإلإجرام بحق العراق والعراقيين.
كذلك خضعت هذه الجامعة كبقية المؤسسات الحكومية لمبدأ المساومة الطائفية البغيض أو كما يسميه عرّاب التوافق السيد رئيس الجمهورية بمبدأ التوافق فتبوّء رئاستها أشخاصاً لا نعرف عنهم وعن القابهم المُبهمة أي شئ وكذلك درجات شهاداتهم العُليا التي إقترنت بأسماءهم من دون ان نعلم من أيّ بلدٍ حصلوا عليها!!.

وبالأمس القريب تسربت الأخبار عن وجود أزمة (رئاسية) لهذه الجامعة العريقة ، إذ دخلَ اليها ربّان آخر إسمهُ (الدكتور) عماد حسين مرزا الحسني أو الحُسيني حاملاً أمراً وزارياً من وزير التعليم العالي والبحث العلمي وبمباركة رئيس الوزراء بتعينه رئيساً للجامعة وطالباً من ربّانها القديم (الدكتور) تقي علي الموسوي بمغادرة (السفينة) فما كان من رئيسها المخلوع إلاّ رفضه الإعتراف بالأمر الوزاري مُدعياً بانه مرتبط بجهاتٍ (عُليا) يأخذُ منها القرار*!!! وإنه لا يعترف بأمرٍ صادرٍ من وزير التعليم العالي والذي يُفترض بانه يعمل تحت إمرتهِ !!! كما تسربت أيضاً بعضاً من أسبابِ إتخاذ الوزير لهذا القرار وخلعِ (السيّد) تقي الموسوي من منصبهِ وهي إتهامات بتفشي الفساد الإداري في الجامعة وتمرير شهادات مزوّرة لمسؤولي الأحزاب المُتنفذّة والتشكيك بصحة شهادة الدكتوراه الذي يحملها (السيّد) الموسوي.
وقد بثّت الفضائية العراقية الشبه رسمية في نشرتها الإخبارية ليوم التاسع والعشرين من نيسان الماضي تقريراً مفصّلاً عن الأزمة حيثُ تحولت ساحة العلم الى ساحة قتال يستعد فيها أفراد حماية كلا (الرئيسين) المخلوع والجديد الى إبراز(عضلاتهم) وإستعداداتهم القتالية داخل الحرم الجامعي وبكامل عدّتهم القتالية !! كذلك التقى مندوب الفضائية ببعض الطلبة ومسؤولي الأقسام لإستطلاع آرائهم حول ما يجري حيثُ أبدى مسؤول الأقسام الداخلية قلقه وحيرته وسؤاله مع مَنْ يتعامل لتوقيع بعض الكتب الرسمية والتي يحتاج البتّ فيها لتمشية أمور الطلبة فهل يتعامل مع الرئيس المخلوع أم الجديد فكلٍ منهما يدعي رئاسته للجامعة وكليهما يحضران الندوات والفعاليات التي تقيمها الجامعة مما يضع الأساتذة والحضور في موقف الحيرة والخجل مما يحدث.
 
