المحرر موضوع: دعوا ورود الحب تتفتح  (زيارة 854 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عمانويل ريكاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
دعوا ورود الحب تتفتح
« في: 17:34 18/12/2009 »
دعوا ورود الحب تتفتح


                                                           
   بقلم

 

                                                                        عمانوئيل يونان الريكاني
     

 

في عالم الإنسان قوتان عظيمتان بينهما اختلاف عقائدي وتناقض إيديولوجي ،وهما في صراع مستمر ونزاع دائم من اجل السيطرة عليه والاستحواذ على شخصيته ليرسخ كل من القوتين وجوده ويقوي نفوذه ،ومن ثم توجيه دفة حياته .هاتان القوتان الكبيرتان هما الحب والأنانية ،أو قوى البناء والنضوج والانفتاح وقوى الهدم والتدمير والانغلاق ،أي غريزة الحياة وغريزة الموت بحسب لغة التحليل النفساني .

قوة الحب الايجابي

فالحب ، وهو التيار الايجابي في خط المواجهة ،عصب حيوي في حياة الإنسان الروحية والنفسية والاجتماعية ،وعنصر فعال في بناء الذات وتكوين الشخصية وصمام أمان في تقوية الروابط الاجتماعية والعلاقات الإنسانية السليمة .فهو الحرف الأول والأخير في أبجدية كل علاقة حية مثمرة ،عمودية كانت أو أفقية ،أي بين الله والإنسان أو بين الإنسان والإنسان الأخر .وان تعددت أشكال الحب وأصنافه ،لكن تبقى ماهيته ثابتة وهويته مقدسة كوعي عطاء بلا كلل ،وتضحية بلا ثمن ونكران الذات من اجل الأخر .انه القانون الذي يشد الأب إلى ابنه ،الزوج إلى زوجته ،والأخ إلى أخته ،والأصدقاء فيما بينهم .

 

لكن الحب ليس مجرد عاطفة فقط يخضع لمنطق المد والجزر ،وليس متلونا كالحرباء بحسب الوسط المحيط به .ولا يمكن أن يعيش في جو ينتشر فيه ثاني اوكسيد التسلط والسيطرة والقسوة .إن الحب موقف أنساني أصيل ،مبني على قبول الآخر كما هو ،بلا شرط أو قيود .فاحترامه الغيرية بغض النظر عن اللون والجنس والدين ،تكبح كل محاولة لمسخ الأخر أو جعله نسخة من الأنا .لذا فالحب أعلى من الفرو قات الطبقية والمسافات الاجتماعية .لغته المقدسة هي الحوار والتفاهم بعيدا عن استبداد الرأي واحتكار الحقيقة ،وعلامته الفارقة هي الحرية والمساواة ،لا مكان فيه للاستعباد فهو دستور الإنسانية ،ينسف مقولة الفيلسوف رينيه ديكارت :أنا أفكر فإذن أنا موجود "فينفث فيها حياة ليحولها من :أنا أفكر إلى أنا أحب ،إذن أنا موجود ".                                                                                 الأنانية ـ النرجسية :أما القوة الثانية فهي الأنانية ـ النرجسية ،أو الخط السلبي في الحياة ،فهي كوحش كامن فينا يفغر فاه ، ويكشر عن أنيابه ،ويتأهب لافتراس كل علاقة بناءة وايجابية مع الذات ومع الأخر .والأفراد من هذا النمط ، حيث الأنانية ـ النرجسية مفرطة لديهم لتصبح مركز ثقل شخصيتهم ،فتهدم كل جسور اللقاء والتعارف والمحبة مع الأخر ،وتقطع خطوط الاتصال والتواصل فيما بينهم ، ولسان حالهم يقول ، مع سارتر:"الآخرون هم الجحيم "أي مصدر التعاسة والشقاء والألم ،ولذا فالقطيعة أمر لا مناص منه .وسيلجأ الأناني ـ النرجسي إلى استخدام سياسة "القنفذ "لينكمش على ذاته ،ويبسط أشواك التهكم والانتقاد والتقليل من قيمة الآخرين ليلعق بعدئذ جروحه النازفة .                                                                                                                                          لا شك انه لا يوجد حب صاف ،ولا نرجسية خالصة ،فكل إنسان يحمل في داخله مشاعر متناقضة وبدرجات متفاوتة ،كما يقول غاندي :في كل حب يوجد كمية من القرف "لكن تبقى عوامل التربية الأسرية والبيئة المحلية ،تؤدي دورا فاعلا في تعزيز وتقوية الميول الايجابية أو السلبية التي تسود الذات .وهكذا تقع على عاتق الأسرة مسؤولية خطيرة ،لان التنشئة الجيدة والتربية السليمة المبنية على أسس علمية صحيحة ،من غرس بذور الحنان والحب والمودة والألفة في نفوس الناشئة ،إلى ترسيخ قيم الحرية والوفاء والتعارف في عقول الأبناء ،من شانهما أن ينتجا في المستقبل شخصيات سوية متفوقة في أعمالها ، وناجحة في علاقاتها الاجتماعية ،لأنها تكتسب مناعة ضد انحراف النفس والأخلاق ،وتكون ذوات مكتنزة بالصلاح تفيض على الآخرين الخير والعطاء والسلام فالإناء بما فيه ينضح .                                                                                                                                                 خاتمة :إن حرمان الطفل من الحب والحنان ،وغياب قيم التضامن والمشاركة بين الأخوة وتوتر الجو العائلي عوامل تنعكس سلبيا على شخصية الفرد لينتج أنسانا أنانيا وسلبيا في نظرته إلى نفسه والى الآخرين .وقد يصبح مستبدا وسلطويا في تعامله مع الغير مما يجعله فريسة سهلة لشتى الانحرافات .فهو أشبه بصحراء قاحلة لا ينبت فيها غير الأدغال والأشواك .إن الحب بالنسبة إلى كل إنسان هو كطاقة الغذاء للجسم ،وبدون هذه الطاقة يتغير الاتجاه لينحدر نحو التدهور والانحطاط .                                                     emmanuell_y_alrikani_2009@yahoo>com[/size
]