المحرر موضوع: دروس من ذكرى يوم الشهيد الاشوري، وألكلداني والسرياني 07 08 ، وماذا عن العرب والاكراد  (زيارة 811 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيريزا ايشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 466
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
دروس من ذكرى يوم الشهيد الاشوري، وألكلداني والسرياني 07 08 ، وماذا عن العرب والاكراد  

لابد من نظرة سريعة ومختصرة الى بداية التاريخ الحديث لقضيتنا الاشورية لندرك مدى صمود شعبنا السوراية امام المحن التي مازالت تلازمه حتى يومنا هذا.
أن تأسيس الدولة ألعراقية وتشكيل اول حكومة عراقية في 1921 بعد ان كان الحلفاء تقاسموا تركة الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى ووضع العراق تحت الانتداب البريطاني.
ونكثت الحكومة البريطانية وعدها للاشوريين الذين كانو القوة الوحيدة في المنطقة التي حاربت تحت عهدتها بجانب الحلفاء روسيا وفرنسا وبريطانيا من جهة ضد الحلف الاخر ألنمسا والمجر والمانيا وأيطاليا بوعدها في تأسيس وطن قومي للاشوريين بعد أنتهاء الحرب.
ولم تفي بريطانيا أيضاً بوعودها للاكراد في تأسيس وطن قومي لهم. وهكذا رفضوا أيضاً مطاليب العراقيين العرب بقيام دولة مستقلة لهم وتم وضع العراق تحت الانتداب، وغدرت بريطانيا وألحلفاء بالعرب في البلدان العربية الاخرى من تركة الامبراطورية العثمانية بعد ان كانت وعدتهم بالتحرر وفي نفس الوقت وعدت زعماء الصهاينة بأقامة وطن قومي لليهود حيث تم ذلك في 14 .05 .1948 في اليوم الاخير لفترة الانتداب البريطاني حسب قرار الامم المتحدة وحكومة بريطانيا. وهكذا بعد أن أمتصت بريطانيا وحلفاءها رحيق وزبدة شعوبنا الاشورية والكردية والعربية في حربها الملعونة وبعد ان الهبت التناحرات فينا تركتنا شعبوباً مكسورة مهزومة وضعيفة ومفقرة لاتمتلك حتى قوت يومها، ونجحت بريطانيا وحلفائها في زرع الحقد والكراهية بين شعوبنا.

وما أشبة اليوم بالبارحة ونحن نتناحر وأنقسمنا الى عشرات الاقسام أن كانوا السوراية او الاكراد او العرب في عراقنا الجديد. فهل سنتعلم من هذا الدرس؟ أو ليس أقصر الطرق لينال الجميع حقوقهم ويبنوا أوطانهم ويعيشوا بسلام أن نتحد جميعاً ونقر بأحدنا الاخر فأرض العراق وخيراته تكفي للجميع. وها أنه سيمر قريباً مائة عام منذ تأسيس الدولة العراقية ولم يستطيع أي قوم من الاقوام القضاء على الاخر. فأرادة الشعوب والاقوام في البقاء لايمكن أن يقهرها قادر مهما كان أستبداده.

فهل سنفتح صفحة جديدة يكتبها بشموخ وأقرار وعزة ابناء العراق لبعضهم الاخر. وعلى الجميع قراءة التاريخ بشكل كامل ليعرفوا ماجرى ويجري وليس قرأته من منظور أحادي ضيق يخص قوميته فقط.
فلا سلام في العراق بدون أقرار أحدنا للاخر والاعتراف بحقوق الجميع في المشاركة في العملية السياسية على قدم ألمساواة.

 ولم ينل ألاشوريون حقوقهم من الحرب العالمية الاولى مثلما نالها حلفاءهم رغم تكبدهم لخسائر كبيرة في الارواح والمعدات والاملاك والاراضي والعقارات وخصوصاً في تركيا قياساً بعددهم مقارنة بقوة الحلفاء فكانت خسائر الاشوريين اضعافاً مضاعفة. وتم نكران حقوقهم في الحكم الذاتي وتأسيس دويلتهم الصغيرة في وطن قومي لهم.
وبعد فشل ثورة العشرين التي حاولت الحكومة البريطانية بأي ثمن أستغلال ابناء الوطن الواحد وتألبيهم لضرب احدهم الاخر لاضعافهم ليسهل عليها السيطرة عليهم فيما بعد، وتهربها من ألتزاماتها. فالقتل والتنكيل الذي تكبده الاشوريون من أشقاءهم في الوطن لم يكن بالقليل.
 
