في كلِّ مرةٍ
كنتَ ترسمُ لي فيها
على حافةِ الصمت
قلباً ووردةً حمراء
كنتُ أرسمُ لكَ
عصفوراً وزهرةَ ياسمين
وكان عصفوري يخربشُ
فوق القلب ويبعثر الوردة,
فألمحكَ تتشظى
تنشطرُ إلى نصفين
أحدهما يتلاشى مع
أوراق الورد المبعثرة
والآخر يغرق
في صمت حزين.
لم يكن ما بيننا يشبه
ما يكون عادةٍ
بين رجل وامرأة
ولا حتى
بين امرأة وأخرى
كان شيئاً مختلفاً
شيئاً لا يشبه الاشتياق
ولا تفوح منه
رائحة العشق فقط
كأن بين روحينا
تواطؤ غير معلن للاحتواء
هناك شيء
في حضورك يأسرني
ويطلقني في آن واحد
يبعثرني ويلملمني
يشظيني ويعيدُ
تكويني من جديد
كنتَ قطعةً باذخة
من روحي المحترقة
لا أرغبُ بحشرها
في أفق ٍ ضيق ٍ لجسدٍ فانٍ
كنتَ فرحاً
لا يشبه الفرح
ذلك الطغيان
الذي تملكه بمنتهى اللطف
ذلك الاجتياح
الذي لا أملك له رديفاً
ذلك القلق
الذي لم أعرف مثله يوماً
شيء يشبه النقاء
يشبه دموع الأطفال
يشبه الشمس والياسمين
ولا يشبه وردة حمراء
كأنك كنت
في ثنايا الروح منذ الأزل
كأنك
خلقت وترعرعت هناك
كأنك
لم تغادر أبداً
لكنك كل مرة
كنت تصر
على أن تقدم لي
وردتك الحمراء
وكنت أصر
على أن أهديك
ياسمينة
لترى ذلك البياض الرقيق
الذي لا أريده أن
يخدش بأي هفوة
وحدك دون الناس
دخلتَ إلى دهاليز الروح
وتجولتَ فيها بحرية
من يتجول في سكنه
في وحدة ليل هادئ
وحدك عرفتَ
الغرف المبللة بالفرح
كما مررتَ بأخرى
مسربلة بالحزن
وحدك لامستَ الروح
وعانقتَ أدق خلجاتها
فلماذا تصّر
على أن تلوثَ شيئاً
أسطورياً سرمدياً
لا مثيلَ له بشيءٍ
يشبه كل الأشياء التي حوله