المحرر موضوع: الفنان العراقي وقناة الشرقية. مَن يلهث وراء مَن؟ هذا هو السؤال  (زيارة 1010 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل علي الحسناوي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 80
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الفنان العراقي وقناة الشرقية. مَن يلهث وراء مَن؟ هذا هو السؤال
علي الحسناوي

من المألوف أن تستعد المحطات الفضائية وتسخِّر عُدتها وعديدها وخلال شهر رمضان تحديداُ في سبيل الوصول إلى عين المشاهد أو قلبه أو تفكيره وذلك حسب التوجهات الفكرية والأهداف, المُعلن عنه والخفي, ووصولاً إلى مصادر التمويل التي تقف وراء هذه القناة أو تلك. وتكتسب القنوات شرعيتها الصحيحة والقانونية في عملية التعاقد مع الفنانين بدرجاتهم العشرة ومستوياتهم المتباينة من خلال لائحة التعاقد التي هي شريعة المتعاقدين. إلا أن المتابع لقناة الشرقية لا يستطيع أن ينحى باللائمة عليها وحدها حينما يتعلق الأمر بهذا الانحطاط الفني الذي يغلف البعض من مسلسلاتها الرمضانية ذات الكادر المتنوع المصادر والمتباين الانحدار الفكري والطبقي. والحديث عن هذا الموضوع بالذات فإنه لابد لنا أن نقف عند حدود الفنان العراقي ذاته وبالتالي تفسير الدافعية الحقيقية التي تقف وراء غرقه في هذا البحر الهائل من التفاهات من الفَن الهابط والتي تُعرَض في العديد من المحطات الفضائية ومنها قناة الشرقية. أما من ناحية أخرى فإن الإصرار على الاساءة المفضوحة والصريحة والمتعمدة لبعض الأغاني العربية المصرية والعراقية ليُعتبر بحد ذاته تجاوز انساني وتعدٍ بشري على حقوق الانسان الطامح نحو الفن النبيل والهادف. فهل يُعقل أن يتم تقليد أغاني نجاة الصغيرة ذات السحر الشرقي المفعم بالمحبة والوداد وذات التأريخ الناصع على شواهد الفن النبيل, أن يتم تقليدها بهذه الصورة البشعة وعلى ألسن فنانين من مستوى الدرك الاسفل من مستويات الفن التجاري الهابط ووفقاً لحركاتٍ تعبيرية هي أقرب الى حركات المصابين بالخلل الدماغي مع احترامي لهؤلاء المصابين الذي يفوق احترامي لهؤلاء الفنانين انفسهم.
ولست أدري من أعطى الحق لقناة الشرقية في أن تعمل على تغيير مفردة (داري) في واحدة من شواهد المقام العراقي الأصيل لأغنية (العملاق يوسف عمر) كي يتم تسميتها بأسم واحدة من مراهقات الفن العراقي الجديد وهي تتلوى على (فاترينة البرنامج) من أجل الإساءة للأغنية العراقية ذات الجنوبية الأصيلة والشموخ الجبلي الصامد.
نعم لنعترف أولاً أن البرنامج الرمضاني لقناة الشرقية , وللقنوات الأخرى, لا يُمكن أن يرتقي, وفي أي حالٍ من الأحوال, إلى القمم المصرية من أمثال نيللي وشريهان وفوازيرهما ولكنه يبقى نسخة رديئة التقليد وسيئة الصيت لمعنى الفوازير والهدف الحقيقي من رسالته النبيلة. إلا أن الذنب لا يُمكن أن يقع على عاتق الإدارة الفنية لقناة الشرقية كونها قناة ترتزق من أعين المشاهد وتريد الوصول الى فكره قبل قلبه, ولكن الذنب كل الذنب يقع على عاتق الفنان العراقي بتنوعاته وتأريخه والذي يوافق طائعاً على الخوض في هذا المستنقع الفني وبالتالي فهو يمنح توقيعه (من أجل حفنة من الدولارات) مع احترامي للفنان كلينت إيستوود, ويوافق بالتالي على توقيع شهادة موته الفني وإعدام تأريخه وتمزيق رسالته الانسانية النبيلة. وإلا فسِّروا لي وفكروا معي, مالذي يدفع بفنانٍ هاربٍ من جحيمٍ ما كي يحصل على الإقامة في دول أوربا الغربية تحت ذريعة النار التي أتت عليه وعلى آل بيته ثم يعود ليرتمي راضياً مرضيا في ذات الجحيم ولكن بشكلٍ آخر وفي مكانٍ آخر. ومالذي يدفع بفنانٍ وقفنا له وانبهرنا بفنه الهادف وهو يؤسس لمسرح عراقي أوربي في اسكندنافيا ثم يشدو بصوته العذب متألقاً في واحدة من أجمل حفلات نقابة الفنانيين العراقيين في المهجر, مالذي يدفعه إلى التعري الجزئي والشعوذة والغناء بطرقٍ مسيئة للذوق العام قبل أن تُسيء لتأريخه الذي ندمنا على وقوفنا أمامه.
ولنعترف, ثانياً, أن لكل بضاعةٍ سوقها الأثير وهو ما يعني أن لفوازير الشرقية جمهورها الكبير والواسع ولكن من يتحمل مسؤولية ذوق هذا الجمهور وبالتالي التاثير في خياراته. وهنا بالتحديد تبرز لنا ظاهرة عجز مفاصل الأداء الحكومي العراقي الرسمي وعلى كافة المستويات ومنها بالذات مفصل الإعلام العراقي الرسمي والمتمثل بالفضائية العراقية التي فشلت فشلاً ذريعا في التعبير عن هموم وآمال المشاهد العراقي خصوصا وأنها القناة التي تكاد تتفرد بانتمائها الى مؤسسة الإعلام العراقي وثروته الطيبة التي لا تُستثمر وفقاً لخطط جماهيرية رائدة وهو ما نلمسه يوميا على الصعيدين العام من القناة العراقية العامة والرياضي الخاص من على القناة العراقية الرياضية.
لست مسؤولاً عن توجهات قناة الشرقية ولا أريد أن أنصّب نفسي محاميا عنها أو قاضيا عليها ولكن الحق والمنطق يقول أن قناة الشرقية لم تعتقل الفنان العراقي وفقا للتكتيك الذي تم فيه اعتقال (المناضل الكردي عبدالله أوجلان) كي تُلقيه مُجبرا أمام كاميراتها, كما أنها لم تُجبر أحد من الفنانين العراقيين من خلال رسالة تهديد أو حديثٍ بوعيد على التوجه عبر القارات السبع كي يحط طائراً صابراً صاغراً لتوجهات مخرجيها, ولم يرفع دُعاة قناة الشرقية كاتماً للصوت في وجه الفنان العراقي كي تُجبره على ترديد افكار كتّابها ومؤلفيها. والآن مَن يلهث وراء مَن؟ هذا هو السؤال.