وخلال طوال الازمة التي بدأت في أواخر ربيع 1933، بعد أن كانت تأسست المملكة العراقية المستقلة وخروج العراق من الانتداب البريطاني 1932. كان الممثل الامريكي في العراق بول كنابينسهو يصف العداء الرسمي العام ضد الاشوريين والذي كان في أقصى درجات الحمى ألساخنة، نتيجة ما قامت الحكومة العراقية ببثه من دعايات مغرضة ضد الاشوريين ومنها أن الاشوريين قاموا بالتمثيل بجثث الجنود العراقيين وغيرها من التصعيد الشعبي العارم ضد الاشوريين والذي أدى الى سخط ألشعب على الاشوريين.

 ومع أستقلال ألعراق، قام الزعيم الروحي والدنيوي الاعلى للاشوريين مار أيشاي شمعون الثالث والعشرون بالمطالبة بالحكم الذاتي للاشوريين في العراق، وكانوا يأملون بالدعم لحقوقهم من بريطانيا العظمى. وقام مار أيشاي شمعون 23  بفرض طلبه على عصبة الامم المتحدة في عام 1932. ومؤيديه كانوا قد خططوا لاعفاء الوحدات الاشورية المقاتلة (ألليفي) التي كانت تحت قيادة الجيش البريطاني من ألضرائب ومن مهامهم واقالتهم.
وكان هناك أتفاق لاعادة المجموعة الاشورية كميليشيا مع عوائلها وتوطينها في الشمال، والذي كان سيخلق في الواقع مقاطعة أشورية. وبذلك يكون البريطانيين قد وفوا بوعودهم في منح الاشوريين الاستقلال والحكم الذاتي من خلال مقاطعة يديروها بأنفسهم.

وفي حزيران 1933 تم دعوة الباطريرك مار أيشاي شمعون أل 23 الى بغداد للتفاوض مع حكومة حكمت سُليمان وتم أحتجازه وأعتقاله هناك ، بعد أن رفض التخلي عن سلطته الدنيوية (ألمدنية). وفي النهاية كان هناك تدبير لنفي مار شمعون الى قبرص، ولم ينجح وبعد ذلك أجبروا قائد الكنيسة الاشورية على مغادرة الوطن وليكون  مقره في شيكاغو وألذي مازال حتى يومنا هذا.  
ومن ضمن الشعارات التي رُفعت ضد الاشوريين هي ألعداء للاشورية يساوي العداء للبريطانية ومكافحتها وبالضد من الاشوريين مثلما هو بالضد من البريطانيين، وظهر فيما بعد أنه طوال فترة الازمة التي تم أختلاقها لتبرير العداء ضد الاشوريين كان سببه تقرير كاذب تم بثه ونشره يبث فيه من ان الاشوريين قاموا بقتل وتشويه جثث الجنود العراقيين. ( وظهر بعد ذلك أن هذا التقرير كان كاذب وملفق). ونفس الاسلوب يجري اليوم من هجوم وقتل وتنكيل بأبناء شعبنا المسيحي في العراق بتهمة حيث ان ديننا هو نفس دين المحتل وعندما لايستطيع الارهابيون النيل من المحتل يصبون جام غضبهم على المسيحيين العراقيين الاصلاء الذين كانوا اول من وقف ضد هذه الحرب الكارثية الجدية بقيادة امريكا، ونسوا أننا من ذات الوطن ويربطنا دجلة والفرات الى الابد، وأننا كنا أول من أعتنق المسيحية، ألتي أنتشرت في بقاع العالم مثلما أنتشر الاسلام في بقاع العالم.

