المحرر موضوع: ((الفقر والحرمان وظاهرة الاستجداء في مدينة دهوك؟؟!!))  (زيارة 1261 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماجد ايليا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 493
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
((الفقر والحرمان وظاهرة الاستجداء في مدينة دهوك؟؟!!))
الإعلامي ماجد إيليا – دهوك

ولد البعض في هذا المكان والزمان وفي فمهم كما قيل ويقال: ملعقة من ذهب!! والبعض أجهضت أحلام العيش الرغيد قبل إن يولدُ أصلا، وأكيد هذا ليس قدرهم كما يعتقد البعض وكما يحلله البعض الأخر، وإنما وبتصوري هو الواقع الذي يفرض نفسه علينا كما يفرض نفسه سواء كان سيئ أو جيد على العديد من الحالات والظواهر في مجتمعنا العراقي اليوم.
ولتدوين بعض الحالات والظواهر التي كانت ومازال مجتمعنا العراقي يعاني منها إلى يومنا هذا.
تجولت في السوق وبعض الأماكن في مدينة دهوك – العراق، وأنا حامل العديد من الأسئلة في راسي الذي كلما مر من أمام طفل رضيع ملقى على الرصيف بين أحضان أمه التي تحمله مستجدية به ومستغلة عمره لكسب حنية المارة وعطفهم، يعاني هذا الرأس من الم حسرة ومرارة هذه المشاهد الحية، ومن معاني هذه المشاهد تتضح الصورة القاتمة والتي وبرأيي الشخصي، ليست بالمعيبة أو عاهة أو نقص بالعكس هي حالة اجتماعية تأثر بها فقراء المجتمع العراقي جراء الحروب والكوارث المتتالية عليهم والتي كانت ضحاياها هم من الأطفال والنساء والشيوخ.
بعد ساعات من السير ومن رؤية المشاهد التي صورت بنفس الايطار، بغية توثيق ما يمكنني توثيقه من حقائق وخفايا تعصف بأبناء مدينتنا الجميلة دهوك هذه المدينة التي هي من إحدى المدن الجميلة في العراق ومن جميع النواحي، أما بالنسبة للهدف الحقيقي من وراء إعداد هذا الريبورتاج هو ليس كما يضن أو سيتصور البعض بان غايته هي الحصول على ما يسمى بالخبطة الصحفية، لأنه من المستحيل على أي صحفي وإعلامي نبيل ويحمل مزايا الضمير الحي، إن يعبث بمثل هذا الوتر الحساس والذي هو جزء من كل حالات هذا المجتمع، وإنما الهدف الحقيقي هو تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية التي عصفت بهؤلاء الأهالي الذين جعلوا من أطفالهم ونسائهم وشيوخهم عرضة ولقمة سهلة لمثل هذه الظاهرة التي قد يشمئز البعض منها، بالإضافة إلى توضيح بعضا من النقاط لعواقب هذه الحالة(الفقر والاستجداء) والمحاولة لإيجاد سبل الوقاية والحماية من تفشي هذه الظاهرة الغير حضارية.
بعد عبوري احد الأزقة كان مشهد الطفلين التائهين وهم يعبثون بمخلفات إحدى معامل الخردة الصغير، مروع حيث خلف حسرة الم في قلبي علما أنهم غرباء عني، ومن المفروض في هذه الإثناء كان يجب إن يتواجدوا في مدارسهم وبين أصدقائهم الطلبة، والتي والله اعلم لما تركوها؟؟!!
وبعد استراحة الظهيرة أكملت جولتي نحو السوق الذي يعج بالسيارات والمارة والأسواق والمتكلمين بلغة ملايين الدولارات والمشاريع، وفيما إنا في حيرة من تلك المشاهد التي رايتها، اعترضت طريقي طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات ذي الشعر المجعد والملابس المهترية، مستعملة لغة التَرجي والتوسل التي أكيد أتقنتها من أبويها أو من الذين يتاجرون بها، وإنا بتلك الحالة من الذهول اللا إرادي، تمنيت إن اشبع براءة تلك الطفلة وإعطائها بدل المال قليلا من الدفء والحنان والأمل التي كانت بوادره وتعلقه ظاهرة في عينا الطفلة، وفي نفس الوقت لاعنا الواقع المرير الذي فرض علينا ليوصل أطفالنا اليوم إلى هذا الحال .. ويا لسخرية القدر.
