المحرر موضوع: استاذ ودكتور وألقاب اكاديمية  (زيارة 103620 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. دنحا طوبيا كوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
استاذ ودكتور وألقاب اكاديمية
بقلم: أ. د. دنحا طوبيا كوركيس
جامعة جدارا/ الأردن
   


تطلق تسمية الدكتور أكاديميا على الحاصل على شهادة دكتوراه في أي من العلوم، ومنها اللاهوت وعلم اللغة والطب...إلخ. وتعرف عالميا بأنها دكتوراه فلسفة  Doctorate of Philosophy، واختصارها PhD . ولخصوصية التخصصات في العلوم المختلفة، يلجأ البعض من حملة شهادة الدكتوراه إلى استخدام القاب بديلة، كأن تكون واحدة من الامثلة التالية:
EDD دكتوراه في التربية
D.M.Sc. دكتوراه في الطب
D.M.L. دكتوراه في اللغات الحديثة
ولكن ليس بالضرورة أن يكون الحاصل على هذه الشهادة تخصصه فلسفة. ويضع الحاصل عليها أمام اسمه اللقب المختصر Dr  (بوضع نقطة بعد حرف الراء، كما في اللهجة الامريكية، أو بدونها، كما في اللهجة البريطانية الحديثة). وشاع استخدام كلمة الدكتور شعبيا، بدلا من "حكيم" قديما أو "طبيب" حديثا في ميدان الطب. لذلك فالحاصل على البكالوريوس (الليسانس) أو الماجستير في أي فرع من فروع الطب (انساني أو حيواني) يسمي نفسه دكتورا. ويمنح لقب الأستاذية في العالم العربي (بمعنى البروفيسور) أكاديميا لكل باحث يعمل في أي مركز ابحاث أو جامعة ممن استوفى شروط الترقية العلمية إلى هذه الدرجة بناء على جودة البحوث التي انجزها خلال عمله. ويقيّم هذه البحوث نخبة من علماء العالم للتحقق من أصالتها واضافتها للمعرفة الانسانية. وليس بالضرورة أن يكون الحاصل على لقب "بروفيسور" أن يكون حاملا لشهادة الدكتوراه (ولكن في الاغلب يكون حاملها هذه الايام). إذن الدكتوراه شهادة عالية يحصل عليها الشخص الدارس في جامعة أو معهد ما (ربما دون الحصول على شهادة الماجستير)، لكن "البروفيسور" درجة (رتبة) علمية يحصل عليها الباحث من مقر عمله، وهي أرقى الدرجات التي يحصل عليها الشخص من خلال انجازه العلمي (مؤلفات وبراءات اختراع، إن وجدت). ولذلك فأن عدد الحاملين للقب "بروفيسور" في العالم أقل بكثير من اولئك الذين يحملون شهادة الدكتوراه أو من الذين يحملون رتبا أدنى، كالاستاذ المساعد أو المشارك. والحاصل على شهادة الدكتوراه ورتبة الاستاذ معا يضع أمام اسمه (أ. د.) عادة، أي الاستاذ الدكتور فلان بن فلان. ومن هذا الشرح نفهم بأن الدكتور في الجامعة ليس بالضرورة أن يكون استاذا (بروفيسورا). وقد يكتفي من كان حاملا للدكتوراه ودرجة الاستاذية بذكر لقب "بروفيسور" أمام اسمه (أو اسمها، في اغلب الاحيان) دون ذكر (الدال نقطة). وجرت العادة على أن تكون الاسماء مجردة من الالقاب لأغراض النشر، ولكن يصر الاوروبيون، بشكل عام، على ذكر Prof. متبوعا بـ Dr. (أي ما يناظرهما بالعربية أ. د.) قبل الاسم. ويبدو أن هذه النزعة رائجة جدا في العالم العربي والعالم الثالث ايضا. ومن الملفت للنظر أن هنالك من يصر أن يدعو نفسه بروفيسورا على المستوى الاعلامي دون أن يحصل على مرتبة الاستاذية، ولكن علينا الانتباه إلى حقيقة أن الفرنسيين يستخدمون لقب البروفيسور للمعلم بمعنى "المهنة"، ولاعلاقة لهذا الاستخدام (الرائج ايضا في الدول الناطقة بالفرنسية) بالدرجة العلمية للشخص. وإذا ما استخدمت كلمة "الاستاذ" أو "البروفيسور" لوحدها أو بمعية "الدكتور" في غير هذه المواضع (ربما لجهل مستخدميها بما ورد في اعلاه)، فأنها تعني للقارىء واحدة من شيئين، إما احتراما او استهزاء، حالها حال "باش مهندس" أو "أستاز" (بقلب الذال زاء) في مصر.
وهنالك إشكال ثان في استخدام وفهم ست من التسميات المتعلقة بلقب "بروفيسور"، وهي تحديدا:
1.   الاستاذ المساعد      Assistant Professor
2.   الاستاذ المشارك      Associate Professor
3.   استاذ (بروفيسور)     Full Professor
4.   استاذ (محاضر) غير متفرغ     Adjunct Professor
5.   استاذ متفرغ           Tenured Professor                  
6.   استاذ متمرس (كرسي)      Emeritus Professor
هذه الالقاب الست اكثر شيوعا من غيرها في جامعات العالم، خاصة الامريكية وأغلب الجامعات العربية التي يندر أن تمنح اللقب الاخير رغم مرور نصف قرن على خدمة الاستاذ! قد يحصل حامل الدكتوراه على اللقب الأول عند تعيينه لأول مرة في الجامعة، أو بعد مرور سنة من تعيينه بعد تثبيته في الوظيفة على أن يقدم بحثا. وبعض الجامعات العربية، كالعراقية مثلا، تمنح اللقب الاول لحامل شهادة الماجستير شريطة أن يكون قد تعين برتبة "مدرس مساعد"  Assistant Lecturer وترقّى إلى مرتبة "مدرس" Lecturer أو Instructor بعد تقديمه البحوث المطلوبة لكل ترقية، إضافة إلى نشاطه وخدماته الجليلة للمؤسسة التي يعمل بها. ولا يمنح اللقب الاول لحامل الدكتوراه في العراق، عكس ما معمول به في الجامعات الاردنية، إلا اذا قدّم بحوثا خلال اربع سنوات، في الأقل، تؤهله لنيل مرتبة الاستاذ المساعد. أي ان حامل الدكتوراه يعين برتبة "مدرس" اولا في الجامعات العراقية. وهنالك من قضى حياته كلها في التعليم الجامعي كـ "استاذ مساعد" دون ان يستطيع الانتقال إلى رتبة "الاستاذ المشارك" التي ألغيت في العراق لأنها تتطلب اربع أو خمس سنوات اضافية لما هو معمول به في جامعات العالم، وربما تماشيا مع نظام التعليم العالي السائد في بريطانيا. وكتحصيل حاصل، فأن من يحمل لقب "الاستاذ المساعد" من الجامعات العراقية يعين بمرتبة "استاذ مشارك" في الجامعات الاردنية، شريطة أن يكون حاملا لشهادة الدكتوراه لأنه استوفى شروط نشر العدد اللازم من البحوث العلمية. وهذا يعني بالضرورة أن "الاستاذ المساعد" في العراق و "الاستاذ المشارك" في أي من جامعات الدنيا يتساويا في الحقوق عند التقديم إلى درجة الاستاذية Full Professor بعد مرور خمس سنوات، كحد أدنى، على الترقية السابقة لها.

