المحرر موضوع: التيار الصدري هل هو تيار اسلامي متخلف؟ 1  (زيارة 1982 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                             بصراحة ابن عبود
 
                                              التيار الصدري هل هو تيار اسلامي متخلف؟ 1

من ناحية المبدا، فانا لا اقر باقحام الدين بالسياسه. ومن ناحية اخرى فان بعض المفاهيم الدينيه تحث على النضال ضد الظلم، وتعتبر الساكت عن الحق شيطان اخرس. كما ان الدين له جاذبية قويه عند الجماهير الواسعه. وقد استخدم الدين كمحفز في مقاومة الاستعمار، والاحتلال، وظلم الحكام على مر الزمن. وقد رأينا كيف انخرط الرهبان البوذيين تحت قيادة الشيوعيين في فيتنام. وكيف خرج القساوسه المسيحيين عن طاعة البابا في روما وتسلحوا لمقاومة الاوليغاركيه الامريكيه، والديكتاتوريات الفاشيه في امريكا اللاتينيه. ومعروفه ايضا حروب التحرر الوطني في المغرب العربي، ومصر، وثورة العشرين في العراق التي اشترك في قيادتها رجال دين وغيرها. وهناك نموذج قديم، وقائم لحد الان في التيبت حيث قاوم الشعب هناك، ويقاوم بقيادة الدلاي لاما الغزو، والمحو الثقافي الصيني. والمقاومه الاسلاميه في فلسطين لا زالت قويه، وكذلك المقاومه في جنوب لبنان ضد الاحتلال الاسرائيلي. ولا زال البابا شنوده اكبر معارضي التطبيع مع اسرائيل، ويحرم على اتباع الكنيسه القبطيه حج بيت المقدس حتى تعود القدس لاهلها.

لقد وظف الدين لاغراض سياسيه تحرريه واهداف ثوريه معاصره. ولا احد اعترض على ذلك. وقد وجدت ثورة ايران الاسلاميه بقيادة الخميني اكبر دعم من الاتحاد السوفياتي السابق مثلا. ولكن الخوف ان يتحول الهدف من تثوير الدين الى سيطره رجال الدين السياسيه. وفرض التعاليم الدينيه كقيم اجتماعيه على المجتمع كله. فتحرم الجماهير من حرية العمل السياسي الحر، وتسئ الى الدين نفسه. لقد انسحب القساوسه وعادوا الى كنائسهم بعد  أن فرض النضال الشعبي والمسلح، الديمقراطيات في كل امريكا اللاتينيه تقريبا. وكذلك فعلت القيادات الدينيه الاسلاميه في شمال افريقيا بعد التحرر، والاستقلال، ولو الشكلي، ونفس الحال ينطبق على  ثورة العشرين في العراق.

ولكن ثورات، وانقلابات، وحركات مثل ايران، والسودان، وافغانستان تحولت من مقاومة المستعمر، والظالم، الى مقاومة رغبة الشعب في التحرر، والانعتاق، والحياة الكريمه، والديمقراطيه. وكلنا يعرف كيف انتهت التجربه الاسلاميه في افغانستان، وكيف انفض تحالف الملالي، والعسكر بعد صراع طويل، ومرير على السلطه في السودان. وكيف انتهت الثورة الايرانيه الى ان تقاطع اغلبية الشعوب ألأيرانيه انتخابات رجال الدين لانها بكل بساطه ليست ديمقراطيه.

وللاسف فان "الصدر الاول" عندما بشر بالاسلام السياسي، ابتدا بمحاربة الحلفاء الاقرب . فقد انصب الهدف، والعمل الفكري لابرز زعيم شيعي في القرن العشرين على مناقشة، وتسفيه، والرد على الماركسيه. في حين ان الشركات المتعدده الجنسيات هي التي كانت تنهب ثروات البلاد بالتحالف مع ديكتاتورية البعث الصداميه. وفي 1954 عندما تاسس حزب الدعوه كان القصد الاساس منه وقف ومقاومة المد الشيوعي في العراق. في وقت كان الشيوعيون يتصدون لمقاومة الاستعمار البريطاني في العراق، وشركات نفطه، واذنابها الحاكمين. وكافحوا وقدموا التضحيات من اجل رفض ربط العراق بمعاهدات استرقاقيه جديده، ومن اجل تحقيق استقلال كامل للعراق. واستمر نفس الخط للاسف حتى عندما كان مناضلي الدعوه، والشيوعي يسجنون في نفس المعتقلات، ويعذبون من نفس المجرمين، ويعدمون من نفس القتله. واكيد حصلت اخطاء من الطرفين، وربما انعدمت قنوات الاتصال . ولكن الصدر الاول رفض اصدار فتوى مشابهه لفتوى محسن الحكيم بسفك دماء، وهتك عرض الشيوعيين. وكان الشيوعيين اول من نقل الى العالم استشهاد العلامه الصدر، وصموده مع اخته المناضله ضد تعذيب البعث الفاشي. واتذكر، ان "الثقافه الجديده"، و"طريق الشعب" تصدرت صفحاتها صور الشهيد، وماثره البطويه، وقصة صموده، واول من وضع اسمه ضمن قوائم شهداء الشعب العراقي.

وهذا ليس موضوعنا. ولكني اعتقد ان تياري المستضعفين في العراق الماركسي، والديني كانت دائرة تحالفاتهما خاطئه في فترات الستينات، والسبعينات، والثمانينات. ولهذا ارى ان المعممين، الذين ناضلوا ضد فاشية البعث لا يختلفون عن رهبان امريكا اللاتينيه حديثا، ولا عن ميثم الثمار، وابي ذر الغفاري قديما. ولكن هكذا هو الحال دائما عندما يتصارع الناس على اكتساب نفس الجماهير لتحقيق نفس الغايات، ولكن باساليب، وافكار تبدو متناقضه.   فتدخل في صراع غير حتمي بسبب المنافسه غير المقصوده. بالضبط كما يحصل الان بين احزاب دينيه كثيره تحاول كسب نفس الجماهير بدعوات، وبرامج مختلفه، على المستوي الوطني، والاقليمي، والعالمي. هذا هو حال كل القوى الثوريه. وكلنا يتذكر حروب، وصراعات الستينات، والسبعينات، بل حتى الخمسينات من القرن الماضي، في ما سمي وقتها بمراكز الشيوعيه العالميه. وكيف وصل الحد الى هجوم صيني عسكري ضد فيتنام التي حاربت زعيمة الامبرياليه العالميه. وكذلك تسفيه السوفييت لخط جيفارا، ووصمه بالتطرف اليساري، وكيف انتشرت كالفطر مجموعات متطرفه تروتسكيه، وماويه، وغيرها على مستوى العالم.

الصدريون اليوم ،اذا صح تسميتهم بذلك، ليسوا سوى ورثه تجارب، وخبره ثوريه، وحصيلة نضال طويل ضد اعتى فاشيه فى منطقتنا. ان تختلف معهم، او تعارضهم، او تتنافس على كسب ذات الجماهير، ليس بالضروره، ان تعاديهم، او تشوه سمعتهم، او تزوير، وتحريف تصريحاتهم وتصرفاتهم. فكل حركه ثوريه في العالم لا تنجو من مثالب، واخطاء ولكنها تبقى قوى مناضله من اجل تصور تعتقد انه الافضل. وهذا مايمكن ان نتعلمه في عراقنا الجديد حتى نتجنب الانظمه الشموليه مهما كان اسمها.

للحديث صله

رزاق عبود

24/6/2005