أمّا (رئيسي) الجامعة المفترضين فقد خلعا عنهما ثوبَ الإباء والعفّة والغيرة العراقية بطريقة تصرفهما هذه ، وهنا يحضرني موقف لا زلتُ أتذكرهُ جيداً يبين الفرق الشاسع بين إباء العراقي الأصيل و (العراقي ) المستورد من دول الجوار ، ففي عام 1979م وبعد ان تبوّء أحد الوزراء منصبه في الوزارة أرسل في طلب منتسبي المديرية التي كنتُ أعمل فيها لإجتماع موسع وقد طلب الوزير في ذلك الإجتماع من أحد رؤساء المهندسين الذي كان يعمل تحت إمرتهِ قبل سنوات عندما كان هذا الوزير رئيساً للمؤسسة ان (يمدّ يد العون) للمدير العام للمديرية والذي كان من حملة شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية ، فما كان من المدير العام الشهم إلاّ تقديمه لطلب إعفاءه من منصبه في نفس اللحظة وأمام جميع الحاضرين ولم ينتظر موافقة الوزير على طلبه بل غادر قاعة الإجتماع ولم يقف الخوف أمامه لِما قد يصيبه من أذى من غضب الوزير لتصرفه فقد دفعته غيرته العراقية وإباءه وعزّة نفسه وعنفوانه الى رد الصاعَ صاعين للوزير وذلك بإرساله رسالة واضحة وصريحة فهمها الجميع على إنه لا يشرّفه ان يعمل تحت أمرت وزير يفتقد الى أبسط  قواعد اللياقة الأدبية وليس كما يفعل هذا السيد الـ (تقي) المتشبث بالمنصب على حساب كرامته وكذلك خصمه السيد عماد الحسني حيثُ ذُكر لاحقاً بان الأمر تطور بين المتنازعَين على المنصب تطوراً خطيراً حين طلب الرئيس المخلوع دعم الميليشيات الحزبية الطلابية  المتواجدة داخل الجامعة ووعدها بتسهيل عملها وسيطرتها الحزبية على الجامعة غير آبه بما قد ينتج عن ذلك التدخل من مضاعفاتٍ خطيرةٍ لا يمكن التكهن بنتائجها ولربما ينتج عنها مزيداً من إراقة الدماء للطلبة الدارسين في الجامعة وكادرها التدريسي والذي يفترض برئيس الجامعة ان يفي بالقسم عند توليه منصبه وذلك بالحفاظ  على أرواحهم.

 وقد مرّ على الأزمة أسابيع عديدة دون تدخل السيد رئيس الوزراء للبت بالأمر حيثُ ترك الحبل على الغارب للطرفين وبدأت تداعيات الأزمة بالإنعكاس الجدّي على مستقبل الآف الطلبة ومئات الأساتذة والجميع يراقبون ماذا سيحدث بعدها وكأنهم يشاهدون جولة من الصراع في سوق الغزل لديكين من ديوك الـ (الهراتي) إذ سيخرج في النهاية من حلبة الصراع الديك المهزوم مخضّب بدمائه وربما فاقداً لمنقاره الذي كان يهدد بهِ دائماً !!

وسؤالي للسيدين وزيري المالية والتعليم العالي والبحث العلمي عن كيفية صرف الراتب الإستحقاقي لمنصب رئيس الجامعة ولِمن يتم صرفه الآن ـ ـ فهل يتم صرفه للرئيس المخلوع أم الرئيس الجديد أم للأثنين معاً ، فالمبلغ الذي يتقاضاه رئيس الجامعة وحسب ما تنشره وسائل الإعلام ليس بالقليل وقد يصل الى عدّة الآف من الدولارات الأمريكية شهرياً وربما هذا السبب كان كافياً للسيدين تقي وعماد للنزول بشكل علني الى حلبة الصراع ، وحيثُ ان هذا الأمر يُعتبر مخالفة صريحة للقوانين والمتمثلة بإهدار المال العام في حالة صرف الراتب لكلا الرئيسين فان كلاً من رئيس الوزراء والوزيرين المختصين سيكونون عرضة للمسائلة القانونية وربما عرضة للوقوف في قفص الإتهام هذا إذا كان هنالك دولة قانون كما يدّعون أو هنالك هيئة حقيقية للنزاهة تتابع الأمر.

ولا أعلم لماذا وانا أكتب هذه السطور حيثُ تتكرر أسماء المتخاصمين والقابهما أمامي أشعر وكإنني أكتب مقالاً عن شخصين لا يمت اياً منهما للعراقيين بصلة !!!!! .


* تجدر الإشارة الى ان كلا (الرئيسين) ينتميان لمذهبٍ واحدٍ وحسب المحاصصة الطائفية ولكن ربما من فصيلين مختلفين داخل المذهب الواحد. كذلك تشير التكهنات الى أنّ الجهات العُليا التي يُهدد بها الرئيس المخلوع تقي الموسوي هو مستشار الأمن القومي السيد موفق الربيعي حيث زار الأخير الجامعة قبل أيام ونقل رسالة خطّية من الرئيس المخلوع الى السيد رئيس الوزراء يسأله فيها بإبطال قرار الوزير المختص.