 أما كلمة adjunct بمعنى "المحاضر أو الاستاذ غير المتفرغ" فهي مأخوذة من قواعد اللغة بمعنى "الفضلة"، أي الظرف الذي يمكن الاستغناء عنه، ولكن لضرورة السياق أحكام. والمحاضر أو الاستاذ "غير المتفرغ" (المستعملة في الأردن، وفي كل أمريكا) هو الذي يعمل وقتيا في مؤسسة تعليمية أو أكثر، ربما لفصل دراسي أو أكثر، وليس بالضرورة وجود عقد مبرم، لأن المحاضر بمثابة "أجير" وتخصم منه أجرته إذا تغيب بعذر مشروع أو غير مشروع، ولا يتمتع بامتيازات جامعية، إذا توفاه الله مثلا، أو أصيب بمرض. وهي قريبة من معنى Part-timer ، لكنه لقب أكاديمي غير قابل للتدرج العلمي. وعكسه تماما الأستاذ الموظف على الملاك الدائم  Tenured professor ، المشمول بكل الامتيازات الجامعية والحقوق. وقد عشت حالة وسطية بين الأثنتين شخصيا في الأردن، ولكن بعقد سنوي قابل للتجديد، وهي "محاضر متفرغ" براتب، وليس برتبة "أستاذ"، رغم حقيقة ان قرارات اتحاد الجامعات العربية ملزمة لكل الاعضاء. جلت وصلت في قواميس الدنيا، فلم أجد مفهوما لهذا العنوان الوظيفي الذي يجمع بين العناوين الواردة في اعلاه. ولكن بعد القيل والقال، وتقديم ما يثبت مؤهلاتي العلمية، تقرر أن احصل على مرتبة "استاذية" ثانية بعد مرور اربعة عشر سنة على حصولي الأولى من جامعة الموصل.

وأخيرا، نأتي إلى المحطة الختامية لرحلة الباحث المضنية، المتمثلة بلقب الاستاذ المتمرس (استاذ كرسي، أو أميري، كما اقترحت ترجمته قبل عدة سنوات). الذي يمنح للبروفيسور المتقاعد تكريما له، إذ يخصص له مقعد في الجامعة التي خدمها. وعندما تمر في رواق القسم العلمي الذي كان يعمل فيه ستجد أسمه على باب مكتبه، فهو العالم الذي ما زال باحثا أو حتى زائرا، والآن مستشارا، ويمكن الاستعانة بخدماته في البحث والتدريس والاشراف كجهد اضافي مدفوع الثمن. ويبدو أن الجامعة الاردنية تسير في هذا الاتجاه.

الأردن في 10/2/2010    
[/size]