وفي 11 أب 1933 ، كانت الدولة العراقية الجديدة، والتي ارتقت الى مستوى الدولة السيادية بأنتهاء الانتداب البريطاني، كانت قد قررت ان تحتفل بالمناسبة من خلال ان تقوم بأستعراضاً على شرف أستقلالها لتبرز نفوذها وقوتها الجديدة فكانت القضية الاكثر نضجاً لتكون ألضحية هي القضية الاشورية والتي أستغلتها الدولة العراقية الفتية والتي كان يتصارع فيها القيادات الجديدة في مناصبهم كل من جهة لابراز قوته ونفوذه ودوره بمذبحة أشورية بشعة بقتل والتمثيل ب3000 أشوري في قرية سيميل وضواحيها في شمال العراق.
وفي الثامن من أب 1933 قام ألجنرال بكر صدقي في عهد وزارة رشيد عالي الكيلاني وبدعم من حكمت سليمان وزير الداخلية بقيادة جيش ألعراق الجديد بعد أن اقنع الحكومة التي اتفقت معه على الجريمة وبغياب الملك غازي الذي كان خارج العراق وأستغلو قلة خبرة الامير فيصل الشاب ، وبعد أن تم تأليب القوميات الاخرى ومنها الكردية ضد الاشوريين.
قاد الجنرال بكر صدقي جيش العراق الجديد مع وحدة كردية غير نظامية أي جنود مأجورين. تشبه وحدات الجحوش الكردية التي شكلها صدام لضرب الثورة والشعب الكردي المناضل بها وكانت وحدات غير نظامية ويقاتلون مع الجيش العراقي عند غزواته وهجومه على المنطقة الكردية.
وحيث أن بكر صدقي كان قد وعد من أنه سوف لن يتضرر أحد أو يجرح او يقتل أذا قام الاشوريين ( وأللذين كانوا معروفين أيضاً بالكلدان والسريان) بألقاء سلاحهم والتخلي عنه. وأن ينصاعوا الى الاوامر وأللذين وحسب الدعاية المغرضة التي تم بثها أنهم قاموا بعمل شئ ما أستفزازي الذي أدى الى التدخل والعمل العسكري ضدهم. وألقت هذه القرى سلاحها يوم 10 أب وتم بعد ذلك التنكيل بهم وذبحهم على مدى ثلاثة ايام في أبشع طقوس العربدة الدموية.

وكان هذا "الحل النهائي" " للمشكلة" الاشورية. وظهر بكر صدقي كبطل، وتم استقباله بأبتهاج وضجة كبيرة في شوارع بغداد بعد عودته "المنتصرة". وكان واضح في مجزرة سيميل الكبيرة ان أهدافها القومية كانت بخلاف اهداف مجازر الحكومة التركية وماقامت به من ابادات جماهيرية جماعية للاشوريين (و اليونانيين والارمن) التي كانت لاهداف واسباب دينية؟ ومنها مجزرة الابادة الجماعية المعروفة بسيفو (ألسيف) لكثرة ما أستخدم فيها من السيف في حز الرقاب والتي كانت ضد الاشوريين. وهنا نود الاشارة فقط رغم ان ذلك هو ليس موضوعنا هنا الى الاساليب البشعة التي كانت تستخدمها القوات التركية في حينها وهي تجنيد أبناء الاشوريين وألمسيحيين من القوميات الاخرى في تركيا هؤلاء الاطفال والصغار الذين كانت تقوم بالاستيلاء عليهم وسرقتهم من القرى بعد مذابحها وثم تربيهم تربية شوفينة همجية وخلقت منهم سفاحين وأستخدمتهم لضرب وقتل شعبهم في وحدات غير نظامية تابعة للجيش التركي.

ولم يكن الشعب العربي وألشعب الكردي بمنأى من أرهاب بكر صدقي وحكمت سليمان الذين قاموا أيضاً بقمع أنتفاضة العشائر في منطقة الفرات الاوسط عام 1935 وثم قمع أنتفاضة البارزانيين بعدها.

ويحي الاشوريين مذبحة سيميل كل عام في 07 أب، وهو الرقم والتاريخ الذي أصبح يوم ألشهيد الاشوري القومي بكل ما تعنيه الشهادة من معنى. ويجب ان يكون هذا اليوم للاشوريين يوم وقفة وتأمل ومراجعة. أن يكون يوم للتفكير. ويوم للصلاة والتفكير بشهداءهم.
ومنذ مجئ الاسلام حتى يومنا هذا، حدثت هناك 33 مجزرة صغيرة وكبيرة وأبادات جماعية مورست ضد الاشوريين. وبمعدل متوسط مجزرة لكل 50 سنة. وأكبرها كانت المجزرة التي وقعت في الحرب العالمية الاولى على يد الاتراك وبعض القوات الغير نظامية من الجحوش الاكراد. وألتي كان ضحيتها 750 الف من الاشوريين بمعدل 75% من مجموع نفوسهم.

ومساحة الارض التي يقع عليها العراق اليوم مذكورة في عدة أماكن في الكتاب المقدس في العهد القديم. والمنطقة المحيطة بنهري دجلة والفرات . أنه هنا كانت تقع في نفس الفترة أيضاً الامبراطورية البابلية في ذلك الزمان منذ تقريباً الفترة بين 2000 ـ 539 قبل الميلاد.

