صناعة شاعر بثلاثين دولار
عبعوب الطركاعي
ماكنت ارغب على الإطلاق الخوض في هذا الموضوع النوعي لولا الخلل الحاصل في عالم اليوم، حيث يمكن استبدال الحساسية النوعية لميزان الذهب الفراهيدي بنصوص نثرية جيدة كانت ام هابطة لتغدو شعرا . اسهل شيء أن يغدو المرء شاعرا والطريق هي :
رسالة الى موقع الكتروني ينشر كل شئ وهو مثل صالون حلاقة يدخله أي ٌ كان ، انتبهوا رجاء صالون حلاقة الشعر وليس الشعر ، يستقبلك صاحب الموقع ويزيّن لك بل يؤنق ويعطر ويمكيج ويأخذ بطبيعة الحال المبلغ . تغدو العجوز جميلة والقبيح ساحرا والمعتم مضيئا والشيخ محشي من الداخل يعود ليغدو يخشي يخشي من الخارج .
لنذهب الى تفصيل أكثر . حاول ان تبعث برسالة انشائية سخيفة بل سخيفة جدا جدا نثرية اكتب فيها مثلا عن السيارات اكتب فيها عن عينيك اذا كانت معطوبة وصفها بكونها عين الحكمة اكتب عن أي قيئ تراه هابطا ً ، اكتب عن الكبة بصفتها رومانس العاشقين !، وقل لصاحب الموقع اريد نشر القصيدة ويسعدني ارسال مبلغ لدعم الموقع هل هو 30 سأرسل لكم يا أيها الأديب الرائع الحديث المودرن 50 دولارا لأ ُعبر عن اعجابي . ستجد الإجابة حاضرة نتشرف بكم ، ارسل لنا صورة جميلة رجاء ً وانت في الحديقة بين العصافير ، مع صديقتك على البلاج ، ضع كاسكيت على رأسك وحرك يديك قليلا مثل شامي كابور ،او البرنس ! او ضع غليونا في فمك ورجاء ً أظهر الدخان أمامك ووراءك في الكاميره كيما يظهرك في حالة من الفيلسوف لُغية ! .
تقوم انت بطبيعة الحال بالإرسال ويتم على بركة الله ترسيمك او تعيينك شاعرا وتفرح انت ، وتظهر صورتك بعد نشر نشرين الى جانب شاعر مهم يقبض هو – هو – الدولارات من الموقع لكن المهم انت الشاب الغضر الأنيق في الكاسكيت والغليون وباقات الورد خلفك او الكومبيوتر أنت ستظهر ربما الى جانب ذلك الشاعر المعروف ! - س - وبمساعدة هذا النكرة صاحب الموقع وبهذه الطريقة يكون هو تاجرا جيدا ناجحا وتكون انت شاعرا ، ويكثر الشعراء في بلدي ولا يهم انهم على الأرض ليسو شيئا . طبعا مثل ذلك حدث ويحدث مع متعهدين لأماسي ثقافية ومقيمي مهرجانات لانعرف أي غموض لا أخلاقي يكتنف تصدرهم في المؤتمرات والمنتديات بينما الشعراء الحقيقيون لاشئ على مستوى العلاقات لأنهم في جنف من أدران التصدر والتباهي وما الى ذلك . هناك بطبيعة الحال موقع الكتروني ناجح لن أقول اسمه كي لانعمل له دعاية الاّ انه حقا وفعلا موقع سائر على قدميه اعلاميا وساقط ايما سقوط على المستوى الشعري النوعي ومخجل حضاريا. والمفيد أيضا ً أن نخبر أي تاجر بأن هناك امكانية على مستوى صناعة الشعراء والحصول على المال .
هيا اهرعوا فهنا ايضا فرصة عمل ... بعض المواقع تطلب التبرع ، تفضلوا وتبرعوا سوف يغتني التاجر وسوف يحاول ايجاد اسم شعري او ادبي مسكين ميت من الجوع ليغريه فينشر له بمائة دولار لمجرد كلمات يشخبطها على السريع ، المهم انك ستظهر الى جانب صورته .
التاجر هنا ضعيف نفس والشاعر المسكين وهذا الناثر الذي يتصور انه شاعر لمجرد كتابة بعض السطور النثرية وجعلها تتواتر في انصاف سطور فوق بعضها اضرب مثلا لقصيدة خرطوية احاول كتابتها الآن :
نزعت قميصي وعلقته
على الغصن
قال الغصن
آه ماهذا انه قميص .
تركت قبعتي على المصطبة
وغفوت فرأيت
فيلم اسماعيل ياسين في الشرطة .
وهكذا تمصرن القصيدة .
اذا اردتم الإطلاع على هذا الموقع فابحثوا عنه تحت حرف ك ... ربما هو كشتبان او كباب او كركم او كعكة او كيكا او كمون او كركدن او ككوكو ... المهم هذه حزورة والذي يعرفها شاطر وله 30 دولار مني !... بأن يعمل موقعا مثله فينجح في التجارة لكن بعد ان يقول لهذا الموقع : كش للإرتزاق على حساب الفراهيدي والقصيدة الجواهرية والسيابية والبياتية وأيام كانت العمالقة تحمل الصليب أمام جلجلة لتحقق الاحترام لنفسها وللشعر .
كش لكل الشعراء النثريين الذين هم خواطرجية فقط أي كتبة خواطر . لقد رأينا واطلعنا على بعضهم في الدانمارك وفرنسا ولندن وغيرها فما رأيناهم يعرفون ما معنى الأوزان الشعرية ولاهم يحفظون بيتا شعريا حقيقيا واحدا واقسم بالله والوطن الجميل انهم لايستطيعون الكتابة بدون اخطاء املائية شنيعة احدهم قال : ان كتابي اطلع عليه النحوي الفلاني لكن للأسف ظلت اخطاء هناك وفي بلد آخر نكرة آخر ممن يتردد اسمه يعاني نفس المشكلة لابد من مصحح بعده . هذا سقوط الحظ في عالم الشهرة الزائفة وعدم الأصالة . الحمد لله ان هذه المقالة مرّت بلا ذكر أسماء .
* ملاحظة : الموقع مليئ بصور بنات لكنهن شاعرات لم نعرف متى فرخهن ملتن وسان جون بيرس وآراغون .[/b][/size][/font]
