المحرر موضوع: متى يظهر غاندي جديد في العراق؟ّ!  (زيارة 887 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2496
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                           متى يظهر غاندي جديد في العراق؟ّ!

بقلم يوحنا بيداويد
16 شباط 2010

كثر الضجيج الكلامي في العراق في هذه الايام، كأنه ضجيج السيوف ورماح الحروب في القرون الوسطى، انها ايام قليلة وتحصل الانتخابات البرلمانية لاختيار ممثلي اعلى سلطة في الوطن، التي تشرع القوانيين وتشكل الحكومة  وتختار رئيس وزرائها وتختار هيئة الرئاسة الجمهورية من ثم هيئة رئاسة القضاة ورئيس البرلمان . في وصف وجيز يتم اختيار 325 شخصا  ويتم وضع خارطة العراق وكل ما فيها ومتعلق بها في اياديهم لمدة اربعة سنوات.

لكن لحد الان السياسين والمرشحين لهذه الانتخبات لم يقولوا لنا ماذا وكيف سينجزوه خلال دورتهم، الى اي شاطيء سيقودون العراق؟  الى حرب اكثر دامية ام الى مصالحة وطنية حقيقية؟ هل سيلتزمون بمصالح طوائفهم التي جعلت العراق يدخل في حرب اهلية لم يكن هناك ضرورة لها ام سينسلخون من جلدهم القديم ويتخلون عن اسباب التي تفرقهم عن اخوتهم في الوطن التي هي احد اسباب الصراع الحالي؟ .

 لا يخفى على احد ان الاحزاب الكبيرة لحد الان لم يغيروا شيء مهماً من افكارهم، وان الالهام الذي يسيرون وراءه منبعث من النظرية الدينية الضيقة في مذاهبهم التي لا تسع لشمل كل ابناء الوطن، والتي اثبتت فشل تجربتها خلال السنوات السبعة الماضية بدليل حدوث فضائح وتشقق بين اركانها. اما الاحزاب القومية لم نرى منها لحد الان اي تغير في مفاهيم الوطنية غير الدفاع عن الديمقراطية التي تحمي قوميتهم بدرجة الاساس وتزيد من نفوذها . الاحزاب العلمانية والصغيرة هي كالاسماك الصغيرة لا تستطيع السباحة في كل مكان، خوفا من ابتلاع الاسماك الكبيرة لها. لحد الان اصواتها بعيدة عن مسماع الكثيرين، ربما لان معظم العراقيين لازالت اثار وجروح النظام الدكتاتوري السابق على جسدهم.

العراقييون اليوم يدخلون الانتخابات الديمقراطية وهم في مشكلة كبيرة بالاخص المبعدين الذين شملتهم عملية الاجتثاث التي ظهرت وكأنها عملية تصفية عن طريق الفضائح بعد صدور قرارين متناقضين من محكمة واحدة في قضيتهم. الصراع بين اقطاب السياسية كبير والشعارات الرنانة تملء اركان الوطن ولكن الى اي حد يستطيع حاملوها  تطبيقها؟ وهل سينخدع المصوت من جديد بهذه الشعارات الرنانة.؟
 
 لهذا عيوننا على الطريق منذ زمن بعيد، منتظرين ظهور غاندي (1) جديد في العراق كي يقوده من حالة الحرب الداخلية الطائفية المذهبية الى مرحلة السلم والامان والمصالحة الحقيقة بعد الاتفاق على مبادئ سامية تحافظ على الوطن وحماية حقوق ابنائه بدون تمييز. متى يأتي غاندي جديد يزرع مفاهيم الحرية والعدالة والاخاء والمساواة (2) بين ابناء الشعب العراقي الذي انهكته المفاهيم العنصرية الضيقة البعيدة عن روح الانسانية الشمولية ، المفاهيم الذاتية المغلقة البعيدة عن روح العصر.

املنا ان يفهم الناخب انها الفرصة الوحيدة التي تتاح له ان يقول كلمته كل اربعة سنوات ، لذلك يجب ان يصوت للوطن والمخلصين له فقط،  بخلاف ذلك لا احد يعرف ما سيحصل، هل يستمر اللصوص بسرقته وتستمر دماء ابنائه بالجريان ولا يهم الحلفاء من الاصدقاء والاعداء غير مصالحه كالعادة؟.

يجب ان يعرف ايضا الناخب انها فرصة نادرة ربما لن تكرر في وقوفه بجانب الوطن حينما يسلمه الى ايادي وطنية امينة لا تؤمن بالمذهبية والطائفية والقومية بل تجعل المواطنة حق يتمتع به كل عراقي بغض النظر عن التقسيمات والتسميات الضيقة.

..............
1- مهاتما غاندي هو الاب الروحي والسياسي للهند الحالي، قادها الى الاستقلال عن طريق الاعتصام السلمي في مسيرة الملح الشهيرة ضد الانكليز سنة 1947-1948م.
2- الحرية والعدالة والاخاء المساواة هي شعار الثورة الفرنسية في سنة 1798م