المحرر موضوع: فـي كـل عـيـد نتذكـر البيرق الآثـوري " ﭘــول "  (زيارة 1602 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كمال يلدو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في ذكرى ميلاد الحزب
فـي كـل عـيـد نتذكـر البيرق الآثـوري "  ﭙول   "

كمال يلدو

   فـي شـباط  مـــن  هـذا العام ، تكون قـد مـضت سـنتان  مـنـذ ان ودعـنا زميلنا ورفـيقـنا الغـالي "ﭙولــص نيــسـان "  - كاكا ﭙول - ، وبغمضـة عـين تتراكض الســنين تاركة خـلفـها ذكريات عـطرة لأناس ابو الا ان يحـملـوا  مشــعـل المبادئ اينما حـلوا  ودافعـوا عنها حـتى  الرمـق الاخير .

   شـــيعّـته عائلته وزملائه وأهـل مدينته – شيكاغـو – خير تشــيع . تشــيع يليق حقا بأبنها  البار (بول)، وقلما تـودع الناس احبتها بهـذه الهيبـة .  وما ان تمت  المراسـيم الدينية  ، حتـى  اقـام الاتحاد الديمقراطي العراقي – فـرع شيكاغـو – مهرجانا تأبينيا شـارك فيه المئات من المعزّين  ، اضافة للشخصيات والتنظيمات العاملة هناك ، وتناوبت الكلمات التي اثـنـت على سـجايا الفـقــيد  ومـثله الانسانية والاهـداف السامية التي كان ينادي بها ، وحلـمه بتحقـيق شــعار  - وطن حر وشــعب ســعيد .

  في بداية الثمانينات كان لقاؤنا الاول معه ومجموعـة طيبة من الآثوريين في شيكاغـو ، حيث جرى عـمل كبير لتجميع الديمقراطين في مدينة شيكاغـو ، وتأسـس على اثرها فـرع الاتحاد الديمقراطي العراقي وبجهود متميزة من الفقيد  . وتكررت اللقاءات في ديترويت اثناء حضوره احتفالات 31 آذار و 14 تموز . امتاز بوجه نوراني وقامة مربوعـة وصـوت اجـش  تطغي عليه اللكنـة الآثورية بكل وضوح حينما يتكلم العربية ، لابل ان ســحنته الحمراء ولكنته الواضحة قادت احـد زملائنا الذي التقاه في احدى نشاطات اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي عام 1971 للاعتقاد بأنه كـردي فـلـقـبـه منذ ذالك الحين  - كاكا - ، وعاد هذا اللقب حين التقاه ثانية في شيكاغـو  بعد ان تقطعت  بنا الطرق وصـارت مـدن الغـربة القاسـية اوطانا للقاء الاحـبة  الذين شـردهم ارهاب الحكم البعثي .

  تعــّرف –  ﭙول   – على الحزب منذ الخمسينات ، وكان لا يخفي اعتزازه بالشيوعيين اينما التقاهم ، ولم يصطنع حبه هذا ، بل كان يتدفق منه عـفـويا ، وعلى الرغم من تفـّـرق العراقيين بين كل القارات الا انــه كان حريصا عـلــى المواصلة مع مـتن احــب ، وحتى لو اقــتضى منه ان يقـتطع من رغـيفـه لمساعـدة اللآخرين ، لا بل ان من يتقـرب منه  كان يلمس ذلك عـنده خلال ما يروي  من  ذكريات عـن كمال شـاكر – ابو سمير – و د. نبيل الزنبوري  والفنان لطيف حسن والفنانة وداد سالم والفنان اديب القليجي . لم يملك الا اثنين ، قلب مفـعـم بالحب  وغـلـيونه الــذي كان يرافـقـه اينما حـل ، اما زهـده فقد تجلى بتضحيته برغباته الشـخصية  وتفرغـه لأعالـة عائلتـه  والعمل والصرف على شــقيقـه الذي واكب دراسـته الطبية حتى اضـحـى واحـدا  من اشـهر اطباء التجميل في شـيكاغـو . كان شـخصية معروفة في وســطه الآثوري ، اما بيته فكان عبارة عن ديوان للاحبة والاصدقاء ويقـصده الكل بلا اســتثناء ، ولكونه احب الشيوعيين ، فقد احب العراق كله ، وافـنى ســـني شبابه لهــذا الهـدف الانساني ، فـقـد تعلق بهـم وسـار بدربهم ، فـتحمل ما تحملوا . فــرح لــهم وحـزن معهم .اما اشــد ما كان يبعـث البهـجة فـي قـلبه فـهـو دفـعه الشـبيبة للعمـتل الوطني والالتصاق بالعراق .وبقـدر ما كان يعتز بآشــوريته ، فـقـد كان عراقـيا ووطنيا اصـيلا ، يشـهد لــه بذلك خصومه قبل اصدقائه .

