المحرر موضوع: بازار الاكاذيب.. وغيرها  (زيارة 759 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بازار الاكاذيب.. وغيرها
« في: 21:18 06/06/2009 »

بازار الاكاذيب..
وغيرها


عبدالمنعم الاعسم
mm14mm@yahoo.com

 يزدحم سوق السياسة، هذه الايام بالبضائع المغشوشة. اينما تذهب تجدها هناك حتى لتحار في تسبيب هذه الهمة الاستثنائية. انها ليست تهمة، وليس من باب التشاؤم، فانها، من جانب آخر، فرصة لكي نميز بين الغث والسمين. بين الصدق والكذب. بين التصريح الذي يفيض بالانصاف، مثل رغيف التنور، والتصريح الذي يفضح نفسه من اول كلمة، وهي من جانب آخر، ملاحظة تنفع في الحصانة حيال ثقافة لا اخلاقية تنتعش في عصر الاضطرابات وتحديات القيم.
 في هذا البازار تألق محترفون في الكذب والتلفيق والتشهير، وصعد بارعون في صناعة القصص والروايات الفانتازية، ولمعت مهارات عرفت حاجة التجارة الى "اصناف" معينة من المنتوجات، فيما تتسابق اقنية من ماركة (وافق شن طبقة) على تبني تلك البالونات، تضيف لها ما امكن من الوان براقة، وما تيسر من مقدمات مصنعة، وما يصلح من نهايات مثيرة.
 هذا مقابل اصوات واقنية شجاعة استعدت للتضحية في كل شئ باستثناء نقطة الحياء.
 نعم، لقد ضاع منا في هذا البازار الكثير من الوقت والدماء والماء، عدا عما ضاع من سمعة الملعب واللاعبين، غير ان الامر المحزن اننا اضعنا  المصدر عن الناقل عن الشاهد عن البائع عن الزبون عن الضحية عن الجلاد، بمقابل شائعات لا نميز الحقيقة منها عن الخيال، ونكتفي، فرط كثرتها ومداخنها ان نقول دائما ما كانت تقوله جداتنا : "ليس هناك دخان من غير نار" او ما كان يقوله حكماؤنا "دع الامور تمضي ولكل حادث حديث".
 في هذا البازار صار الكثير من الكذابين يملكون منافذ مؤثرة نحو خداع الجمهور، وتسويق المنتوج المغشوش من غير رقيب ولا حسيب. يحيطوننا من كل جانب، ويحاصروننا من كل صوب، وصاروا-الى ذلك- يصدقون كذبتهم، او هكذا يتصرفون. يستأنسون لها. ينامون على وسادتها، ثم لا يخجلون من الانخراط في محافلها، بالتصفيق والتكبير، وقد يذهبون فيها مذهب من يحاول صرف الانظار عن خطاياه.. ولنا في هذا سابقة:
 حاول اشعب، الذي عرف بالفضولية والظرف، ان يبعد الصبية عنه. ان يتقي مشاكساتهم واذاهم، ولجاجتهم، فاشار لهم نحو جهة معينة، وقال "هناك وليمة عرس باذخة، فاذهبوا اليها" وردد الكلمات كثيرا حتى اغوى الاولاد، فهرعوا الى الوليمة المزعومة، حتى سأل اشعب نفسه: ربما يكون ذلك صحيحا، فهرع وراءهم، الى مكان العرس.. الذي لا مكان له.
ـــــــــــــــــ
كلام مفيد:
"قوة السلسلة تقاس بقوة اضعف حلقاتها ".
حكمة مترجمة