بعد التوجه إلى السوق وعبور بعض الشوارع التي كانت مليئة بالمارة والسيارات، أخذتني مخيلتي إلى عالم بعيد، عالم مليء بالفقر والحرمان وأطفال أيتام ومشردين والأسباب التي جعلتهم اليوم ضحية الضياع وبالتالي وصولهم إلى طريق مسدود.
أسباب ظاهرة الاستجداء:
- التخلف وقسوة الحياة الصعبة والتي من شانها إن تدهور حالة بعض العوائل وبالتالي انجرارهم وراء هذه الظاهرة.
- العنف الأسري وعدم التوافق وحالات الانفصال والطلاق وبالتالي ضياع الأولاد.
- أصدقاء السوء والكسل الذي يربى عليه بعض الأطفال.
- موت احد الوالدين أو الاثنين معا، هو أيضا سبب لانتشار هذه الظاهرة.
العواقب :
- ضياع الأطفال وتشردهم وتعلمهم للعادات السيئة.
- استغلالهم من قبل بعض أموات الضمير والمتاجرة بهم.
- تعرضهم إلى احتمالية الإدمان على القمار والسكر لدى تقدمهم بالعمر.
- انعزالهم عن المجتمع ورفض المجتمع لهم.
- الوقوع وخاصة الأنثى في شراك الفساد الأخلاقي.
طرق الحماية والعلاج:
- توعية الوالدين لأبنائهم.
- التعامل مع هذه الشريحة القائمة بهذه الظاهرة على أنها فئة من فئات المجتمع وليس غير ذلك والتعامل معهم بحنية أكثر وعطف اكبر.
- لوسائل الإعلام أيضا الدور الأكبر لنشر التوعية والإرشادات الصحيحة من خلال وسائلهم المرئية والمسموعة.
- فتح دورات تعليمية وتوعية لعلاج والوقاية من مخاطر هذه الظواهر مدعومة من المؤسسات الحكومية والدولة.
- دور مؤسسة الرعاية الاجتماعية والتربوية تجاه هذه الظاهرة.
كل هذه الأسباب أعلاه، من شانها إن تخلف مئات الأطفال والنساء والمسنين وانجرارهم في أحضان هذه الظاهرة، والعواقب باتت معروفة وطرق العلاج والوقاية أضنها معروفة أيضا.
وللعودة إلى تكملة الجولة، فعند المساء وفي طريق عودتي من توثيق هذا الريبورتاج الموثق بالصور المؤلمة لأطفال ونساء وشيوخ يستجدون أرغفة الخبز والمال من المارة والرضع الحاضنين دون وعي وغير مدركين، أمهاتهم الفارشات الأرصفة ناهيك عن أطفال إشارات المرور والبائعين منهم للعطور والمناديل الصحية وأعمارهم لم تتجاوز الست سنوات والعشر سنوات، استفسرت في عدة أماكن ومن عدة أشخاص والعوائل عن الأسباب الحقيقية لانتشار هذه الظاهرة المؤلمة خاصة في مدينة مزدهرة مثل دهوك؟!! فكانت الإجابات مختلفة ومحيرة في بعض الأحيان: فمنهم من اتهم تقصير الأهالي تجاه أبنائهم وبالتالي انخراطهم في هذا الطريق، ومنهم من رأى إن هذه الظاهرة هي عبارة عن سيناريو أبطاله هم من الأطفال والشيوخ والنساء والمتفرجين هم من العامة، إما البعض الأخر، فقال إن هذه الظاهرة لم ولن تنتهي لأنها ظاهرة أزلية وموجودة مع ولادة البشرية ومرورهم بالفقر والحروب وو...الخ، واتهم آخرون المؤسسات الإنسانية والخيرية بالتقصير تجاه هؤلاء المساكين، وبين هذا الرأي وذاك، تبقى هذه الظاهرة(الاستجداء) الغير حضارية وغير إنسانية ضحاياها عدد من الفقراء من الأطفال والنساء والمسنين، شاء القدر إن يكونوا سخرية الزمان وفي هذا المكان، كما وتبقى العديد من أسئلتنا بدون أجوبة شافية حول هذه الظاهرة التي مازالت تنخر في عظم مجتمعنا الذي مل فقرائه من حرمانهم وقسوة المعيشة ومن ضياع أبنائهم ومستقبلهم الذي كان في يوما ما حلم كباقي الأحلام..
الم .. فقر .. حسرة.. والله المعين ...