  في لقاءاتنا السياسية كان يجلس مسـتمعا بشــغف . ينصت للكل ، واذا ما اخذ الحوار جانبا تشـاؤميا ، كان وجـهـه يحتقن ويرشـف من غليونه بتتابع شــديد قاطعا الحوار بصوته الجهوري " بابا ، لا نوري السعيد ولا الحرس القومي ولا صدام حسين يكــدر على هذا الحزب ....بابا ،هذا حزب الشهداء والابطال ...اشــتحجـي انت ، بابا روح اقرا التأريخ ...منو يكدر على الحزب اذا هـّو بكل بيت وبكل مدينـة ....بابا روحوا اقـروا .." بعدها يســود صمت ،فيما اخذ الحضور بالمفاجأة ، فمن يتوقع ان يســمع من  - كاكا بول – الباسم والهادئ ، ثورة بهذا الشــكل . فقد كان دمـه يغلي لحزبـه .

لم يكن يوما عريســا ، لكن العرس الحقيقي كان عندما يشـارك حفلة آذار او تموز ، وكنت تخاله طائرا بين الطيور ، او في ريعان الشباب  وهو يرقـص ويغني وعيونه تبرق لمعانا بدموع الفرح . عاش كادحا طوال عمره ، وعرفه الكثيرين  عبر شـركة " توماس كوك "للصيرفة وفي فرعها الواقع في شارع السعدون مقابل سينما النصر  فقد كان موظفا يعمل فيها . اما في غربته ، فقد تسـامى على كل الماديات ، فيما كان  يدخـر بعضا من معاشـه حتى يشارك حفلة الحزب او يقدم تبرعا له ، ولأنه لم يقد السيارة ، فقد كان يركب القطار قاصدا  ديترويت اذا تعذر على الاحبة المجئ ، فالمهم ان يشترك بالاحتفال وان يلتقي رفاقه . واحيانا كنت اطل عليه وسـط الحفل واباغته بالســؤال " اشــلونة كاكا بول ...واشــلون الحفلة ..."  و يجيبنـي ان ان يرشــف غليونه ،وقد احـمر وجهـه ولمعت عيناه  فرحـا " بابا ...هذا هـو الحزب ..هذا هو العراق ..شــوف ...من كل الالوان وكل الاجناس ، منــو عنده مثلنا بابا .. "

  شــهد ســقوط صدام ، وشــهد حرق صوره وتمزيقها .شــهد الدبابات الامريكية تجوب شوارع مدينته الجميلة بغداد ، وشهد التفجيرات والقصف العشــوائي  ، وشــهد القوى التي تريد اخذ العراق نحو المجهول بعـد ان صـادرت فـرحة العراقيين بخلاصهم من الدكتاتورية  .

يـعـّز علينا ونحن نحتفل بعيد الحزب ان لا تكون معنـا ، وأن لا يكون الكثير من الطيبين معنـا ، لكننا نخبرك  بأننا وفي كل احتفالاتنا فأننا نبتدأهـا بأسـتذكار كل الشهداء وكل اللذين غادرونا قبل الاوان .

كاكا ﭙول  ، ســنتذكرك دائما .

كمــال يلـدو
آذار ‏2006‏
الولايات المتحدة / مشــكان[/b][/size][/font]