المحرر موضوع: شجن انتخابي على وتر السياسة العراقية  (زيارة 660 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Dinha Gorgis

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
    • مشاهدة الملف الشخصي
شجن انتخابي على وتر السياسة العراقية

                                                         
بقلم: الأستاذ الدكتور دنحا طوبيا كوركيس

إذا كانت التجارة شطارة، فاللعبة السياسية في الانتخابات البرلمانية مزيج من الدهاء والمهارة ترافقهما مسحة جمالية من القذارة يصفها القطب المنتصر بــ "الجدارة" التي تزكم رائحتها أنوف الأقطاب الخاسرة عندما تستند في ترجمتها على مفهوم "الأقوى" في غياب "الأصلح". وهذا ما حصل بالضبط في الانتخابات الماضية التي لم يحصد منها العراقيون سوى الفوز بــ"أدنى" الدرجات العالمية في سلم المعيشة والأمان في الوقت الذي يمتلك العراق "أعلى" مخزون نفطي في العالم. تناقض ما بعده تناقض على الأرض. ترى من المسئول عن هذا الشقاء والبلاء؟ غالبا ما نوجه أصابع الاتهام إلى الساسة الجالسين على كراسي الحكم، وعلى رأسهم السيد المالكي لأنهم لم يكونوا "الأصلح"، وفق ما تمليه المعطيات على الأرض. وفي هذا الحكم شىء من التجني حسب قرائتي لمجريات مجمل الأحداث. لنفترض أن نفس الاقطاب، أو ما شابهها، ستبرهن على فرضية أنها "الأقوى" ثانية. فهل من مبارز يمكن أن يحسب له حساب انتخابي وفي ساحة اللعب أكثر من 300 كيان سياسي؟ لست عضوا في أي حزب سياسي، كما لم أكن سابقا، كي يتهمني أحد بأنني أطرح حلا من منطلق حزبي ضيق، ولكنني بالأحرى "متفرج" بين جمهور الملعب الذي يتعاطف مع اللعب الجيد والنظيف ويتمتع بحس سياسي. وكما يقول شكسبير "المتفرجون في حلبة الرقص أفضل الراقصين". إذن سأقترح بديلا، كان على بالي منذ سنوات خلت، في ضوء هذه المقولة، عسى أن يستفيد من منظوره من خسر في الجولة الأولى ويتأهب للمنازلة في الجولة القادمة.

كلنا يعلم أن التحالفات هي التي أوصلت القيادات الحالية، بسلطتيها التشريعية والتنفيذية، إلى سدة الحكم. وقد تعلمت الكيانات السياسية المتحالفة دروسا مكنتها في هذه الأيام من خلق تحالفات جديدة بشروط مسبقة أو غيرها، وستفوز بأغلبية المقاعد حتما على حساب الكيانات الصغيرة. وكتحصيل حاصل، نتوقع أن يستمر الغبن والتهميش لكيانات إثنية تعتقد أن تمثيلها غير كاف في البرلمان ومؤسسات الدولة العراقية. ومع ذلك، ندعوها بــ "الديمقراطية"، شئنا أم أبينا، حتى وإن كانت طائفية الإئتلاف. تتلخص كل شعارات الكيانات السياسية بــ "الوطنية العراقية" و "دولة القانون"، ويميل أغلب "المتفرجين" إلى تطبيق مبدأ "الدين لله والوطن للجميع"، ولكنك لا تجدها مترجمة على أرض الواقع، وربما لن تجدها ما لم تتخذ اجراءات سريعة وقرارات حاسمة. من أين نبدأ كي نحصل على مبارز مغوار في ساحة الانتخابات القادمة؟ لا أقصد مبارزا يشهر سيفه، وإنما القادر على استخدام فطنته في ضوء نتائج التجاذبات غير المجدية بين الكيانات السياسية الصغيرة. نبدأ مما كان يسمى سابقا بـ "الأقليات القومية المتآخية". المبارز العنيد هو "جبهة الأقليات" التي يجب أن تضع جانبا كل ما يتعلق بـالدين والمذهب والقومية، وأخص بالذكر شعبنا المسيحي. أتعلم كم عدد المقاعد التي يمكن أن تحصدها هذه الجبهة في البرلمان القادم؟ يمكن لهذا التحالف الوطني أن يتفق على توزيع المقاعد حسب الكثافة السكانية لكل قوم على ألا يقل عن اثنين في كل الحسابات. وبالإمكان زيادتها لو تحالفت هذه الجبهة مع كيانات آخرى، ولنقل فصيلة كردية ما، أو عربية لا ترفع شعار الدين، أو أحزاب وتكتلات يسارية وعلمانية ومستقلة. ليكن شعار هذا التحالف: الإنسان والبنيان ووداعا للأحزان. فهل من مبارز يتبرع في قيادة العراق إلى برّ الأمان؟

الأردن في 13/10/2009