وتم غزو بابل من قبل الفرس في عام 539 قبل الميلاد، وبعدها تم غزوها من قبل الاسكندر المقدوني، وكانت فيما بعد جزء من المملكة السلقدونية. ومنذ حوالي 225 بعد الميلاد كانت المنطقة جزء من الامبراطورية الساسانية. ومنذ 630 تم احتلالها من قبل العرب. وفي 642 أصبح العراق جزء من نظام الخلافة الذي تم أنشاءه في المدينة المنورة بعد وفاة النبي محمد (ص) في عام 632. في عام 1258 قام المغوليين بأحتلال المنطقة. ومنذ أوائل 1500 وحتى نهاية الحرب العالمية الاولى كانت تخضع بالتناوب الى حكم الصفويين الشيعة (وهي سلالة ايرانية) والعثمانيين.

ويعود تاريخ الكنيسة في العراق الى القرن الاول بعد ميلاد المسيح. وأقدم ألكنائس هي الكنيسة الشرقية القديمة والمعروفة ايضاً بالكنيسة النسطورية. والتي ممكن ان تؤرخ ويعود تاريخها الى عام 50 ميلادي. والكنيسة القادمة الاقدم هي الكنيسة الكاثوليكية، التي تعود جذورها في العراق الى عام 250. وبعدها تأتي الكنيسة الرسولية الارمنية وتم تأسيسها عام 300 . والكنيسة السريانية الارثوذكسية التي تأسست عام 550 . وهذه الكنائس الاربعة كانت متواجدة في كل هذه السنين، قبل أن ينجح الاسلام العربي بفتوحاته للمنطقة ويفوز بدخوله في العراق.  

ونعود الى مذبحة سميل حيث قام الجيش العراقي والجحوش  بتدمير القرى والكنائس والمعابد التي تم هدمها وتسويتها مع الارض. وتم تعذيب الكهنة حتى الموت وتم التمثيل بجثثهم. و3000 شخص كانوا حصيلة مجزرتهم البشعة.

في غرفة واحدة لوحدها تم القضاء على 80 فرد من أفراد عشيرة الباز في مجزرة جماعية وحشية. وتم قتل 8  كهنة أشوريين حيث تم قطع رأس واحد منهم وتم حرق ألاخر وهو حي. وقاموا بأغتصاب الفتيات وقاموا بأنتهاك وأهانة حرمة النساء، واجبروهم على السير عاريات امام الجيش العراقي وقياداته وضباطه وحزت رؤوس الرجال الاشوريين ووضعت على رؤوس حراب جنود الجيش العراقي اللذين نزلوا بها الى شوارع الموصل وارهبوا المواطنين وعلقوا المشانق.
وافتخر احد جنود بكر صدقي من أنه كان لوحده قد جمع 400 رأس لرجل أشوري قام بحزهم. وتم دهس الاطفال الصغار بالسيارات العسكرية. وقاموا ببقر بطون النساء الحوامل برؤوس الحراب، وفي نفس الوقت قاموا بتخريب الكثير من القرى، وتم نهب وسلب أملاك الاشوريين وكل ما كانوا يملكونه من ثروات ومقتنيات مادية.  وادى ذلك لاحقاً الى معاناة الالاف من الاشوريين لوقت طويل ممن نجوا من المجزرة من الفقر والعوز والحرمان.
وفي دهوك تم قتل 600 أشوري من قبل رجال بكر صدقي. و65 قرية أشورية تم الهجوم عليها في مناطق الموصل ودهوك. وممكن أن تحسبوا حساب بسيط تقريبي ومع الحد الادنى كم ممكن ان تكون أعطت هذه القرى من شهداء وضحايا وكل ذلك موثق في سجلات الدولة العراقية. ولم استطيع أن اجد أي مصدر لمعرفة ان كانت هذه القرى التي تم الهجوم عليها كلها اشورية ام كان هناك بينها كلدانية وسريانية وأرمنية. أذ أنني أستندت على المعلومات في هذا المقال من مصادر دانماركية أذ أرى أنها أنصفت الحقيقة أكثر من الكتب البريطانية وغيرها.
وسيكون لنا تكملة للموضوع في الجزء الثاني لنتابع مسيرة شهداء شعبنا حتى يومنا هذا، وماذا علينا أن نعمل.
تيريزا ايشو
ishoo@oncable.dk

 16 08 2009